الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي الاِصْطِلَاحِ: قَال بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: هِيَ مَا كَانَ حَرَامًا مَحْضًا، شُرِعَتْ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ مَحْضَةٌ، بِنَصٍّ قَاطِعٍ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ. وَقِيل: إِنَّهَا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا حَدٌّ، أَوْ تَوَعَّدَ عَلَيْهَا بِالنَّارِ أَوِ اللَّعْنَةِ أَوِ الْغَضَبِ، وَهَذَا أَمْثَل الأَْقْوَال (1) .
اللَّمَمُ:
3 -
وَاللَّمَمُ - بِفَتْحَتَيْنِ - مُقَارَبَةُ الْمَعْصِيَةِ، وَقِيل: هِيَ الصَّغَائِرُ، أَوْ هِيَ فِعْل الرَّجُل الصَّغِيرَةِ ثُمَّ لَا يُعَاوِدُهَا، وَيُقَال: أَلَمَّ بِالذَّنْبِ فَعَلَهُ، وَأَلَمَّ بِالشَّيْءِ قَرُبَ مِنْهُ، وَيُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الصَّغِيرَةِ (2) . وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِْثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَاّ اللَّمَمَ} (3) وَقَال بَعْضُهُمْ: اللَّمَمُ: هُوَ مَا دُونَ الزِّنَى الْمُوجِبِ لِلْحَدِّ؛ مِنَ الْقُبْلَةِ، وَالنَّظْرَةِ.
وَقَال آخَرُونَ: اللَّمَمُ هُوَ صَغَائِرُ الذُّنُوبِ.
حُكْمُ الصَّغَائِرِ:
4 -
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي انْقِسَامِ الذُّنُوبِ إِلَى كَبَائِرَ وَصَغَائِرَ.
(1) التعريفات للجرجاني، المصباح المنير مادة (كبر) ، شرح عقيدة الطحاوية ص 418 (ط. المكتب الإسلامي) .
(2)
المصباح، غريب القرآن مادة:(لمم) ، تفسير القرطبي 17 / 106.
(3)
سورة النجم الآية: (32) .
فَقَال مُعْظَمُ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: إِنَّ الذُّنُوبَ تَنْقَسِمُ إِلَى كَبَائِرَ وَصَغَائِرَ، وَأَنَّ الصَّغَائِرَ تُغْفَرُ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيمًا} (1) وقَوْله تَعَالَى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِْثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَاّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} (2) وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ: مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ (3) .
وَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّ الذُّنُوبَ وَالْمَعَاصِيَ كُلَّهَا كَبَائِرُ؛ وَإِنَّمَا يُقَال لِبَعْضِهَا صَغِيرَةٌ بِالإِْضَافَةِ إِلَى مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهَا.
فَالْمُضَاجَعَةُ مَعَ الأَْجْنَبِيَّةِ كَبِيرَةٌ بِالإِْضَافَةِ إِلَى النَّظْرَةِ، صَغِيرَةٌ بِالإِْضَافَةِ إِلَى الزِّنَى. وَقَطْعُ يَدِ الْمُسْلِمِ كَبِيرَةٌ بِالإِْضَافَةِ إِلَى ضَرْبِهِ، صَغِيرَةٌ بِالإِْضَافَةِ إِلَى قَتْلِهِ، كَمَا صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ بِذَلِكَ فِي الإِْحْيَاءِ.
وَقَالُوا: لَا ذَنْبَ عِنْدَنَا يُغْفَرُ بِاجْتِنَابِ آخَرَ، بَل كُل الذُّنُوبِ كَبِيرَةٌ، وَمُرْتَكِبُهَا فِي الْمَشِيئَةِ، غَيْرُ الْكُفْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ
(1) سورة النساء الآية: (31) .
(2)
سورة النجم الآية: (32) .
(3)
حديث: " الصلوات الخمس والجمعة. . ". أخرجه مسلم 1 / 209 (ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (1) .
وَلِحَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ، فَقَال لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُول اللَّهِ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا؟ قَال: وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ (2) فَقَدْ جَاءَ الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ عَلَى الْيَسِيرِ كَمَا جَاءَ عَلَى الْكَثِيرِ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الطَّيِّبُ وَأَبُو إِسْحَاقَ الإِْسْفَرايِينِيُّ وَأَبُو الْمَعَالِي وَعَبْدُ الرَّحِيمِ الْقُشَيْرِيُّ وَغَيْرُهُمْ.
وَذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنْوَاعًا مِنْ صَغَائِرِ الذُّنُوبِ مِنْهَا: النَّظَرُ الْمُحَرَّمُ، وَالْقُبْلَةُ، وَالْغَمْزَةُ، وَلَمْسُ الأَْجْنَبِيَّةِ.
وَمِنْهَا: هَجْرُ الْمُسْلِمِ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَكَثْرَةُ الْخُصُومَاتِ إِلَاّ إِنْ رَاعَى فِيهَا حَقَّ الشَّرْعِ.
وَمِنْهَا: الإِْشْرَافُ عَلَى بُيُوتِ النَّاسِ، وَالْجُلُوسُ بَيْنَ الْفُسَّاقِ إِينَاسًا لَهُمْ، وَالْغَيْبَةُ لِغَيْرِ أَهْل الْعِلْمِ وَحَمَلَةِ الْقُرْآنِ (3) .
وَقَدْ تَعْظُمُ الصَّغَائِرُ مِنَ الذُّنُوبِ، فَتَصِيرُ
(1) سورة النساء الآية: (48) .
(2)
حديث: " من اقتطع حق امرئ مسلم. . " أخرجه مسلم 1 / 122 - (ط الحلبي) .
(3)
مغني المحتاج 4 / 427، كشاف القناع 6 / 419، الطحاوي ص 371، مواهب الجليل 6 / 151، دليل الفالحين 1 / 353، القرطبي 5 / 158، 17 / 106 إحياء علوم الدين 4 / 15.
كَبِيرَةً لِعِدَّةِ أَسْبَابٍ:
مِنْهَا: الإِْصْرَارُ وَالْمُوَاظَبَةُ.
وَمِنْهَا: أَنْ يَسْتَصْغِرَ الذَّنْبَ.
وَمِنْهَا: السُّرُورُ بِالصَّغِيرَةِ وَالْفَرَحُ وَالتَّبَجُّحُ بِهَا، وَاعْتِدَادُ التَّمَكُّنِ مِنْ ذَلِكَ نِعْمَةٌ، وَالْغَفْلَةُ عَنْ كَوْنِهِ سَبَبَ الشَّقَاوَةِ (1) . وَالتَّفَاصِيل فِي: مُصْطَلَحِ (كَبِيرَةٌ، وَشَهَادَةٌ، وَعَدَالَةٌ، وَمَعْصِيَةٌ) .
(1) إحياء علوم الدين 4 / 32، 33.