الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَفٌّ
التَّعْرِيفُ:
1 -
الصَّفُّ فِي اللُّغَةِ: السَّطْرُ الْمُسْتَقِيمُ مِنْ كُل شَيْءٍ، وَالْقَوْمُ الْمُصْطَفُّونَ وَجَعْل الشَّيْءِ - كَالنَّاسِ وَالأَْشْجَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ - عَلَى خَطٍّ مُسْتَوٍ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} (1) وَصَافَّ الْجَيْشُ عَدُوَّهُ: قَاتَلَهُ صُفُوفًا، وَتَصَافَّ الْقَوْمُ: وَقَفُوا صُفُوفًا مُتَقَابِلَةً (2) .
وَلَا يَخْرُجُ مَعْنَاهُ الاِصْطِلَاحِيُّ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالصَّفِّ:
أَوَّلاً: تَسْوِيَةُ الصَّفِّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ:
2 -
ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَسْوِيَةُ الصُّفُوفِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ بِحَيْثُ لَا يَتَقَدَّمُ بَعْضُ الْمُصَلِّينَ عَلَى الْبَعْضِ الآْخَرِ، وَيَعْتَدِل الْقَائِمُونَ فِي الصَّفِّ عَلَى سَمْتٍ وَاحِدٍ مَعَ
(1) سورة الصف / 4.
(2)
لسان العرب، المصباح المنير، والمعجم الوسيط مادة (صف) .
التَّرَاصِّ، وَهُوَ تَلَاصُقُ الْمَنْكِبِ بِالْمَنْكِبِ، وَالْقَدَمِ بِالْقَدَمِ، وَالْكَعْبِ بِالْكَعْبِ حَتَّى لَا يَكُونَ فِي الصَّفِّ خَلَلٌ وَلَا فُرْجَةٌ، وَيُسْتَحَبُّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَأْمُرَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ (1) وَفِي رِوَايَةٍ: فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ (2) وَفِي رِوَايَةٍ: وَأَقِيمُوا الصَّفَّ فَإِنَّ إِقَامَةَ الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ الصَّلَاةِ (3) وَلِمَا رَوَاهُ أَنَسٌ رضي الله عنه قَال: أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَأَقْبَل عَلَيْنَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِوَجْهِهِ فَقَال: أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، وَتَرَاصُّوا فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي (4) .
(1) حديث: " سووا صفوفكم، فإن تسوية الصف من تمام الصلاة " أخرجه مسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعا (1 / 324ط. عيسي الحلبي) .
(2)
ورواية: " فإن تسوية الصفوف من إتمام الصلاة " أخرجه مسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه (فتح الباري 2 / 209ط. السلفية) .
(3)
ورواية: " أقيموا الصف فإن إقامة الصف من حسن الصلاة " أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 209ط. السلفية) ومسلم (صحيح مسلم 1 / 324ط. الحلبي) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا.
(4)
حديث: " أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بواجهة فقال: أقيموا صفوفكم وتراصوا فإني أراكم من وراء ظهري " أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 208ط. السلفية) ، وجامع الأصول (5 / 607 نشر مكتبة الحلواني) .
وَفِي رِوَايَةٍ: وَكَانَ أَحَدُنَا يَلْزَقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ (1)
وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ - مِنْهُمُ ابْنُ حَجَرٍ وَبَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ - إِلَى وُجُوبِ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ (2) فَإِنَّ وُرُودَ هَذَا الْوَعِيدِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ التَّسْوِيَةِ، وَالتَّفْرِيطُ فِيهَا حَرَامٌ؛ وَلأَِمْرِهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ وَأَمْرُهُ لِلْوُجُوبِ مَا لَمْ يَصْرِفْهُ صَارِفٌ، وَلَا صَارِفَ هُنَا.
قَال ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ: وَمَعَ الْقَوْل بِأَنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ وَاجِبَةٌ فَصَلَاةُ مَنْ خَالَفَ وَلَمْ يُسَوِّ صَحِيحَةٌ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ: أَنَّ أَنَسًا مَعَ إِنْكَارِهِ عَلَيْهِمْ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ (3) .
(1) ورواية: " وكان أحدنا يلزق منكبه بمكنب صاحبه وقدمه بقدمه " أخرجه البخاري من حديث أنس رضي الله عنه (فتح الباري 2 / 211ط. السلفية) .
(2)
حديث: " لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ". أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 206 - 207 ط. السلفية) ومسلم 1 / 324 ط. عيسي الحلبي) من حديث نعمان بن بشير رضي الله عنهما.
(3)
مغني المحتاج 1 / 248، البدائع 1 / 159، كشاف القناع 1 / 328، سبل السلام 2 / 47، دليل الفالحين 2 / 563، نيل الأوطار 3 / 212، الفواكه الدواني 1 / 246، فتح الباري 2 / 206.
3 -
وَمِنْ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ إِكْمَال الصَّفِّ الأَْوَّل فَالأَْوَّل، وَأَنْ لَا يُشْرَعَ فِي إِنْشَاءِ الصَّفِّ الثَّانِي إِلَاّ بَعْدَ كَمَال الأَْوَّل، وَهَكَذَا. وَهَذَا مَوْضِعُ اتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: أَتِمُّوا الصَّفَّ الْمُقَدَّمَ ثُمَّ الَّذِي يَلِيَهُ، فَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ فَلْيَكُنْ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ (1) وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ وَصَل صَفًّا وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللَّهُ (2) .
وَعَلَيْهِ فَلَا يَقِفُ فِي صَفٍّ وَأَمَامَهُ صَفٌّ آخَرُ نَاقِصٌ أَوْ فِيهِ فُرْجَةٌ، بَل يَشُقُّ الصُّفُوفَ لِسَدِّ الْخَلَل أَوِ الْفُرْجَةِ الْمَوْجُودَةِ فِي الصُّفُوفِ الَّتِي أَمَامَهُ؛ لِلأَْحَادِيثِ السَّابِقَةِ (3) .
فَإِذَا حَضَرَ مَعَ الإِْمَامِ رَجُلَانِ أَوْ أَكْثَرُ، أَوْ رَجُلٌ وَصَبِيٌّ اصْطَفَّا خَلْفَهُ.
(1) حديث: " أتموا الصف المقدم ثم الذي يليه فما كان من نقص فليكن في الصف المؤخر ". أخرجه أبو داود (سنن أبي داود 1 / 435 ط إستانبول) والنسائي (سنن النسائي 2 / 93 نشر مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب) من حديث أنس رضي الله عنه مرفوعا، وإسناده صحيح (شرح السنة للبغوي بتحقيق الأرناؤوط 3 / 374) .
(2)
حديث: " من وصل صفا وصله الله ومن قطع صفا قطعه الله " أخرجه أبو داود (سنن أبو داود 1 / 433 ط. إستانبول) والنسائي (2 / 93 نشر مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. وإسناده حسن (جامع الأصول 5 / 609 - 610 نشر مكتب الحلواني) .
(3)
المصادر السابقة
وَلَوْ حَضَرَ مَعَهُ رَجُلَانِ وَامْرَأَةٌ اصْطَفَّ الرَّجُلَانِ خَلْفَهُ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُمَا، وَلَوِ اجْتَمَعَ الرِّجَال وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ وَالصَّبِيَّاتُ الْمُرَاهِقَاتُ وَأَرَادُوا أَنْ يَصْطَفُّوا لِلْجَمَاعَةِ وَقَفَ الرِّجَال فِي صَفٍّ أَوْ صَفَّيْنِ أَوْ صُفُوفٍ مِمَّا يَلِي الإِْمَامَ، ثُمَّ الصِّبْيَانُ بَعْدَهُمْ، وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَقِفُ بَيْنَ كُل رَجُلَيْنِ صَبِيٌّ لِيَتَعَلَّمَ أَفْعَال الصَّلَاةِ.
ثُمَّ يَقِفُ النِّسَاءُ وَلَا فَرْقَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ بَيْنَ الْكَبِيرَةِ وَالصَّبِيَّةِ الْمُرَاهِقَةِ.
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَيَرَوْنَ أَنَّ الصَّبِيَّاتِ الْمُرَاهِقَاتِ يَقِفْنَ وَرَاءَ النِّسَاءِ الْكَبِيرَاتِ. وَيَتَقَدَّمُ بِالنِّسْبَةِ لِهَؤُلَاءِ جَمِيعًا فِي الصُّفُوفِ الأُْوَل الأَْفْضَل فَالأَْفْضَل لِمَا رَوَاهُ أَبُو مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَال: كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ وَيَقُول: اسْتَوُوا وَلَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ؛ لِيَلِيَنِّي مِنْكُمْ أُولُو الأَْحْلَامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ (1) .
وَلِمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَالِكٍ الأَْشْعَرِيِّ قَال: أَلَا أُحَدِّثُكُمْ
(1) حديث: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ليليني منكم أولوا الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ". أخرجه مسلم من حديث أبي مسعود رضي الله عنه (صحيح مسلم 1 / 323 ط. عيسي الحلبي)
بِصَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قَال: فَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَصَفَّ الرِّجَال وَصَفَّ خَلْفَهُمُ الْغِلْمَانَ ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ، فَذَكَرَ صَلَاتَهُ ثُمَّ قَال: هَكَذَا صَلَاةُ. قَال عَبْدُ الأَْعْلَى - رَاوِي الْحَدِيثِ -: لَا أَحْسَبُهُ إِلَاّ قَال: صَلَاةُ أُمَّتِي (1) .
وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ مَعَ الإِْمَامِ إِلَاّ جَمْعٌ مِنَ النِّسَاءِ صَفَّهُنَّ خَلْفَهُ، وَكَذَا الاِثْنَتَانِ وَالْوَاحِدَةُ. وَمِنْ أَدَبِ الصَّفِّ أَنْ تُسَدَّ الْفُرَجُ وَالْخَلَل، وَأَنْ لَا يُشْرَعَ فِي صَفٍّ حَتَّى يَتِمَّ الأَْوَّل، وَأَنْ يُفْسَحَ لِمَنْ يُرِيدُ دُخُول الصَّفِّ إِذَا كَانَتْ هُنَاكَ سِعَةٌ، وَيَقِفُ الإِْمَامُ وَسَطَ الصَّفِّ وَالْمُصَلُّونَ خَلْفَهُ (2) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: وَسِّطُوا الإِْمَامَ وَسُدُّوا الْخَلَل (3) " وَمُقَابِل
(1) حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: " ألا أحدثكم بصلاة النبي صلي الله عليه وسلم: قال: فأقام الصلاة وصف الرجال، وصف خلفهم الغلمان، ثم صلى بهم فذكر صلاته ثم قال: هكذا الصلاة، قال عبد الأعلى - راوي الحديث - لا أحسبه إلا قال: صلاة أمتي " أخرجه أبو
(2)
المصادر السابقة.
(3)
حديث: " وسطوا الأمام وسدوا الخلل " أخرجه أبو داود (سنن أبو داود 1 / 439 ط. إستانبول) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وسكت عنه أبو داود والمنذري (مختصر سنن أبو داود للمنذري 1 / 336 نشر دار المعرفة) قال في المهذب: سنده لين قال المناوي: / وأصله قول عبد الحق: ليس إسناده بقوي ولا مشهور. قال ابن القطان: لم يبين علته، وهي أن فيه يحيى بن بشير بن خلاد وأمه وهما مجهولان. فيض القدير 6 / 3462 نشر المكتبة التجارية) .