الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى الحياة الآخرة ونعيمها وهم ما بعد في دار الدنيا، فكشفوا زيف هؤلاء الدجاجلة وفندوا أخطاءهم وادعاءاتهم وكشفوا شبهاتهم .. التي ما زال العبيد والأقزام وأذناب الغرب يضعونها أمام عوام المسلمين لزعزعتهم عن دينهم ..
ومكر صبيان الغرب الذين يصدق فيهم قول القائل:
يرمرم من فتات الكفر قوتًا
…
ويشرب من كئوسهم الثمالهْ
يقبل راحة الإِفرنج دوما
…
ويلثم دونما خجل نعال
ومكر أولئك هو يبور .. ويبقى الإسلام بنوره وبهائه وأصالته وجذوره القوية وكلماته الطيبة وعقيدته الصافية النقية .. تزول الدنيا بأسرها ولا يزال الإسلام بتعاليمه من صدور أبنائه ومحبيه ما بقيت الدنيا.
لا تهيىء كفني يا عاذلي
…
فأنا لي مع الفجر مواثيقٌ وعهد
وها هم حملة السموم والحقد الواضح لا الدفين الذى تطفح به مواقفهم وكتاباتهم (1).
*
فولتير وتعصبه الفجَّ وتطاوله على رسول الله صلى الله عليه وسلم في "تمثيلية محمد
":
أصدر الكاتب الفرنسي المشهور بحرية الرأي (فولتير) عام 1745 م تمثيلية أسماها "محمد والتعصب"، وأهداها إلى البابا في محاولة جريئة تكشف عن حقيقة دعوى حرية الفكر عنده، وقد واجه (توفيق الحكيم) هذه القصة فقال: قرأت قصة فولتير التمثيلية (محمد) فخجلت أن يكون كاتبها معدودًا في أصحاب الفكر الحر، فقد سب فيها النبي سبًا قبيحًا عجبت له وما أدركت له علة، لكن عجبي لم يطل فقد رأيته يهديها إلى البابا بنوا
(1) هذا الفصل هو تلخيص لكتابات الأستاذ أنور الجندي في معظم أماكنه وبالأخص كتابه "مقدمات العلوم والمناهج"(1/ 246 - 307) وكتابه "الفكر الإسلامي والثقافة الغربية المعاصرة"(ص 95 - 157).
الرابع عشر. وعلمت أن روسو كان يتناول بالنقد أعمال فولتير التمثيلية فاطلعت على ما قال في قصة (محمد) علّني أجد ما يرد الحق إلى نصابه فلم أر هذا المفكر الحر أيضًا يدفع عن النبي ما ألصق به كذبًا، كأن الأمر لا يعنيه، وكأن ما قيل في النبي لا غبار عليه ولا حرج منه، ولم يتعرض للقصة إلا من حيث هي أدب وفن، وقد قرأت بعد ذلك رد البابا بنوا على فولتير فألفيته ردًّا رقيقًا كيسًا لا يشير بكلمة واحدة إلى الدين، وكله حديث في الأدب، فعظم عجبي لأمر فولتير وسألت نفسي طويلاً: أيستطيع عقل مثقف كعقل هذا الكاتب العظيم أن يعتقد ما يقول، دين يتبعه آلاف الملايين من البشر، على مدى الأجيال، هو في نظره حقًّا دين كاذب، ومبادئ إنسانية كالتي جاء بها الإسلام هي عنده حقًّا مبادئ بربرية، أم أنه التملق والزلفى والنفاق، وأن الزمن والتاريخ يضعان أحيانًا أقنعة زائفة على نفوس تزعم أنها خلقت للدفاع عن حرية الفكر.
منذ ذلك اليوم وأنا أحس كأني فجعت في شيء عزيز لدي: الإيمان بنزاهة الفكر الحر، ولقد كنت أحيانًا ألتمس الأعذار لفولتير وأزعم أنه قال ما قال لا عن مجاملة أو ملق، بل عن عقيدة، وحسن طوية استنادًا على علم خاطئ بأخبار النبي، ولكن كتابه إلى البابا كان يتهمه اتهامًا صارخًا، ولا يدع مجالاً للشك في دخيلة أمره، إني قرأت لفولتير كتبًا أخرى كانت تكشف عن آراء حرة حقًّا في مسائل الأديان وتنم عن روح واسعة الآفاق تكره التعصب الذميم فما باله عندما عرض لذكر "محمد والإسلام" كتب شيئًا هو التعصب بعينه، تعصب لدينه ذهب فيه إلى حد السجود وتقبيل الأقدام، لا لرب العزة والخلق، بل لبشر هو رئيس الكنيسة التي ما أرى أن فولتير كان ذات يوم من خدامها المخلصين.
وإنما هي الأطماع التي كانت تدفع فولتير -فيما أرى- إلى التمسح بأعتاب