الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَصْدٍ إِلَى قَطْعِ الْمَسَافَةِ فَلَا يُعَدُّ مُسَافِرًا، وَلَا يَتَرَخَّصُ (1) .
تَحْدِيدُ أَقَل مَسَافَةِ السَّفَرِ بِالأَْيَّامِ:
11 -
أَقَل هَذِهِ الْمَسَافَةِ مُقَدَّرٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي التَّقْدِيرِ (2) .
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَاللَّيْثُ وَالأَْوْزَاعِيُّ: إِلَى أَنَّ أَقَل مُدَّةِ السَّفَرِ مَسِيرَةُ يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ بِلَا لَيْلَةٍ، أَوْ مَسِيرَةُ لَيْلَتَيْنِ مُعْتَدِلَتَيْنِ بِلَا يَوْمٍ، أَوْ مَسِيرَةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.
وَذَلِكَ؛ لأَِنَّهُمْ قَدَّرُوا السَّفَرَ بِالأَْمْيَال، وَاعْتَبَرُوا ذَلِكَ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ مِيلاً، وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ، وَتُقَدَّرُ بِسَيْرِ يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: يَا أَهْل مَكَّةَ: لَا تَقْصُرُوا الصَّلَاةَ فِي أَدْنَى مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ، مِنْ مَكَّةَ إِلَى عُسْفَانَ (3) وَلأَِنَّ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ كَانَا يَقْصُرَانِ وَيُفْطِرَانِ فِي أَرْبَعَةِ بُرُدٍ فَمَا فَوْقَهَا، وَلَا يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ، وَأَسْنَدَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، مِثْل هَذَا لَا يَكُونُ
(1) البدائع 1 / 94، 95، وفتح القدير 1 / 393 والمراجع السابقة.
(2)
البدائع 1 / 93، وبداية المجتهد 1 / 162.
(3)
حديث: " يا أهل مكة لا تقصروا في أقل من أربعة برد ". أخرجه الدارقطني (1 / 387 ط دار المحاسن) من حديث ابن عباس، وضعف إسناده ابن حجر في التلخيص (2 / 46 ط شركة الطباعة الفنية) .
إِلَاّ عَنْ تَوْقِيفٍ، وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ، وَقَال الأَْثْرَمُ: قِيل لأَِبِي عَبْدِ اللَّهِ: فِي كَمْ تُقْصَرُ الصَّلَاةُ؟ قَال: فِي أَرْبَعَةِ بُرُدٍ، قِيل لَهُ: مَسِيرَةُ يَوْمٍ تَامٍّ؟ قَال: لَا، أَرْبَعَةُ بُرُدٍ: سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا: مَسِيرَةُ يَوْمَيْنِ. وَقَدْ قَدَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ عُسْفَانَ إِلَى مَكَّةَ مُسْتَدِلًّا بِالْحَدِيثِ السَّابِقِ (1) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ أَقَل مَسَافَةِ السَّفَرِ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أَنَّهُ سُئِل عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَال: جَعَل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ (2) ، فَقَدْ جَعَل النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِكُل مُسَافِرٍ أَنْ يَمْسَحَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهَا، وَلَنْ يُتَصَوَّرَ أَنْ يَمْسَحَ الْمُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهَا، وَمُدَّةُ السَّفَرِ أَقَل مِنْ هَذِهِ الْمُدَّةِ. وَكَذَلِكَ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِل لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ ثَلَاثِ لَيَالٍ إِلَاّ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ (3) ، فَلَوْ لَمْ تَكُنِ الْمُدَّةُ مُقَدَّرَةً بِالثَّلَاثِ لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِ الثَّلَاثِ مَعْنًى.
(1) الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 591، ومغني المحتاج 1 / 264، وكشاف القناع 1 / 325.
(2)
حديث: " جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوما وليلة للمقيم ". أخرجه مسلم (1 / 232 - ط. الحلبي) .
(3)
حديث: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر. . . ". أخرجه مسلم (2 / 975 - ط. الحلبي) من حديث ابن عمر.