الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ ".
إِلَاّ أَنَّ الْمَشْهُورَ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ الْقَصْرَ أَفْضَل مِنَ الإِْتْمَامِ، إِذَا بَلَغَ السَّفَرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، اقْتِدَاءً بِرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ، كَأَبِي حَنِيفَةَ، إِلَاّ الْمَلَاّحَ الَّذِي يُسَافِرُ فِي الْبَحْرِ بِأَهْلِهِ، وَمَنْ لَا يَزَال مُسَافِرًا بِلَا وَطَنٍ، فَالإِْتْمَامُ لَهُمَا أَفْضَل خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ عَلَيْهِمَا، كَالإِْمَامِ أَحْمَدَ. وَمُقَابِل الْمَشْهُورِ: إِنَّ الإِْتْمَامَ أَفْضَل مُطْلَقًا، لأَِنَّهُ الأَْصْل، وَالأَْكْثَرُ عَمَلاً، أَمَّا إِذَا لَمْ يَبْلُغِ السَّفَرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَالإِْتْمَامُ أَفْضَل لأَِنَّهُ الأَْصْل.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: الْقَصْرُ أَفْضَل مِنَ الإِْتْمَامِ نَصًّا، لِمُدَاوَمَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْخُلَفَاءِ عَلَيْهِ. لَكِنْ إِنْ أَتَمَّ مَنْ يُبَاحُ لَهُ الْقَصْرُ لَمْ يُكْرَهْ (1) .
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: الْقَصْرُ هُوَ الأَْصْل فِي الصَّلَاةِ؛ إِذِ الصَّلَاةُ فِي الأَْصْل فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ، فِي حَقِّ الْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ جَمِيعًا، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ، ثُمَّ زِيدَتْ رَكْعَتَانِ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ. وَأُقِرَّتِ الرَّكْعَتَانِ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ كَمَا كَانَتَا فِي الأَْصْل، فَالرَّكْعَتَانِ مِنْ ذَوَاتِ الأَْرْبَعِ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ لَيْسَتَا قَصْرًا
(1) بداية المجتهد 1 / 161، 162، والشرح الكبير 1 / 358، ومغني المحتاج 1 / 268، وكشاف القناع 1 / 328.
حَقِيقَةً، بَل هُوَ تَمَامُ فَرْضِ الْمُسَافِرِ، وَالإِْكْمَال لَيْسَ رُخْصَةً فِي حَقِّهِ، بَل هُوَ إِسَاءَةٌ وَمُخَالَفَةٌ لِلسُّنَّةِ. وَالْقَصْرُ عَزِيمَةٌ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: مَا سَافَرَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَاّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ إِلَاّ الْمَغْرِبَ (1) وَلَوْ كَانَ الْقَصْرُ رُخْصَةً وَالإِْكْمَال هُوَ الْعَزِيمَةَ لَمَا تَرَكَ الْعَزِيمَةَ إِلَاّ أَحْيَانًا؛ إِذِ الْعَزِيمَةُ أَفْضَل، وَكَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَخْتَارُ مِنَ الأَْعْمَال إِلَاّ أَفْضَلَهَا، وَكَانَ لَا يَتْرُكُ الأَْفْضَل إِلَاّ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ تَعْلِيمًا لِلرُّخْصَةِ فِي حَقِّ الأُْمَّةِ، وَلَقَدْ قَصَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَال لأَِهْل مَكَّةَ: أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ (2) فَلَوْ جَازَ الأَْرْبَعُ لَمَا اقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ (3) .
شَرَائِطُ الْقَصْرِ:
يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ الصَّلَاةَ الرُّبَاعِيَّةَ إِلَى رَكْعَتَيْنِ إِذَا تَوَفَّرَتِ الشَّرَائِطُ الآْتِيَةُ:
الأُْولَى: نِيَّةُ السَّفَرِ:
18 -
وَهِيَ شَرِيطَةٌ عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ كَمَا سَبَقَ.
وَالْمُعْتَبَرُ فِيهَا: نِيَّةُ الأَْصْل دُونَ التَّابِعِ عَلَى
(1) حديث عمران بن حصين: " ما سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا صلى ركعتين إلا المغرب " يأتي مطولا في الفقرة (24) دون قوله: " المغرب ".
(2)
حديث: " أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر ". تقدم تخريجه ف4.
(3)
البدائع 1 / 91.