الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن الواضح حتى الآن من كتاباتهم التافهة هو الوقوف في هاتين الدائرتين، الدين والجنس، بالمفهوم المعيب والمرفوض، إنه الابتذال والسفالة والخداع والتسلق والإجرام، باسم الحداثة والحرية والشعر؟
*
الزنديق الحداثي محمد فريد أبو سعدة:
انظر إلى ما قال بعنوان "باب مكة" كتبه صاحبه عن امرأة تسمى (التكرونية)، والتكارنة أو التكرونيات، نساء سود فقيرات قدمن عبر البحر للاستيطان في الحجاز، ويعتمدن غالبًا على التسوّل، أو بيع الحبوب للحجاج والمعتمرين ليأكل منها حمام الحرم، أو المتاجرة في بعض الأشياء البسيطة التي يحتاجها العابرون. يعبّر المذكور عن آفكار التكرونية بطريقة يمكن تأويلها، ولكنه كان يستطيع -لو أخلص لله- أن يتفاداها أو يحترز في تصويره لأفكارها بما يتسق مع جلال الله وقدره، ولكنه لم يفعل، بل قال متحدِّثًا عن التكرونية:
"وتهمس في أذنيها الأمراج
هناك بمكة بئر الله
وحجر الله
وأن الله هنالك يجلس وسط ملائكة سوداء
يوزعّ بين المقهورين الخبز
ويمسح بالجلباب دموع المنكسرين .. "
وبعد تشخيص الذات الإلهية بالجلوس والتوزيع والمسح، ينتقل إلى مقطع آخر يسخر فيه من رمز من الرموز المحسوبة على الإسلام، وهو "المطوّع" الذي يمثل فردًا في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويقوم عادة بدور المحتسب المتطوع في الشريعة الإسلامية، ولكنه في المملكة العربية السعودية يأخذ وضعًا رسميًّا يمنحه محاسبة المخالفين للشريعة في الأسواق
والشوارع، ويدعو إلى الصلاة في مواقيتها، ولكن صاحبنا السبعيني يحرص على أن يصوِّرَ "المطوّع" في صورة عكسية تزري به وبانتمائه الديني، من خلال ازدواجية يتناقض فيها الإيمان مع السلوك:
"كان المطوّع
ينشب في السرّة عينيه كخطافين
ويلمس بعصاه مؤخرة المرأة
محشوًّا بطيور هائجة
ويقول: صلاة" (1).
فالمطوع الذي يدعو إلى الصلاة مشغول بهمومه الجنسية كما رأينا في هذا النص الهالوكي.
- يقول الدكتور حلمي القاعود:
"ومرة أخرى أسأل (حامد أبو أحمد) -وهو الأزهري الدارس للفقه والتوحيد والعقيدة والتفسير- ما رأيه فيما يقوله الهالوكي عن كوع الله الذي أحدث ثقبًا، وعن الله الذي سيعمل جليسًا للأطفال؟ وهل يصرّ على أن ما يقوله الهالوكي مجرد تلفيق وتهافت، أم أنه شيء آخر أكبر من ذلك؟.
حبذا لو كنا صرحاء مع العابثين بديننا وأخلاقنا. وأقول "ديننا"؛ لأنهم لا يجرءون أبدًا على المسّ بأية شريعة أخرى، ولا رمز من رموزها حتى لو كان هذا الرمز مجرد (شماس) في كنيسة، أو خادم في كنيسة!
ولا شك أن "اللغة الجنسية" تأخذ مجالاً أوسع ومدى أبعد، فقد صارت جزءًا من معجمهم وخيالاتهم وهذيانهم، ولعلنا لاحظنا في النص السابق الذي مزج فيه صاحبه التجديف في حق الذات الإلهية بالشبق الجنسي وفعل المضاجعة، وهو ما يدلنا على مدى السيطرة الشبقية على أذهان
(1) محمد فريد أبو سعدة - مجلة الثقافة الجديدة - عدد 49، أكتوبر 1992 (ص 62) وما بعدها وانظر "الورد والهالوك"(ص 222) وما بعدها.
الهالوك، لدرجة أن يشعر المرء أن هؤلاء القوم لا عمل لهم ولا اهتمام لديهم إلا الجنس والشبق مستبيحين في سبيل ذلك كل مقدس وثابت ولو كان الذات الإلهية! " (1).
والله ما يكتبه هؤلاء الزنادقة المارقون يعف عنه أبو نواس وبشار بن برد ولو قام شعراء الزندقة قديمًا من قبورهم وسمعوه ربما ماتوا من هول ما يسمعون .. لقد رفعوا برقع الحياء مطلقًا .. إنه تسافل رخيص فاق ما عرفه الناس من كتابات جنسية رخيصة، وهي ليست قاصرة على واحد منهم بل هي قاسم مشترك بينهم جميعًا:
انظر إلى ما يقوله حلمي سالم في مجلة الشعر .. أكتوبر 1991 (ص 48). والمقطع في (ص 51) في قصيدته "غزال تحت طاغية"(2) وجرأته الغريبة على القرآن الكريم وتناوله النص القرآني وكلمة "كن" في سياق رخيص يتناول علاقة جنسية بين رجل وامرأة وإلى ما كتبه محمد فريد أبو سعدة في مجلة "الرافعي" -مديرية الشباب والرياضة بطنطا- العدد 22 يوليو 1992 (ص 11)، ومقال السمطي في الشرق الأوسط 8/ 11/1992 ونصوص أحمد زرزور، وأحمد طه، وجمال القصاص، وحسن طلب، وعبد المنعم. رمضان وحلفي سالم المنشورة في مجلة الكرمل ع 4/ 1984 لتعرف أي لغة شبقية بذيئة لدى شعراء الهالوك الزنادقة (3).
- ولقد كان شعراء الهالوك عونًا للطغاة والديكتاتورية، وعملوا في خدمة الأنظمة المستبدة والدعاية لها، ولعل موقفهم من "صدّام حسين" وحزب البعث أبرز دليل على ذلك، فقد عملوا في صحفه، ونشروا في مؤسساته الثقافية، ونشر أحدهم ديوانًا يتغزل في بطولته. ثم إنهم الآن
(1)"الورد والهالوك" لحلمي القاعود (ص 226).
(2)
انظر "الورد والهالوك"(ص 228، 229).
(3)
انظر إلى نماذج من شعرهم المنحط الشبقي في "الورد والهالوك"(ص 228 - 232).
صاروا يتحكّمون في المؤسسة الثقافية المصرية ومجلاتها وهيئة كتابها وندواتها ومعارضها، ودخلوا مجلسها الأعلى للثقافة، كما صارت لهم سيطرة واضحة على معظم الصفحات الثقافية في الصحف المصرية التي تسيطر عليها الدولة، فأين هو التناقض المزعوم بينهم وبين السلطة؟
إن سيطرتهم على المرافق الثقافية الرسمية الآن، حولتهم إلى مستبدّين من نوع لا يعرف التسامح، فقد حرّموا هذه المرافق على غيرهم من مخالفيهم في الفكر والاتجاه، وبأموال الأمة راحوا ينشرون غثاءهم وبذاءتهم، دون مراعاة لشعور الأمة وأخلاقها وذوقها، وهو ما يؤكد في النهاية أن موقفهم من السلطة موقف انتهازي رخيص لا يليق بمثقف حقيقي، فضلاً عن شاعر أصيل.
ويدخل في هذا الموقف الانتهازي أن أحدهم تقدّم لجائزة الدولة التشجيعية واستطاع بمعونة العرّاب الأكبر الذي يتبنى الهالوك (أحمد عبد المعطي حجازي) أن يحصل على نصف الجائزة، ولكنه بعد إعلان الفوز راح يلعن الجائزة ويسبّ المؤسسة الثقافية، ويشتم أعضاء اللجنة المحكمة وغيرهم، ثم قَبِل الجائزة بعد أن رُفعت قيمتها!! فهل هذا ينبئ عن أصحاب مبادئ ومواقف؟
إن جيل شعراء الحداثة -شعراء الهالوك- ينبغي استئصاله لتتفتّح كل الورود والأزهار.
نستغفر الله عن إيرادنا النماذج التي تناولت الذات الإلهية بصورة مارقة غير لائقة، وأسرفت في الفحش والبذاءة وإن كان عذرنا أن ذكرناهم وذكرنا شعرهم لنري الناس إلى أي حد بلغ هؤلاء الزنادقة، ولقد ذكر الله مقالة الكافرين في قرآنه مما تطاولوا على الله وأنبيائه ورسله تحذيرًا للناس من السير على دربهم الكفري ..