الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نتكلم الفصحى: إن اللحن دخيل على العربية وليس كهيًا فيها أصيلاً، غير أن العربية دون أي شك كانت لغة المنطقة التي عرفت باسم فينيقيا عند نهاية الألف الأول قبل الميلاد، ولنا على ذلك الشواهد ولم يبق من عربية فينيقيا سوى صلة القربى بينها وبين عربية الصحراء عندما وصلت الدفعة العربية الكبيرة، ولم يبق لنا من عربية فينيقيا شيء قبل الألف الأول للميلاد لأسباب نجهلها، غير أنه بإمكاننا الإثبات أن ما قبل الفينيقية كانت العربية لغة اللبنانيين أصل الفينيقيين، وبالجملة فإن الفينيقية لهجة عربية منقرضة". ولقد كانت لدعوة سعيد عقل صدى في كل واجهات الشعوبية، فقد اهتم بها كمال الملاخ في الأهرام "فكتب عنه وعن دعوته صفحة كاملة (13/ 4/1974) الأبجدية الجديدة اللاتينية: الشكل، العربية، المنطلق، قال: ويحاول سعيد عقل أن يضع نفسه في صورة (ديكتاتور) القومية اللبنانية تشبهًا بأتاتورك الذي عزل تركيا عن ماضيها عبر استخدام الحرف اللاتيني مؤكدًا الانفصال نهائيًا، وسعيد عقل لا يقبل أن يُسمَّى لبنان بالعربي وهو في قصائده يستعمل لغة شعرية حديثة تختلف اختلافًا كاملاً على كل تركيب شعري سابق" اهـ.
*
ومن شعراء الحداثة الزنادقة من شعراء المراحيض والشبق الجنسي والتطاول على الذات الإِلهية: حسن طلب صاحب "آية جيم
":
شعراء الهالوك وشعرهم لون من الباطنية أشُد نكْرًا من الباطنية القديمة، وكتاباتهم زندقة مظلمة، سقيمة في لغتها. يقول حداثي عنهم:"إنهم نسفوا أدونيس" .. ما ظنك بحثالات من البشر تفوّقوا على شيطانهم وعرّاب حداثتهم.
قال (شكري عياد) عن أحدهم: إنه شاعر زخرفي ولا جدوى من قراءته، وكل ما يفعله مجرد ألاعيب لفظية كان يفعلها من قبل شعراء العصر
المملوكي، وليست الكتابه بالحروف والتشكيل بها دليلاً على عبقرية الشاعر، ويشير عياد بذلك إلى ديوان حسن طلب الذي صدر مؤخرًا بعنوان "آية جيم" والذي يعتمد على حرف الجيم في مفرداته ومعانيه (1).
والاعتماد على حرف من حروف المعجم هو تقليعة "مملوكية" بعثها "الهالوك" مرة أخرى، وزعموا "حداثيتها" حيث كان الشعراء في أواخر العصر المملوكي يأخذون من أحد الحروف، أو أكثر من حرف، وسيلة في نظمهم للتدليل على قدرتهم اللغوية، والعروضية، وقدرتهم أيضًا في مجال القافية، وأبرز الأمثلة على ذلك ما عرف بالبديعيات والألغاز والتواريخ، وقد ازدهرت جميعًا في العصر العثماني، وجاء الهالوك، ليخدعوا الناس بقدرتهم على التجديد والإتيان بما لم تأت به الأوائل، وما دروا أنهم قدموا "تقليعة" رديئة كانت مظهرًا من مظاهر الضعف والخواء في العصرين المملوكي والعثماني.
صاحب "آية جيم" لم يقدم فيها أكثر من نظم لمعاني "حرف الجيم" الموجودة في المعاجم، وهو نظم بارد وركيك، يدل على أن صاحبه يهزأ بالعقول والأفئدة، فضلاً عن جراءته على المفهوم القرآني لمعنى كلمة "آية" حيث اتخذ منها عنوانًا لمنظومته الرديئة فضلاً عن ادعائه وافترائه بأن القرآن قد ظلم حرف الجيم بعدم استخدام ألفاظ تعتمد عليه .. ترى ماذا في هذا النص من قيم شعرية عالية؟ يقول:
"جيمٌ جمزتْ أم جيمٌ بَجمَتْ؟
جيمٌ من يأجوج ومأجوج تَجُخُّ وتجأر
جيمٌ كالجلوْاز الأعْجَرْ
(1) انظر جريدة "الرياض"(27/ 5/1992).
وجُهَاداها: إجهاض الجيم المسجونة
بين الجامع والمتجر
أم جيم تتهجَّى وتجاهِرُ:
جيمٌ تتفجَّر؟! ".
- ترى بماذا نخرج من هذا الكلام؟ وما هي القيم الجمالية التي يمثِّلها ويؤديها؟! ثم لنقرأ قوله:
"جيم حجناء وجيم جبَّاء وجيم بجراء وجيم عجراء وجيم جيميه.
من جعل الجيم مفاجأةً وأهازيج جزافيه؟ " (1).
هل زاد المذكور على رص معاني الجيم المعجمية؟
هل أضاف جديدًا بتساؤله عن الجيم المفاجأة والأهازيج الجزافية؟
ألا يذكِّرنا ذلك بمن كان يقول: الأرض أرضٌ والسماء سماء .. ؟
- وإليك مقطعًا آخر يقول فيه صاحب الجيم العجراء:
"الجيم الجعرانية جابهت الجيم السنجانيه
فانبعجت جيم الأيديولوجيه
وتوجست الجيم الجيماء
فما جدوى جيمين هما جيم الشجب
أو الجيم الجلاتينيه؟ " (2).
***
(1) حسن طلب، مجلة "إبداع"، عدد 12، ديسمبر 1991، (ص 51)، والمنشور في "إبداع" جزء مما نشر بالديوان.
(2)
انظر "آية جيم" لحسن طلب - الهيئة العامة للكتاب 1992، و"الورد والهالوك شعراء السبعينات في مصر" لحلمي القاعود (ص 198 - 200) - دار الاعتصام.