الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعنده فضل وأدب، قيل أنه كتب إلى بدر الدين محمد بن الدقاق يقول:
مولاي بدر الدين صل مدْنفاً
…
صيّره حبّك مثل الخلال
لا تخش من عار إذا زرْتني
…
فما يعاب البدر عند الكمال
فبلغ ذَلِكَ العلامة صدر الدين بن المرحل فكتب:
يا بدر لا تسمعْ كلام الكمالْ
…
فكلُّ ما نمّق زور محال
فالنقص يعرو البدر في تمّه
…
وربما يُخْسف عند الكمال
توفي الشيخ كمال الدين بدرب الحجاز سنة ثمان عشرة وسبعمائة، رحمه الله.
الخليفة المستنصر بالله
...... - 660هـ -
…
... - 1262م أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسن، أمير المؤمنين أبو القاسم المستنصر بالله بن الخليفة " الظاهر بن الخليفة " الناصر لدين الله بن الخليفة المستضيء.
ولي الخلافة بالديار المصرية، وهو أول خليفة تخلف بالديار المصرية من بني العباس، وذلك بعد أن قتل المستعصم بالله ببغداد بثلاث سنين ونصف، وكان الوقت بلا خلافة في مدة هذه الثلاث سنين ونصف.
قال أبو شامة: في رجب قرئ بالعادلية كتاب السلطان إلى قاضي القضاة نجم الدين بن " سناء الدولة " بأنه قدم عليهم مصر أبو القاسم أحمد بن الظاهر بن الناصر وهو أخو المستنصر، وأنه جمع له الناس من الأمراء والعلماء، وأثبت نسبه عند القاضي في ذَلِكَ المجلس، فلما ثبت بايعه الناس، وبدأ بالبيعة السلطان الملك الظاهر بيبرس، ثم الكبار عَلَى مراتبهم ونقش اسمه عَلَى الصكة، وخطب له عَلَى المنابر، ولقب بلقب أخيه، وفرح الناس لذلك، انتهى كلام أبي شامة.
وقال الحافظ شمس الدين الذهبي: في رجب يعني سنة تسع وخمسين وستمائة أقيم في الخلافة بمصر المستنصر بالله أحمد، ثم قدم دمشق هو والسلطان فعملت لقدومهما القباب، واحتفل الناس لزينتهما، وعدم في الشرق آخر العام، انتهى كلام الذهبي.
وقال الشيخ قطب الدين: كان أبو القاسم المستنصر المذكور محبوساً ببغداد فلما أخذت أطلق وصار إلى عرب العراق واختلط بهم، فلما تسلطن الملك بيبرس وفد عليه ومعه عشرة من بني مهارش، فركب السلطان للقائه ومعه القضاة وأعيان الدولة، فشق القاهرة، وركب يوم الجمعة من البرج الذي كان بالقلعة، بعد ما ثبت نسبه وبويع، " وعليه السواد إلى جامع القلعة " وصلى بالناس، وفي شعبان رسم بعمل خلعة خليفتية، وبكتابة تقليد، ثم نصبت خيمة بظاهر القاهرة، وركب المستنصر هذا والسلطان يوم الاثنين رابع شعبان إلى الخيمة، وحضر الأمراء والقضاة والوزير، ولبس الخليفة السلطان الخلعة بيده، وطوقه وقلده، ونصب منبر فصعد فخر الدين بن لقمان وقرأ التقليد،
ثم ركب السلطان بالخلعة ودخل من باب النصر، وزينت القاهرة، وحمل الصاحب التقليد عَلَى رأسه والأمراء مشاه.
وهذا هو الثامن والثلاثون من خلفاء بني العباس، وأول من بايعه قاضي القضاة تاج الدين ثم السلطان ثم الشيخ عز الدين بن عبد السلام.
وكان شديد السمرة، جسيماً، عالي الهمة، شجاعاً، قال: ورتب له السلطان أتابكا واستدارا وخازندارا وحاجباً وكاتباً، وعين له خزانة، وجملة من المماليك، ومائة فرس، وثلاثين بغلاً، وعشر قطارات جمالاً ونحو ذَلِكَ، انتهى كلام قطب الدين.
وحكى أنه لما حضر إلى القاهرة أنزله السلطان بالقلعة، وبالغ في إكرامه، وقصد إثبات نسبه وتقرير بيعته، لأن الخلافة كانت شاغرة من يوم مات الخليفة المستعصم، فأحضر السلطان أعيان الدولة، وتأدب السلطان معه، وجلس بغير مرتبة ولا كرسي، وأمر بإحضار العربان الذين حضروا مع الخليفة من العراق، فحضروا، وحضر طواشي من البغاددة فسئلوا عنه، هل هذا هو
الإمام أحمد بن أمير المؤمنين الظاهر بن الناصر؟ فقالوا: نعم، وشهد جماعة بالاستفاضة وهم: جمال الدين يحيى بن نائب الحكم بمصر، وعلم الدين بن رشيق وصدر الدين برهوب الجزري، ونجيب الدين الحراني، وسديد الدين التزمنتي نائب الحكم بالقاهرة، عند قاضي القضاة تاج الدين بن بنت الأعز، فأسجل عَلَى نفسه بالثبوت، وذكر نحواً مما ذكرناه في أول الترجمة إلى أن قال: وسار هو والظاهر في تاسع عشر شهر رمضان فدخلوا دمشق في سابع ذي القعدة، ثم جهز الملك الظاهر بيبرس الخليفة ومعه ملوك الشرق: صاحب الموصل، وصاحب سنجار، وصاحب الجزيرة من دمشق في الحادي والعشرين من ذي القعدة، واتفق الظاهر عليهم ألف ألف دينار وستين ألف دينار.
حكى محيي الدين بن عبد الظاهر قال: سمعته من الظاهر، وكان نزوله بالتربة الناصرية بالجبل، ولما وصل الخليفة الرحبة فارقه صاحب الموصل وأخوه. انتهى.
ولما نزل الخليفة بمن معه مشهد علي رضي الله عنه أقام به أياماً ثم تحول إلى عانة، وجد بها الحاكم بأمر الله ومعه سبعمائة نفس، فاستماله المستنصر وأنزله الحاكم معه في دهليزه، وتسلم الخليفة عانة وحمل إِلَيْهِ ناظرها وواليها الإقامة فأقطعها، ثم وصل إلى الحديثة ففتحها أهلها له، ووصل الخبر بذلك لمقدم المغل وشحنة بغداد، فخرج المقدم إِلَيْهِ بخمسة آلاف وقصد الأنبار فدخلها وقتل جميع من فيها، ثم لحقه الشحنة، " ووصل الخليفة " إلى هيت، فأغلق أهلها الأبواب في وجهه، فحضرها إلى أن أخذها، ونهب من بها من أهل الذمة، وجاءت عساكر المغل والتقوا مع الخليفة فصدقوا الحملة، فأفرج التتار لهم، فنجا جماعة من المسلمين منهم الحاكم في خمسين نفساً، وأما الخليفة المستنصر هذا فإنه فقد ولم يعلم له خبر، واختلفت الأقاويل في أمره، والأقوى عندي أنه قتل، وذلك في سنة ستين