المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاضي برهان الدين صاحب سيواس - المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي - جـ ٢

[ابن تغري بردي]

فهرس الكتاب

- ‌قاضي القضاة شهاب الدين بن حجر

- ‌الأمير شهاب الدين أحمد بن إينال

- ‌قاضي القضاة شرف الدين ابن أبي العز الحنفي

- ‌القاضي شهاب الدين بن فضل الله

- ‌قاضي القضاة ابن أبي الرضا

- ‌أبو العباس المرسي

- ‌أبو العباس الأنصاري

- ‌قاضي القضاة أبو العباس القرشي

- ‌ابن الزين والي القاهرة

- ‌الشاب التائب

- ‌الشيخ بدر الدين الطنبدي

- ‌ابن قطينة

- ‌ابن الضياء القليوبي

- ‌قاضي القضاة عماد الدين الكركي الشافعي

- ‌الملك الصالح صاحب عينتاب

- ‌ابن شير التركماني المحدث

- ‌ابن غنائم المكي الشاعر

- ‌أبو العباس اللخمي الإمام الحافظ

- ‌الحرازي الشافعي المكي

- ‌أبو شجاع الإربلي، الأمير ركن الدين

- ‌الأمير شهاب الدين الغزي

- ‌كندغدي، الفقيه الحنفي

- ‌ابن ملِّي الأنصاري البعلبكي المحدث

- ‌عماد الدين بن سرور المسند أبو العباس المقدسي

- ‌الفار الشطرنجي

- ‌صفي الدين أبو العباس الطبري

- ‌كتاكت الواعظ المقرئ

- ‌ابن الشريشي أبو العباس البكري

- ‌الخليفة المستنصر بالله

- ‌ابن القرداح الواعظ

- ‌الخليفة الحاكم بأمر الله

- ‌ابن الرفعة

- ‌زين الدين الطبري المكي

- ‌المسند عماد الدين بن مفلح المقدسي

- ‌قاضي القضاة محدب الدين النويري الشافعي

- ‌ابن الناصح المصري

- ‌شهاب الدين بن البرهان

- ‌قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان البرمكي صاحب وفيات الأعيان

- ‌ابن صدقة الحلبي الأديب الشاعر

- ‌قاضي القضاة نجم الدين بن صصرى

- ‌شهاب الدين نقيب الأشراف بحلب

- ‌العلامة الشيخ تقي الدين الشُّمُنيّ

- ‌أبو العباس صاحب أفريقية وتونس

- ‌شهاب الدين المكي الطبري الشافعي

- ‌ابن وفا

- ‌تاج الدين الحنفي، قاضي بغداد من ذرية أبي حنيفة رضي الله عنه

- ‌الشيخ شهاب الدين الأشموني النحوي

- ‌الشيخ شهاب الدين بن حمائل

- ‌أبو العباس بن حازم الأذرعي

- ‌ابن الحلبي نقيب الأشراف

- ‌ابن عطاء الله الإسكندري

- ‌أحمد الحلبي الحنفي

- ‌شمس الدين العقبلي الأنصاري

- ‌أحمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌القاضي شهاب الدين بن مكنون الدمياطي

- ‌أبو الطيب الفقيه الحلبي

- ‌بدر الدين بن حنا

- ‌ابن المهماندار

- ‌ابن عربشاه

- ‌علم الدين الأخنائي

- ‌قاضي القضاة شهاب الدين بن المحمرة

- ‌السامري واقف السامرية بدمشق

- ‌شهاب الدين الأموي المالكي

- ‌ابنِ الطبلاوي

- ‌أبو العباس الصالحي العطار

- ‌قاضي القضاة ناصر الدين التَّنْسي

- ‌الوزير نصير الدين البغدادي

- ‌ابن طراد النحوي الحجازي

- ‌أبو بكر الكردي الدشتي الحنبلي

- ‌السلطان الملك الناصر أحمد

- ‌القاضي نجم الدين القمولي

- ‌أبو الطيب الحلاوي الشاعر

- ‌العلاء السيرامي الحنفي

- ‌ابن العطار الدوادار

- ‌ابن العطار المصري الشاعر الأديب

- ‌ابن الضياء الحنفي، قاضي مكة

- ‌الفقيه شمس الدين الأرمنتي

- ‌ابن القلانسي التميمي الدمشقي

- ‌ابن منير الجذامي الحروي الإسكندري

- ‌شهاب الدين الربعي الكركي

- ‌ابن البققي

- ‌ابن الحاجبي المصري

- ‌الشهاب الحجازي

- ‌نظام الدين الحصيري

- ‌ابن العطار

- ‌صدر الدين بن العجمي

- ‌قاضي القضاة ابن الكشك الحنفي

- ‌ابن أبي عمارة البجائي المغربي

- ‌ابن علان القيسي

- ‌القاضي برهان الدين صاحب سيواس

- ‌ابن جبَّاس الدمياطي الصوفي

- ‌أمير آل فضل أمير العرب

- ‌القاضي شهاب الدين المتبولي الشافعي

- ‌شهاب الدين بن يغمور

- ‌شهاب الدين العنتابي الحنفي

- ‌الزاهد أبو العباس الزرعي

- ‌عز الدين بن قرصة

- ‌شهاب الدين بن الوكيل

- ‌أحمد بن موسى الحنفي

- ‌الشريف برهان الدين الحسيني

- ‌قاضي القضاة شهاب الدين الباعوني

- ‌قاضي القضاة موفق الدين الحنبلي

- ‌أحمد بن نصر الله بن باتكين المصري

- ‌قاضي القضاة محب الدين البغدادي الحنبلي

- ‌الحجار المحدث الرحلة

- ‌شاد الأغنام

- ‌موفق الدين بن أبي الحديد

- ‌شرف الدين بن عساكر

- ‌ملك التتار

- ‌ابن الزكي القرشي الدمشقي

- ‌ابن سني الدولة

- ‌ابن أبي حَجْلة

- ‌القاضي شهاب الدين بن فضل الله

- ‌ابن مخلوف

- ‌الأديب شمس الدين أبو الفضل الطيبي

- ‌ابن يلبغا العمري

- ‌أبو جعفر الرُّعَيْني

- ‌ابن الزعيفرينى

- ‌شهاب الدين بن خطيب الموصل

- ‌ابن الصاحب علم الدين

- ‌الطبيب شهاب الدين الصفدي

- ‌الشيخ كمال الدين الفاضلي

- ‌شمس الدين الطيبي

- ‌الشيخ عماد الدين أبو نصر الحسني

- ‌المهندس شهاب الدين الطولوني

- ‌باب الألف والدال المهملة

- ‌الأمير عماد الدين الحسني

- ‌الشيخ أبو غانم العبدري الشَّيبي

- ‌الشريف الحسني

- ‌باب الألف والراء المهملة

- ‌الأمير سيف الدين الفتاح

- ‌أربكون

- ‌الأمير سيف الدين أرتمش

- ‌أرتنا

- ‌الأمير أرجواش

- ‌أردبغا العثماني

- ‌أربغا الظاهري

- ‌أرسطاي الظاهري

- ‌أسد الدين أرسلان

- ‌الملك المعظم ركن الدين أرسلان

- ‌أرسلان الداوادار

- ‌أرغون شاه البيدمري

- ‌أرغون شاه من تمرباي الأشرفي

- ‌أرغون شاه الناصري

- ‌أرغون البشبغاوي

- ‌ملك التتار

- ‌أرغون شاه السيفي تغري بردى

- ‌أرغون الطشتمري

- ‌أرغون الأشرفي

- ‌أرغون شاه العزي الأفرم

- ‌أرغون شاه الناصري

- ‌أرغون الكاملي الصغير

- ‌أرغون شاه الإراهيمي

- ‌أرغون شاه النوروزي

- ‌أرقطاي نائب حلب

- ‌أركماس الظاهري الدوادار

- ‌الجلباني نائب طرابلس

- ‌النوروزي الجاموس

- ‌أركماس المؤيدي الأشقر

- ‌اليشبكي الجاموس

- ‌أرنبغا الناصري

- ‌أرنبغا الظاهري

- ‌الناصري رأس نوبة

- ‌باب الألف والزاي

- ‌أزبك الدوادار

- ‌أزبك الحموي

- ‌أزبك خاص خرجي

- ‌أزبك الحلبي العزي

- ‌أزبك الرمضاني

- ‌أزبك خان

- ‌أزبك حُجا

- ‌أزبك الساقي

- ‌أزدمر العلائي

- ‌الحاج أزدمر الجمدار

- ‌أزدمر أخو إينال اليوسفي

- ‌أزدمر الناصري

- ‌أزدمر شيا

- ‌باب الألف والسين المهملة

- ‌صفي الدين الشقراوي

- ‌الشيخ أبو إبراهيم الغرناطي الطوسي

- ‌المحدث نجم الدين أبو محمد السنجاري

- ‌كمال الدين أبو الفضل الأسدي

- ‌كمال الدين المعري الشافعي

- ‌كرز الدين الديلمي البويهي

- ‌الشيخ عفيف الدين الحموي

- ‌ملك الحبشة إسحاق الحطي

- ‌شيخ الشيوخ اسحق بن عاصم

- ‌الشيخ نجم الدين أبو طاهر

- ‌الملك المجاهد صاحب الجزيرة

- ‌الإمام المسند عفيف الدين الأموي

- ‌الشيخ الخالدي

- ‌العلامة مجد الدين النشابي

- ‌الشيخ صدر الدين أبو الفتح التنوخي

- ‌أسعد بن السديد

- ‌الشيخ وجيه الدين أبو المعالي التنوخي

- ‌الملك اسكندر سلطان شيراز

- ‌ابن قرا يوسف

- ‌أبو الطاهر القرشي المخزومي

- ‌الزاهد علم الدين المنفلوطي

- ‌ابن الحكيم

- ‌ابن فلوس النميري المارديني

- ‌قاضي القضاة مجد الدين الكناني الحنفي

- ‌ابن الخباز

- ‌مسند الشام تقي الدين التنوخي

- ‌ابن المقرئ اليماني

- ‌أبو الطاهر القوصي

- ‌عماد الدين بن الأثير الحلبي

- ‌تاج الدين إسماعيل بن خليل

- ‌عماد الدين بن الزمكحل الناسخ

- ‌إسماعيل بن الأشرف شعبان

- ‌إسماعيل بن شيركوه صاحب حمص

- ‌أبو طاهر الكناني المحدث

- ‌الملك الأشرف صاحب اليمن

- ‌الأمام فخر الدين الأسنائي

- ‌ابن المعلم رشيد الدين أبو الفضل التيمائي

- ‌الملك المؤيد صاحب حماه

- ‌ابن عز القضاة

- ‌العلامة تقي الدين القلقشندي شيخ الصلاحية

- ‌الشيخ مجد الدين البرماوي

- ‌ابن الطبال

- ‌ابن المبارز

- ‌ابن قرناص الحموي

- ‌الحافظ المفسر المؤرخ ابن كثير

- ‌السلطان أبو الوليد صاحب الأندلس

- ‌إسماعيل بن لؤلؤ صاحب الموصل

- ‌تاج الدين الهواري شيخ العربان

- ‌الملك الصالح صاحب بعلبك

- ‌مجد الدين الحراني الحنبلي

- ‌عماد الدين بن القيسراني

- ‌قاضي القضاة عماد الدين بن أبو العز الحنفي

- ‌الملك الصالح سلطان مصر

- ‌الشيخ الصالح أبو محمد الكوراني

- ‌المحدث نفيس الدين الحراني الدمشقي

- ‌ابن العديم هبة الله

- ‌ابن سليم السويدي الدمشقي

- ‌الشيخ إسماعيل الأنبابي المعتقد

- ‌إسماعيل الزنديق

- ‌أسنباي الزرد كاش

- ‌أسنباي الساقي

- ‌أسنبغا البكري

- ‌أسنبغا المحمودي

- ‌أسنبغا الطياري

- ‌أسندمر الناصري الأتابك

- ‌أسندمر الكرجي نائب حلب

- ‌أسندمر العمري

- ‌أسندمر اليونسي

- ‌أسندمر النوري

- ‌أسندمر الجقمقي

- ‌باب الألف والشين المعجمة

- ‌إشقتمر الناصري

- ‌الأشكري صاحب القسطنطينية

- ‌باب الألف والصاد المهملة

- ‌أصلم الردادي

- ‌أصلم الناصري

- ‌باب الألف والعين المهملة

- ‌السلطان غياث الدين صاحب بنجالة

- ‌باب الألف والغين المعجمة

- ‌أغزلو بن عبد الله

- ‌أغزلو نائب دمشق

- ‌باب الألف والقاف

- ‌إقبال المستنصري الشرابي

- ‌أقباي الحاجب

- ‌آقباي الكركي المعروف بطاز

- ‌آقباي المؤيدي نائب دمشق

- ‌آقباي اليشبكي نائب الإسكندرية

- ‌آقبغا الهذباني الأطروشي

- ‌آقبغا اليلبغاوي الجوهري

- ‌آقبغا التمرازي نائب الشام

- ‌آقبغا صاحب الأقبغاوية بجوار الجامع الأزهر

- ‌آقبغا الطواوتمري الظاهري اللكاش

- ‌آقبغا المارداني

- ‌آقبغا شيطان

- ‌آقبغا الجمالي الاستادار

- ‌آقبغا التركماني

- ‌آقبردي المؤيدي المنقار

- ‌آقبردي القجماسي نائب غزة

- ‌آقلردي المظفري

- ‌آقبردي الأشرفي الأمير أخوز

- ‌آقبردي منتو

- ‌آق بلاط الدمرداشي

- ‌آق تمر نائب السلطنة بمصر ثم دمشق

- ‌آقتمر عبد الغني

- ‌آقجبا الحموي

- ‌آق سنقر النجمي الفارقاني

- ‌آق سنقر الناصري

- ‌آق سنقر السلاري نائب السلطنة بمصر

- ‌آق سنقر الأشرفي الحاجبي

- ‌أقطاجي ابن بنت نوغيه ملك التتار

- ‌آقطاي الجمدار النجمي الصالحي

- ‌آقطاي الأتابكي النجمي الصالحي

- ‌آقطوان الكمالي

- ‌آقطوان المهمندار

الفصل: ‌القاضي برهان الدين صاحب سيواس

ولد سنة أربع وعشرين وسبعمائة، وسمع من القاضي أبي نصر بن الشيرازي، وشيخ الشيوخ بن حمويه، والسخاوي، وإبراهيم الخشوعي، وحفظ كتاب التنبيه، وخدم في الجهات، وولي نظر بعلبك مرات، توفي سنة سبع وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى.

‌القاضي برهان الدين صاحب سيواس

...... - 800هـ -...... - 1398م أحمد، القاضي برهان الدين أبو العباس، السلطان صاحب سيواس.

ولد بسيواس وبها نشأ، ثم قدم حلب وقرأ بها مدة قليلة، ثم رجع إلى سيواس، وقيل أنه قدم إلى القاهرة وأقام بها مدة قبل عوده إلى سيواس، ولما قدم إلى سيواس تنقلت به الأحوال إلى أن ولي سيواس وغيرها من ممالك الروم،

ص: 217

واستفحل أمره وعظم إلى أن عصى الأمير تمربغا الأفضلي المدعو منطاش نائب ملطية عَلَى الملك الظاهر برقوق في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وأرسل الملك الظاهر لحربه عسكراً من القاهرة، وعليهم من أمراء الألوف أربعة: الأمير يونس النورزي الدوادار، والأمير قردم الحسني رأس نوبة، والأمير سودون باق، والأمير الطنبغا المعلم أمير سلاح، فلما وصلوا إلى دمشق خرج معهم من عسكرها عدة أمراء: أتابكها الأمير إينال اليوسفي وأربعة من مقدمي دمشق، وتوجهوا إلى ملطية، ومقدم العساكر المصرية والشامية الأمير يلبغا الناصري نائب حلب، فلما أحس منطاش بقدوم العسكر توجه إلى سيواس والتجأ إلى القاضي برهان الدين المذكور، فتوجه العسكر خلفه إلى سيواس، ونازلوها وحصروها عدة أيام وأشرفوا عَلَى أخذها، فلما رأى ذَلِكَ للقاضي برهان الدين استنجد بمن في تلك الأطراف من الأرمن والتتار، فجمعوا وحشدوا وخرج المقاتلة من سيواس، وصافوا العسكر وقاتلوهم قتالاً شديداً، فأشرف العسكر عَلَى الكسرة، فلما رأى مقدم العسكر الأمير يلبغا الناصري ذَلِكَ حمل عليهم بمن معه من العساكر، فكسرهم كسرة شنيعة وقتل منهم مقتلة عظيمة، وأسر منهم خلائق كثيرين، ثم رجع الأمير يلبغا الناصري والعساكر إلى حلب منصورين مؤيدين، لكنهم لم ينالوا من منطاش غرضاً، وعاد العسكر المصري إلى القاهرة، ووقع لمنطاش

ص: 218

أمور إلى وافقه الأمير يلبغا الناصري، وصارا علمي الملك الظاهر برقوق، ثم خلع برقوق وحبس بالكرك، عَلَى ما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى في غير موضع.

ثم أن القاضي برهان الدين هذا بعد مدة طويلة صالح الملك الظاهر برقوق في سلطنته الثانية، واعتذر إِلَيْهِ، فقبل برقوق عذره، ومشت الرسل بينهما، ودام الصلح إلى سنة تسع وتسعين وسبعمائة، قصد التتار المجاورون لأزرنكان سيواس، فاستنجد صاحبها القاضي برهان الدين بالملك الظاهر برقوق، فجهز إِلَيْهِ العساكر الشامية لنصرته، فاجتمع نواب الممالك الشامية بحلب، وهم: الأمير تنبك الحسني المدعو تنم نائب دمشق، ووالدي الأمير تغري بردى من يشبغا نائب حلب، والأمير يونس بلطا نائب حماه، والأمير آقبغا الهذباني نائب صفد، قلت: وكل هؤلاء النواب مماليك الملك الظاهر برقوق، ومشتري ماله، وصحبتهم جمع كثير وتوجهوا إلى سيواس، فحصل للتتار رعب كبير لما سمعوا بقدومهم، وقفلوا إلى جهة بلادهم راجعين، فاجتمعوا بالقاضي برهان الدين،

ص: 219

وأمنوا رعيه وخلعوا عليه، وكان الذي أخلع عليه والدي، فغضب الأمير تنم نائب الشام في الباطن وأرسل بعد قدومه إلى دمشق يعرف بذلك الملك الظاهر برقوق، واتهم والدي عَلَى العصيان، ليس هذا محل ذكر ما وقع لهما، والمقصود أن القاضي برهان الدين اطمأن في مملكة سيواس، ودام بها إلى سنة ثمانمائة، قصده عثمان بن طر عَلَى المدعو قرايلك، ووصل إلى سيواس فخرج لقتاله القاضي برهان الدين بعساكر سيواس، وتقاتلا فكسر القاضي برهان الدين وقتل بظاهر سيواس، واستمرت سيواس بغير حاكم، إلى أن أرسل إليها أبو يزيد بن عثمان حاكماً، ودامت مضافة إلى مملكته إلى يومنا هذا.

وكان القاضي برهان الدين ملكاً عالماً فقيهاً حنفياً، أديباً شاعراً، ماهراً، يقول الشعر باللغات الثلاثة، وكان سبب دخوله إلى القاهرة أنه كان في ابتداء أمره حين طلبه للعلم رأى منجساً حاذقاً، فسأله عن حاله، فقال له المنجم أنت تصير سلطاناً، فقال القاضي برهان الدين إن كان ولا بد فأكون سلطان مصر فأنها أعظم الممالك، فقدم إلى القاهرة وأقام بها سنين فما صار جندياً، فقال في نفسه أقمت هذه المدة الطويلة وما صرت جندياً، فمتى أصير سلطاناً، فعاد إلى سيواس وآل أمره إلى أن ملكها.

ص: 220

قال تقي الدين المقريزي: القاضي برهان الدين أبو العباس أحمد حاكم قيصيرية وتوقات وسيواس، أعلم أن ممالك الروم كانت أخيراً لبني قليج أرسلان الذين أقاموا بها دين الإسلام لما انتزعوها من يد ملك القسطنطينية، وكان كرسيهم قونية، وأعمالهم كثيرة جداً، حَتَّى بعث منكوقان أخو هولاكو في سنة أربع وخمسين وستمائة عسكراً عليه بيكو إلى بلاد الروم فملك آرزن الروم، وغاب في بلاد الروم حَتَّى هلك، وولي الروم بعده صمغار، وغلبت التركمان عَلَى الجبال والثغور والسواحل، فولاهم هولاكو ما غلبوا عليه، وكان صمغار، فبعث الملك أبغا بن هولاكو عوضه تداون، وتوفوا في سنة خمس وسبعين وستمائة، قتلهما الملك الظاهر بيبرس، وملك قيصرية في محاربته لهما، فأقام آبغا عَلَى قنعرطاي، وتداول بعده عدة أمراء حَتَّى قام دمرداش بن جوبان سنة ثلاث

ص: 221

وعشرين وسبعمائة، فعظم ملكه، ثم قدم إلى " مصر " واستفحل أرتنا أحد أمرائه عَلَى بلاد الروم، فنزل سيواس وعملها كرسي ملكه، حَتَّى مات سنة ثلاث وخمسين، وملك بعده ابنه وأولاده، " فأخذ أولاد " دلغادر النزكماني بلاد سيس، ومات محمد بن أرتنا في حدود سنة ثمانين، فأقيم بعده صبي من أولاده، وقام بأمره " الأمير " القليج أرسلان فغدر به قاضي سيواس، وقام بأمر الصبي حَتَّى مات، وهو والد برهان صاحب الترجمة.

وكان برهان الدين هذا قد طلب العلم في صباه وقدم القاهرة، وأخذ بها عن شيوخ زمانه، فعرف بالذكاء حَتَّى حصل عَلَى طرف من العلم، فبشره بعض الفقراء بأنه يتملك بلاد الروم، وأشار إِلَيْهِ بعوده إليها، فمضى إلى سيواس، ودرس بها وصنف، ونظم الشعر، وهو يتزي بزي الأجناد ويسلك طريقة الأمراء، فيركب بالجوارح والكلاب إلى الصيد، ويلازم الخدم السلطانية، إلى أن مات ابن أرتنا عن ولد صغير اسمه محمد، فأقيم بعده، وقام الأمراء بأمره، وهم عضنفر بن ظغر، وفريدون، وابن المؤيد، وجي كلدي، وحاجي إبراهيم، وأكبرهم الذي يرجعون إليهم في الرأي والتدبير قاضي سيواس والد البرهان هذا،

ص: 222

فدبر الأمراء المذكورون مدة حياة القاضي، فلما مات ولي ابنه برهان الدين أبو العباس أحمد هذا مكانه، فسد مسده وأربى عليه بكثرة علمه وحسن سياسته وجودة تدبيره، وأخذ تدبيره، وأخذ في أحكام أمره، فأول ما بدأ به بعد تمهيد قواعده أن فرق ولايته، أعمال المملكة، عَلَى الأمراء، فأخرج ثلاثة: المؤيد وجي كلدي وحاجي إبراهيم، وبقي حول السلطان فريدون وعضنفر، فثقلا عليه واجب أن ينفرد بالأمر دونهما، فتمارض ليقعا في قبضته، فكان كذلك، فدخلا عليه يعودانه فلما استقر بهما الجلوس، فخرج عليهما من رجاله جماعة قد أقعدهما في مخدع، فقبضوا عليهما، وخرج من فوره فملك الأمر من غير منازع، ولقب بالسلطان، فلم يرضَ بذلك شيخ نجيب متولي توقات، وجي كللدي نائب أماسيه، فخرج القاضي برهان الدين واستولى عَلَى مملكة قرمان، وقاتل من عصي عليه، ونزع توقات من شيخ نجيب، واستمال إِلَيْهِ تتار الروم، وهم جمع كبير لهم بأس ومجده وشجاعة، واستضاف إِلَيْهِ الأمير عثمان قرايلك بتراكمينة فعز جانبه، ثم أن قرايلك خالف عليه ومنع تقادمه التي كان يحملها إِلَيْهِ، فلم يكترث به القاضي برهان الدين احتقاراً له، فصار قرايلك يتردد إلى ماسيه وأرزن خان إلى أن قصد ذات يوم مصيفاً بالقرب من سيواس، ومر بظاهر المدينة وبها القاضي برهان الدين، فشق عليه كونه لم يعبأ وركب عَجِلاً بغير أهبة ولا جماعة، وساق في إثره ليوقع به حَتَّى أقبل إِلَيْهِ، فكر عليه قرايلك بجماعته، فأخذه قبضاً باليد، فتفرقت عساكره شذر مذر، وكان قرايلك قد عزم عَلَى أن يعيده إلى مملكته

ص: 223