الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي وجه كلِّ منهم روْضة
…
حوت من الأزهارِ ألْوانا
يقول لي لين تثنيهم
…
ضلّ الَّذِي بالرمح حاكانا
ومنها:
أشكو إليهم تعباً من جفا
…
صيَّرني فِي الليل سهرانا
قالوا أترجو راحة فِي الهوى
…
لَمْ يزل العاشق تَعْبانا
ولا تكنْ ذا طمع فِي الكرى
…
إنَّا فتحنا لَكَ أجفانا
الشهاب الحجازي
790 -
875هـ - 1388 - 1470م أحمد بن محمد بن علي بن حسن إبراهيم، الشيخ الإمام العالم العلامة البارع المفنن شهاب الدين أبو الطيب المعروف بالحجازي، الأنصاري الخزرجي المصري الشافعي، الشاعر المشهور.
مولده فِي السابع والعشرين من شعبان سنة تسعين وسبعمائة، نشأ بالقاهرة، وتفقه عَلَى الشيخ كمال الدين الدميري، وَعَلَى قاضي القضاة ولي الدين العراقي،
وَعَلَى الشيخ شمس الدين البرماوي، وَعَلَى الشيخ برهان الدين البيجوري، وأخذ الفرائض عن الشيخ الإمام العلامة ناصر الدين محمد بن أنس الحنفي إمام الحنفية بالمدرسة البيبرسية، وقرأ النحو والصرف والمعاني والبيان والمنطقي وغيره من العلوم العقلية والأصولين عَلَى جماعة منهم العلامة عز الدين بن جماعة، والعلامة قاضي القضاة شمس الدين محمد الهساطي، والعلامة مجد الدين محمد الفيروز بادي مصنف القاموس فِي اللغة، واجتمع بالعلامة مجد الدين إسماعيل بن المقرئ اليماني صاحب عنوان الشرف، وسمع من العلامة الحافظ زين الدين العراقي الكتب الستة غير مرة بلا فوت، وأجاز لَهُ جميع مروياته ومصنفاته، وأجاز لَهُ الشيخ الحافظ المسند شرف الدين أبو الطاهر محمد بن محمد بن عبد اللطيف الكويك، وسمع أيضاً الكثير عَلَى " قاضي القضاة ولي الدين العراقي المتقدم
ذكره، ولازم شيخنا الإمام العلامة حافظ العصر قاضي القضاة شيخ الإسلام شهاب الدين بن حجر، وأخذ عنه علوماً وفنوناً كثيرة من فقه وحديث وعربية ومعقول وأدب وأجاز له جميع مروياته ومصنفاته، وقرأ عليه أيضاً المقامات الحريرية قراءة تحرير وبحث، وسمع عَلَى قاضي القضاة مجد الدين إسماعيل بن التركماني الحنفي، وسمع كتاب عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير للعلامة فتح الدين بن سيد الناس عَلَى قاضي القضاة مجد الدين المذكور بروايته له عن المصنف، وسمع عَلَى أبي الحسن علي بن أبي المجد بالخانقاه الصلاحية جميع صحيح البخاري بلا فوت، وسمع أيضاً الكثير عَلَى نور الدين عَلَى أبي الحسن الهيثمي وغيره.
واشتغل وبرع، وله نظم ونثر ومصنفات في الأدب، ومن مصنفاته روض الآداب، ونديم الكئيب، وحبيب الحبيب، والكنَّس الجواري في الحسان من الجواري............... وصوت الحكمة، ومقامة لطيفة، والنَّيْل
الرائد من النيل الزائد، وله ديوان شعر كبير، وله كراسة تحتوي عَلَى مقاطيع على بحور الشعر مقتبساً في البحر وسماها قلائد النحور من جواهر البحور، بها يظهر لك فضاه الكثير، وعلمه الغزير؛ ولنحل جيد تاريخنا بتعليقها، وهي هذه:" بسم الله الرحمن الرحيم " الحمد لله الذي جعل مقام الخليل أجل مقام وسخَّر له البحور. كيف لا وقد أمدها ذهنه الذي هو أكرم من الغمام. فكان دليلاً لمن قطع هذه الأبحر ممن طلب السلامة من الخطأ والاعتصام. حيث سبح فيها وهو ومن تلاه عَلَى ممر كل شهر وعام، أحمده عَلَى إنعامه المديد البسيط، وعلى كرمه التعويل، وأشكره عَلَى وافر فضله وطَوْله الطويل، وأشهد أن لا إله إِلَاّ الله وحده لا شريك له الذي ليس له مضارع ولا مماثل، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله البحر الكامل صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه المنظومين في سلاك محبته أحسن انتظام، صلاة وسلاماً دائمين، كما كان عَلَى الخليل الصلاة والسلام.
وبعد فإنه قد عنَّ لي أن أستخرج من الكتاب العزيز ما جاء عَلَى أوزان الأبحر اتفاقاً، تباعاً لمن تقدمني في ذَلِكَ ووفاقاً، ثم بدا لي أن أبني عَلَى كل بحر من البحور بيتاً عَلَى ما عندي من القصور وسع طاقتي، إذ لم أكن من هذه الطبقة مع خوفي من لصوص أخشى أن تتخذها بعد ذلك مسترقة، فاستعنت بالله تعالى وأتيت البيوت من أبوابها، وتوصلت إلى أوتادها الرفيعة بأسبابها، وجمعت ذَلِكَ، ومَنْ لي بمجموع أو مفروق أو فاضله، لو لم أجد من الله الكريم أوْفَى صلة، فكنت من أفنان الفن البديعي ملتمساً، وفي النور المبين مقتبساً، وسميته: قلائد النحور من جواهر البحور، فجاء بحمد الله عقداً فريداً، وجوهراً نضيداً،
وقد استوفيت المعنى في البيت الواحد مع اسم ذَلِكَ البحر، والله أسأل أن يسلمنا من أهوال البحر حَتَّى نصل بالسلامة إلى البر، وليعلم الناظر فيه من كل نبيل ونبيه أن ما صرّحت فيه باسم البحر من الأبيات هو الأصل في هذا التأليف، وما زاد عَلَى ذَلِكَ فبإشارة " من سامني " ذَلِكَ بمرسومه الشريف، أبقاه الله تعالى على طول المدى وزاد علاه سؤدداً، وأحببت أن أجعل للبحر ضابطاً عَلَى ما رتبه الخليل، فقلت وهو حسبي ونعم الوكيل:
وأبْحرُ شعر النَّاس ستَّة عشْرة
…
وضابطها بيتان كُنْ لي سميعَها
طويل مديد والبسيط ووافر
…
وكامل وهزج رجز أرمل سريعها
ومنسرح خفف وضارعه واقتضب
…
بمجتثِّ قارب محْدثاً جميعها
الأول من البحر الطويل " في الوعظ ":
أَيَا مَنْ طويل اللَّيل بالنّوم قصَّروا
…
أنيبوا وكونوا من أُناس به تاهوا
وإن شئْتُمو تَحْيوا أميتُوا نفوسَكم
…
" ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله:
ومنه أيضاً:
ذوو الرَّشْد في يُسْر وفي جنَّة كما
…
ذوو الغَيِّ في نارٍ وأحوالُهم تعْسر
فريقان كلُّ في طريقِ ابتغائه
…
" فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر "
الثاني من البحر المديد في مديح النبي صلى الله عليه وسلم:
في رسول الله مَدْحي مَدِيدٌ
…
ما عسى مدْحاً أَتى من بديهي
وكتاب الله جاء بمدْحٍ
…
" ذلك الكتابُ لا ريْبَ فيه "
ومن الضرب الثاني في المديح:
عُذَّلي فيه لقد كَلِفوا
…
بهواه مُذْ بُليت بهم
عَذَلُوا يبْغُوا تقاطُعُنا
…
" حسداً من عند أنفسهم "
الثالث من البحر البسيط في مدحه صلى الله عليه وسلم:
يا سيِّد الرّسْل والبحر البسيط ويا
…
مَنْ فَضْلُ هِمَّته تسْمو به الهم
بُعثْت خاتم رُسْل الله كُلِّهم
…
" في أمة قد خلت من قبلها أمم "
الرابع من البحر الوافر " في المجاهدين ":
صُدورَ الجيش يُظْفِرُكم إله
…
بوافر سهْمِكم بالكافرين
ويُخْزهم وينصركم عليهم
…
" ويشْف صدور قوم مؤمنين "
" ومنه أيضاً ":
إن الأُولى قد عثوا في الأرض إذ ظلموا
…
والله منهم لقد أَخْلى أماكنهم
فاستغن بالسَّمع عن مرآهم عظة
…
" فأصبحوا لا يُرَى إِلَاّ مساكنهم "
" ومنه أيضاً ":
إذا ما كنت في شأن فأرِّخ
…
فعالم ما به مرْء تفوه
يقول " إذا تدانيتم بدين
…
إلى أجل مسمَّى فاكتبوه "
الخامس من البحر الكامل:
يا كاملاً لا تعتمد إِلَاّ عَلَى
…
مَنْ فضله عمَّ الخلائق أَجمعينا
واقصد آلهاً لا يخيّب آملاً
…
" وعليه فليتوكَّل المتوكلون "
ومن أيضاً يرثي شمس الدين بن موسى:
مات ابن موسى وهو بَحْر كامل
…
فهناكم جمْعُ الملائكُ مُشْترك
يأتيكم التابوت فيه سكينة
…
من ربِّكم وبقيةٌ مما ترك "
ومن مجزوئه:
ما زال أبليس اللعي
…
ن يضلُّ في الدين القويم
" والله يهدي من يشا
…
ء إلى صراط مستقيم "
السادس من البحر الهازج:
جفا رضْوان من هزج
…
ولي بدل عذاراه
وأزواجٌ مطهرةٌ
…
ورضْوانٌ من الله "
" السابع من البحر الرجز في الصالحين ":
إني ارتجزت الشِّعر من قوم هُمُ
…
الساداتُ والأعيانُ لمَّا " استنشدونا "
التائبون العابدون الحامدون
…
السائِحون الراكعون الساجدون "
ومنه أيضا:
وغوطة الشام أضْحى أَهْلها
…
يرونها لحنَّة تمثيلا
دانية عليهم ظلالُها
…
وذُللت قطوفها تذليلا
ومن مجزوئه في عالمة:
عالمة لها عَلَى
…
كُرْسيها فضلٌ جسيم
" وأوتيت من كل شيء
…
ولها عرش عظيم "
ومن مشطوره:
خَسِرْت إنْ تركْتَ أخرى عُلْيَا
…
" تريد زينةَ الحياة الدُّنيا "
ومن منهوكه:
يا ريحَ نفسٍ حَسِرَتْ
…
" إذا السماءُ انفطرت "
الثامن من البحر الرمل:
أَيُّها الأرمل إن رمت عَفَافاً
…
فتزوَّج مِنْ نساءٍ خيرات
مسلمات مؤمنات قانتات
…
تائبات عابدات سائحات:
" ومنه أيضاً ":
يا أخا الرشد إذا جاءك ذو الد
…
ين كن في الحال من أصحابه
أو يعاند جاهل في ربِّنا
…
" قل هو الرحمن آمنا به "
ومن مجزوئه:
أسْعدوا المرمل تُجْزؤا
…
ذاك أولى ما تُعِدَّون
" لن تنالوا البر حَتَّى
…
تنفقوا مما تحبُون "
ومن مجزوئه أيضاً:
ظهرك أَحَقُّ بركوع
…
وإذا ما رُمْتَ لُقْيَاه
" فأقِمْ وجْهك للدي
…
ن حنيفاً فِطْرة الله "
ومن مجزوئه أيضاً:
صلى الله نهاراً
…
واغتنم فضل الوَدُود "
ومن الليل فسبِّح
…
هـ وأدبَار السجودِ "
التاسع من البحر السريع:
إنسان عيْني غَرَّك النُّور
…
من وجهه سريع للهوى حَرَّك
لو لم تراه قَمَراً طالعاً
…
" يا أَيُّها الإنسان ما غرّك "
ومنه أيضاً:
يا أهل دين الله بُشْراكم
…
أقَر مولاكم به عينكم
إذ أنزل الله عَلَى المصطفى
…
" اليوم أكملت لكم دينكم "
ومنه أيضاً:
الملك الظَّاهر أَعظم به
…
قرَّب فتح الدين قرب الحبيب
دعا له مع قربه جاءه
…
" نصر من الله وفتح قريب "
ومنه أيضاً:
زلُزلت الأرض فخاف الورى
…
وابتهلوا إلى العزيز الحكيم
فلْيذْكروا مع خوفهم " قوله "
…
" زلزلة السَّاعة شيء عظيم "
العاشر من البحر المُنْسرح:
احرصْ غدا أن تكون مُنْسرحاً
…
وأن قرأت القرآن فاستعذ
واصْغ لقول الإله متَّعظاً
…
" ونحشر المجرمين يومئذ "
الحادي عشر من البحر الخفيف:
إنْ عقلَ الفرنج عقلٌ حفيفٌ
…
حيثُ راموا قتالنا والنزالا
هلكوا بالوباء وماتوا جميعاً
…
" وكفى الله المؤمنين القتالا "
ومنه أيضاً في مدح أبي بكر الصديق رضي الله عنه:
صاحب المصطفى وصديقه قد
…
جاوز الحدُّ بامتداح الباري
حيث قال الإله في الشأن منه
…
" ثاني اثنين إذْ هما في الغار "
ومنه أيضاً:
مَنْ عَذِيري من عصبة آكلي
…
ن لمالٍ محرَّم آَكلاً ما
" تأكلون التراث أَكْلاً لمَّا
…
وتحبون المال حباً جما "
ومنه أيضاً:
أوعد المجرمون شرّاً وأيضاً
…
وعد المؤمنون خيراً مليَّا
فاجتهد أن تكون للخير أَهلاً
…
" إنه كان وعده مأَتيا "
الثاني عشر من البحر المضارع:
وضارِعْ أصيل خَيْر
…
تَنَلْ من ربِّ يقينا
جِنانا مُزَخْرفات
…
" وهم فيها خالدون "
الثالث عشر من البحر المقتضب:
زُهْر أُفقنا اقتُضِبت
…
من ضياء الشَّمس فهم
يُشرقون في ظُلَمٍ
…
" كلما أَضاءَ لهم "
الرابع عشر من البحر المجتث:
اجتُثَّ قلْبي بذنبي
…
والله خَيْراً يزيدُ
وكَيْف أَخشى ذُنُوبي
…
" وهو الغفور الودود "
الخامس عشر من البحر المتقارب في السلطان:
أَيَا مَلِكاً نالَ من برِّه
…
به المتقارب فضلاً محُوزَا
سأَلت إلهي كسر العُداة
…
" وينصرك الله نصراً عزيزاً "
السادس عسر " من البحر المحدث " في تعزية معذر:
النَّبت المحدث عاجله
…
فبكى بدموع هاملة
فعوارضه بلظى خَدِّ
…
" تُسقى من عين آنية "
ومما يُلحق بذلك من مقلوب الطويل في المجاهدين أيضاً:
أولى الإسلام دُوسُوا بلادَ الكفرِ عَنْوة
…
ولا تخْشَوْا فأنتم أولوا بطشٍ وقُوَة
وهُمُّوا كي تنالوا من الأعداء واتلوا
…
" لقد كان لكم في رسول الله أُسوة
ومن المواليا في مليح صياد اسمه داود:
محبوب داود طائر قلبي الوثَّاب
…
رَفْرَف عليه يا مواليَّا بلا إعجاب
لا نوُّ سمّى بني رأيت كُل شيء لوُهَاب
…
" والطير محشورة كل له أَوّاب "
ومن كان وكان
قُمْ يا مقصِّر تضرَّع قبل أَنْ يقولوا كانْ وكانْللبرِّ مُجْرى " الجواري في البحر كالأعلام "
ومنه أيضاً:
لا تقتلوا بعضكم بعض وتخرجوهم من ديار
…
" تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان "
" ومن القوما "
يا طالباً الغفران قوماً إلى الرحمن
…
لتنظر العين منكم " عينان نضاحتان "
ومما أنشدني لنفسه إجازة من شعره قصيدة نبوية تقرأ عَلَى أوجه كثيرة بعدة قوافي، وهي من الغرر:
محمد. وجهُه بالنّور مُلْتَمَع
…
بدر أَضاء. فاق بدر التَّم حين بَدَا
مُشَرَّف. شَرُفَتْ في الناس أُمَّته
…
له اللواء. حلَّ عقد الكفر مذ عقدا
مؤَيَّد. دينه الإسلام متَّبع
…
حكماً مضى. سيفه نار الوغى وقدا
مُعَرَّفٌ. ولسان الحق ينعته
…
وكم حوى. لم يشاهَدْ مثله أَبدا
مُمَجَّدٌ. كفُّه رحْب ومتَّسع
…
حقاً فضى. لم يخبْ مَنْ فضلَه قَصدَا
مصرَّف رأيه زانتْه حكمتُه
…
وهو الدَّوا. كم شفا من دائه جسدا
مسدّد. بقليل الزاد مقتنع
…
هو الرِّضا. شاكراً لله قد حمدا
مهفهف. تُخْجل الأغصان خَطْرته
…
إذا استوى. فاق حسناً قام أو قعدا
ممهَّد. فيه كلُّ الخير مجتمع
…
والمرتضى. وهو خيرُ الرُّسل والشُّهدا
مؤلّف. عظُمت في الخلق همته
…
سهم القوى. قاتل مَنْ دينه جحدا
وله أيضاً عَلَى وزن قصيدة ابن زيدون في ضد معناها:
ملكْتَ فاحكم مهما إن تشأ فينا
…
ها أَنت ممرضنا ها أنت شافينا
لسْنا نُؤَمِّل شيئاً منك غير رضىً
…
وقربُنا منك يا أَقصى أمانينا
حاشاكَ يا غاية الآمال تُبْعدنا
…
فما من البِرِّ إبعاد المحبينا
روحي الفدا لحبيب قد دنا ووفا
…
ولا رَقيب ولا واشٍ فيؤذينا
لا تشتهي الرَّاح مع ظَلْم له أبداً
…
ولا الظَّمأ نشتكي ما دام يُرْوينا
يسعى لنا بشمول من شمائله
…
وبالخدود يُحيِّينا فيحيينا
في روضة رقصت أغصانها طرباً
…
من شدو ورقاً عن الألحان تغنينا
شقيقها شَقَّ غَبْطاً قلب حاسِدنَا
…
وحُسْنُ منثورها المنظومُ يلْهينا
والقلب سُرَّ بعيش قد صفا فدعا
…
بأَن يدوم فقال الدَّهر آمينا
والشَّملُ مُجتمع لا يشتفى أَبداً
…
يوماً من الدَّهر واشينا ولا حينا
فإن بكينا فليس الدَّمعُ مِنْ حَزَن
…
لكنَّ فرطَ السُّرور المحض يَبْكينا
لا يَعرف الحبُّ هجراناً ولا مَلَلاً
…
ونحن لا يعرف السلوان نادينا
رأَيت حسَّدنا تشكو الزَّمان فما
…
يزال يغضبُهم قهراً ويرضينا
نُمْسِي ونصبح في ظلِّ الوصال وقد
…
أَضحى التَّداني بديلاً من تناءينا
وله موشح يعارض به موشح ابن سناء الملك:
أَيا قدّاً غدا كالرمح طاعن، قويما
ويا سيفاً لنا في الجفن كامِنْ، مقيما
لقد أَدنيتما موتي وقتلي
…
وقد صيَّرتما بالحب شُغْلي
وقد قيدتما عقلي بُغلِّ
من الأَصْداغِ سلْسلتي وقُفْلي
فمن لي إن غدا حَكَما وساجن، خصيما
إذا أضحى وكثر الصبر خائن. غريما
له وجْه يفوق البدْرَ حسْنا
وقَدُّ قَدْ تفرَّد إِذْ تَثَنَّا
شَدا في روضة لفَّا وغنَّا
فأعرب إِذْ سمعنا منه لَحْنَا
وحرك شدْوه ما كان ساكن. قديما
وصرت إلى المدام لمن يُعاينِ. نديما
مليحٌ لحْظُه يَرْمي نِبَالا
بِقَدِّ يخجل السُّمر الطِّوالا
يُريك جبينه الزاهي هِلالَا
ويترك صبَّه العاني خيالا
بردف ظاهر كالطود باين. جسيما
وخصر مِنْ خفاه له مباين. عديما
له خالٌ كمسْك فَوْقَ جَمْر
وثَغْر من لَمَاهُ سُلافُ خمْر
وحقِّ تجلّدي وحياة صبري
حقيقاً حار في الضِّدين فكري
فعيني تجتني من ذي المحاسن. نعيما
وقلبي يصطلي كالخال ساكن. جحيما
وليلة زارني عند المساءِ
ولاح البدر في وسط السَّماءِ
وحاكَى بالسَّنا وبالسَّناءِ
وليلاً لا يُضاهى في البهاءِ
وظَنَّ بأَن يكون له موازن. قسيما
وما هو مثله في الكون لكن. خديما
وله أيضاً زجل، وهو أول زجل نظمه عَلَى حسب ما اقترح عليه، عَلَى هذا المثال:
إن ردت فرجة تفكر في أرواح جميع العباد
…
أمَّا لدى حُسْن روضة أو في جهنم كوادي
اسمع لي ألفاظ وجيزة
…
عند الهرم قَلَّ صبري
وصار دمْعي سَوَاقي
…
لما انحنا قوسْ ظهْري
ومُنتهى القَصْد توبة
…
لأنِّي ضيَّعت عمْري
في البهطلة والصناعة. واللهو حاضر وبادي
…
وجامع التوبة أطلب. هو المشتهى ومُرادي
قف بالرصد واقف الآثار
…
يا من هو مثلي معتوق
وانظر بمقياس عقلك
…
لأهل الوفا وتخلَّق
واكسر النَّفس يُجْبَر
…
وقم بستر وتعلَّق
وبالأصابع تضرع. لأهل السماح والأيادي
…
ودق كوسات عزمك وانهض لكسر الأعادي
يا نفس بحر هواكي
…
من الزيادة تكدَّر
وأَنتِ في تيَّار مرادك
…
حَتَّى تصيري إلى البر
يقول لك ليش تكوني
…
دوامة عمرك عَلَى الشَّر
وشيمتك طول ليلك. ملازمة للوساد
…
وأما الذنوب مثل الأمواج من الهوى والفساد
أقلع عن الذَّنب يَا مَنْ
…
في مركب اللهو ساري
وكن عن الذنب راجع
…
فالخلق فيها عواري
قبل أن يحين منعا قلعك
…
وأنت في كاني وصاري
كسر مقاديف نفسك تجمل غداً في المعادي
…
وأرخي مراسيك وأقدم عليه من غير زاد
لا ترتبط عند قرية
…
ولا تقل فيها داري
ولا تكن قط حبطين
…
وأرخى المداري وداري
فالخلق في فلك الأقدار
…
ما بين عبيد وجواري
يوم تصير نار جهنم. حراقة الأهل العناد
…
وإن كان تشعث علينا شفيعنا خير هادي
ومن شعره مقتبساً في يوسف " دو بيت ".
يا يوسف أُوتيت من البهجة زيناً
…
فضلت بذا الحسن والجمال الدنيا
لا بدع إذا ما رحمتنا وقرآناً
…
" تالله لقد آثرك الله علينا "
ومن شعره في إبراهيم:
تباعد إبراهيم أشعل في الحَشَا
…
ضِرَاماً وأجرى مَدْمع العين مِدْرارا
وواعَجباً أن الحليل سمَّيه
…
به خمدت نار وذا ضرم نارا
ومن شعره أيضاً:
كأسنا في الطل صِرْفاً
…
جُلِيَتْ بين النَّداما
لم نجد ماء لمزج
…
فقنعنا بالنداما
وله أشياء ظريفة غير ذَلِكَ حذقناها خوف الإطالة، انتهى.