الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن شعره يهنئ بعض الأكابر:
ليهنْك ما نلت من منْصبٍ
…
شريف له كنت مُسْتَوجبا
وما حَسنُ أن تهنَّي به
…
ولكن نهنِّي بك المنصبا
ابن الصاحب علم الدين
...... - 688هـ -...... - 1289م أحمد بن يوسف بن عبد الله بن شكر، الشيخ علم الدين بن الصاحب المصري الفقير المجرد.
كان اشتغل في صباه وحصل ودرس، وكان لديه فضيلة وذكاء وحسن تصور، إلا أنه كان تجرد في آخره وتفقر، وأطلق طباعه عَلَى التَّكدي، وصار يجارد الرؤساء وغيرهم، ويركب في قفص حمال، ويتضارب الحمالون عَلَى حمله
لأنه كان مهماً فُتِح له من الرؤساء كان للذي يحمله، فيستمر راكباً في القفص والحمال يدور به في أماكن الفرج والنزه، وكان يتعمم بشرطوط طويل جداً رقيق العرض، ويعاشر الحرافيش، وكان له أولاد رؤساء.
ويقال: إن الصاحب بهاء الدين ابن حنا هو الذي أحوجه إلى أن يظهر بذلك المظهر وأحمله وجننه لكونه من بيت وزارة فكان ابن الصاحب هذا إذا رأى الصاحب بهاء الدين ابن حنا ينشد:
أشرب وكل وتهنَّي
…
لابَّد أن تتعنَّى
محمد وعلي من أين لك يا ابن حنَّا
قال: الشيخ صالح الدين: أخبرني من لفظه الشيخ الإمام نجم الدين أبو محمد الحسن خطيب صفد قال: رأيته، يعني ابن الصاحب، أشقر أزرق العين، عليه قميص أزرق وبيده عكازه حديد. انتهى.
وأخبرني من لفظه الحافظ فتح الدين محمد بن سيد الناس قال: كان ابن الصاحب يعاشر الفارس آقطاي، فاتفق أنهم كانوا يوماً عَلَى ظهر النيل في شختور. وكان الملك الظاهر بيبرس مع الفارس آقطاي وجرى بينهم أمر، ثم ضرب الدهر ضرباته، وركب الظاهر يوماً إلى الميدان ولم يكن عمر قنطرة السباع، وكان التوجه إلى الميدان عَلَى باب زويلة عَلَى باب الخرق، وكان ابن الصاحب ذَلِكَ اليوم نائماً عَلَى قفص صيرفي من تلك الصيارف، برا باب زويلة، ولم يكن أحد يتعرض لابن الصاحب، فلم يشعر الظاهر إلا وابن الصاحب يضرب بمفتاح في يده عَلَى خشب الصيرفي ضرباً قوياً فالتفت فرآه، فقال هاه علم الدين، فقال إيش علم الدين، أنا جيعان، فقال: أعطوه ثلاثة آلاف درهم، وكان ابن الصاحب أشار بتلك الدقة عَلَى الخشب إلى دقة مثلها يوم المركب. انتهى كلام الصفدي.
قلت ويحكى عنه من النوادر اللطيفة أشياء منها: أنه حضر يوماً في بعض المدارس والنقيب يقول بسم الله فلان الدين القليوبي، بسم الله فلا الدين الدمنهوري، بسم الله فلان الدين المنوفي وينسب كل واحد إلى بلده من الريف فقال ابن الصاحب ويلك هذه مدرسة ولا منفض كتان.
ومنها أن الأمير علم الدين الشجاعي لما فرغ من عمارة المدرسة المنصورية رآه يوماً بين القصرين فقال له: يا علم الدين أيما أحسن هذه المدرسة أو مدرسة الظاهر، فقال: هذه مليحة إلا أن الذي يصلي في الظاهرية يبقى حجره في وجه الذي يصلي في مدرستكم.
ومنها أنه كان في القاهرة إنسان كثيراً ما يجرد الناس فسموه زحل، فلما كان في بعض الأيام وقف ابن الصاحب عَلَى دكان حلاوى ليزن دراهم يشتري بها حلوى، وإذا بزحل قد أقبل من بعيد فقال ابن الصاحب للحلاوي: أعطني الدراهم ما بقي لي حاجة بالحلوى فقال لم؟ قال: أما ترى زحل قارن المشتري في الميزان.
ومنها أنه ركب يوماً حماراً للفرجة تسلمه من المكاري وتوجه به إلى برا باب اللوق، فتسيب الحمار عَلَى ماجور فيه حشيش فأكله بتمامه، فجاء صاحب الحشيش إليه وقال: يا سيدي أفقرني حمارك هذا وأكل بضاعتي، فقال له
ابن الصاحب: خذ صريمته فأخذها، فلما كان بعد ساعة انسطل الحمار ونام وعجز عن الحركة، فأراد ابن الصاحب الدخول إلى المدينة، فعجز الحمار عن القيام لأنه أكل ماجور حشيش، فحمله عَلَى حمار آخر وقال للمكاري: خذ بردعته، وجاء هو خلفه، فقام إليه صاحب الحمار فقال: يا سيدي أين حماري الذي ركبته من عندي؟، فقال: أنا ما رأيت حماراً، وما أعطيتني إلا حريفاً عَلَى أنه حريف كِّيس ما غرم عليه أحد شيئاً، انسطل بصريمته وركب ببردعته.
وله من هذا النمط أشياء، توفي سنة ثمان وثمانين وستمائة.
ومن شعره:
يا نفسُ ميلي إلى التَّصابي
…
فاللهو منه الفتى يعيش
ولا تَملِّي من سُكْر يوم
…
إن أعوز الخمر والحشيش
وله في المعنى:
في خُمار الحشيش معْنى مرامي
…
يا أَهْيَل العقولِ والأفهامِ
حرَّموها من غير عقْل ونقْل
…
وحرام تحريم غير الحرام