الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُحَدَّدَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ؛ لأَِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مُسَافِرًا، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ ذَلِكَ.
الثَّالِثَةُ: الْخُرُوجُ مِنْ عِمْرَانِ بَلْدَتِهِ:
20 -
فَالْقَصْرُ لَا يَجُوزُ إِلَاّ أَنْ يُجَاوِزَ الْمُسَافِرُ مَحَل إِقَامَتِهِ، وَمَا يَتْبَعُهُ عَلَى التَّفْصِيل الَّذِي سَيَأْتِي بَيَانُهُ.
لَكِنْ هَل يُشْتَرَطُ الْخُرُوجُ لِلسَّفَرِ قَبْل مُضِيِّ وَقْتٍ يَسَعُ الإِْتْمَامَ؟ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ:
يَقُول الْكَاسَانِيُّ الْحَنَفِيُّ: وَسَوَاءٌ خَرَجَ فِي أَوَّل الْوَقْتِ أَوْ فِي وَسَطِهِ أَوْ فِي آخِرِهِ، حَتَّى لَوْ بَقِيَ مِنَ الْوَقْتِ مِقْدَارُ مَا يَتَّسِعُ لأَِدَاءِ رَكْعَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يَقْصُرُ فِي ظَاهِرِ قَوْل أَصْحَابِنَا. وَقَال إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الثَّلْجِيُّ: إِنَّمَا يَقْصُرُ إِذَا خَرَجَ قَبْل الزَّوَال، فَأَمَّا إِذَا خَرَجَ بَعْدَ الزَّوَال فَإِنَّهُ يُكْمِل الظُّهْرَ وَيَقْصُرُ الْعَصْرَ. وَالْكَلَامُ فِي ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ هَل تَجِبُ فِي أَوَّل الْوَقْتِ أَوْ فِي آخِرِهِ؟
فَعِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: لَا تَجِبُ فِي أَوَّل الْوَقْتِ عَلَى التَّعْيِينِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ فِي جُزْءٍ مِنَ الْوَقْتِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَإِنَّمَا التَّعْيِينُ إِلَى الْمُصَلِّي مِنْ حَيْثُ الْفِعْل، حَتَّى إِنَّهُ إِذَا شَرَعَ فِي أَوَّل الْوَقْتِ تَجِبُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَكَذَلِكَ إِذَا شَرَعَ فِي وَسَطِهِ أَوْ فِي آخِرِهِ. وَثَمَّةَ أَصْلٌ
آخَرُ، وَهُوَ مِقْدَارُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْوُجُوبُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ، فَقَال الْكَرْخِيُّ وَأَكْثَرُ الْمُحَقِّقِينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ الْوُجُوبَ يَتَعَلَّقُ بِآخِرِ الْوَقْتِ بِمِقْدَارِ التَّحْرِيمَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَعَلَيْهِ فَإِنَّ الأَْدَاءَ يَتَغَيَّرُ وَإِنْ بَقِيَ مِقْدَارُ مَا يَسَعُ التَّحْرِيمَةَ فَقَطْ، وَقَال زُفَرُ وَاخْتَارَهُ الْقُدُورِيُّ: لَا يَجِبُ إِلَاّ إِذَا بَقِيَ مِنَ الْوَقْتِ مِقْدَارُ مَا يُؤَدِّي فِيهِ الْفَرْضَ. وَعَلَى ذَلِكَ الْقَوْل فَلَا يَتَغَيَّرُ الْفَرْضُ إِلَاّ إِذَا بَقِيَ مِنَ الْوَقْتِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الأَْدَاءُ (1) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: تُقْصَرُ الصَّلَاةُ الَّتِي يُسَافَرُ فِي وَقْتِهَا وَلَوِ الضَّرُورِيِّ، فَيَقْصُرُ الظُّهْرَيْنِ قَبْل الْغُرُوبِ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ فَأَكْثَرَ وَلَوْ أَخَّرَهُمَا عَمْدًا، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَاّ بِمِقْدَارِ رَكْعَتَيْنِ أَوْ رَكْعَةٍ صَلَّى الْعَصْرَ فَقَطْ سَفَرِيَّةً (2) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ سَافَرَ وَقَدْ بَقِيَ مِنَ الْوَقْتِ أَقَل مِنْ قَدْرِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ مُؤَدٍّ لِجَمِيعِ الصَّلَاةِ جَازَ لَهُ الْقَصْرُ، وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ مُؤَدٍّ لِمَا فَعَل فِي الْوَقْتِ قَاضٍ لِمَا فَعَل بَعْدَ الْوَقْتِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْقَصْرُ (3) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ دَخَل عَلَيْهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ فِي الْحَضَرِ، ثُمَّ سَافَرَ، لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّ؛ لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ تَامَّةً بِدُخُول وَقْتِهَا (4) .
(1) البدائع 1 / 95.
(2)
الشرح الكبير 1 / 360.
(3)
المجموع 4 / 368.
(4)
كشاف القناع 1 / 328.