الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الَّذِي لَكَ عَلَى فُلَانٍ بِخَمْسِمِائَةٍ صَحَّ الصُّلْحُ؛ لأَِنَّهُ إِنْ كَانَ قَدْ وَكَّلَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَقَدْ قَضَى دَيْنَهُ بِإِذْنِهِ، وَإِنْ لَمْ يُوَكِّلْهُ فَقَدْ قَضَى دَيْنَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَذَلِكَ جَائِزٌ. وَمِثْل ذَلِكَ مَا لَوْ قَال لَهُ الأَْجْنَبِيُّ: وَكَّلَنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُصَالَحَتِكَ عَلَى نِصْفِهِ، أَوْ عَلَى ثَوْبِهِ هَذَا، فَصَالَحَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَإِنْ صَالَحَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَقَال: صَالِحْنِي عَنْ هَذَا الدَّيْنِ لِيَكُونَ لِي فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ - بِنَاءً عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ.
أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ؛ لأَِنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِ مَا فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
وَالثَّانِي: يَصِحُّ كَمَا لَوِ اشْتَرَى وَدِيعَةً فِي يَدِ غَيْرِهِ.
وَالثَّانِيَةُ: مَعَ إِنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ:
وَفِي هَذِهِ الْحَال - أَيْضًا - فَرَّقُوا بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَيْنًا أَوْ دَيْنًا.
أ - فَإِنْ كَانَ عَيْنًا، وَصَالَحَهُ الأَْجْنَبِيُّ عَنِ الْمُنْكِرِ ظَاهِرًا بِقَوْلِهِ: أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدِي وَوَكَّلَنِي فِي مُصَالَحَتِكَ لَهُ، إِلَاّ أَنَّهُ لَا يُظْهِرُ إِقْرَارَهُ لِئَلَاّ تَنْتَزِعَهُ مِنْهُ، فَصَالَحَهُ صَحَّ ذَلِكَ؛ لأَِنَّ دَعْوَى الإِْنْسَانِ الْوَكَالَةَ فِي الْمُعَامَلَاتِ مَقْبُولَةٌ. (1) قَال الشِّيرَازِيُّ: لأَِنَّ الاِعْتِبَارَ
(1) ومحله - كما قال الإمام الغزالي - إذا لم يعد المدعى عليه الإنكار بعد دعوى الوكالة، فلو أعاده كان عزلا، فلا يصح الصلح عنه. (أسنى المطالب 2 / 217 ونهاية المحتاج 4 / 377) .
بِالْمُتَعَاقِدِينَ، وَقَدِ اتَّفَقَا عَلَى مَا يَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَيْهِ فَجَازَ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِيهِ: فَإِنْ كَانَ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي الصُّلْحِ مَلَكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْعَيْنَ؛ لأَِنَّهُ ابْتَاعَهُ لَهُ وَكِيلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَذِنَ لَهُ فِي الصُّلْحِ لَمْ يَمْلِكِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْعَيْنَ؛ لأَِنَّهُ ابْتَاعَ لَهُ عَيْنًا بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَلَمْ يَمْلِكْهُ. (1)
وَلَوْ قَال الأَْجْنَبِيُّ لِلْمُدَّعِي: هُوَ مُنْكِرٌ، غَيْرَ أَنَّهُ مُبْطِلٌ، فَصَالِحْنِي لَهُ عَلَى دَارِي هَذِهِ لِتَنْقَطِعَ الْخُصُومَةُ بَيْنَكُمَا فَلَا يَصِحُّ عَلَى الأَْصَحِّ؛ لأَِنَّهُ صُلْحُ إِنْكَارٍ. (2)
وَإِنْ صَالَحَ لِنَفْسِهِ فَقَال: هُوَ مُبْطِلٌ فِي إِنْكَارِهِ؛ لأَِنَّكَ صَادِقٌ عِنْدِي، فَصَالِحْنِي لِنَفْسِي بِدَارِي هَذِهِ أَوْ بِعَشَرَةٍ فِي ذِمَّتِي فَهُوَ كَشِرَاءِ الْمَغْصُوبِ، فَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى انْتِزَاعِهِ فَيَصِحُّ، وَبَيْنَ مَا إِذَا كَانَ عَاجِزًا عَنِ انْتِزَاعِهِ فَلَا يَصِحُّ.
(3)
ب - وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى دَيْنًا: وَقَال الأَْجْنَبِيُّ: أَنْكَرَ الْخَصْمُ وَهُوَ مُبْطِلٌ، فَصَالِحْنِي لَهُ بِدَابَّتِي هَذِهِ لِتَنْقَطِعَ الْخُصُومَةُ بَيْنَكُمَا، فَقَبِل صَحَّ الصُّلْحُ، إِذْ لَا يَتَعَذَّرُ قَضَاءُ دَيْنِ الْغَيْرِ بِدُونِ إِذْنِهِ، بِخِلَافِ تَمْلِيكِ
(1) المهذب 1 / 340.
(2)
والوجه الثاني: يصح؛ لأن الاعتبار في شروط العقد بمن يباشر، وهما متفقان. (روضة الطالبين 4 / 201) .
(3)
نهاية المحتاج 4 / 378.