الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ، إِلَاّ أَنَّ مَالِكًا كَرِهَ لِلْمَأْمُومِ - أَيْضًا - التَّطَوُّعَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَحَوَّل (1) .
وَقَدْ رَوَى عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا يُصَل الإِْمَامُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ حَتَّى يَتَحَوَّل (2) .
الْجَمَاعَةُ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ:
18 -
الْجَمَاعَةُ سُنَّةٌ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَهِيَ لَيْسَتْ بِتَطَوُّعٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (3) . (ر: صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ) .
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ سُنَّةٌ فِي الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ، وَكَذَلِكَ فِي صَلَاةِ الاِسْتِسْقَاءِ إِلَاّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ لَا جَمَاعَةَ فِيهَا عِنْدَهُ؛ لأَِنَّهُ لَا صَلَاةَ فِيهَا (4) .
وَالْجَمَاعَةُ فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ سُنَّةٌ عِنْدَ
(1) المدونة 1 / 99، والمغني 1 / 562.
(2)
حديث المغيرة بن شعبة: (لايصل الإمام في الموضع الذي صلى فيه) . أخرجه أبو داود (1 / 409 - 410) - تحقيق عزت عبيد دعاس وقال: " عطاء الخراساني لم يدرك المغيرة بن شعبة ".
(3)
البدائع 1 / 275، وابن عابدين 1 / 371، وكشاف القناع 1 / 455، والدسوقي 1 / 320، ومغني المحتاج 1 / 225.
(4)
البدائع 1 / 280، 282، 283، والدسوقي 1 / 320 وكشاف القناع 1 / 414، ومغني المحتاج 1 / 225.
الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَمُسْتَحَبَّةٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (1) .
وَالْجَمَاعَةُ فِي صَلَاةِ الْوِتْرِ سُنَّةٌ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَمُسْتَحَبَّةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (2) .
أَمَّا مَا عَدَا مَا ذُكِرَ مِمَّا تُسَنُّ لَهُ الْجَمَاعَةُ فَالأَْصْل فِيهِ أَنْ يُصَلَّى عَلَى انْفِرَادٍ لَكِنْ لَوْ صَلَّى جَمَاعَةً جَازَ (3) لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَل الأَْمْرَيْنِ كِلَيْهِمَا وَكَانَ أَكْثَرُ تَطَوُّعِهِ مُنْفَرِدًا وَصَلَّى بِأَنَسٍ وَأُمِّهِ وَالْيَتِيمِ (4) .
الْجَهْرُ وَالإِْسْرَارُ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ:
19 -
يُسْتَحَبُّ الْجَهْرُ بِالنَّوَافِل لَيْلاً مَا لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى مُصَلٍّ آخَرَ، وَالإِْسْرَارُ نَهَارًا. وَإِنَّمَا جَهَرَ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ لِحُضُورِ أَهْل الْبَوَادِي وَالْقُرَى كَيْ يَسْمَعُوهُ فَيَتَعَلَّمُوهُ وَيَتَّعِظُوا بِهِ. وَانْظُرْ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي:(جَهْرٌ ف 18) .
الْوُقُوفُ وَالْقُعُودُ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ:
20 -
يَجُوزُ التَّطَوُّعُ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ؛ لأَِنَّ التَّطَوُّعَ خَيْرٌ دَائِمٌ، فَلَوْ أَلْزَمْنَاهُ
(1) البدائع 1 / 288، والدسوقي 1 / 320، ومغني المحتاج 1 / 225، وشرح منتهى الإرادات 1 / 224.
(2)
شرح منتهى الإرادات 1 / 224، ومغني المحتاج 1 / 223، حاشية ابن عابدين 1 / 371.
(3)
المغني 2 / 142، ومغني المحتاج 1 / 220، والبدائع 1 / 158 - 159، والدسوقي 1 / 320.
(4)
حديث صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم بأنس وأمه واليتيم. أخرجه البخاري 1 / 488 ومسلم (1 / 457) .
الْقِيَامَ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ إِدَامَةُ هَذَا الْخَيْرِ (1) .
وَلأَِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَشُقُّ عَلَيْهِ طُول الْقِيَامِ، فَلَوْ وَجَبَ فِي التَّطَوُّعِ لَتُرِكَ أَكْثَرُهُ، فَسَامَحَ الشَّارِعُ فِي تَرْكِ الْقِيَامِ فِيهِ تَرْغِيبًا فِي تَكْثِيرِهِ كَمَا سَامَحَ فِي فِعْلِهِ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي السَّفَرِ (2) .
وَالأَْصْل فِي جَوَازِ النَّفْل قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ مَا رَوَتْ عَائِشَةُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي جَالِسًا، فَيَقْرَأُ وَهُوَ جَالِسٌ، فَإِذَا بَقِيَ مِنْ قِرَاءَتِهِ قَدْرُ مَا يَكُونُ ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً، قَامَ فَقَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ يَفْعَل فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْل ذَلِكَ (3) .
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ مَا يُفِيدُ التَّخْيِيرَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بَيْنَ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ، حَيْثُ فَعَل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم الأَْمْرَيْنِ، كَمَا زَادَتْ عَائِشَةُ: أَنَّهَا لَمْ تَرَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي صَلَاةَ اللَّيْل قَاعِدًا قَطُّ حَتَّى أَسَنَّ، فَكَانَ يَقْرَأُ قَاعِدًا حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَقَرَأَ نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِينَ آيَةً أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً ثُمَّ رَكَعَ (4) .
(1) البدائع 2 / 746.
(2)
المغني 2 / 242.
(3)
حديث عائشة: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى جالسا ". أخرجه مسلم (1 / 505 - ط. الحلبي) .
(4)
حديث عائشة: " أنها لم تر رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الليل قاعدا ". أخرجه البخاري (الفتح 2 / 589 - ط. السلفية) .
وَعَنْهَا أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي لَيْلاً طَوِيلاً قَائِمًا، وَلَيْلاً طَوِيلاً قَاعِدًا، وَكَانَ إِذَا قَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَائِمٌ، وَإِذَا قَرَأَ وَهُوَ قَاعِدٌ رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَاعِدٌ (1) .
وَلَوِ افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ قَائِمًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَقْعُدَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ اسْتِحْسَانًا؛ لأَِنَّهُ مُتَبَرِّعٌ وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ فِي الاِبْتِدَاءِ فَكَذَا بَعْدَ الشُّرُوعِ؛ لأَِنَّهُ مُتَبَرِّعٌ أَيْضًا.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لأَِنَّ الشُّرُوعَ مُلْزِمٌ كَالنَّذْرِ، وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ قَائِمًا لَا يَجُوزُ لَهُ الْقُعُودُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَكَذَا إِذَا شَرَعَ قَائِمًا.
وَلَوِ افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ قَاعِدًا فَأَدَّى بَعْضَهَا قَاعِدًا، وَبَعْضَهَا قَائِمًا أَجْزَأَهُ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمِ، فَقَدِ انْتَقَل مِنَ الْقُعُودِ إِلَى الْقِيَامِ، وَمِنَ الْقِيَامِ إِلَى الْقُعُودِ، فَدَل عَلَى أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ (2) .
وَقَدْ نُقِل عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَدَمُ جَوَازِ صَلَاةِ سُنَّةِ الْفَجْرِ وَالتَّرَاوِيحِ قَاعِدًا، لأَِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ (3) .
(1) حديث عائشة: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى ليلا طويلا قائما ". أخرجه مسلم 1 / 504 - ط. الحلبي) .
(2)
البدائع 2 / 747، وكشاف القناع 1 / 441.
(3)
ابن عابدين 2 / 14.