الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وُجُوبُ كِتَابَةِ الصُّكُوكِ وَالسِّجِلَاّتِ عَلَى الْقَاضِي:
7 -
قَال الشَّافِعِيَّةُ: لَا يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي عَيْنًا كَتْبُ الصُّكُوكِ، وَالسِّجِلَاّتِ؛ إِذْ يَجِبُ عَلَيْهِ إِيصَال الْحَقِّ إِلَى أَهْلِهِ، وَهَذَا يَحْصُل بِالشُّهُودِ لَا بِالصُّكُوكِ وَكِتَابَةِ السِّجِلَاّتِ؛ وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الأَْئِمَّةِ كَانُوا يَحْكُمُونَ، وَلَا يَكْتُبُونَ الْمَحَاضِرَ وَالسِّجِلَاّتِ، وَلَكِنَّهُ إِنْ سَأَل أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ كِتَابَةَ الصَّكِّ، أَوِ السِّجِل لِيَحْتَجَّ بِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي إِجَابَتُهُ إِنْ أَحْضَرَ قِرْطَاسًا أَوْ كَانَ هُنَاكَ قِرْطَاسٌ مُعَدٌّ لِذَلِكَ مِنْ بَيْتِ الْمَال. وَهَذَا رَأْيُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ (1) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي كِتَابَةُ الصَّكِّ وَالسِّجِل إِذَا طَلَبَ مِنْهُ مَنْ لَهُ مَصْلَحَةٌ فِي كِتَابَتِهِ وَأَتَى بِكَاغِدٍ، أَوْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَال كَاغِدٌ مُعَدٌّ لِذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ وَثِيقَةٌ لِلطَّالِبِ، فَلَزِمَهُ كِتَابَتُهُ، كَعَامِل الزَّكَاةِ، إِذَا طَلَبَ الْمُزَكِّي مِنْهُ كِتَابَةَ صَكٍّ مِنْهُ؛ لِئَلَاّ يُطَالِبَهُ عَامِلٌ آخَرُ،
وَكَمُعَشِّرِ تِجَارَةِ أَهْل حَرْبٍ أَوْ ذِمَّةٍ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ، طَلَبُوا مِنْهُ كِتَابَةَ صَكٍّ بِأَدَاءِ الْعُشْرِ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ لَهُمْ بَرَاءَةُ ذِمَّةٍ إِذَا مَرَّ
(1) المصادر السابقة، معين الحكام ص 95، تبصرة الحكام 2 / 191.
بِهِمْ مُعَشِّرٌ آخَرُ (1) .
أَخْذُ الأُْجْرَةِ بِالْكِتَابَةِ:
8 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى جَوَازِ أَخْذِ الأُْجْرَةِ عَلَى كَتْبِ الصُّكُوكِ، وَجَمِيعِ الْوَثَائِقِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} (2) . وَقَالُوا: إِنَّ مَنِ اسْتُبِيحَ عَمَلُهُ، وَكَدُّ خَاطِرِهِ كُلَّمَا احْتَاجَ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَضُرُّ بِهِ، وَيَسْتَغْرِقُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ، وَفِي ذَلِكَ غَايَةُ الضَّرَرِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أُجْرَةُ الْكَاتِبِ مِنْ بَيْتِ الْمَال، فَلَيْسَ لِلْقَاضِي مَنْعُ الْفُقَهَاءِ مِنْ كِتَابَةِ الْعُقُودِ، وَالْحُجَجِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِأُمُورِ الشَّرْعِ فِيمَا أَبَاحَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، إِذَا كَانَ الْكَاتِبُ فَقِيهًا عَالِمًا بِأُمُورِ الشَّرْعِ، وَشُرُوطِ انْعِقَادِ الْعُقُودِ. وَإِذَا مَنَعَ الْقَاضِي ذَلِكَ لِتَصِيرَ إِلَيْهِ هَذِهِ الأُْمُورُ كَانَ هَذَا مِنَ الْمَكْسِ.
وَإِذَا كَانَ الْقَاضِي يُرِيدُ مَنْعَ مَنْ لَا يَصْلُحُ لِذَلِكَ؛ لِئَلَاّ يَعْقِدَ عَقْدًا فَاسِدًا فَالطَّرِيقُ إِلَى ذَلِكَ أَنْ يَفْعَل كَمَا كَانَ يَفْعَل الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ، وَهُوَ تَعْزِيرُ مَنْ عَقَدَ عَقْدًا فَاسِدًا. وَيَنْبَغِي أَنْ يُسَمِّيَ الأُْجْرَةَ، وَيُعَيِّنَ الْعَمَل، فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ، وَجَاءَ الْعَمَل عَلَى مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ فَهِيَ إِجَارَةٌ صَحِيحَةٌ،
(1) كشاف القناع 6 / 267، مطالب أولي النهى 6 / 544.
(2)
سورة البقرة / 282.