الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وابن الصلاح، والضياء، وتفرد وروى الكثير، وَكَانَ يتعزز بالرواية ويطلب، ونسخ عدة أجزاء لنفسه، وحدث بمسند الطيالسي، ورتب مسمعاً بالدار الأشرفية، ومعلماً بمكتب الطواشي ظهير الدين، وأكثر عنه الطلبة، وخرج لَهُ الحافظ علم الدين البرزالي مشيخة، توفي سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، رحمه الله تعالى.
السلطان الملك الناصر أحمد
...... - 745هـ -...... - 1344م أحمد بن محمد بن قلاوون، السلطان الملك الناصر ناصر الدين بن السلطان الملك الناصر أبي المعالي محمد بن السلطان الملك المنصور قلاوون الألفي الصالحي.
تسلطن بعد خلع أخيه الأشرف كجك فِي يوم الاثنين عاشر شوّال سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، بعد أن وقع لَهُ أمور وحوادث، وهو أن والده الملك الناصر محمد بن قلاوون كَانَ قَدْ أخرجه إِلَى الكرك وهو صغير لَمْ يبلغ العشر سنين، وَكَانَ
الناصر أحمد هَذَا أحسن إخوته وجهاً وشكلاً، وَكَانَ صاحب " بأس وقوة مفرطة، وعنده شهامة، وكان نائب " الكرك إذ ذَاكَ الأمير سيف الدين ملكتمر السرجواني، ثُمَّ جهز إِلَيْهِ أبوه أخويه إبراهيم وأبا بكر المنصور فأقاموا الجميع بالكرك إِلَى أن ترعرعوا وطلبهم والدهم الملك الناصر محمد إِلَى القاهرة فرآهم، وأعاد الناصر هَذَا إِلَى الكرك، ونزل إبراهيم وأبا بكر عنده بالقلعة، ثُمَّ طلبه ثانياً وزوجه بابنة الأمير سيف الدين طايربغا، من أقارب السلطان، فدام بالقاهرة قليلاً، ثُمَّ أعاده إلى الكرك ومعه أهله، فاستمر بالكرك مدة إِلَى أن وقع بينه وبين ملكتمر السرجواني " نائب الكرك تنافس، فلما بلغ السلطان ذَلِكَ أحضرهما وغضب عَلَى ولده " الناصر أحمد صاحب الترجمة، وتركه قليلاً، ثُمَّ جهزه إِلَى الكرك وحده بلا نائب " فصار الأمر إِلَيْهِ، وَلَمْ يزل بِهَا مقيماً إِلَى أن توفي والده الملك الناصر محمد بن قلاوون، وَلَمْ يسند الأمير إِلَيْهِ، فقام الأمير باش تاك
فِي أمره، وأراد سلطنته، فغلبه الأمير قوصون وأجلس الملك المنصور أبا بكر عَلَى تخت الملك، ثُمَّ خلع بعد مضي شهرين، فأقام قوصون أيضاً أخاه الملك الأشرف كجك.
وكان قوصون قد سير قبل تاريخه إلى الملك الناصر أحمد هذا يطلبه إلى القاهرة، فلم يوافق الناصر عَلَى المجيء، وكتب في الباطن إلى نواب الشام يستجيرهم، ويستعفي من القدوم إلى القاهرة، وأظهر لهم المسكنة الزائدة، فرقوا له وحملوا الكتب التي جاءت منه إلى قوصون.
ثم أن الأمير طَشْتمر حمص أخضر خرج عَلَى الأمير قوصون وتعصب لأحمد هذا وقام في أمره قياماً عظيماً، وأخذ قوصون في تجهيز عسكر إلى الكرك نحو الألف فارس ومقدمهم الأمير قطلوبغا الفخري لحصار الكرك، فتوجه الفخري إلى الكرك وحصر الملك الناصر أحمد هذا بها أياماً، ثم إن الفخري رق له وتوجه لأخذ دمشق لما بلغه توجه نائبها الأمير الطنبغا إلى حلب لإمساك طشتمر حمض أخضر، فدخلها الفخري وملكها، وبلغ قوصون ذَلِكَ فانحرف ودعا الناس
لطاعة الملك الناصر أحمد المذكور، ووقعت أمور، وصار الفخري يرسل إلى الناصر يطلبه إلى دمشق وهو يمنيه ويتعلل بحضور طشتمر حمض أخضر من البلاد الرومية، وكتب كتباً إلى الأمير طقزد مر نائب حماه، وإلى الأمير بهاء الدين أصلم نائب صفد، وإلى الأمراء يقول: أن الفخري نائبي بدمشق وهو يولي من يريد من النيابات الكبار، ولم يزل يعد الفخري بالحضور إلى عنده إلى أن جاء طشتمر من البلاد الرومية، ووقع ما سنحكيه في ترجمة قوصون، إن شاء الله تعالى، من ركوب الأمراء عليه، وإمساكه وحبسه بثغر الإسكندرية، فأخذ الملك الناصر أيضاً يمنى طشتمر والفخري بالحضور إلى دمشق بعد رمضان، وتوجه إِلَيْهِ من الأمراء المصريين الأمير بدر الدين جانكلي بن البابا وغيره، وسألوه التوجه معهم إلى القاهرة فلم يوافق وعادوا خائبين، وترك الناس والأمراء الشاميين والمصريين في حيرة، بعد ما حلف الجميع له.
ثم إنه توجه وحده إلى القاهرة، ولم يشعروا به إِلَاّ في قلعة الجبل، فلما بلغ الفري ذَلِكَ توجه هو وطشتمر بعساكر الشام والدولة والقضاة الأربع إلى القاهرة
في قلب الشتاء، فلما وصلوا إلى القاهرة جلس السلطان الملك الناصر هذا عَلَى سرير الملك وإلى جانبه أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله أبو القاسم، وحضر قضاة القضاة الثمانية من المصريين والشاميين، وعهد الخليفة إِلَيْهِ بحضور العالم، فكان يوماً عظيماً لم يتفق مثله لأحد من ملوك الترك لاجتماع أهل الإقليمين في يوم واحد.
وأصبح الملك الناصر من الغد استقر بالأمير طشتمر حمض أخضر في نيابة مصر، وولى نيابة دمشق للأمير قطلوبغا الفخري، وأرج الأمير أيدغمش أمير آخور إلى نيابة حلب عوضاً عن طشتمر، وهو الذي قام في أمر قوصون وقلب الدولة عَلَى قوصون لأجل الناصر هذا، وأخرج الأمير بيبرس الأحمدي إلى نيابة صفد، وأخرج الأمير الحاج آل ملك إلى نيابة حماه، وأخرج الأمير آقسنقر الناصري إلى نيابة غزة.
فلما فعل ذَلِكَ بالأكابر خافته الناس وعظموه، ثم بعد أربعين يوماً أمسك بالأمير طشتمر نائب مصر وأخذه وتوجه به إلى الكرك، وبعث إلى أيدغمش
بأن يمسك الفخري فأمسكه وجهزه إلى مصر مع ابنه، فوصل إِلَيْهِ بالرملة فتسلمه منه، وأخلع عليه وأعاده إلى أبيه، وتوجه بالفخري وطشتمر إلى الكرك بعد أن أخذ معه جميع ما في الخزائن من التحف والأموال والجواهر والخيول والسلاح وغير ذَلِكَ، ومضى بالجميع إلى الكرك، وأقام الأمير آقسنقر السلاري في نيابة مصر، وأخذ معه القاضي علاء الدين بن فضل الله كاتب السر، والقاضي جمال الدين جمال الكفاة ناظر الخاص والجيش، وجعلهما مقيمين عنده في الكرك، واستغرق في اللهو والانشراح، واحتجب عن الناس، ثم أرسل بمسك الأحمدي من صفد، فأحس الأحمدي بذلك فهرب، ثم إنه أحضر الفخري وطشتمر وضرب عنقيهما صبراً، فنفرت القلوب منه، واستوحش الناس منه.
وصار يدبر ملكه شخص يعرف بابن الصبارة من أهل الكرك، ولم يعد يحضر كتاب إلى القاهرة وغيرها ولا توقيع بخط كاتب السر، بل بخط نصراني يعرف بالرضى، فعند ذَلِكَ أجمع الناس والأمراء عَلَى خلعه وإقامة أخيه الملك الصالح إسماعيل، فخلعوه وأجلسوا الصالح عَلَى تخت الملك في يوم الخميس ثاني عشرين المحرم سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة.