الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَلَاةُ الْعَاجِزِ عَنْ سَاتِرٍ لِلْعَوْرَةِ:
121 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَسْقُطُ عَمَّنْ عَدِمَ السَّاتِرَ لِلْعَوْرَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ صَلَاتِهِ؟ فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا، فَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَالأَْفْضَل أَنْ يُومِئَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: " أَنَّ قَوْمًا انْكَسَرَتْ بِهِمْ مَرْكَبُهُمْ، فَخَرَجُوا عُرَاةً. قَال: يُصَلُّونَ جُلُوسًا، يُومِئُونَ إِيمَاءً بِرُءُوسِهِمْ فَإِنْ رَكَعَ وَسَجَدَ جَازَ لَهُ ذَلِكَ. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَكُونُ قُعُودُهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ فَيَفْتَرِشُ الرَّجُل وَتَتَوَرَّكُ الْمَرْأَةُ، وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يَتَضَامُّ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُقِيمَ إِحْدَى فَخِذَيْهِ عَلَى الأُْخْرَى؛ لأَِنَّهُ أَقَل كَشْفًا.
وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا فَإِنَّهُ يُومِئُ كَذَلِكَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّ السَّتْرَ أَهَمُّ مِنْ أَدَاءِ الأَْرْكَانِ، لأَِنَّهُ فَرْضٌ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا، وَالأَْرْكَانُ فَرَائِضُ الصَّلَاةِ لَا غَيْرُ، وَقَدْ أَتَى بِبَدَلِهَا، وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِذَا صَلَّى قَائِمًا لَزِمَهُ أَنْ يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ بِالأَْرْضِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُصَلِّي قَائِمًا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ. وَتَجِبُ عَلَيْهِ الإِْعَادَةُ فِي الْوَقْتِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَقَال
الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ.
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - إِلَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَجِدْ عَادِمُ السِّتْرِ إِلَاّ ثَوْبَ حَرِيرٍ، أَوْ ثَوْبًا نَجِسًا وَجَبَ عَلَيْهِ لُبْسُهُ، وَلَا يُصَلِّي عَارِيًا؛ لأَِنَّ فَرْضَ السَّتْرِ أَقْوَى مِنْ مَنْعِ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالنَّجِسِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَقَال الْحَنَابِلَةُ. لَا يُعِيدُ إِذَا صَلَّى فِي ثَوْبٍ حَرِيرٍ؛ لأَِنَّهُ مَأْذُونٌ فِي لُبْسِهِ فِي بَعْضِ الأَْحْوَال كَالْحِكَّةِ وَالْبَرْدِ، وَيُعِيدُ إِذَا صَلَّى فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ.
وَفَرَّقَ الشَّافِعِيَّةُ بَيْنَ الثَّوْبِ الْحَرِيرِ وَالثَّوْبِ النَّجِسِ، فَإِذَا لَمْ يَجِدِ الْمُصَلِّي إِلَاّ ثَوْبًا نَجِسًا، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى غَسْلِهِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي عَارِيًا وَلَا يَلْبَسُهُ، وَإِذَا وَجَدَ حَرِيرًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ؛ لأَِنَّهُ طَاهِرٌ يَسْقُطُ الْفَرْضُ بِهِ، وَإِنَّمَا يَحْرُمُ فِي غَيْرِ مَحَل الضَّرُورَةِ، وَتَجِبُ عَلَيْهِ الإِْعَادَةُ إِذَا صَلَّى فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ (1) .
وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ التَّطَيُّنِ إِذَا لَمْ يَجِدْ إِلَاّ الطِّينَ، كَمَا أَنَّ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ تَفْصِيلاً فِيمَا إِذَا لَمْ يَجِدْ إِلَاّ مَا يَسْتُرُ بِهِ أَحَدَ فَرْجَيْهِ أَيُّهُمَا يَسْتُرُ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ:(عَوْرَة) .
(1) حاشية ابن عابدين 1 / 275، حاشية الدسوقي 1 / 216، الكافي 1 / 239، المجموع 3 / 142، 182، كشاف القناع 1 / 270، 272.