الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وانظر إلى كلامه عن العلم والقدرة. والواقع أن إقبالاً قد حار في كلامه هذا حيرة الفلاسفة والمتصوفة.
*
وحدة الوجود ووحدة الشهود:
لقد تضاربت آراء دارسي فكر إقبال حول موقفه من فكرة وحدة الوجود. فمنهم من رأى أنه ظل معتقدًا بها طوال حياته، ومن بين من قال بذلك تلميذ إقبال وشارح دواوينه الأستاذ يوسف سليم جشتي، ومنهم من رأى أنه كان يعتقد بها في أول عهده، ثم رفضها وندد بها حين رتب منظومة "الأسرار والرموز" بعد رجوعه من أوربا، وذلك رأي معظم الكتاب عن فكر إقبال ومن بين من رأى ذلك الدكتور سيد عبد الله وخليفة عبد الحكيم والدكتور ظ. الأنصاري (1). ومنهم من رأى أن إقبالاً لم يكن يعتقد بها في أول عهده ولكن اعتنقها خلال الفترة الأخيرة من حياته. والقائل بذلك الأستاذ ميكش أكبر آبادي في كتابه "نقد إقبال"(2)، ويرى الأستاذ جكن نات آزاد الهندوكي أن إقبالاً ظل يعتقد بتلك الفكرة طيلة حياته، ما عدا فترة ما بين رجوعه من أوروبا في عام 1908 م، وبين نشر ديوانه" "رسالة المشرق" (3).
ويرى السيد نذير نيازي صاحب إقبال لمدة طويلة ومترجم محاضراته "تجديد التفكير الديني" إلى الأردية تحت إشراف إقبال نفسه، أنه لم يعتنق تلك الفكرة ليوم واحد لا في أول عهده ولا في آخره، غير أنه وجد بيئة صوفية
(1) انظر مجلة "نقوش" لاهور، العدد 121، (ص 122 - 125)، و"إقبال كي تلاش" للدكتور ظ. أنصاري، (ص 9، 26 و120)، و"فكر إقبال" للدكتور خليفة عبد الحكيم، الناشر ايجوكيشنل بك هاؤس عليكره، ط 1977، (ص 274 - 275).
(2)
انظر نقد إقبال للأستاذ ميكش أكبر آبادي، الناشر آثينة أدب، لاهور ط 1970 م، (ص 306، 307).
(3)
انظر": "إقبال أوراس كاعهد" للأستاذ جكن نات آزاد، الناشر مكتبة الأدب لاهور، ط 1977 م، (ص 83 - 84).
في أسرة نشأ بها، فسمع شيئًا عنها وتأثر بها تأثرًا ما، كما أنه وجد معظم الشعر الأردي والفارسي مصطبغًا بتلك الفكرة، فنسمع صداها في بعض أبيات نظمها إقبال خلال الفترة الأولى لشعره، بينما نجد أن أستاذه المولوي السيد مير حسن كان معروفًا باتجاهاته الوهابية وكان يتهم أحيانًا بالطبيعية.
ففكرة وحدة الوجود لم تصل إلى مستوى العقيدة في فكر إقبال وشعره في يوم من الأيام (1).
ورأي السيد نذير نيازي هذا يبدو لنا أقرب إلى الصواب، فإن إقبالاً كان متأثرًا بحركة السيد المجدد السرهندي لتطهير التصوف من الأفكار غير الإسلامية أو العجمية، على ما يسميه إقبال. والسيد السرهندي قد ردّ ردًّا عنيفًا على أفكار محي الدين بن عربي الأندلسي، رأس القائلين بوحدة الوجود. فكان من قوله ضمن بعض رسائله: إن ابن عربي قد زلقت رجله في أثناء الطريق، وانخدع بما يعترى السالك من الأحوال في سفره الروحي ويتراءى له من وحدة هذا الوجود فلو تقدم خطوة لشاهد أن لا وحدة بين وجود العبد والمعبود، وأن الله هو الوراء ثم وراء الوراء ثم وراء الوراء. وقد سمى السيد المجدد هذه الوحدة التي تتراءى أثناء سلوكه بمرحلة وحدة الشهود لا بوحدة الوجود في الحقيقة. وكذلك جاء ضمن بعض رسائله:"إننا نحتاج إلى النصوص لا إلى الفصوص"(2).
وانظر قوله ضمن مقدمة "الأسرار والرموز"(3).
(1) انظر "دانأي راز" للسيد نذير نيازي (ص 428 - 451).
(2)
انظر "تاريخ الدعوة الإسلامية في الهند" لمسعود عالم الندوي" (ص 112 - 113) ومجلة "نقوش" العدد 121، (ص 120 - 121)، ويقصد السيد المجدد بالنصوص نصوص الكتاب والسنة وبالفصوص كتاب "فصوص الحكم" لابن عربي.
(3)
مقدمة "الأسرار والرموز" لإقبال تعريب الدكتور عزام ضمن كتابه "محمد إقبال"(ص 86 - 88).