الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَى الأَْهْلِيَّةِ، وَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إِلَى الْوِلَايَةِ، وَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ لِلتَّرَاضِي. انْظُرْ مُصْطَلَحَاتِ:(أَهْلِيَّة، تَرَاضِي، عَقْد، وِلَايَة) .
الشُّرُوطُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمُصَالَحِ عَنْهُ:
الْمُصَالَحُ عَنْهُ: هُوَ الشَّيْءُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ، وَهُوَ نَوْعَانِ: حَقُّ اللَّهِ، وَحَقُّ الْعَبْدِ.
28 -
أَمَّا حَقُّ اللَّهِ: فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي عَدَمِ صِحَّةِ الصُّلْحِ عَنْهُ. وَعَلَى ذَلِكَ، فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ حَدِّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ، بِأَنْ صَالَحَ زَانِيًا أَوْ سَارِقًا مِنْ غَيْرِهِ أَوْ شَارِبَ خَمْرٍ عَلَى مَالٍ عَلَى أَنْ لَا يَرْفَعَهُ إِلَى وَلِيِّ الأَْمْرِ؛ لأَِنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَجُوزُ، وَيَقَعُ بَاطِلاً؛ لأَِنَّ الْمُصَالِحَ بِالصُّلْحِ مُتَصَرِّفٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، إِمَّا بِاسْتِيفَاءِ كُل حَقِّهِ، أَوْ بِاسْتِيفَاءِ الْبَعْضِ وَإِسْقَاطِ الْبَاقِي، أَوْ بِالْمُعَاوَضَةِ، وَكُل ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ.
وَكَذَا إِذَا صَالَحَ مِنْ حَدِّ الْقَذْفِ، بِأَنْ قَذَفَ رَجُلاً، فَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ عَلَى أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ؛ لأَِنَّهُ وَإِنْ كَانَ لِلْعَبْدِ فِيهِ حَقٌّ، فَالْمُغَلَّبُ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمَغْلُوبُ مُلْحَقٌ بِالْعَدَمِ شَرْعًا، فَكَانَ فِي حُكْمِ الْحُقُوقِ الْمُتَمَحِّضَةِ حَقًّا لِلَّهِ عز وجل، وَهِيَ لَا تَحْتَمِل الصُّلْحَ، فَكَذَلِكَ مَا كَانَ فِي حُكْمِهَا. (انْظُرْ مُصْطَلَحَ: قَذْف) .
وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَ شَاهِدًا يُرِيدُ أَنْ يَشْهَدَ
عَلَيْهِ عَلَى مَالٍ لِيَكْتُمَ شَهَادَتَهُ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لأَِنَّ الشَّاهِدَ فِي إِقَامَةِ الشَّهَادَةِ مُحْتَسِبٌ حَقًّا لِلَّهِ عز وجل لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} (1) وَالصُّلْحُ عَنْ حُقُوقِ اللَّهِ بَاطِلٌ. (2)
وَإِذَا بَطَل الصُّلْحُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ مَا أَخَذَ؛ لأَِنَّهُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَا يَحِل لأَِحَدٍ أَخْذُ مَال أَحَدٍ إِلَاّ بِسَبَبٍ شَرْعِيٍّ. (3)
29 -
وَأَمَّا حَقُّ الْعَبْدِ: فَهُوَ الَّذِي يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْهُ عِنْدَ تَحَقُّقِ شُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّةِ، وَشُرُوطُهُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ ثَلَاثَةٌ:(4) .
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ حَقًّا ثَابِتًا لِلْمُصَالِحِ فِي الْمَحَل:
30 -
وَعَلَى ذَلِكَ: فَمَا لَا يَكُونُ حَقًّا لَهُ، أَوْ لَا يَكُونُ حَقًّا ثَابِتًا لَهُ فِي الْمَحَل لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْهُ، حَتَّى لَوْ أَنَّ امْرَأَةً طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ادَّعَتْ
(1) سورة الطلاق آية / 2.
(2)
بدائع الصنائع 6 / 48، المبدع 4 / 290، المغني لابن قدامة 4 / 550، شرح منتهى الإرادات 2 / 266، قرة عيون الأخيار 2 / 155، كشاف القناع 3 / 388، وما بعدها.
(3)
أعلام الموقعين (مطبعة السعادة 1 / 108) .
(4)
جاء في م (1028)، من مرشد الحيران: يشترط أن يكون المصالح عنه حقا للمصالح ثابتا في المحل يجوز أخذ البدل في مقابلته، سواء كان مالا: كالعين والدين أو غير مال: كالمنفعة وحق القصاص والتعزير، ويشترط أن يكون معلوما إن كان مما يحتاج إلى التسليم، وانظر قرة عيون الأخيار 2 / 155.