الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبو الطيب الحلاوي الشاعر
603 -
656هـ - 1207 - 1258م أحمد بن محمد بن أبي الوفا بن خطاب بن محمد بن الهزبر، الإمام الأديب الشاعر شرف الدين أبو الطيب الربعي الموصلي الجندي، المعروف بابن الحلاوي.
ولد سنة ثلاث وستمائة، واشتغل ومهر في الأدب، وقال الشعر الجيد الفائق، ومدح الخلفاء والملوك والأكابر، وكان بخدمة بدر الدين لولو صاحب الموصل، روى عنه الحافظ شرف الدين الدمياطي وغيره، وكان فيه لطف وحسن عشرة، وخفة روح، وله القصائد الطنانة التي رواها الدمياطي عنه في معجمه.
أنشدنا تقي الدين المقريزي إجازة، قال: أنشدنا شرف الدين الحراوي إجازة، أنشدنا الحافظ شرف الدين الدمياطي إجازة، أنشدنا شرف الدين أبو الطيب بن الحلاوي لنفسه إجازة إن لم يكن سماعاً.
حَكاهُ من الغُصْن الرّطيب وريقُهُ
…
وما الخمرُ إِلَاّ وجْنتاه وريقُه
هلالٌ ولكنْ أفْق قلْبي محلُّه
…
غزالٌ ولكنْ سفْح عيْني عقيقهُ
وأَسْمر يحكى الأسمر الّلدْن قَدُّه
…
غَدا راشِقاً قلبَ المحب رشيقه
عَلَى خَدِّه جمْر من الحسن مضْرم
…
يُشبُّ ولكن في فؤادي حريقُه
أَقَرّ له من كلِّ حسنٍ جليلُه
…
ووافقهُ من كل معنى دقيقُه
بديْع التّثنِّي راح قلبي أَسيرَه
…
عَلَى أن دمعي في الغرام طليقُه
عَلَى سَالِفَيْه للعذَار جريرة
…
وفي شفتيه للسُّلاف عتيقُه
يهدِّد منه الطرف منْ ليس خَصْمه
…
ويُسْكر منه الرِّيق مَنْ لا يذوقه
عَلَى مثله يسْتحْسن الصّبُ هتْكَه
…
وفي حُبِّه يجفو الصديقَ صديقُه
من التّرْك لا يُصبه وجْدْ إلى الحمى
…
ولا ذكر بانات الغُوَيْر نَشُوقُه
ولا حَلّ في حيِّ تلوحُ قِبابُهُ
…
ولا سار في ركْب يُساق وسِيقه
ولا بات صبّاً بالفريق وأهلِه
…
ولكن إلى خاقان يُعْزى فريقُه
له مبْسم يُنْسى المدام بَريقه
…
ويُخْجل نَوّار الأقاحِ بريقُه
تداويت من حر الغرام ببرده
…
فأُضْرم من حرّ الحريق رحيقُهُ
إذا خفَق البرقُ اليمانيِّ مَوهِناً
…
تذكّرته فاعْتاد قلبي خُفُوقه
حَكَى وجهُهُ بَدْر السماء فلو بدا
…
مع البدر قال الناس هذا شقيقُهُ
وافى خيالاً حين وافى خيالَه
…
فأطرق في فرطِ الحياء طَروقُهُ
فأَشبهت منه الخصْر سقماً فقد غدا
…
يُحَمِّلني كالخصر ما لا أَطيقُه
فما بال قلبي كل حب يهيجه
…
وحتّام طرفي كلُّ حسن يروقه
فهذا ليوم البين لم تطْف ناره
…
وهذا لبعد البعد ما جف موقه
ولله قلبي ما أشدّ عفافه
…
وإن كان طرفي مستمراً فسوقه
فما فاز إِلَاّ من يبيت صبوحه
…
شراب ثناياه ومنها غبوقه
قلت وكان السلطان بدر الدين لولو المذكور في أول أمره لا ينادم شرف الدين هذا ولا يحضر مجلسه، وإنما كان ينشده أيام المواسم والأعياد إلى " أن رآه في بعض الأيام في الصحراء وهو في روضة معشبه وبين يديه برذون له مريض يرعى، فجاء الأمير إِلَيْهِ ووقف عنده وقال لشرف الدين هذا، ما لي أرى هذا البرذون
ضعيفاً، فقام وقبل الأرض وقال: يا مولانا السلطان، حاله مثل حالي، وما تخلفت عنه في شيء، يدي بيده في كل رزق يرزقنا الله، فقال له: هل عملت في برذونك هذا شيئاً؟ قال: نعم وأنشد بديهاً:
أصبح برذوني المرقَّع بالل
…
صقات في حسرة يكابدها
رأى حمير الشَّعير عابرة
…
عليه يوماً فظل يُنْشدها
" قفا قليلاً بها عليَّ فلا
…
أَقلَّ من نظرة أُزَوِّدها
فأعجب السلطان بدر الدين بديهته، وأمر له بخمسين ديناراً، وخمسين مكوكاً من شعير، وقال له: هذه الدنانير لك، وهذا الشعير لبرذونك، ثم أمره بملازمة مجلسه كسائر الندماء، ولم يزل يترقى عنده إلى أن صار لا يصبر عنه.
ومن شعره أيضاً:
أأبقى من خدودك في جحيم
…
وثغْرك كالصِّراط المستقيم
وأسهرني لديك رقيمُ خدِّ
…
فواعجباً أأسهر بالرَّقيم
وله أيضاً يمدح الملك الناصر داود صاحب الكرك:
أحيا بموعْده قتيلَ وعيدِه
…
رَشَأُ يشوب وصاله بصدوده
قمر يفوق عَلَى الغزالة وجْهه
…
وعلى الغزال بمقلتيه وجيده
يا ليْته يعد الهلاك فإنَّه
…
ما زال ذا لهج بخلف وعوده
قال الصلاح الصفدي، ومن شعر الحلاوي قوله:
في خدها روضة إذا رُعِيتْ
…
باللحظ راحت بطرفها تُحْمى
بقامة تلْتوي وناظرها
…
يدْمى البرايا ووجْنة تدمى
كأَنَّما الرِّدف خلفها أُجَأٌ
…
كيف استقلَّت بحمله سلْمى