الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْجَهْل يَمْنَعُهُ. (1)
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ، فَقَدْ فَصَّلُوا فِي الْمَسْأَلَةِ وَقَالُوا: يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُصَالَحِ بِهِ مَعْلُومًا إِنْ كَانَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَى الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ؛ لأَِنَّ جَهَالَةَ الْبَدَل تُؤَدِّي إِلَى الْمُنَازَعَةِ، فَتُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ، أَمَّا إِذَا كَانَ شَيْئًا لَا يَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ فَلَا يُشْتَرَطُ مَعْلُومِيَّتُهُ، مِثْل أَنْ يَدَّعِيَ حَقًّا فِي دَارِ رَجُلٍ، وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا فِي أَرْضٍ بِيَدِ الْمُدَّعِي فَاصْطَلَحَا عَلَى تَرْكِ الدَّعْوَى جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ كُلٌّ مِنْهُمَا مِقْدَارَ حَقِّهِ؛ لأَِنَّ جَهَالَةَ السَّاقِطِ لَا تُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ. (2) قَال الْكَاسَانِيُّ: لأَِنَّ جَهَالَةَ الْبَدَل لَا تَمْنَعُ جَوَازَ الْعَقْدِ لِعَيْنِهَا، بَل لإِِفْضَائِهَا إِلَى الْمُنَازَعَةِ الْمَانِعَةِ مِنَ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ، فَإِذَا كَانَ مَالاً يُسْتَغْنَى عَنَ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ فِيهِ، لَا يُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ فَلَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ (3)
آثَارُ الصُّلْحِ:
34 -
قَال الْفُقَهَاءُ: إِنَّ الآْثَارَ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَى انْعِقَادِ الصُّلْحِ هُوَ حُصُول الْبَرَاءَةِ عَنِ
(1) شرح منتهى الإرادات 2 / 263، المبدع 4 / 284، كشاف القناع 3 / 384.
(2)
قرة عيون الأخيار 2 / 154، البدائع 6 / 48، وانظر م (1029) من مرشد الحيران وم (1547) من المجلة العدلية.
(3)
البدائع 6 / 48.
الدَّعْوَى وَوُقُوعُ الْمِلْكِ فِي بَدَل الصُّلْحِ لِلْمُدَّعِي، وَفِي الْمُصَالَحِ بِهِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِمَّا يَحْتَمِل التَّمْلِيكَ، وَأَنَّ الصُّلْحَ يُعْتَبَرُ بِأَقْرَبِ الْعُقُودِ إِلَيْهِ - إِذِ الْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ لِلْمَقَاصِدِ وَالْمَعَانِي لَا لِلأَْلْفَاظِ وَالْمَبَانِي - فَمَا كَانَ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ أَوِ الإِْجَارَةِ أَوِ الإِْسْقَاطِ أَخَذَ حُكْمَهُ.
وَعَلَى ذَلِكَ قَالُوا: إِذَا تَمَّ الصُّلْحُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ دَخَل بَدَل الصُّلْحِ فِي مِلْكِ الْمُدَّعِي، وَسَقَطَتْ دَعْوَاهُ الْمُصَالَحُ عَنْهَا، فَلَا يُقْبَل مِنْهُ الاِدِّعَاءُ بِهَا ثَانِيًا، وَلَا يَمْلِكُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اسْتِرْدَادَ بَدَل الصُّلْحِ الَّذِي دَفَعَهُ لِلْمُدَّعِي. (1)
وَجَاءَ فِي م (1556) مِنْ مَجَلَّةِ الأَْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ: إِذَا تَمَّ الصُّلْحُ فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنَ الطَّرَفَيْنِ - فَقَطْ - الرُّجُوعُ، وَيَمْلِكُ الْمُدَّعِي بِالصُّلْحِ بَدَلَهُ، وَلَا يَبْقَى لَهُ حَقٌّ فِي الدَّعْوَى، وَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ - أَيْضًا - اسْتِرْدَادُ بَدَل الصُّلْحِ.
وَأَصْل ذَلِكَ: أَنَّ الصُّلْحَ مِنَ الْعُقُودِ اللَاّزِمَةِ، فَلِذَلِكَ لَا يَمْلِكُ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ فَسْخَهُ، أَوِ الرُّجُوعَ عَنْهُ بَعْدَ تَمَامِهِ. أَمَّا إِذَا لَمْ يَتِمَّ فَلَا حُكْمَ لَهُ وَلَا أَثَرَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ.
فَلَوِ
(1) قرة عيون الأخيار 2 / 157، وم (1045) من مرشد الحيران، بدائع الصنائع 6 / 53.