الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويرد الدكتور الهراوي على هذه الشبهة فيقول: إن عبادة محمد كما وردت في كتب السيرة معروفة تمامًا فقد كان في الغار شهرًا، ثم يطوف بالكعبة ويوزع الصدقات.
وكان يحترم الكعبة ويتجنب الأصنام، وكانت عبادته بالغريزة والوراثة تتصل بعبادة جده الأعلى إبراهيم.
ومما أورده الدكتور الهراوي ردًّا على فنسنك القائل: بأن الآيات المكية ليس فيها إشارة إلى علاقة محمد بالكعبة، قال: إننا نذكره بالآية {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا} ، إلى قوله:{رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ} . وقال: هلا يفهم فنسنك أن الحج هو استجابة لهذا الدعاء إن لم يكن بناء البيت في هذا المكان لغرض الحج. وفنسنك يعرض بالاختراع في الدين ويصرح بأن ملة إبراهيم اخترعت اختراعًا، ويزعم أن محمدًا أراد بهذا الاختراع أن يتصل بيهودية إبراهيم والواقع أنه:{مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا} ، وأشار الدكتور الهراوي إلى أن لفنسنك زميل هو إميل درمنجم يزعم أن محمدًا كان يتعبد على طريقة اليهودية والمسيحية تمهيدًا لدين هو الإسلام، ومثله مرجليوث، ويقول الهراوي: فأنت ترى أنهم اختلفوا في أسانيدهم التاريخية واتفقوا على أن محمدًا كان يخدع ويدس ويطلب علاقات اليهود.
*
دائرة المعارف الإِسلامية:
وقد واجهت دائرة المعارف منذ بدأت ترجمتها عام 1932 كثيرًا من النقد، لما تضمنته من شبهات واتهامات، تناولتها أقلام (رشيد رضا) صاحب المنار. و (كرد علي) رئيس المجمع العلمي العربي وأحد أقطاب دراسات دوائر الاستشراق، و (فريد وجدي)، كما تناولها الدكتور (تقي الدين الهلالي) الباحث المغربي المسلم الذي قال: إن في دائرة المعارف الإسلامية أخطاء
ودسائس ناشئة عن التعصب الأوربي، وقال: إن كتابات بروكلمات مثل ذلك وأقبح.
وقد أشار كثير من الباحثين أن أغلب كتاب دائرة المعارف قسس مبشرون يهمهم أن يخنقوا الإسلام لا ينصفوه، وقليل منهم من يتصف بالشجاعة العلمية فيتغلب على عناصر التعصب وضيّق الأفق، وليس كتاب الدائرة وحدهم على هذا النمط، بل جل المشتغلين بالدراسات الإسلامية وهم لا يتجاوزون صناعة التبشير، تعرفهم من لحن القول.
ومن هؤلاء توماس باترك هيور صاحب قاموس الإسلام، وهو مرجع متداول لا تكاد تخلو منه مكتبة أوربية، وقد قضى القس المؤلف في وظيفته التبشيرية في بلاد الهند بين المسلمين والبوذيين والبرهميين أكثر من عشرين سنة، ونشر معجمه هداية للموظفين الإنجليز ممن كانوا يتولون الحكم ببلاد الإنجليز في أواخر القرن الماضي ومساعدة للمبشرين بالمسيحية ممن يجادلون علماء الإسلام.
وأشار الباحثون إلى أن أهم نواحي الخطر في هذه الدائرة أن ما يترجم منها لا يتعرض بالتحليل والإيضاح لما فيها من أخطاء وشبهات، وأنها تسطر البدع الدخيلة على الإسلام باستفاضة مثيرة. وقد أمعن مؤلفو الدائرة في تسجيلها وشرحها وكأنها أصول مقررة لا بدع دخيلة.
1 -
أخطاء دائرة المعارف الإسلامية: قال رشيد رضا: إنه معجم لفقه طائفة من علماء الإفرنج المستشرقين لخدمة ملتهم ودولتهم المستعمرة لبلاد المسلمين بهدم معاقل الإسلام وحصونه بعد أن عجز عن ذلك دعاة دينهم بالطعن الصريح على كتاب الله ورسوله وبعد أن عجز عن ذلك الذين حرفوا القرآن بترجماتهم الباطلة، والذين شوهوا التاريخ الإسلامي بمفترياتهم، ذلك أن هؤلاء الملفقين لهذا المعجم الذي سموه دائرة المعارف لم يتركوا شيئًا من
عقائد الإسلام ولا من فضله، ولا من الشريعة ولا من مناقب رجاله إلا وصوروه لقراء معجمهم بما يخالف الصورة الصحيحة من بعض الوجوه، إما بصورة مشوهة أو بصورة عادية لا مزية لها.
وفي هذه الدائرة عيوب علمية وتاريخية أخرى أهمها أنها لم تكتب لتحقيق المسائل التاريخية والعلمية لذاتها بل لأجل بيان آرائهم وأهوائهم والإعلام بما سبق لهم ولعلمائهم فيها من بحث وطعن في كتبهم ورسائلهم المتفرقة. وكان على الذين شرعوا في ترجمة هذا المعجم وضع حواشي لتصحيح ما فيها من الأغلاط التاريخية والعلمية والدينية وبيان الحق فيما دسوه فيه من عقائدهم وآرائهم الباطلة، وقد نيط هذا وذاك بالعلماء الإحصائيين، وقد ذيل الجزءان الأول والثاني ببعض الحواشي من هذه التصحيحات والانتقادات إلا أنها غير كافية في موضوعها ثم أعرض المترجمون عن ذلك فيما بعد، وطفقوا ينشرون الأجزاء غفلاً من التعليق على مواردها المشوهة للإسلام وتاريخه بعد أن ظننا أنهم سيزيدونه استقصاء وتحقيقًا، أقول ولا أخشى لا آثمًا ولا مخالفًا أن نشر هذا المعجم باللغة العربية كما كتبه واضعوه بدون تعليق على ما فيه من الأغلاط والمطاعن ومخالفة الحقائق هو أضر من شر كتب دعاة المبشرين وصحفهم؛ لأن هذه كلها لا تخدع أحدًا من أعلام المسلمين بما فيها من الباطل، أما هذا المعجم المسمى بدائرة المعارف الإسلامية المعزو أكثر ما نقل فيه إلى كتب المسلمين فإنه يخدع أكثر القارئين له ممن يعدون من خواص المتعلمين؛ لأنه يقل فيهم من يفرق بين الحق والباطل مما فيه ويقل فيهم من يعلم أن مؤلفي هذه الدائرة من خصوم العرب والإسلام واللغة العربية.
2 -
رأى فريد وجدي في دائرة المعارف الإسلامية: أن هذه الدائرة تشمل على السيِّئ الكثير من التهم الباطلة على الإسلام ورسوله ورجالاته الصالحين ولا يدفع ببعض هؤلاء المستشرقين إلى التورط مع هذه الخطة الحربية