المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الملك المؤيد صاحب حماه - المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي - جـ ٢

[ابن تغري بردي]

فهرس الكتاب

- ‌قاضي القضاة شهاب الدين بن حجر

- ‌الأمير شهاب الدين أحمد بن إينال

- ‌قاضي القضاة شرف الدين ابن أبي العز الحنفي

- ‌القاضي شهاب الدين بن فضل الله

- ‌قاضي القضاة ابن أبي الرضا

- ‌أبو العباس المرسي

- ‌أبو العباس الأنصاري

- ‌قاضي القضاة أبو العباس القرشي

- ‌ابن الزين والي القاهرة

- ‌الشاب التائب

- ‌الشيخ بدر الدين الطنبدي

- ‌ابن قطينة

- ‌ابن الضياء القليوبي

- ‌قاضي القضاة عماد الدين الكركي الشافعي

- ‌الملك الصالح صاحب عينتاب

- ‌ابن شير التركماني المحدث

- ‌ابن غنائم المكي الشاعر

- ‌أبو العباس اللخمي الإمام الحافظ

- ‌الحرازي الشافعي المكي

- ‌أبو شجاع الإربلي، الأمير ركن الدين

- ‌الأمير شهاب الدين الغزي

- ‌كندغدي، الفقيه الحنفي

- ‌ابن ملِّي الأنصاري البعلبكي المحدث

- ‌عماد الدين بن سرور المسند أبو العباس المقدسي

- ‌الفار الشطرنجي

- ‌صفي الدين أبو العباس الطبري

- ‌كتاكت الواعظ المقرئ

- ‌ابن الشريشي أبو العباس البكري

- ‌الخليفة المستنصر بالله

- ‌ابن القرداح الواعظ

- ‌الخليفة الحاكم بأمر الله

- ‌ابن الرفعة

- ‌زين الدين الطبري المكي

- ‌المسند عماد الدين بن مفلح المقدسي

- ‌قاضي القضاة محدب الدين النويري الشافعي

- ‌ابن الناصح المصري

- ‌شهاب الدين بن البرهان

- ‌قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان البرمكي صاحب وفيات الأعيان

- ‌ابن صدقة الحلبي الأديب الشاعر

- ‌قاضي القضاة نجم الدين بن صصرى

- ‌شهاب الدين نقيب الأشراف بحلب

- ‌العلامة الشيخ تقي الدين الشُّمُنيّ

- ‌أبو العباس صاحب أفريقية وتونس

- ‌شهاب الدين المكي الطبري الشافعي

- ‌ابن وفا

- ‌تاج الدين الحنفي، قاضي بغداد من ذرية أبي حنيفة رضي الله عنه

- ‌الشيخ شهاب الدين الأشموني النحوي

- ‌الشيخ شهاب الدين بن حمائل

- ‌أبو العباس بن حازم الأذرعي

- ‌ابن الحلبي نقيب الأشراف

- ‌ابن عطاء الله الإسكندري

- ‌أحمد الحلبي الحنفي

- ‌شمس الدين العقبلي الأنصاري

- ‌أحمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌القاضي شهاب الدين بن مكنون الدمياطي

- ‌أبو الطيب الفقيه الحلبي

- ‌بدر الدين بن حنا

- ‌ابن المهماندار

- ‌ابن عربشاه

- ‌علم الدين الأخنائي

- ‌قاضي القضاة شهاب الدين بن المحمرة

- ‌السامري واقف السامرية بدمشق

- ‌شهاب الدين الأموي المالكي

- ‌ابنِ الطبلاوي

- ‌أبو العباس الصالحي العطار

- ‌قاضي القضاة ناصر الدين التَّنْسي

- ‌الوزير نصير الدين البغدادي

- ‌ابن طراد النحوي الحجازي

- ‌أبو بكر الكردي الدشتي الحنبلي

- ‌السلطان الملك الناصر أحمد

- ‌القاضي نجم الدين القمولي

- ‌أبو الطيب الحلاوي الشاعر

- ‌العلاء السيرامي الحنفي

- ‌ابن العطار الدوادار

- ‌ابن العطار المصري الشاعر الأديب

- ‌ابن الضياء الحنفي، قاضي مكة

- ‌الفقيه شمس الدين الأرمنتي

- ‌ابن القلانسي التميمي الدمشقي

- ‌ابن منير الجذامي الحروي الإسكندري

- ‌شهاب الدين الربعي الكركي

- ‌ابن البققي

- ‌ابن الحاجبي المصري

- ‌الشهاب الحجازي

- ‌نظام الدين الحصيري

- ‌ابن العطار

- ‌صدر الدين بن العجمي

- ‌قاضي القضاة ابن الكشك الحنفي

- ‌ابن أبي عمارة البجائي المغربي

- ‌ابن علان القيسي

- ‌القاضي برهان الدين صاحب سيواس

- ‌ابن جبَّاس الدمياطي الصوفي

- ‌أمير آل فضل أمير العرب

- ‌القاضي شهاب الدين المتبولي الشافعي

- ‌شهاب الدين بن يغمور

- ‌شهاب الدين العنتابي الحنفي

- ‌الزاهد أبو العباس الزرعي

- ‌عز الدين بن قرصة

- ‌شهاب الدين بن الوكيل

- ‌أحمد بن موسى الحنفي

- ‌الشريف برهان الدين الحسيني

- ‌قاضي القضاة شهاب الدين الباعوني

- ‌قاضي القضاة موفق الدين الحنبلي

- ‌أحمد بن نصر الله بن باتكين المصري

- ‌قاضي القضاة محب الدين البغدادي الحنبلي

- ‌الحجار المحدث الرحلة

- ‌شاد الأغنام

- ‌موفق الدين بن أبي الحديد

- ‌شرف الدين بن عساكر

- ‌ملك التتار

- ‌ابن الزكي القرشي الدمشقي

- ‌ابن سني الدولة

- ‌ابن أبي حَجْلة

- ‌القاضي شهاب الدين بن فضل الله

- ‌ابن مخلوف

- ‌الأديب شمس الدين أبو الفضل الطيبي

- ‌ابن يلبغا العمري

- ‌أبو جعفر الرُّعَيْني

- ‌ابن الزعيفرينى

- ‌شهاب الدين بن خطيب الموصل

- ‌ابن الصاحب علم الدين

- ‌الطبيب شهاب الدين الصفدي

- ‌الشيخ كمال الدين الفاضلي

- ‌شمس الدين الطيبي

- ‌الشيخ عماد الدين أبو نصر الحسني

- ‌المهندس شهاب الدين الطولوني

- ‌باب الألف والدال المهملة

- ‌الأمير عماد الدين الحسني

- ‌الشيخ أبو غانم العبدري الشَّيبي

- ‌الشريف الحسني

- ‌باب الألف والراء المهملة

- ‌الأمير سيف الدين الفتاح

- ‌أربكون

- ‌الأمير سيف الدين أرتمش

- ‌أرتنا

- ‌الأمير أرجواش

- ‌أردبغا العثماني

- ‌أربغا الظاهري

- ‌أرسطاي الظاهري

- ‌أسد الدين أرسلان

- ‌الملك المعظم ركن الدين أرسلان

- ‌أرسلان الداوادار

- ‌أرغون شاه البيدمري

- ‌أرغون شاه من تمرباي الأشرفي

- ‌أرغون شاه الناصري

- ‌أرغون البشبغاوي

- ‌ملك التتار

- ‌أرغون شاه السيفي تغري بردى

- ‌أرغون الطشتمري

- ‌أرغون الأشرفي

- ‌أرغون شاه العزي الأفرم

- ‌أرغون شاه الناصري

- ‌أرغون الكاملي الصغير

- ‌أرغون شاه الإراهيمي

- ‌أرغون شاه النوروزي

- ‌أرقطاي نائب حلب

- ‌أركماس الظاهري الدوادار

- ‌الجلباني نائب طرابلس

- ‌النوروزي الجاموس

- ‌أركماس المؤيدي الأشقر

- ‌اليشبكي الجاموس

- ‌أرنبغا الناصري

- ‌أرنبغا الظاهري

- ‌الناصري رأس نوبة

- ‌باب الألف والزاي

- ‌أزبك الدوادار

- ‌أزبك الحموي

- ‌أزبك خاص خرجي

- ‌أزبك الحلبي العزي

- ‌أزبك الرمضاني

- ‌أزبك خان

- ‌أزبك حُجا

- ‌أزبك الساقي

- ‌أزدمر العلائي

- ‌الحاج أزدمر الجمدار

- ‌أزدمر أخو إينال اليوسفي

- ‌أزدمر الناصري

- ‌أزدمر شيا

- ‌باب الألف والسين المهملة

- ‌صفي الدين الشقراوي

- ‌الشيخ أبو إبراهيم الغرناطي الطوسي

- ‌المحدث نجم الدين أبو محمد السنجاري

- ‌كمال الدين أبو الفضل الأسدي

- ‌كمال الدين المعري الشافعي

- ‌كرز الدين الديلمي البويهي

- ‌الشيخ عفيف الدين الحموي

- ‌ملك الحبشة إسحاق الحطي

- ‌شيخ الشيوخ اسحق بن عاصم

- ‌الشيخ نجم الدين أبو طاهر

- ‌الملك المجاهد صاحب الجزيرة

- ‌الإمام المسند عفيف الدين الأموي

- ‌الشيخ الخالدي

- ‌العلامة مجد الدين النشابي

- ‌الشيخ صدر الدين أبو الفتح التنوخي

- ‌أسعد بن السديد

- ‌الشيخ وجيه الدين أبو المعالي التنوخي

- ‌الملك اسكندر سلطان شيراز

- ‌ابن قرا يوسف

- ‌أبو الطاهر القرشي المخزومي

- ‌الزاهد علم الدين المنفلوطي

- ‌ابن الحكيم

- ‌ابن فلوس النميري المارديني

- ‌قاضي القضاة مجد الدين الكناني الحنفي

- ‌ابن الخباز

- ‌مسند الشام تقي الدين التنوخي

- ‌ابن المقرئ اليماني

- ‌أبو الطاهر القوصي

- ‌عماد الدين بن الأثير الحلبي

- ‌تاج الدين إسماعيل بن خليل

- ‌عماد الدين بن الزمكحل الناسخ

- ‌إسماعيل بن الأشرف شعبان

- ‌إسماعيل بن شيركوه صاحب حمص

- ‌أبو طاهر الكناني المحدث

- ‌الملك الأشرف صاحب اليمن

- ‌الأمام فخر الدين الأسنائي

- ‌ابن المعلم رشيد الدين أبو الفضل التيمائي

- ‌الملك المؤيد صاحب حماه

- ‌ابن عز القضاة

- ‌العلامة تقي الدين القلقشندي شيخ الصلاحية

- ‌الشيخ مجد الدين البرماوي

- ‌ابن الطبال

- ‌ابن المبارز

- ‌ابن قرناص الحموي

- ‌الحافظ المفسر المؤرخ ابن كثير

- ‌السلطان أبو الوليد صاحب الأندلس

- ‌إسماعيل بن لؤلؤ صاحب الموصل

- ‌تاج الدين الهواري شيخ العربان

- ‌الملك الصالح صاحب بعلبك

- ‌مجد الدين الحراني الحنبلي

- ‌عماد الدين بن القيسراني

- ‌قاضي القضاة عماد الدين بن أبو العز الحنفي

- ‌الملك الصالح سلطان مصر

- ‌الشيخ الصالح أبو محمد الكوراني

- ‌المحدث نفيس الدين الحراني الدمشقي

- ‌ابن العديم هبة الله

- ‌ابن سليم السويدي الدمشقي

- ‌الشيخ إسماعيل الأنبابي المعتقد

- ‌إسماعيل الزنديق

- ‌أسنباي الزرد كاش

- ‌أسنباي الساقي

- ‌أسنبغا البكري

- ‌أسنبغا المحمودي

- ‌أسنبغا الطياري

- ‌أسندمر الناصري الأتابك

- ‌أسندمر الكرجي نائب حلب

- ‌أسندمر العمري

- ‌أسندمر اليونسي

- ‌أسندمر النوري

- ‌أسندمر الجقمقي

- ‌باب الألف والشين المعجمة

- ‌إشقتمر الناصري

- ‌الأشكري صاحب القسطنطينية

- ‌باب الألف والصاد المهملة

- ‌أصلم الردادي

- ‌أصلم الناصري

- ‌باب الألف والعين المهملة

- ‌السلطان غياث الدين صاحب بنجالة

- ‌باب الألف والغين المعجمة

- ‌أغزلو بن عبد الله

- ‌أغزلو نائب دمشق

- ‌باب الألف والقاف

- ‌إقبال المستنصري الشرابي

- ‌أقباي الحاجب

- ‌آقباي الكركي المعروف بطاز

- ‌آقباي المؤيدي نائب دمشق

- ‌آقباي اليشبكي نائب الإسكندرية

- ‌آقبغا الهذباني الأطروشي

- ‌آقبغا اليلبغاوي الجوهري

- ‌آقبغا التمرازي نائب الشام

- ‌آقبغا صاحب الأقبغاوية بجوار الجامع الأزهر

- ‌آقبغا الطواوتمري الظاهري اللكاش

- ‌آقبغا المارداني

- ‌آقبغا شيطان

- ‌آقبغا الجمالي الاستادار

- ‌آقبغا التركماني

- ‌آقبردي المؤيدي المنقار

- ‌آقبردي القجماسي نائب غزة

- ‌آقلردي المظفري

- ‌آقبردي الأشرفي الأمير أخوز

- ‌آقبردي منتو

- ‌آق بلاط الدمرداشي

- ‌آق تمر نائب السلطنة بمصر ثم دمشق

- ‌آقتمر عبد الغني

- ‌آقجبا الحموي

- ‌آق سنقر النجمي الفارقاني

- ‌آق سنقر الناصري

- ‌آق سنقر السلاري نائب السلطنة بمصر

- ‌آق سنقر الأشرفي الحاجبي

- ‌أقطاجي ابن بنت نوغيه ملك التتار

- ‌آقطاي الجمدار النجمي الصالحي

- ‌آقطاي الأتابكي النجمي الصالحي

- ‌آقطوان الكمالي

- ‌آقطوان المهمندار

الفصل: ‌الملك المؤيد صاحب حماه

‌الملك المؤيد صاحب حماه

672 -

732هـ - 1273 - 1331م إسماعيل بن علي بن محمد بن محمود بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب بن شادي، الملك المؤيد عماد الدين أبو الفدا صاحب حماه، ابن الملك الأفضل بن الملك المنصور ابن الملك المظفر بن الملك المنصور.

ولد في جمادى الأولى سنة اثنتين وسبعين وستمائة، وحفظ القرآن العزيز وعدة كتب، وبرع في الفقه والأصول والعربية والتاريخ والأدب، وصار من جملة أمراء دمشق إلى أن كان الملك الناصر محمد بن قلاوون بالكرك في آخر مرة، خدمه المذكور وهو بدمشق، وبالغ في خدمته إلى أن وعده الملك الناصر محمد بسلطنة حماه، ووفي له بما وعده لما عاد إلى ملكه، وأعطاه حماه بعد الأمير أسندمر لما نقل إلى نيابة حلب بعد موت نائبها الأمير قبجق، وجعله صاحب حماه وسلطانها، يفعل فيها ما يشاء، ليس لأحد منعه كلام،

ص: 399

ولا يرد عليه مرسوم من القاهرة بأمر ولا نهي، وتوجه من دمشق إلى القاهرة بسبب سلطنة حماه، فأكرمه الملك الناصر محمد بن قلاوون، وأركبه بشعار السلطنة، ومشى الأمراء والأكابر في خدمته، حَتَّى مشى الأمير أرغون النائب بالديار المصرية، وقام له الملك الناصر بكل ما يحتاج إليه من التشريف والإنعامات عَلَى وجوه الدولة والخيول بالقماش بالذهب وغير ذَلِكَ، ولقبه بالملك الصالح، وأمره بالتوجه إلى محل سلطنته بحماه، فخرج إليها من ديار مصر بتجمل زائد وعظمة عَلَى عادة الملوك، فوصلها في جمادى الآخرة سنة عشر وسبعمائة، ثم عن قليل غير السلطان لقبه ولقبه بالملك المؤيد، وذلك لما حج معه في سنة تسع عشرة وسبعمائة، وعاد معه إلى القاهرة، وأذن له أن يخطب باسمه بحماه وأعمالها، عَلَى ما كان عليه سلفه من ملوك حماه.

وكان الملك المؤيد في كل قليل يتوجه من حماه إلى القاهرة، ومعه أنواع الهدايا والتحف للملك الناصر محمد بن قلاوون، ويعود إلى محل سلطنته، ثم في كل قليل يتحف الملك الناصر بالأشياء الطريفة الغريبة، ثم رسم الملك الناصر لنواب البلاد الشامية بأن يكتبوا له: يقبل الأرض، فصار الأمير تنكز نائب الشام يكتب له: يقبل الأرض، وبالمقام الشريف العالي المولوي السلطاني العمادي الملكي المؤيدي، وفي العنوان صاحب حماه، ويكتب السلطان له أخوه محمد بن قلاوون، أعز الله أنصار المقام الشريف العالي السلطاني الملكي المؤيدي العمادي بلا مولوي.

ولم يزل المذكور بحماه مكباً عَلَى الاشتغال والتصنيف وحضرته محط رجال أهل العلم من كل فن، ومنزلاً للشعراء والفضلاء، عَلَى أنه

ص: 400

هو إمام بارع مفنن، ماهر في الفقه والتفسير والأصلين والنحو والتاريخ وعلم الميقات والفلسفة والمنطق والطب، مع الاعتقاد الصحيح، والعروض والأدب والنظم والنثر، وكان للشعراء به سوق نافق.

وذكره الشيخ جمال الدين الإسنوي في طبقاته، وقال: اتفق قدومه إلى الديار المصرية في بعض السنين، واستدعاني إلى مجلسه عَلَى لسان الشيخ زين الدين ابن القويع فحضرت معه وصحبتنا الصلاح بن البرهان الطبيب المشهور، فوقع الكلام اتفاقا في عدة علوم فتكلم فيها كلاماً محققاً، وشاركناه في ذَلِكَ، ثم انتقل الكلام إلى علم النباتات والحشائش، فكلما وقع ذكر نبات صفته الدالة عليه، والأرض التي ينبت فيها، والمنفعة التي فيه، في استطراد في ذَلِكَ استطراداً عجيباً، وهذا الفن الخاص هو الذي كان يتبجح بمعرفته الطبيبان الحاضران وهما ابن القويع وابن البرهان، فإن أكثر الأطباء لا يدرون ذَلِكَ، فلما خرجا تعجبا إلى الغاية، وقال الشيخ زين الدين: ما أعلم أن ملكاً من ملوك المسلمين وصل إلى هذا العلم انتهى.

وقال الصلاح الصفدي: وكان الملك المؤيد فيه مكارم وفضيلة تامة، مع فقه وطب وحكمة وغير ذَلِكَ، وكان أجود ما يعرفه الهيئة لأنه أتقنه، وإن كان قد شارك مشاركة جيدة، انتهى باختصار.

قلت: وكان مع غزير علمه يميل إلى الشعر ميلاً زائداً، ويجيز عليه الجوائز السنية، وكان الأديب جمال الدين محمد بن نباته مقيماً عنده بحماه، وله عليه رواتب تكفيه، وله فيه غرر مدائح منها:

ص: 401

أقسمتُ ما الملك المؤيَّد في الورى

إلا الحقيقةُ والكرام مَجَاز

هو كَعْبَةً للفضل ما بين النَّدى

منها وبين الطالبين حِجاز

وله فيه وقد توعك بدنه:

يا جوهر الفضل إن عُدَّت فرائده

حاشا لجسمك أن يشكو من العرض

لا رد سهمك عن لحظ العداة ولا

نالوا من السهم ما نالوا من الغرض

صحَّت بصحَّتك الدنيا فليس بها

غير الذي في جفون الغيد من مرض

وفيه يقول العلامة شهاب الدين محمود من قصيدة:

لله نشر عاطر فاح من

وادي حماه المشتهي خير واد

أضحت وقد شيد أرجاءها

المولى عماد الدين ذات العماد

حمى حماها بأسه والندى

فأهله من عدله في مهاد

وفيه يقول الأديب الشيخ جمال الدين بن نباته جواباً لمكاتبة:

فديتك من ملك يكاتب عبده

بأحرفه اللاتي حكتها الكواكب

ملكت بها رقى وأنحلني الأسا

فها أنذا عبد رقيق مكاتب

ص: 402

وكان له نظم ونثر وتصانيف كثيرة منها تاريخه المسمى بالمختصر في تاريخ البشر، ومنها نظم الحاوي في الفقه، وكتاب الكناس مجلدات كثيرة، وكتاب تقويم البلدان هذبه وجدوله، وكتاب الموازين وهو صغير.

ومن الغريب أنه كان يقول ما أظن أني أستكمل الستين سنة من العمر فما في أهلي، يعني بيت تقي الدين، من استكملها، فمات في أوائل الستين بتربته التي أنشأها بحماه.

وكان ملكاً عالماً، عادلاً سخياً جواد، ممدحاً، عاقلاً ديناً خيراً، ذا رأي وتدبير ومعرفة سياسة مع الحلم والرئاسة، صاحب معروف وصدقات، ذكياً فاضلاً، ذا همة عالية، ونفس زكية، محباً لأهل العلم والخير، كثير الإكرام لهم، يعطي العطايا الجزيلة، ويجيز عَلَى المدائح بالجوائز السنية.

ورثاه شاعره الشيخ جمال الدين أبو بكر محمد بن نباته المصري بعدة مرائي من ذَلِكَ مرثيته المشهورة التي أولها:

ما للنَّدي ما يلبَّي صوتَ داعية

أظنُّ أنَّ ابن شادي قام ناعيه

ما للرَّجاء قد اشتدَّت مذاهُبه

ما للزمان قد اسودَّتْ نَواحيه

مالي أرى المُلْك قد فُضَّت مواقفه

مالي أرى الوقد قد فاضت أماقيه

ص: 403

نغى المؤيَّد ناعيه فوا أسَفَا

للغْيث كيف غَدَتْ عنَّا غَوادَيه:

واروعتا لصباح من رزيته

أظن أن صباح الحشر ثانيه

واحسرتاه لنظمي في مدائحه

كيف استحال لنظمي في مراثيه

أبكيه بالدُّر من دمعي ومن كلمي

والبحرُ أحسن ما بالدُّر أبكيه

أروي بدمْعي ثرى ملْك له شيم

قد كان يذكرها الصَّادي فترويه

أزيل ماء جفوني بعده أسفا

لماءِ وجْهي الذي قد كان يحْميه

جار من الدَّمع لا ينْفَكُّ يُطلقه

من كان يطلق بالإنعام جاريه

ومهجة كلَّما فاهت بَلْوعتها

قالت رزيَّة مولاها لها إيه

ليت المؤيد لا زادت عوارفُه

فزاد قلبي المُعَنَّي من تَلَظَّيه

ليت الأصاغر يفدي الأكبرون بها

فكانت الشُّهب في الآفاق تَفْديه

والقصيدة تزيد عَلَى خمسين بيتاً.

ومما اختاره الشيخ صلاح الدين منها في تاريخه ما خلال مطلع القصيدة والثاني والثالث قال ومنها:

هل لا بغير عماد البيت حادثة

ألفت ذُراه وأوهت من مبانيه

هل لأثني الدهر غَرْبا عن محاسنه

فكان كوكب شرقٍ في لياليه

ومنها:

كان المديح له عرش بدولته

فأحسن الله للشعر العزا فيه

يا آل أيوب صبرا إنَّ إرثكم

من اسم أيوب صبر كان ينجيه

هي المنايا عَلَى الأقوام دائرة

كل سيأتيه منها دور ساقية

ص: 404

ومنها يخاطب ابنه:

ومن أبيك تعلمت الثناء فما

نحتاج نذكر أمراً أنت تدريه

لا تخش بيتك أن يلوي الزمان به

فإن للبيت ربَّا سوف يحميه

انتهى ما أورده الصلاح الصفدي.

ورثاه ابن نباته بمرثية أخرى، أولها:

ألا في سبيل الله فضل عزائم

وعلم غدا في باطن الترب مغمدا

ومن شعره عفا الله عنه في مليح اسمه حمزة:

اسم الذي أنا أهواه وأعشقه

ومَنْ أعِّوذُ قلبي من تجنِّيه

تصحيفُه في فؤادي لم يزل أبدّا

وفوق وجْنته أيضا وفي فيه

وله أيضاً:

سرى مسرى الصّبا فعجبت منه

من الهجران كيف صبا إليَّا

وكيف ألمّ بي من غير وعد

وفارقني ولم يعطف عليّا

أنشدني القاضي عبد الرحيم بن الفرات إجازة، قال أنشدني الصلاح الصفدي إجازة، قال أنشدني محمد بن نباته شاعره، قال أنشدني معز الدين

ص: 405

محمود بن حماد الحموي كاتب السر بحماه لمخدومه السلطان الملك المؤيد ونحن بين يديه وهو أحسن ما سمعته في معناه:

أحسن به طرفا أفوت به القضا

إن رمته في مطلب أو مهرب

مثل الغزالة ما بدت في مشرق

إلا بدت أنوارها في المغرب

قال: وأنشدني له هذا الموشح أيضاً:

أوقعني العمر في لعلّ وهل

ياويح مَنْ عمره مضى بلعل

والشيب وافي وعنده نزلا

وفرّ منه الشباب وارتحلا

ما أوقح الشّيب الآتي

إذ حلّ لا عن مرضاتي

قد أضعفتني السنون لا زمني

وخانني نقص قوة البدن

لكن هوى القلب ليس ينتقص

وفيه مع ذا من جرحه غصص

يهوى جميع اللذات

كما له من عادات

يا عاذلي لا تطل ملامك لي

فإن سمعي نأي عن العذل

وليس يجدي الملام والفَنَدُ

في من صبابات عشقه جُدُد

دعني أنا في صبواتي

أنت البريء من ذلاتي

كم سرني الدهر غير مقتصر

بالكاس والغانيات والوتر

نمرح في طيب عيشنا الرغد

طَرْفي وروحي وسائر الجسد

ص: 406

وكم صفت لي خطراتي

وطاوعتني أوقاتي

مضى رسولي إلى معذّبتي

وعاد في بهجة مجدَّدة

وقال: قالت تعالي في عجل

لمنزلي قبل أن يجيء رجلي

واصعد وجز من طاقاتي

ولا تخف من جاراتي

قال الصفدي وهذه الموشحة جيدة في بابها منيعة عَلَى طلابها، وقد عارض بوزنها موشحة لابن سناء الملك، رحمه الله تعالى، أولها:

عسى ويا قلما نفيد عسى

أرى لنفسي من الهوى نفسا

مذ بان عني من قد كلفت به

قلبي قد لجّ في تقلّبه

وبي أذى، شوق عاتي

ومدمعي يومٌ شات

لا أترك اللهو والهوى أبدا

وإن أطلت الغرام والفندا

أن شئت فاعذل فلست أستمح

أنا الذي في الغرام أتبع

وتحتذي صباباتي

وبدعي وعاداتي

بي ملك في الجمال لا بشر

يُظْلم إن قيل إنّه قمر

يحسن فيه الولوع والوله

وعزُّ قلبي في أن اذلّ له

خدّي حذا إن يأتي

ويرتعي حشاشاتي

لست أذم الزمان متدياً

كم قد قطعت الزمان ملتهياً

وظلت في نعمة وفي نعم

يلتذ سمعي وناظري وفمي

ص: 407