الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَانَتْ سُنَّةً لَا تَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهَا نَافِلَةً، وَالنَّوَافِل تَتَأَدَّى بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ، إِلَاّ أَنَّ الاِحْتِيَاطَ أَنْ يَنْوِيَ التَّرَاوِيحَ أَوْ سُنَّةَ الْوَقْتِ أَوْ قِيَامَ رَمَضَانَ احْتِرَازًا عَنْ مَوْضِعِ الْخِلَافِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُنْدَبُ فِي كُل رَكْعَتَيْنِ مِنَ التَّرَاوِيحِ أَنْ يَنْوِيَ فَيَقُول سِرًّا:
أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ مِنَ التَّرَاوِيحِ الْمَسْنُونَةِ أَوْ مِنْ قِيَامِ رَمَضَانَ (1) .
عَدَدُ رَكَعَاتِ التَّرَاوِيحِ:
11 -
قَال السُّيُوطِيُّ: الَّذِي وَرَدَتْ بِهِ الأَْحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ وَالْحِسَانُ الأَْمْرُ بِقِيَامِ رَمَضَانَ وَالتَّرْغِيبُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ بِعَدَدٍ، وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى التَّرَاوِيحَ عِشْرِينَ رَكْعَةً، وَإِنَّمَا صَلَّى لَيَالِيَ صَلَاةً لَمْ يُذْكَرْ عَدَدُهَا، ثُمَّ تَأَخَّرَ فِي اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ خَشْيَةَ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْهِمْ فَيَعْجِزُوا عَنْهَا (2) .
وَقَال ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْثَمِيُّ: لَمْ يَصِحَّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى التَّرَاوِيحَ عِشْرِينَ رَكْعَةً، وَمَا وَرَدَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عِشْرِينَ رَكْعَةً فَهُوَ شَدِيدُ الضَّعْفِ (3) .
وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِيمَا كَانَ يُصَلَّى بِهِ فِي
(1) بدائع الصنائع 1 / 288، رد المحتار 1 / 473، روض الطالبين 1 / 334، أسنى المطالب 1 / 201، كشاف القناع 1 / 426، مطالب أولي النهى 1 / 563 - 564.
(2)
المصابيح في صلاة التراويح ص 14 - 15.
(3)
الفتاوى الكبرى 1 / 194.
رَمَضَانَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -:
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ - إِلَى أَنَّ التَّرَاوِيحَ عِشْرُونَ رَكْعَةً، لِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ مِنْ قِيَامِ النَّاسِ فِي زَمَانِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِعِشْرِينَ رَكْعَةً، وَجَمَعَ عُمَرُ النَّاسَ عَلَى هَذَا الْعَدَدِ مِنَ الرَّكَعَاتِ جَمْعًا مُسْتَمِرًّا، قَال الْكَاسَانِيُّ: جَمَعَ عُمَرُ أَصْحَابَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَصَلَّى بِهِمْ عِشْرِينَ رَكْعَةً، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَيَكُونُ إِجْمَاعًا مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ (1) .
وَقَال الدُّسُوقِيُّ وَغَيْرُهُ: كَانَ عَلَيْهِ عَمَل الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ (2) .
وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: عَلَيْهِ عَمَل النَّاسِ شَرْقًا وَغَرْبًا (3) .
وَقَال عَلِيٌّ السَّنْهُورِيُّ: هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ عَمَل النَّاسِ وَاسْتَمَرَّ إِلَى زَمَانِنَا فِي سَائِرِ الأَْمْصَارِ (4)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: وَهَذَا فِي مَظِنَّةِ الشُّهْرَةِ
(1) بدائع الصنائع 1 / 288، وأثر عمر تقدم تخريجه ف 6.
(2)
حاشية الدسوقي 1 / 315.
(3)
رد المحتار 1 / 474.
(4)
شرح الزرقاني 1 / 284.
بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ فَكَانَ إِجْمَاعًا (1) وَالنُّصُوصُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.
وَرَوَى مَالِكٌ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَال: أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَتَمِيمًا الدَّارِيَّ أَنْ يَقُومَا لِلنَّاسِ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، قَال: وَقَدْ كَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ بِالْمِئِينَ، حَتَّى كُنَّا نَعْتَمِدَ عَلَى الْعِصِيِّ مِنْ طُول الْقِيَامِ، وَمَا كُنَّا نَنْصَرِفُ إِلَاّ فِي فُرُوعِ الْفَجْرِ (2) .
وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ أَنَّهُ قَال: كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً، قَال الْبَيْهَقِيُّ وَالْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُمَا: أَيْ بِعَشْرَيْنَ رَكْعَةً غَيْرَ الْوِتْرِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ (3)، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَال: كَانُوا يَقُومُونَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه
(1) كشاف القناع 1 / 425.
(2)
أثر عمر بن الخطاب أنه أمر أبيَّ بن كعب وتميمًا الداري. . . . أخرجه مالك (1 / 115 - ط. الحلبي) وانظر المنتقى 1 / 208.
(3)
أثر يزيد بن رومان أنه قال: كان الناس يقومون في زمان عمر. أخرجه مالك (1 / 115 - ط. الحلبي) وأورده النووي في المجموع (4 / 33) وقال: مرسل، يزيد بن رومان لم يدرك عمر، وانظر المنتقى 1 / 209، وشرح المنهاج للمحلي 1 / 217.
فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً (1)
قَال الْبَاجِيُّ: يُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ عُمَرُ أَمَرَهُمْ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَأَمَرَهُمْ مَعَ ذَلِكَ بِطُول الْقِرَاءَةِ، يَقْرَأُ الْقَارِئُ بِالْمِئِينَ فِي الرَّكْعَةِ؛ لأَِنَّ التَّطْوِيل فِي الْقِرَاءَةِ أَفْضَل الصَّلَاةِ، فَلَمَّا ضَعُفَ النَّاسُ عَنْ ذَلِكَ أَمَرَهُمْ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً عَلَى وَجْهِ التَّخْفِيفِ عَنْهُمْ مِنْ طُول الْقِيَامِ، وَاسْتَدْرَكَ بَعْضُ الْفَضِيلَةِ بِزِيَادَةِ الرَّكَعَاتِ (2) .
وَقَال الْعَدَوِيُّ: الإِْحْدَى عَشْرَةَ كَانَتْ مَبْدَأَ الأَْمْرِ، ثُمَّ انْتَقَل إِلَى الْعِشْرِينَ. وَقَال ابْنُ حَبِيبٍ: رَجَعَ عُمَرُ إِلَى ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً (3)
وَخَالَفَ الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ مَشَايِخَ الْحَنَفِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْعِشْرِينَ سُنَّةٌ فِي التَّرَاوِيحِ فَقَال: قِيَامُ رَمَضَانَ سُنَّةٌ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً بِالْوِتْرِ فِي جَمَاعَةٍ، فَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ تَرَكَهُ لِعُذْرٍ، أَفَادَ أَنَّهُ لَوْلَا خَشْيَةَ فَرْضِهِ عَلَيْهِمْ لَوَاظَبَ بِهِمْ، وَلَا شَكَّ فِي تَحَقُّقِ الأَْمْنِ مِنْ ذَلِكَ بِوَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم فَيَكُونُ سُنَّةً، وَكَوْنُهَا عِشْرِينَ سُنَّةُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ (4)
(1) فتح القدير 1 / 334، والمغني 1 / 208، والمجموع 4 / 32 - 33.
(2)
المنتقى 2 / 208.
(3)
حاشية العدوي على كفاية الطالب 1 / 353.
(4)
حديث: " عليكم بسنتي ". أخرجه أبو داود (5 / 14 - ط. عزت عبيد دعاس)، والترمذي (5 / 44 - ط. الحلبي) من حديث العرباض بن سارية. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
نَدْبٌ إِلَى سُنَّتِهِمْ، وَلَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَ ذَلِكَ سُنَّتَهُ؛ إِذْ سُنَّتُهُ بِمُوَاظَبَتِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ إِلَاّ لِعُذْرٍ، وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِ ذَلِكَ الْعُذْرِ كَانَ يُوَاظِبُ عَلَى مَا وَقَعَ مِنْهُ، فَتَكُونُ الْعِشْرُونَ مُسْتَحَبًّا، وَذَلِكَ الْقَدْرُ مِنْهَا هُوَ السُّنَّةُ، كَالأَْرْبَعِ بَعْدَ الْعِشَاءِ مُسْتَحَبَّةٌ وَرَكْعَتَانِ مِنْهَا هِيَ السُّنَّةُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَشَايِخِ أَنَّ السُّنَّةَ عِشْرُونَ، وَمُقْتَضَى الدَّلِيل مَا قُلْنَا فَيَكُونُ هُوَ الْمَسْنُونَ، أَيْ فَيَكُونُ الْمَسْنُونُ مِنْهَا ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ وَالْبَاقِي مُسْتَحَبًّا (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الْقِيَامُ فِي رَمَضَانَ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً أَوْ بِسِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَاسِعٌ أَيْ جَائِزٌ، فَقَدْ كَانَ السَّلَفُ مِنَ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - يَقُومُونَ فِي رَمَضَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمَسَاجِدِ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً، ثُمَّ يُوتِرُونَ بِثَلَاثٍ، ثُمَّ صَلُّوا فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ سِتًّا وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً غَيْرَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ.
قَال الْمَالِكِيَّةُ: وَهُوَ اخْتِيَارُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ، قَال: هُوَ الَّذِي لَمْ يَزَل عَلَيْهِ عَمَل النَّاسِ أَيْ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ،
(1) فتح القدير 1 / 333 - 334.
وَقَالُوا: كَرِهَ مَالِكٌ نَقْصَهَا عَمَّا جُعِلَتْ بِالْمَدِينَةِ.
وَعَنْ مَالِكٍ - أَيْ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ - قَال: الَّذِي يَأْخُذُ بِنَفْسِي فِي ذَلِكَ الَّذِي جَمَعَ عُمَرُ عَلَيْهِ النَّاسَ، إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْهَا الْوِتْرُ، وَهِيَ صَلَاةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفِي الْمَذْهَبِ أَقْوَالٌ وَتَرْجِيحَاتٌ أُخْرَى (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: وَلأَِهْل الْمَدِينَةِ فِعْلُهَا سِتًّا وَثَلَاثِينَ؛ لأَِنَّ الْعِشْرِينَ خَمْسُ تَرْوِيحَاتٍ، وَكَانَ أَهْل مَكَّةَ يَطُوفُونَ بَيْنَ كُل تَرْوِيحَتَيْنِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ، فَحَمَل أَهْل الْمَدِينَةِ بَدَل كُل أُسْبُوعٍ تَرْوِيحَةً لِيُسَاوُوهُمْ، قَال الشَّيْخَانِ: وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِمْ. . وَهُوَ الأَْصَحُّ كَمَا قَال الرَّمْلِيُّ لأَِنَّ لأَِهْل الْمَدِينَةِ شَرَفًا بِهِجْرَتِهِ صلى الله عليه وسلم وَمَدْفِنِهِ، وَخَالَفَ الْحَلِيمِيُّ فَقَال: وَمَنَ اقْتَدَى بِأَهْل الْمَدِينَةِ فَقَامَ بِسِتٍّ وَثَلَاثِينَ فَحَسَنٌ أَيْضًا (2) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَا يَنْقُصُ مِنَ الْعِشْرِينَ رَكْعَةً، وَلَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهَا نَصًّا، قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: رَأَيْتُ أَبِي يُصَلِّي فِي رَمَضَانَ مَا لَا أُحْصِي، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَْسْوَدُ يَقُومُ بِأَرْبَعِينَ رَكْعَةً وَيُوتِرُ بَعْدَهَا بِسَبْعٍ (3) .
(1) كفاية الطالب 1 / 353 شرح الزرقاني 1 / 284.
(2)
أسنى المطالب 1 / 201، نهاية المحتاج 2 / 123.
(3)
مطالب أولي النهى 1 / 563، كشاف القناع 1 / 425.