الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قاضي القضاة نجم الدين بن صصرى
655 -
723هـ - 1257 - 1323م أحمد بن محمد بن سالم بن أبي المواهب، الإمام العلامة الحافظ قاضي القضاة نجم الدين أبو العباس الربعي الثعلبي الدمشقي الشافعي، الشهير بابن صصرى.
ولد سنة خمس وخمسين وستمائة، وحضر عَلَى الرشيد العطار فِي سنة تسع، والنجيب عبد اللطيف، وسمع بدمشق من ابن عبد الدايم، وابن أبي اليسر، وجده لأمه المسلم بن علان، وطلب العلم وتفقه عَلَى الشيخ تاج الدين، وبمصر عَلَى الأصبهاني فِي أصول الفقه وغيرهما، وَكَانَ يميل إِلَى دين وتعبد، وله ثروة
وَمَال جم، ومماليك وحشم، قيل أنه قال يوماً للشيخ صدر الدين وغيره: فرق مَا بيننا أنني أشتغل عَلَى الشمع الكافوري وأنتم عَلَى قناديل المدارس، وتصدر للإفتاء والتدريس سنين، ودرس بالعادلية الصغرى، وبالأمينية وبالغزالية، مع قضاء العسكر ومشيخة الشيوخ بدمشق، ثُمَّ ولي قضاء القضاة بِهَا " فِي " سنة اثنتين وسبعمائة، ودام فِي القضاء إِلَى أن توفي ببستانه فجأة فِي نصف شهر ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة، ورثاه شعراء دمشق.
وكان إماماً عالماً، متحرياً فِي " أحكامه " بصيراً بالقضاء، لا يقدر أحد يدلس عَلَيْهِ قضية، وَكَانَ عفيفاً عما يرمي بِهِ قضاة السوء من الرشوة وغيرها، وَكَانَ فِي ابتداء أمره كتب فِي الإنشاء، وَكَانَ لَهُ نظم ونثر ومشاركة فِي فنون كثيرة، فصيح العبارة، قادراً عَلَى الحفظ، يحفظ أربعة دروس فِي اليوم، وَكَانَ طويل الروح محسناً لمن أساء إِلَيْهِ.
بلغه أن الشيخ صدر الدين نظم فِيهِ بليقة فتحيل إِلَى أن وقعت بخطه فِي يده، فتركها عنده " إِلَى " إن قيل لَهُ يوماً أن الشيخ صدر الدين بالباب، فقال: ليدخل، ووضع تِلْكَ الورقة مفتوحة عَلَى مصلاة، فرآها الشيخ صدر الدين وعلم أنها خطه، فعند ذَلِكَ قال القاضي نجم الدين المذكور للطواشي: أحضر مَا عندك، فأحضر بقجة قماش كاملة، وصر فِيهَا ستمائة درهم، وقال هَذِهِ جائزة تِلْكَ البليقة، وله من هَذِهِ الحكايات جملة.
وَكَانَ أديباً بليغاً، ولما فتح الأمير علم الدين سنجر الدواداري بعض الحصون كتب إِلَيْهِ القاضي شهاب الدين محمود يهنئه ويذكر جراحة أصابته بقصيدة أولها:
مَا الحرب إِلَاّ الَّذِي تدْمى بِهِ اللّمم
…
والفخر إِلَاّ إِذَا زان الوجوه دم
ولا ثبات لمنْ لَمْ تلْق جبهته
…
حدَّ السُّيوف ولا يُثْنى لَهُ قدم
فكتب الجواب قاضي القضاة نجم الدين المذكور بقصيدة أولها:
وافى كتابك فِيهِ الفضل والكرم
…
فجلَّ قدْراً وحلَّت عندي النِّعم