الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ شهاب الدين بن حمائل
651 -
737هـ - 1253 - 1337م أحمد بن محمد بن سليمان بن حمائل بن علي بن معلِّي بن طريف، الشيخ شهاب الدين، سبط القدوة غانم.
قال القاضي صلاح الدين بن أيبك: إمام كاتب مترسل نديم أخباري، يتفيهق في كلامه وإنشائه، ويطول نفسه في إنشائه، ويستحضر في اللغة كثيراً، ومن شعر المعري كثيراً، خصوصاً لزوم ما لا يلزم وزهدياته، وباشر الإنشاء بصفد وغزة وقلعة الروم فيما أظن، وفي كل مكان له وقائع مع نواب لك البلد، ويخرج هارباً، وكتب قدام الصاحب شمس الدين غبريال، فاتفق أن هرب مملوك الأمير شهاب الدين قرطاي فظفر به الصاحب، وأمره أن يكتب عَلَى يديه إلى مخدومه يقول فيه إنما هرب خوفاً منك، فكتب الكتاب وجاء في هذا المعنى المقصود فقال: وإذا خشن المقر حسن المفر، فلما وقف الصاحب عَلَى ذَلِكَ أنكر هذا، وقال: ما هذه مليحة، فطار عقل شهاب الدين المذكور لأنه ظن أن ذَلِكَ يصادف موقعاً يهش له ويزهوه، فضرب الدواة في الأرض وقال ما أنا ملزوم
بالغلف القلف، وخرج متوجهاً إلى اليمن، وكتب لصاحبها ثم خرج منها هارباً.
وشهاب الدين رحمه الله إنما أخذ هذا من قول الشاعر:
تجنبت الأباعد والأداني
…
لكثرة ما يعاودني أذاهم
إذا خشن المقر لدى أناس
…
فقد حسن المفر إلى سواهم
وكان خشن الملبس، شظف العيش، مطرح الكلفة يلبس البابوج الذي تلبسه الصوفية، ويلف الطول المقفص الإسكندراني، والقماش القصير، وكان حلو المعاشرة، ألف به القاضي فخر الدين ناظر الجيش واستكتبه في باب السلطان، ولما توفي فخر الدين رجع إلى الشام كاتب إنشاء، واختلط قبل موته بسنتين.
وكان مولده قبل مولد أخيه علاي الدين بشهور سنة إحدى وخمسين وستمائة تقريباً بمكة، ووفاته بعد أخيه بشهور سنة سبع وثلاثين وسبعمائة، وكان يقول: دائماً زاحمني أخي علي في كل شيء حَتَّى في لبن أمي.
ومات وله ست وثمانون سنة تقريباً، سمع من ابن عبد الدايم، وقرأ عَلَى ابن مالك وعرض عليه العمدة، وبعده عَلَى ولده بدر الدين، وعلى مجد الدين بن ظهير الأربلي، وخرج له البرزالي مشيخة منهم: ابن أبي اليسر، وأيوب الحمامي، والزين خالد، وعبد الله بن يحيى بن البانياسي، محمد بن النشبي، ويحيى بن الناصح.
وكان إذا أنشأ أطال فكره، ونتف شعر ذقنه ووضعه في فمه وقرضه ثناياه، أنشدني من لفظه لنفسه:
والله ما أدعو عَلَى هاجري
…
إِلَاّ بأن يُمْحَن بالعشق
حَتَّى يرى مقدار ما قد جرى
…
منه وما قد تمّ في حقي
وأنشدني أيضاً:
بأبي صائغ مليح التثني
…
بقوام يزري بغصْن البان
امسك الكلبتين يا صاح فاعجبْ
…
لغزال بكفِّه كلبتان
وأنشدني الإمام العلامة أثير الدين أبو حيان من لفظه، قال أنشدني المذكور لنفسه:
طرْفك هذا به فتور
…
أضحى لقلبي بِهِ فُتُون
قد كنت لولاه في أمان
…
لله ما تفعل العيون
وكان ليلة في استماع، فرقصوا ثم جلسوا، فقام من بينهم شخص وطال الحال في استماعه، وزاد الأمر، فظل شهاب الدين ساكناً مطرقاً، فقال له شخص: إيش بك مطرق كأنما يوحى إِلَيْكَ؟! فقال نعم " قل أوحى إلى أنه استمع نفر من الجن ".
وكان يوماً عند صاحب حماه الملك المنصور، وقد حضر السماط، وكان أكثره مرقاً، فلما وضع، قال شهاب الدين لما قيل الصلاة: نعم، بسم الله