الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حُرُوفٌ، لِمَا رَوَى جَابِرٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: الْقَهْقَهَةُ تَنْقُضُ الصَّلَاةَ وَلَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ (1) وَلأَِنَّهُ تَعَمَّدَ فِيهَا مَا يُنَافِيهَا، أَشْبَهَ خِطَابَ الآْدَمِيِّ.
قَال الْمَالِكِيَّةُ: وَسَوَاءٌ قَلَّتْ أَمْ كَثُرَتْ، وَسَوَاءٌ وَقَعَتْ عَمْدًا أَمْ نِسْيَانًا - لِكَوْنِهِ فِي الصَّلَاةِ - أَوْ غَلَبَةً، كَأَنْ يَتَعَمَّدَ النَّظَرَ فِي صَلَاتِهِ أَوْ الاِسْتِمَاعَ لِمَا يُضْحِكُ فَيَغْلِبُهُ الضَّحِكُ فِيهَا.
قَال الْحَنَفِيَّةُ: وَالْقَهْقَهَةُ اصْطِلَاحًا:
مَا يَكُونُ مَسْمُوعًا لَهُ وَلِجِيرَانِهِ بَدَتْ أَسْنَانُهُ أَوْ لَا، وَإِنْ عَرِيَ عَنْ ظُهُورِ الْقَافِ وَالْهَاءِ أَوْ أَحَدِهِمَا، كَمَا صَرَّحُوا بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِالضَّحِكِ دُونَ قَهْقَهَةٍ، وَهُوَ مَا كَانَ مَسْمُوعًا لَهُ فَقَطْ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ ظَهَرَ بِالضَّحِكِ حَرْفَانِ بَطَلَتِ الصَّلَاةُ وَإِلَاّ فَلَا (2) ، وَأَمَّا التَّبَسُّمُ فَلَا تَبْطُل الصَّلَاةُ بِهِ لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَبَسَّمَ فِيهَا فَلَمَّا سَلَّمَ
(1) حديث جابر: " القهقهة تنقض الصلاة ". أورده الدارقطني (1 / 172 - شركة الطباعة) بلفظ مقارب، وصوب وقفه على جابر بن عبد الله.
(2)
حاشية ابن عابدين 1 / 97، حاشية الدسوقي 1 / 286، مغني المحتاج 1 / 195، مطالب أولي النهى 1 / 520، 538.
قَال: مَرَّ بِي مِيكَائِيل فَضَحِكَ لِي فَتَبَسَّمْتُ لَهُ (1) .
هـ -
الأَْكْل وَالشُّرْبُ:
113 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِالأَْكْل وَالشُّرْبِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ. قَال الْحَنَفِيَّةُ: وَلَوْ سِمْسِمَةً نَاسِيًا. وَاسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ بَيْنَ أَسْنَانِهِ وَكَانَ دُونَ الْحِمَّصَةِ فَإِنَّهُ لَا تَفْسُدُ بِهِ الصَّلَاةُ إِذَا ابْتَلَعَهُ، وَصَرَّحُوا بِفَسَادِ الصَّلَاةِ بِالْمَضْغِ إِنْ كَثُرَ، وَتَقْدِيرُهُ بِالثَّلَاثِ الْمُتَوَالِيَاتِ. وَكَذَا تَفْسُدُ بِالسُّكَّرِ إِذَا كَانَ فِي فِيهِ يَبْتَلِعُ ذَوْبَهُ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: إِنَّ الْمُفْسِدَ: إِمَّا الْمَضْغُ، أَوْ وُصُول عَيْنِ الْمَأْكُول إِلَى الْجَوْفِ بِخِلَافِ الطَّعْمِ. قَال فِي الْبَحْرِ عَنِ الْخُلَاصَةِ: وَلَوْ أَكَل شَيْئًا مِنَ الْحَلَاوَةِ وَابْتَلَعَ عَيْنَهَا فَدَخَل فِي الصَّلَاةِ فَوَجَدَ حَلَاوَتَهَا فِي فِيهِ وَابْتَلَعَهَا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَلَوْ أَدْخَل الْفَايْنَذَ أَوِ السُّكَّرَ فِي فِيهِ، وَلَمْ يَمْضُغْهُ، لَكِنْ يُصَلِّي وَالْحَلَاوَةُ تَصِل إِلَى جَوْفِهِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ.
وَفَرَّقَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ عَمْدِ الأَْكْل وَالشُّرْبِ
(1) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم تبسم في الصلاة ". أخرجه الدارقطني (1 / 75 شركة الطباعة الفنية) من حديث جابر بن عبد الله بن دياب، وأخرجه كذلك الطبراني في المعجم الكبير مختصرًا (2 / 205 ط. وزارة الأوقاف العراقية) وأورده الهيثمي في المجمع (2 / 82 ط. القدسي)، وقال: فيه الوازع وهو ضعيف.
وَسَهْوِهِ، فَإِنْ أَكَل أَوْ شَرِبَ الْمُصَلِّي عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا إِنْ أَكَل أَوْ شَرِبَ سَهْوًا لَمْ تَبْطُل صَلَاتُهُ، وَانْجَبَرَ بِسُجُودِ السَّهْوِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِالأَْكْل وَلَوْ كَانَ قَلِيلاً، وَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا عَلَيْهِ؛ لِشِدَّةِ مُنَافَاتِهِ لِلصَّلَاةِ مَعَ نُدْرَتِهِ، وَاسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ: النَّاسِيَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ، وَالْجَاهِل بِالتَّحْرِيمِ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالإِْسْلَامِ، أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنِ الْعُلَمَاءِ فَلَا تَبْطُل صَلَاتُهُ بِالأَْكْل إِلَاّ إِذَا كَثُرَ عُرْفًا، وَلَا تَبْطُل مَا لَوْ جَرَى رِيقُهُ بِبَاقِي طَعَامٍ بَيْنَ أَسْنَانِهِ وَعَجَزَ عَنْ تَمْيِيزِهِ وَمَجِّهِ كَمَا فِي الصَّوْمِ.
وَصَرَّحُوا: بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِفَمِهِ سُكَّرَةٌ فَذَابَتْ فَبَلَعَ ذَوْبَهَا عَمْدًا، مَعَ عِلْمِهِ بِالتَّحْرِيمِ، أَوْ تَقْصِيرِهِ فِي التَّعَلُّمِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُل. كَمَا صَرَّحُوا بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِالْمَضْغِ إِنْ كَثُرَ، وَإِنْ لَمْ يَصِل إِلَى جَوْفِهِ شَيْءٌ.
وَفَرَّقَ الْحَنَابِلَةُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ صَلَاةِ الْفَرْضِ وَالنَّفَل، فَصَلَاةُ الْفَرْضِ تَبْطُل بِالأَْكْل وَالشُّرْبِ عَمْدًا، قَل الأَْكْل أَوِ الشُّرْبُ أَوْ كَثُرَ، لأَِنَّهُ يُنَافِي الصَّلَاةَ. وَأَمَّا صَلَاةُ النَّفْل فَلَا تَبْطُل بِالأَْكْل وَالشَّرَابِ إِلَاّ إِذَا كَثُرَ عُرْفًا لِقَطْعِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَ الأَْرْكَانِ.
قَال الْبُهُوتِيُّ: وَهَذَا رِوَايَةٌ، وَعَنْهُ أَنَّ
النَّفَل كَالْفَرْضِ، قَال فِي الْمُبْدِعِ وَبِهِ قَال أَكْثَرُهُمْ؛ لأَِنَّ مَا أَبْطَل الْفَرْضَ أَبْطَل النَّفَل، كَسَائِرِ الْمُبْطِلَاتِ.
وَكُل مَا سَبَقَ فِيمَا إِذَا كَانَ الأَْكْل وَالشُّرْبُ عَمْدًا، فَإِنْ كَانَ سَهْوًا أَوْ جَهْلاً فَإِنَّهُ لَا يُبْطِل الصَّلَاةَ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلاً إِذَا كَانَ يَسِيرًا؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ وَلأَِنَّ تَرْكَهُمَا عِمَادُ الصَّوْمِ، وَرُكْنُهُ الأَْصْلِيُّ، فَإِذَا لَمْ يُؤَثِّرْ فِي حَالَةِ السَّهْوِ فِي الصِّيَامِ فَالصَّلَاةُ أَوْلَى.
قَالُوا: وَلَا بَأْسَ بِبَلْعِ مَا بَقِيَ فِي فِيهِ مِنْ بَقَايَا الطَّعَامِ مِنْ غَيْرِ مَضْغٍ، أَوْ بَقِيَ بَيْنَ أَسْنَانِهِ مِنْ بَقَايَا الطَّعَامِ بِلَا مَضْغٍ مِمَّا يَجْرِي بِهِ رِيقُهُ وَهُوَ الْيَسِيرُ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى أَكْلاً، وَأَمَّا مَا لَا يَجْرِي بِهِ رِيقُهُ بَل يَجْرِي بِنَفْسِهِ - وَهُوَ مَا لَهُ جِرْمٌ - فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُل بِبَلْعِهِ لِعَدَمِ مَشَقَّةِ الاِحْتِرَازِ.
قَال الْمَجْدُ: إِذَا اقْتَلَعَ مِنْ بَيْنِ أَسْنَانِهِ مَا لَهُ جِرْمٌ وَابْتَلَعَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَنَا، وَصَرَّحُوا بِأَنَّ بَلْعَ مَا ذَابَ بِفِيهِ مِنْ سُكَّرٍ وَنَحْوِهِ كَالأَْكْل (1) .
(1) حاشية ابن عابدين 1 / 418، حاشية الدسوقي 1 / 289، مواهب الجليل 2 / 36، الخرشي على خليل 1 / 330، نهاية المحتاج 2 / 52، ومغني المحتاج 1 / 200، شرح روض الطالب 1 / 185، كشاف القناع 1 / 398.