الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَقِّهِ، وَيَكُونُ قَدِ الْتَزَمَ بَدَل الصُّلْحِ مُقَابِل إِسْقَاطِ الْيَمِينِ عَنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لِلْفُضُولِيِّ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِبَدَل الصُّلْحِ الَّذِي أَدَّاهُ، طَالَمَا أَنَّ الصُّلْحَ لَمْ يَكُنْ بِأَمْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. قَال السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي (التُّحْفَةِ) : وَإِنَّمَا كَانَ هَكَذَا، لأَِنَّ التَّبَرُّعَ بِإِسْقَاطِ الدَّيْنِ، بِأَنْ يَقْضِيَ دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ صَحِيحٌ، وَالتَّبَرُّعُ بِإِسْقَاطِ الْخُصُومَةِ عَنْ غَيْرِهِ صَحِيحٌ، وَالصُّلْحُ عَنْ إِقْرَارٍ إِسْقَاطٌ لِلدَّيْنِ، وَالصُّلْحُ عَنْ إِنْكَارٍ إِسْقَاطٌ لِلْخُصُومَةِ، فَيَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ. (1)
وَالثَّانِي: أَنْ يُضِيفَ الْفُضُولِيُّ الصُّلْحَ إِلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، بِأَنْ يَقُول لِلْمُدَّعِي: تَصَالَحْ مَعَ فُلَانٍ عَنْ دَعْوَاكَ. وَلِهَذَا الْوَجْهِ خَمْسُ صُوَرٍ: فِي أَرْبَعٍ مِنْهَا يَكُونُ الصُّلْحُ لَازِمًا، وَفِي الْخَامِسَةِ مِنْهَا يَكُونُ مَوْقُوفًا.
وَوَجْهُ الْحَصْرِ فِي هَذَا الْوَجْهِ: أَنَّ الْفُضُولِيَّ إِمَّا أَنْ يَضْمَنَ بَدَل الصُّلْحِ أَوْ لَا يَضْمَنَ، وَإِذَا لَمْ يَضْمَنْ، فَإِمَّا أَنْ يُضِيفَ الصُّلْحَ إِلَى مَالِهِ أَوْ لَا يُضِيفَهُ. وَإِذَا لَمْ يُضِفْهُ، فَإِمَّا أَنْ يُشِيرَ إِلَى نَقْدٍ أَوْ عَرَضٍ أَوْ لَا يُشِيرَ. وَإِذَا لَمْ يُشِرْ، فَإِمَّا أَنْ يُسَلِّمَ الْعِوَضَ أَوْ لَا يُسَلِّمَ. فَالصُّوَرُ خَمْسٌ هِيَ:
الصُّورَةُ الأُْولَى:
أَنْ يَضْمَنَ الْفُضُولِيُّ
(1) تحفة الفقهاء 3 / 433.
بَدَل الصُّلْحِ، كَمَا إِذَا قَال الْفُضُولِيُّ لِلْمُدَّعِي: صَالِحْ فُلَانًا عَنْ دَعْوَاكَ مَعَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَأَنَا ضَامِنٌ لَكَ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ وَقَبِل الْمُدَّعِي تَمَّ الصُّلْحُ وَصَحَّ؛ لأَِنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ يَحْصُل لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ سِوَى الْبَرَاءَةِ، فَكَمَا أَنَّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْصُل عَلَى بَرَاءَتِهِ بِنَفْسِهِ، فَلِلأَْجْنَبِيِّ - أَيْضًا - أَنْ يَحْصُل عَلَى بَرَاءَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمِ الْفُضُولِيَّ بَدَل الصُّلْحِ بِسَبَبِ عَقْدِهِ الصُّلْحَ - مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ سَفِيرًا - إِلَاّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ بِسَبَبِ ضَمَانِهِ.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ:
أَنْ لَا يَضْمَنَ الْفُضُولِيُّ بَدَل الصُّلْحِ إِلَاّ أَنَّهُ يُضِيفُهُ إِلَى مَالِهِ، كَأَنْ يَقُول الْفُضُولِيُّ: قَدْ صَالَحْتُ عَلَى مَالِي الْفُلَانِيِّ، أَوْ عَلَى فَرَسِي هَذِهِ، أَوْ عَلَى دَرَاهِمِي هَذِهِ الأَْلْفِ فَيَصِحُّ الصُّلْحُ؛ لأَِنَّ الْمُصَالِحَ الْفُضُولِيَّ بِإِضَافَةِ الصُّلْحِ إِلَى مَالِهِ يَكُونُ قَدِ الْتَزَمَ تَسْلِيمَهُ، وَلَمَّا كَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى تَسْلِيمِ الْبَدَل صَحَّ الصُّلْحُ وَلَزِمَ الْفُضُولِيَّ تَسْلِيمُ الْبَدَل.
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ:
أَنْ يُشِيرَ إِلَى الْعُرُوضِ أَوِ النُّقُودِ الْمَوْجُودَةِ بِقَوْلِهِ: عَلَيَّ هَذَا الْمَبْلَغُ، أَوْ هَذِهِ السَّاعَةُ فَيَصِحُّ الصُّلْحُ؛ لأَِنَّ بَدَل الصُّلْحِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ قَدْ تَعَيَّنَ تَسْلِيمُهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ مَالِهِ وَبِذَلِكَ تَمَّ الصُّلْحُ.