الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا سَبَقَ بَيَانُهُ، وَأَنْ تَكُونَ مِنْ بَالِغٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَلِذَلِكَ لَوْ خَرَجَ الصَّبِيُّ قَاصِدًا السَّفَرَ وَسَارَ مَسَافَةً حَتَّى بَقِيَ إِلَى مَقْصِدِهِ أَقَل مِنْ مُدَّةِ السَّفَرِ فَبَلَغَ حِينَذَاكَ، فَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، بَل يُصَلِّي أَرْبَعًا؛ لأَِنَّ قَصْدَهُ السَّفَرَ لَمْ يَصِحَّ ابْتِدَاءً، وَحِينَ بَلَغَ لَمْ يَبْقَ إِلَى مَقْصِدِهِ مُدَّةُ السَّفَرِ فَلَا يَصِيرُ مُسَافِرًا عِنْدَهُمْ (1) .
وَيُشْتَرَطُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي السَّفَرِ الَّذِي تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ: أَلَاّ يَكُونَ لِمَعْصِيَةٍ، فَلَا يَقْصُرُ عَاصٍ بِسَفَرِهِ، كَآبِقٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ؛ لأَِنَّ الرُّخْصَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِالْمَعَاصِي؛ وَجَوَازُ الرُّخْصِ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ إِعَانَةٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ.
فَإِنْ قَصَرَ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ عَلَى الأَْصْوَبِ، وَإِنْ أَثِمَ بِعِصْيَانِهِ.
وَمَنْ أَنْشَأَ السَّفَرَ عَاصِيًا بِهِ، ثُمَّ تَابَ فِي أَثْنَائِهِ، فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: يَقْصُرُ إِنْ كَانَ مَا بَقِيَ مِنْ سَفَرٍ مَسَافَةَ الْقَصْرِ، وَلَوْ سَافَرَ سَفَرًا مُبَاحًا ثُمَّ قَصَدَ بِسَفَرِهِ الْمَعْصِيَةَ قَبْل تَمَامِ سَفَرِهِ، انْقَطَعَ التَّرَخُّصُ، فَلَا يَقْصُرُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ الأَْصَحُّ لِلشَّافِعِيَّةِ. وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ - وَهُوَ الْقَوْل الثَّانِي لِلشَّافِعِيَّةِ - إِلَى أَنَّهُ يَقْصُرُ (2) .
(1) البدائع 1 / 93، 94، 103، وفتح القدير 1 / 302.
(2)
الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 1 / 358، والمهذب 1 / 102، ومغني المحتاج 1 / 266، وكشاف القناع 1 / 324، 237.
وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْحَنَفِيَّةُ أَنْ يَكُونَ السَّفَرُ مُبَاحًا، بَل أَجَازُوا الْقَصْرَ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ - أَيْضًا -، فَإِنَّهُ يَسْتَوِي فِي الْمِقْدَارِ الْمَفْرُوضِ عَلَى الْمُسَافِرِ مِنَ الصَّلَاةِ سَفَرُ الطَّاعَةِ مِنَ الْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَطَلَبِ الْعِلْمِ، وَسَفَرُ الْمُبَاحِ كَسَفَرِ التِّجَارَةِ وَنَحْوِهِ، وَسَفَرُ الْمَعْصِيَةِ كَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَالْبَغْيِ؛ لأَِنَّ الدَّلَائِل الَّتِي وَرَدَتْ لَا تُوجِبُ الْفَصْل بَيْنَ مُسَافِرٍ وَمُسَافِرٍ. وَمِنْ هَذِهِ الدَّلَائِل قَوْله تَعَالَى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ. . .} (1)، وقَوْله تَعَالَى:{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا} (2) وَقَوْل عَلِيٍّ رضي الله عنه: جَعَل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ (3) مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ سَفَرٍ وَسَفَرٍ، فَوَجَبَ الْعَمَل بِعُمُومِ النُّصُوصِ وَإِطْلَاقِهَا (4) .
الثَّانِيَةُ: مَسَافَةُ السَّفَرِ:
19 -
وَهُوَ أَنْ يَقْصِدَ الإِْنْسَانُ مَسِيرَةَ مَسَافَةِ السَّفَرِ الْمُقَدَّرَةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَوْ طَافَ الدُّنْيَا مِنْ غَيْرِ قَصْدِ مَسِيرَةِ الْمَسَافَةِ
(1) سورة البقرة / 184.
(2)
سورة البقرة / 139.
(3)
حديث " جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . ". تقدم تخريجه ف11.
(4)
البدائع 1 / 93، والاختيار لتعليل المختار 1 / 111.