الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَرُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه أَنَّهُ أَقَامَ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى نَيْسَابُورَ شَهْرَيْنِ وَكَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ (1) .
إِلَاّ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ عَلَى تَفْصِيلٍ سَيَأْتِي بَيَانُهُ.
مَا يُنْتَقَضُ بِهِ وَطَنُ السُّكْنَى:
9 -
وَطَنُ السُّكْنَى يُنْتَقَضُ بِالْوَطَنِ الأَْصْلِيِّ وَبِوَطَنِ الإِْقَامَةِ؛ لأَِنَّهُمَا فَوْقَهُ، وَيُنْتَقَضُ بِوَطَنِ السُّكْنَى؛ لأَِنَّهُ مِثْلُهُ، وَيُنْتَقَضُ بِالسَّفَرِ؛ لأَِنَّ تَوَطُّنَهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ لَيْسَ لِلْقَرَارِ، وَلَكِنْ لِحَاجَةٍ، فَإِذَا سَافَرَ مِنْهُ يُسْتَدَل بِهِ عَلَى انْقِضَاءِ حَاجَتِهِ، فَصَارَ مُعْرِضًا عَنِ التَّوَطُّنِ بِهِ، فَصَارَ نَاقِضًا لَهُ.
هَذَا، وَالْفَقِيهُ الْجَلِيل أَبُو أَحْمَدَ الْعِيَاضِيُّ قَسَّمَ الْوَطَنَ إِلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدِهِمَا: وَطَنِ قَرَارٍ وَالآْخَرِ: مُسْتَعَارٍ.
صَيْرُورَةُ الْمُقِيمِ مُسَافِرًا وَشَرَائِطُهَا:
10 -
يَصِيرُ الْمُقِيمُ مُسَافِرًا إِذَا تَحَقَّقَتِ الشَّرَائِطُ الآْتِيَةُ:
الشَّرِيطَةُ الأُْولَى: الْخُرُوجُ مِنَ الْمَقَامِ، أَيْ مَوْطِنِ إِقَامَتِهِ، وَهُوَ أَنْ يُجَاوِزَ عُمْرَانَ بَلْدَتِهِ وَيُفَارِقَ بُيُوتَهَا، وَيَدْخُل فِي ذَلِكَ مَا يُعَدُّ مِنْهُ عُرْفًا كَالأَْبْنِيَةِ الْمُتَّصِلَةِ، وَالْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ،
(1) الاختيار لتعليل المختار 1 / 11 طبعة دار الشعب بالقاهرة سنة 1386 هـ البدائع 1 / 103، 104.
وَالْمَزَارِعِ، وَالأَْسْوَارِ، وَذَلِكَ عَلَى تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ سَيَأْتِي بَيَانُهُ.
وَلَا بُدَّ مِنَ اقْتِرَانِ النِّيَّةِ بِالْفِعْل؛ لأَِنَّ السَّفَرَ الشَّرْعِيَّ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةِ السَّفَرِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَا تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ إِلَاّ إِذَا كَانَتْ مُقَارِنَةً لِلْفِعْل، وَهُوَ الْخُرُوجُ؛ لأَِنَّ مُجَرَّدَ قَصْدِ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ اقْتِرَانٍ بِالْفِعْل يُسَمَّى عَزْمًا، وَلَا يُسَمَّى نِيَّةً، وَفِعْل السَّفَرِ لَا يَتَحَقَّقُ إِلَاّ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْمِصْرِ، فَمَا لَمْ يَخْرُجْ لَا يَتَحَقَّقُ قِرَانُ النِّيَّةِ بِالْفِعْل، فَلَا يَصِيرُ مُسَافِرًا.
الشَّرِيطَةُ الثَّانِيَةُ: نِيَّةُ مَسَافَةِ السَّفَرِ، فَلِكَيْ يَصِيرَ الْمُقِيمُ مُسَافِرًا لَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ سَيْرَ مَسَافَةِ السَّفَرِ الشَّرْعِيِّ؛ لأَِنَّ السَّيْرَ قَدْ يَكُونُ سَفَرًا وَقَدْ لَا يَكُونُ، فَالإِْنْسَانُ قَدْ يَخْرُجُ مِنْ مَوْطِنِ إِقَامَتِهِ إِلَى مَوْضِعٍ لإِِصْلَاحِ ضَيْعَةٍ، ثُمَّ تَبْدُو لَهُ حَاجَةٌ أُخْرَى إِلَى الْمُجَاوَزَةِ عَنْهُ إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا مُدَّةُ سَفَرٍ، ثُمَّ يَتَجَاوَزُ ذَلِكَ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ، وَهَكَذَا إِلَى أَنْ يَقْطَعَ مَسَافَةً بَعِيدَةً أَكْثَرَ مِنْ مُدَّةِ السَّفَرِ، وَلِذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ مُدَّةِ السَّفَرِ لِلتَّمْيِيزِ.
وَعَلَى هَذَا قَالُوا: أَمِيرٌ خَرَجَ مَعَ جَيْشِهِ فِي طَلَبِ الْعَدُوِّ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَيْنَ يُدْرِكُهُمْ فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ صَلَاةَ الْمُقِيمِ فِي الذَّهَابِ، وَإِنْ طَالَتِ الْمُدَّةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ طَافَ الدُّنْيَا مِنْ غَيْرِ