الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأَْصَحُّ - إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ؛ لأَِنَّهُ تَخْفِيفٌ تَعَلَّقَ بِعُذْرٍ فَزَال بِزَوَال الْعُذْرِ. وَإِنْ فَاتَتْهُ فِي السَّفَرِ فَقَضَاهَا فِي السَّفَرِ فَفِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَقْصُرُ؛ لأَِنَّهَا صَلَاةٌ رُدَّتْ مِنْ أَرْبَعٍ إِلَى رَكْعَتَيْنِ، فَكَانَ مِنْ شَرْطِهَا الْوَقْتُ. وَالثَّانِي: لَهُ أَنْ يَقْصُرَ - وَهُوَ الأَْصَحُّ - لأَِنَّهُ تَخْفِيفٌ تَعَلَّقَ بِعُذْرٍ، وَالْعُذْرُ بَاقٍ، فَكَانَ التَّخْفِيفُ بَاقِيًا. وَإِنْ فَاتَتْهُ فِي الْحَضَرِ صَلَاةٌ، فَأَرَادَ قَضَاءَهَا فِي السَّفَرِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْقَصْرُ؛ لأَِنَّهُ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ صَلَاةٌ تَامَّةٌ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ الْقَصْرُ، وَقَال الْمُزَنِيُّ: لَهُ أَنْ يَقْصُرَ (1) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِذَا نَسِيَ صَلَاةَ حَضَرٍ فَذَكَرَهَا فِي السَّفَرِ، أَوْ نَسِيَ صَلَاةَ سَفَرٍ فَذَكَرَهَا فِي الْحَضَرِ صَلَّى فِي الْحَالَتَيْنِ صَلَاةَ حَضَرٍ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَالأَْثْرَمِ؛ لأَِنَّ الْقَصْرَ رُخْصَةٌ مِنْ رُخَصِ السَّفَرِ فَيَبْطُل بِزَوَالِهِ.
زَوَال حَالَةِ السَّفَرِ:
26 -
الْمُسَافِرُ إِذَا صَحَّ سَفَرُهُ يَظَل عَلَى حُكْمِ السَّفَرِ، وَلَا يَتَغَيَّرُ هَذَا الْحُكْمُ إِلَاّ أَنْ يَنْوِيَ الإِْقَامَةَ، أَوْ يَدْخُل وَطَنَهُ، وَحِينَئِذٍ تَزُول حَالَةُ السَّفَرِ، وَيُصْبِحُ مُقِيمًا تَنْطَبِقُ عَلَيْهِ
(1) المهذب 1 / 103، 104.
أَحْكَامُ الْمُقِيمِ. وَلِلإِْقَامَةِ شَرَائِطُ هِيَ:
الأُْولَى: نِيَّةُ الإِْقَامَةِ وَمُدَّتُهَا الْمُعْتَبَرَةُ:
27 -
نِيَّةُ الإِْقَامَةِ أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، حَتَّى لَوْ دَخَل مِصْرًا وَمَكَثَ فِيهِ شَهْرًا أَوْ أَكْثَر لاِنْتِظَارِ قَافِلَةٍ، أَوْ لِحَاجَةٍ أُخْرَى يَقُول: أَخْرُجُ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا، وَلَمْ يَنْوِ الإِْقَامَةَ، فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا، وَذَلِكَ لإِِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه أَنَّهُ: أَقَامَ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى نَيْسَابُورَ شَهْرَيْنِ وَكَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّهُ أَقَامَ بِأَذْرَبِيجَانَ شَهْرًا وَكَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ.
وَعَنْ عَلْقَمَةَ: أَنَّهُ أَقَامَ بِخَوَارِزْمَ سَنَتَيْنِ وَكَانَ يَقْصُرُ.
وَرُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: غَزَوْتُ مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَشَهِدْتُ مَعَهُ الْفَتْحَ، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، لَا يُصَلِّي إِلَاّ رَكْعَتَيْنِ، وَيَقُول: يَا أَهْل الْبَلَدِ: صَلُّوا أَرْبَعًا فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ (1) .
أَمَّا مُدَّةُ الإِْقَامَةِ الْمُعْتَبَرَةِ: فَأَقَلُّهَا خَمْسَةَ عَشْرَةَ يَوْمًا؛ لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ
(1) حديث عمران بن حصين: " غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه أبو داود (2 / 23 - 24 - ط. عزت عبيد دعاس) وأورده المنذري في مختصر السنن (2 / 61، نشر دار المعرفة) وقال: في إسناده علي بن زيد بن جوعان، وقد تكلم فيه جماعة من الأئمة، وقال بعضهم: هو حديث لا تقوم به حجة، لكثرة اضطرابه.