الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاِنْخِفَاضُ لُغَةً، فَتَتَعَلَّقُ الرُّكْنِيَّةُ بِالأَْدْنَى مِنْهُمَا.
وَفِي آخِرِ الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَمَّاهُ صَلَاةً. فَقَال لَهُ: إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ، وَإِنِ انْتَقَصْتَ مِنْهُ شَيْئًا انْتَقَصْتَ مِنْ صَلَاتِكَ (1) وَلَا حُجَّةَ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي - أَيْضًا - لأَِنَّ فِيهِ وَضْعَ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَالثَّنَاءَ وَالتَّسْمِيعَ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الأَْشْيَاءُ فَرْضًا بِالإِْجْمَاعِ.
وَكَذَا تَجِبُ الطُّمَأْنِينَةُ فِي الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَكَذَا نَفْسُ الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهُمَامِ وَتِلْمِيذِهِ ابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ حَتَّى قَال: إِنَّهُ الصَّوَابُ؛ لِلْمُوَاظَبَةِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، وَلِلأَْمْرِ فِي حَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ، وَلِمَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ مِنْ لُزُومِ سُجُودِ السَّهْوِ بِتَرْكِ الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ سَاهِيًا.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَالْحَاصِل أَنَّ الأَْصَحَّ رِوَايَةً وَدِرَايَةً وُجُوبُ تَعْدِيل الأَْرْكَانِ، وَأَمَّا الْقَوْمَةُ وَالْجِلْسَةُ وَتَعْدِيلُهَا فَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ السُّنِّيَّةُ، وَرُوِيَ وُجُوبُهَا، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلأَْدِلَّةِ وَعَلَيْهِ الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَقَال أَبُو يُوسُفَ بِفَرْضِيَّةِ الْكُل،
(1) حديث: " إذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك ". هو شطر من رواية أخري للحديث السابق أخرجه الترمذي (3 / 102 - ط الحلبي) وحسن إسنادها.
وَاخْتَارَهُ فِي الْمَجْمَعِ وَالْعَيْنِيُّ وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ. وَقَال فِي الْفَيْضِ: إِنَّهُ الأَْحْوَطُ.
44 -
الْقُعُودُ الأَْوَّل:
يَجِبُ الْقُعُودُ الأَْوَّل قَدْرَ التَّشَهُّدِ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فِي ذَوَاتِ الأَْرْبَعِ وَالثَّلَاثِ، وَلَوْ فِي النَّفْل فِي الأَْصَحِّ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فِي افْتِرَاضِهِ قَعْدَةَ كُل شَفْعٍ نَفْلاً، وَلِلطَّحَاوِيِّ وَالْكَرْخِيِّ أَنَّهَا فِي غَيْرِ النَّفْل سُنَّةٌ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: قَال فِي الْبَدَائِعِ:
وَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا يُطْلِقُونَ عَلَيْهِ اسْمَ السُّنَّةِ، إِمَّا لأَِنَّ وُجُوبَهُ عُرِفَ بِهَا، أَوْ لأَِنَّ الْمُؤَكَّدَةَ فِي مَعْنَى الْوَاجِبِ، وَهَذَا يَقْتَضِي رَفْعَ الْخِلَافِ.
45 -
التَّشَهُّدَانِ:
أَيْ تَشَهُّدُ الْقَعْدَةِ الأُْولَى وَتَشَهُّدُ الأَْخِيرَةِ، وَيَجِبُ سُجُودُ السَّهْوِ بِتَرْكِ بَعْضِهِ؛ لأَِنَّهُ ذِكْرٌ وَاحِدٌ مَنْظُومٌ فَتَرْكُ بَعْضِهِ كَتَرْكِ كُلِّهِ، وَأَفْضَل صِيَغِ التَّشَهُّدِ هِيَ الْمَرْوِيَّةُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَتَأْتِي فِي سُنَنِ الصَّلَاةِ.
46 -
السَّلَامُ:
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى وُجُوبِهِ وَعَدَمِ فَرْضِيَّتِهِ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَال لَهُ حِينَ عَلَّمَهُ التَّشَهُّدَ: إِذَا قُلْتَ هَذَا أَوْ قَضَيْتَ هَذَا فَقَدْ قَضَيْتَ صَلَاتَكَ (1) .
(1) حديث: " إذا قلت هذا أو قضيت هذا فقد قضيت صلاتك ". أخرجه أبو داود (1 / 593 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والبيهقي (2 / 172 - ط. دائرة المعارف العثمانية) وأورده الزيلعي في نصب الراية (1 / 424 - ط المجلس العلمي بالهند) وذكر الخلاف فيه على إثبات كونه موقوفا على ابن مسعود.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَحْدَث الرَّجُل وَقَدْ جَلَسَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ قَبْل أَنْ يُسَلِّمَ فَقَدْ جَازَتْ صَلَاتُهُ (1) .
وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: إِذَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ أَحْدَث فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: تَحْرِيمُهَا التَّكْبِير، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ (2) فَإِنَّهُ إِنْ صَحَّ لَا يُفِيدُ الْفَرْضِيَّةَ؛ لأَِنَّهَا لَا تَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَإِنَّمَا يُفِيدُ الْوُجُوبَ. ثُمَّ إِنَّهُ يَجِبُ مَرَّتَيْنِ، وَالْوَاجِبُ مِنْهُ لَفْظُ " السَّلَامُ " فَقَطْ دُونَ " عَلَيْكُمْ ".
47 -
إِتْيَانُ كُل فَرْضٍ أَوْ وَاجِبٍ فِي مَحَلِّهِ، فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ مَحَلِّهِ سَهْوًا سَجَدَ لِلسَّهْوِ. وَمِثَال تَأْخِيرِ الْفَرْضِ: مَا لَوْ أَتَمَّ الْفَاتِحَةَ ثُمَّ مَكَثَ مُتَفَكِّرًا سَهْوًا ثُمَّ رَكَعَ.
وَمِثَال تَأْخِيرِ الْوَاجِبِ: مَا لَوْ تَذَكَّرَ السُّورَةَ
(1) حديث: " إذا أحدث الرجل وقد جلس آخر صلاته. . . ". أخرجه الترمذي (2 / 261 - ط دار الحلبي) وقال: هذا حديث إسناده ليس بذلك القوي، وقد اضطربوا في إسناده.
(2)
حديث: " تحريمها التكبير وتحليلها التسليم ". تقدم تخريجه ف 27.
وَهُوَ رَاكِعٌ فَضَمَّهَا قَائِمًا وَأَعَادَ الرُّكُوعَ سَجَدَ لِلسَّهْوِ. وَكَذَا يَجِبُ تَرْكُ تَكْرِيرِ الرُّكُوعِ وَتَثْلِيثِ السُّجُودِ - لأَِنَّ فِي زِيَادَةِ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ تَغْيِيرَ الْمَشْرُوعِ، لأَِنَّ الْوَاجِبَ فِي كُل رَكْعَةٍ رُكُوعٌ وَاحِدٌ وَسَجْدَتَانِ فَقَطْ، فَإِذَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ تَرَكَ الْوَاجِبَ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَيْضًا تَرْكُ وَاجِبٍ آخَرَ، وَهُوَ إِتْيَانُ الْفَرْضِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ؛ لأَِنَّ تَكْرِيرَ الرُّكُوعِ فِيهِ تَأْخِيرُ السُّجُودِ عَنْ مَحَلِّهِ وَتَثْلِيثُ السُّجُودِ فِيهِ تَأْخِيرُ الْقِيَامِ أَوِ الْقَعْدَةِ، وَكَذَا الْقَعْدَةُ فِي آخِرِ الرَّكْعَةِ الأُْولَى أَوِ الثَّالِثَةِ فَيَجِبُ تَرْكُهَا، وَيَلْزَمُ مِنْ فِعْلِهَا - أَيْضًا - تَأْخِيرُ الْقِيَامِ إِلَى الثَّانِيَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ عَنْ مَحَلِّهِ.
وَهَذَا إِذَا كَانَتِ الْقَعْدَةُ طَوِيلَةً، أَمَّا الْجِلْسَةُ الْخَفِيفَةُ الَّتِي اسْتَحَبَّهَا الشَّافِعِيَّةُ فَتَرْكُهَا غَيْرُ وَاجِبٍ، بَل هُوَ الأَْفْضَل.
وَهَكَذَا كُل زِيَادَةٍ بَيْنَ فَرْضَيْنِ أَوْ بَيْنَ فَرْضٍ وَوَاجِبٍ يَكُونُ فِيهَا تَرْكُ وَاجِبٍ بِسَبَبِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ، وَيَلْزَمُ مِنْهَا تَرْكُ وَاجِبٍ آخَرَ، وَهُوَ تَأْخِيرُ الْفَرْضِ الثَّانِي عَنْ مَحَلِّهِ. وَيَدْخُل فِي الزِّيَادَةِ السُّكُوتُ، حَتَّى لَوْ شَكَّ فَتَفَكَّرَ سَجَدَ لِلسَّهْوِ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: إِنَّ تَرْكَ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ وَاجِبٌ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ إِتْيَانُ كُل وَاجِبٍ أَوْ فَرْضٍ فِي مَحَلِّهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ الْوَاجِبَ