الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصُّلْحِ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَذَلِكَ (1) .
وَالثَّالِثُ: لِلْحَنَفِيَّةِ: وَهُوَ أَنَّهُ لَوِ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ دَارًا، حَصَل الصُّلْحُ عَلَى قِسْمٍ مُعَيَّنٍ مِنْهَا، فَهُنَاكَ قَوْلَانِ فِي الْمَذْهَبِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ هَذَا الصُّلْحُ، وَلِلْمُدَّعِي الاِدِّعَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ بِبَاقِي الدَّارِ؛ لأَِنَّ الصُّلْحَ إِذَا وَقَعَ عَلَى بَعْضِ الْمُدَّعَى بِهِ يَكُونُ الْمُدَّعِي قَدِ اسْتَوْفَى بَعْضَ حَقِّهِ، وَأَسْقَطَ الْبَعْضَ الآْخَرَ، إِلَاّ أَنَّ الإِْسْقَاطَ عَنِ الأَْعْيَانِ بَاطِلٌ، فَصَارَ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ، كَمَا أَنَّ بَعْضَ الْمُدَّعَى بِهِ لَا يَكُونُ عِوَضًا عَنْ كُلِّهِ، حَيْثُ يَكُونُ ذَلِكَ بِمَثَابَةِ أَنَّ الشَّيْءَ يَكُونُ عِوَضًا عَنْ نَفْسِهِ، إِذِ الْبَعْضُ دَاخِلٌ ضِمْنَ الْكُل.
وَالثَّانِي: يَصِحُّ هَذَا الصُّلْحُ، وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِي بَاقِيهَا بَعْدَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ؛ لأَِنَّ الإِْبْرَاءَ عَنْ بَعْضِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَى بِهَا إِبْرَاءٌ فِي الْحَقِيقَةِ عَنْ دَعْوَى ذَلِكَ الْبَعْضِ، فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَهُ (2) .
أَمَّا لَوْ صَالَحَهُ عَلَى مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ، بِأَنْ صَالَحَهُ عَنْ بَيْتٍ ادَّعَى عَلَيْهِ بِهِ وَأَقَرَّ لَهُ بِهِ
(1) شرح منتهى الإرادات 2 / 260، كشاف القناع 3 / 379، المغني 4 / 536، المبدع 4 / 279
(2)
شرح المجلة للأتاسي 4 / 558 - 561، درر الحكام لعلي حيدر 4 / 39
عَلَى سُكْنَاهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ الصُّلْحِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدِهِمَا: الْجَوَازُ وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ: وَيُعْتَبَرُ إِجَارَةً. وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْصَحِّ، وَيُعْتَبَرُ إِعَارَةً؛ فَتَثْبُتُ فِيهِ أَحْكَامُهَا. فَإِنْ عَيَّنَ مُدَّةً فَإِعَارَةٌ مُؤَقَّتَةٌ، وَإِلَاّ فَمُطْلَقَةٌ (1) .
وَالثَّانِي: عَدَمُ الْجَوَازِ، وَهُوَ لِلْحَنَابِلَةِ وَوَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ؛ لأَِنَّهُ صَالَحَهُ عَنْ مِلْكِهِ عَلَى مَنْفَعَةِ مِلْكِهِ، فَكَأَنَّهُ ابْتَاعَ دَارَهُ بِمَنْفَعَتِهَا، وَهُوَ لَا يَجُوزُ (2) .
ثَانِيًا: صُلْحُ الْمُعَاوَضَةِ:
13 -
وَهُوَ الَّذِي يَجْرِي عَلَى غَيْرِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ، كَأَنِ ادَّعَى عَلَيْهِ دَارًا، فَأَقَرَّ لَهُ بِهَا ثُمَّ صَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى ثَوْبٍ أَوْ دَارٍ أُخْرَى.
وَهُوَ جَائِزٌ صَحِيحٌ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَيُعَدُّ بَيْعًا، وَإِنْ عُقِدَ بِلَفْظِ الصُّلْحِ؛ لأَِنَّهُ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِ جَمِيعُ شُرُوطِ الْبَيْعِ: كَمَعْلُومِيَّةِ الْبَدَل، وَالْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ، وَالتَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ إِنْ جَرَى بَيْنَ الْعِوَضَيْنِ رِبَا النَّسِيئَةِ.
(1) نهاية المحتاج 4 / 372، أسنى المطالب 2 / 216، روضة الطالبين 4 / 197، البدائع (6 / 47، الطبعة الأولى)
(2)
المهذب 1 / 340، شرح منتهى الإرادات 2 / 261، المبدع 4 / 281، كشاف القناع 3 / 380، المغني 4 / 537، (ط. مكتبة الرياض الحديثة)