الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَحَدُهُمَا: لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ:
وَهُوَ جَوَازُ الصُّلْحِ عَلَى السُّكُوتِ، وَحُجَّتُهُمْ نَفْسُ الأَْدِلَّةِ الَّتِي سَاقُوهَا عَلَى جَوَازِهِ عَنِ الإِْنْكَارِ. وَقَدِ اشْتَرَطُوا فِيهِ نَفْسَ الشُّرُوطِ وَرَتَّبُوا ذَاتَ الأَْحْكَامِ الَّتِي اعْتَبَرُوهَا فِي حَالَةِ الإِْنْكَارِ.
هَذَا وَقَدْ وَافَقَهُمْ عَلَى جَوَازِهِ ابْنُ أَبِي لَيْلَى - مَعَ إِبْطَالِهِ الصُّلْحَ عَنِ الإِْنْكَارِ - حَيْثُ اعْتَبَرَهُ فِي حُكْمِ الصُّلْحِ عَلَى الإِْقْرَارِ. (1)
وَالثَّانِي: لِلشَّافِعِيَّةِ: وَهُوَ عَدَمُ جَوَازِ الصُّلْحِ عَلَى السُّكُوتِ، وَأَنَّهُ بَاطِلٌ وَذَلِكَ لأَِنَّ جَوَازَ الصُّلْحِ يَسْتَدْعِي حَقًّا ثَابِتًا، وَلَمْ يُوجَدْ فِي مَوْضِعِ السُّكُوتِ؛ إِذِ السَّاكِتُ يُعَدُّ مُنْكِرًا حُكْمًا حَتَّى تُسْمَعَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، فَكَانَ إِنْكَارُهُ مُعَارِضًا لِدَعْوَى الْمُدَّعِي. وَلَوْ بَذَل الْمَال لَبَذَلَهُ لِدَفْعِ خُصُومَةٍ بَاطِلَةٍ، فَكَانَ فِي مَعْنَى الرِّشْوَةِ. (2)
الصُّلْحُ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالأَْجْنَبِيِّ:
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الأَْحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ
(1) الدر المنتقى شرح الملتقى 2 / 308، وبدائع الصنائع 6 / 40.
(2)
نهاية المحتاج 4 / 375، وأسنى المطالب 2 / 215.
بِالصُّلْحِ الْكَائِنِ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالأَْجْنَبِيِّ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
أَوَّلاً: مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ:
19 -
نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الصُّلْحَ إِذَا كَانَ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالأَْجْنَبِيِّ، فَلَا يَخْلُو: إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ.
أ - فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ الصُّلْحُ، وَيَكُونُ الأَْجْنَبِيُّ وَكِيلاً عَنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الصُّلْحِ، وَيَجِبُ الْمَال الْمُصَالَحُ بِهِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دُونَ الْوَكِيل، سَوَاءٌ أَكَانَ الصُّلْحُ عَنْ إِقْرَارٍ أَمْ إِنْكَارٍ؛ لأَِنَّ الْوَكِيل فِي الصُّلْحِ لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِ حُقُوقُ الْعَقْدِ. وَهَذَا إِذَا لَمْ يَضْمَنِ الأَْجْنَبِيُّ بَدَل الصُّلْحِ عَنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَأَمَّا إِذَا ضَمِنَ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ وَالضَّمَانِ لَا بِحُكْمِ الْعَقْدِ. (1)
ب - وَأَمَّا إِذَا كَانَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَهَذَا صُلْحُ الْفُضُولِيِّ، وَلَهُ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُضِيفَ الْفُضُولِيُّ الصُّلْحَ إِلَى نَفْسِهِ، كَأَنْ يَقُول لِلْمُدَّعِي: صَالِحْنِي عَنْ دَعْوَاكَ مَعَ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَيُصَالِحَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ. فَهَذَا الصُّلْحُ صَحِيحٌ، وَيَلْزَمُ بَدَل الصُّلْحِ الْفُضُولِيُّ، وَلَوْ لَمْ يَضْمَنْ أَوْ يُضِفِ الصُّلْحَ إِلَى مَالِهِ أَوْ ذِمَّتِهِ؛ لأَِنَّ إِضَافَةَ الْفُضُولِيِّ الصُّلْحَ إِلَى نَفْسِهِ تَنْفُذُ فِي
(1) تحفة الفقهاء 3 / 432، البحر الرائق 7 / 259.