الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأمر له بلحم جزور، ومن هنا استنبط مستر مرجليوث أنه يجب على كل مسلم أن يأكل لحم الجزور وأن هذا من العوائد الإسلامية التي ينهدم الدين بانهدامها، فلما فرغ قلت له: إن صح وجود هذا الحديث في البخاري فالذي يفهمه المسلم الذي يفقه اللغة العربية منه أحد أمرين: فإما أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أراد يقدم لذلك اليهودي شيئًا من الطعام؛ لأنه ضيفه في بيته، وإما أنه أراد أن يمتحن إيمان اليهودي بإطعامه شيئًا مما حرمه الله على بني إسرائيل في التوارة من أجزاء اللحم، ثم تلوت الأدلة المفيدة لذلك، فبهت الأستاذ، ولكن لم تجسر قوة المكابرة وشدة العناد التي فطر عليها الأوربيون ولا سيما المستشرقون منهم على أن تحوله عن رأيه وبمثل كلام هذا الأستاذ يقتدي واضعو الكتب التاريخية القانونية وعن مثله ينقل أمثال مستر سكوت آداب الإسلام ودقائق أسراره.
*
لورانس الخائن للعرب والمسلمين وكتابه "الأعمدة السبعة
":
إن الجانب الذي يهمنا من دراسة هذا المغامر البريطاني في هذا المجال هو كتاباته عن العرب في كتابه "أعمدة الحكمة السبعة" فقد كشف في كتابه عن حقد وكراهية للعرب والمسلمين ولتاريخهم، وحاول التقليل من شأنهم ورميهم بالجهل والتخلف. فضلاً عن مغالطاته المتعددة وأخطائه التاريخية وأبرز ما يؤكد ذلك قوله بالنص:"لقد كنت أعلم أننا إذا كسبنا الحرب فإن عهودنا للعرب ستصبح "أوراقًا ميتة" غير أن الاندفاع العربي كان وسيلتنا الرئيسية في كسب الحرب الشرقية، وعلى ذلك فقد أكدت لهم أن بريطانيا سوف تحافظ على عهودها نصًّا روحًا فاطمأنوا إلى هذا القول وقاموا بالكثير من الأعمال المدهشة، ولكني في الواقع بدلاً من أن أشعر بالفخر لهذا الذي فعلته، كنت أشعر دائمًا بنوع من المرارة والخجل، لقد ذهبت إلى الصحراء غريبًا لا أملك أن أفكر على طريقة أهلها ولا أن أشاركهم معتقداتهم، ولكنه
كان علي أن أقود العرب، وأن أستخدم حركتهم إلى أقصى حد لصالح بريطانيا في الحرب، وإذا لم أكن أقدر على التطبع بطباعهم فعلي على الأقل أن أخفي ما عندي وأن أتسلل بنفوذي بينهم، إن الرجل إذا ألقت به الظروف إلى من لا يماثلونه عاش بينهم ولا ضمير له؛ لأنه قد يعمل ضد صالحهم أو يستميلهم إلى غير ما يحبون لأنفسهم، وهو يتحايل بدهائه ليغلب دهاءهم وهكذا كنت مع العرب، كنت أقلد أحوالهم فيقلدونني حكاية واقتداء، وكنت أخرج علي مألوفي وأتظاهر بمألوفهم، لقد كان بعض الإنجليز وعلى رأسهم كتشنر يعتقدون أن ثورة يقوم بها العرب على الأتراك تساعد إنكلترا وهي تحارب ألمانيا على دحر خليفتها تركيا، إنني لم أبلغ درجة من الحمق تجعلني لا أدرك أنه لو قُضي للحلفاء أن ينتصروا وأننا لو كسبنا الحرب فإن هذه الوعود سوف تكون حبرًا على ورق، ولو كنت مناصحًا شريفًا للعرب لنصحتهم بالعودة إلى بيوتهم وسرحت جيشهم وجنبتهم التضحية بأرواحهم ودعوتهم إلى عدم المخاطرة بحياتهم في مثل هذه الحرب، أما الشرف فقد فقدته يوم أن أكدت للعرب بأن بريطانيا ستحافظ على وعدها لقد كان قواد الحركة العربية يفهمون السياسية الخارجية فهمًا عشائريًّا بدويًّا، وكانت طبيعة قلبهم وصفاء نيتهم وانعزالهم عن العالم الغربي تخفي عليهم ملتويات السياسة وأخطاءها وتشجع البريطانيين والفرنسيين على القيام بمناورات جريئة يعتمدون في نجاحها على سذاجة العرب وضعفهم وبساطة قلوبهم.
وكانت لهم بساطة في التفكير وثقة في العدو إنني أكثر ما أكون فخرًا أن الدم الإنجليزي لم يسفك في المعارك الثلاثين التي خضتها؛ لأن جميع الأقطار الخاضعة لنا لم تكن تساوي في نظري موت إنجليزي واحد، لقد جازفت بخديعة العرب لاعتقادي أن مساعدتهم كانت ضرورية لانتصارنا القليل الثمن في الشرق، ولاعتقادي أن كسبنا للحرب مع الحنث بوعودنا أفضل من عدم الانتصار" اهـ.
وأعتقد أن هذه النصوص كافية لكي تكشف حقيقة لورنس والدور الذي قام به في العالم العربي، وآية خداع لورنس وتآمره على العرب ما سجله (وايزمان) في كتابه "التجربة والخطأ" قوله: وأود أن أعلن في هذا المجال تقديري للخدمات الجليلة التي أسداها لقضيتنا الكولونيل لورنس، لقد اجتمعت به في مصر وفلسطين، وقابلته فيما بعد مقابلات عدة، إن علاقته بالصهيونية علاقة إيجابية على الرغم من تظاهره بالميل للعرب وقد ظل اسم لورنس يدوي مصورًا تلك المغامرة السحرية الجريئة التي قام بها والعمل البطولي الذي وصف من أجله بأنه سلطان الصحراء العربية، وملك العرب غير المتوج حتى توفي في 19 مايو 1935. ثم ظهرت بعد ذلك كتابات كشفت وجهه الحقيقي، كتبها أمثال ريتشارد الدنجتون في كتابه "لورنس الدجال" وجان بيروفيلار الكاتب الفرنسي، ولويل توماس، وروبرت جرنفر، والكابتن ليدل هارت، فكشفوا عن حقيقته وأظهروا عشرات المغالطات التي ملأ بها كتابه، وعزوا سر اندفاعه ومحبته للظهور إلى سبب باطني، ذلك أنه كان ابنًا غير شرعي لأمه، ووصفوه بأنه كان متحمسًا للقضاء على الإمبراطورية العثمانية لتأكيد سطوة الاستعمار البريطاني وحده.
وإن ما ادعاه من محبته للعرب، ومقابلته للملك البريطاني مع فيصل بالعباءة والعقال العربي ورفضه قبول الوسام إنما كان هذا كله تغطية لموقفه، وبلوغًا بالمسرحية إلى غايتها. وقد دحض ريتشارد الدنجتون في كتابه هذه الأسطورة البطولية، ليحل محلها إنسان مليء بالعقد والشذوذ.
وعنده أن لورنس هو الذي عمل على اجتماع فيصل وحاييم وايزمان في باريس 1919 وهو الذي كتب الاتفاقية التي وقعها كليهما. وكان لورنس يطلق على الثورة العربية "تقطيع أوصال الدولة العثمانية"، وهدفه إيقاع الخلاف وتعميقه بين العرب والترك وقد عرف أنه لم يصل إبان الحرب العالمية مصادفة، ولكن العمل الذي قام به كان بدء ربيع 1914 عندما وصل إلى