الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعِشَاءُ وَلَا الْوِتْرُ (1) .
6 -
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ: عَلَى أَنَّهُ يُسَنُّ جَعْل الْوِتْرِ آخِرَ النَّوَافِل الَّتِي تُصَلَّى بِاللَّيْل؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْل وِتْرًا (2) .
فَإِنْ أَرَادَ مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ أَنْ يَتَنَفَّل يَجْعَل وِتْرَهُ بَعْدَ النَّفْل، وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَتَهَجَّدَ - أَيْ يَقُومُ مِنْ آخِرِ اللَّيْل - فَإِنَّهُ إِذَا وَثِقَ بِاسْتِيقَاظِهِ أَوَاخِرَ اللَّيْل يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ وِتْرَهُ لِيَفْعَلَهُ آخِرَ اللَّيْل، وَإِلَاّ فَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُهُ قَبْل النَّوْمِ؛ لِحَدِيثِ: مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْل فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْل، فَإِنَّ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْل مَشْهُودَةٌ، وَذَلِكَ أَفْضَل (3) وَحَدِيثُ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: مِنْ كُل اللَّيْل قَدْ أَوْتَرَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مِنْ أَوَّل اللَّيْل وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ، فَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ (4) .
(1) فتح القدير 1 / 303، والفتاوى الهندية 1 / 51.
(2)
حديث: " اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا ". أخرجه البخاري (الفتح 2 / 488 - ط السلفية) ومسلم (1 / 518 - ط. الحلبي) من حديث ابن عمر.
(3)
حديث: " من خاف ألا يقوم في آخر الليل. . . ". أخرجه مسلم (1 / 520 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله.
(4)
شرح المحلى على المنهاج 1 / 213، وحاشية العدوي على شرح الرسالة 1 / 259، وكشاف القناع 1 / 416، وحديث عائشة:" من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه البخاري (الفتح2 / 486 - ط السلفية) ومسلم (1 / 512 - ط. الحلبي) واللفظ لمسلم.
عَدَدُ رَكَعَاتِ صَلَاةِ الْوِتْرِ:
7 -
أَقَل صَلَاةِ الْوِتْرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ. قَالُوا: وَيَجُوزُ ذَلِكَ بِلَا كَرَاهَةٍ لِحَدِيثِ: صَلَاةُ اللَّيْل مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ (1) وَالاِقْتِصَارُ عَلَيْهَا خِلَافُ الأَْوْلَى، لَكِنْ فِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: شَرْطُ الإِْيتَارِ بِرَكْعَةٍ سَبْقُ نَفْلٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ مِنْ سُنَّتِهَا، أَوْ غَيْرِهَا لِيُوتِرَ النَّفَل.
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - خِلَافُ الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ -: يُكْرَهُ الإِْيتَارُ بِرَكْعَةٍ حَتَّى فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ، تُسَمَّى الْبُتَيْرَاءُ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الإِْنْصَافِ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَا يَجُوزُ الإِْيتَارُ بِرَكْعَةٍ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْبُتَيْرَاءِ (2) قَالُوا: " رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه رَأَى رَجُلاً يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ، فَقَال: مَا هَذِهِ الْبُتَيْرَاءُ؟ لَتَشْفَعَنَّهَا أَوْ لأَُؤَدِّبَنَّكَ (3) .
(1) حديث " صلاة الليل مثنى مثنى. . . ". أخرجه البخاري (الفتح2 / 476 - ط السلفية) ومسلم (1 / 517 - ط الحلبي) من حديث ابن عمر، واللفظ لمسلم.
(2)
حديث: " نهى عن البتيراء. . . ". عزاه الزيلعي في نصب الراية (2 / 120 ط المجلس العلمي بالهند) إلى التمهيد لابن عبد البر، ونقل عن ابن القطان أنه قال: هذا حديث شاذ لا يعرج على روايته.
(3)
الهداية وفتح القدير والعناية 1 / 304.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: أَكْثَرُ الْوِتْرِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَكْثَرُهُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَيَجُوزُ بِمَا بَيْنَ ذَلِكَ مِنَ الأَْوْتَارِ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ فَلْيَفْعَل، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ فَلْيَفْعَل، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَل. (1) وَقَوْلُهُ: أَوْتِرُوا بِخَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ أَوْ تِسْعٍ أَوْ إِحْدَى عَشْرَةَ (2) وَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُوتِرُ بِثَلَاثِ عَشْرَةَ رَكْعَةً (3) . لَكِنْ قَال الْمَحَلِّيُّ: يُحْمَل هَذَا عَلَى أَنَّهَا حَسِبَتْ فِيهِ سُنَّةَ الْعِشَاءِ.
وَأَدْنَى الْكَمَال عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ، فَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَةٍ كَانَ خِلَافَ الأَْوْلَى. وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ: عَلَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الإِْيتَارُ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ.
(1) حديث: " من أحب أن يوتر بخمس فليفعل. . . ". أخرجه أبو داود (2 / 132 تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أبي أيوب الأنصاري، وذكر ابن حجر في التلخيص (2 / 13 - ط شركة الطباعة الفنية) أن أبا حاتم الرازي والدارقطني وغير واحد صححوا وقفه وقالوا: وهو الصواب.
(2)
حديث: " أوتروا بخمس أو سبع أو تسع أو إحدى عشرة ". أخرجه الحاكم (1 / 304 ط. دائرة المعارف العثمانية) وقال ابن حجر في التلخيص (1 / 3014 ط. شركة الطباعة الفنية) : رجاله ثقات.
(3)
حديث أم سلمة: " كان يوتر بثلاث عشرة ركعة ". أخرجه أحمد (6 / 322 ط الميمنية) والترمذي (2 / 320 - ط الحلبي) وحسنه الترمذي.
وَأَكْمَل مِنَ الثَّلَاثِ خَمْسٌ، ثُمَّ سَبْعٌ، ثُمَّ تِسْعٌ ثُمَّ إِحْدَى عَشْرَةَ، وَهِيَ أَكْمَلُهُ (1) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ: فَلَمْ يَذْكُرُوا فِي عَدَدِهِ إِلَاّ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، بِتَشَهُّدَيْنِ وَسَلَامٍ، كَمَا يُصَلَّى الْمَغْرِبُ. وَاحْتَجُّوا بِقَوْل عَائِشَةَ رضي الله عنها كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُوتِرُ بِثَلَاثٍ لَا يُسَلِّمُ إِلَاّ فِي آخِرِهِنَّ (2) وَفِي الْهِدَايَةِ: حَكَى الْحَسَنُ إِجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الثَّلَاثِ. قَال ابْنُ الْهُمَامِ: وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ السَّبْعَةِ (3) .
أَمَّا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: فَإِنَّ الْوِتْرَ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ، لَكِنْ لَا تَكُونُ إِلَاّ بَعْدَ شَفْعٍ يَسْبِقُهَا. وَاخْتُلِفَ: هَل تَقْدِيمُ الشَّفْعِ شَرْطُ صِحَّةٍ أَوْ كَمَالٍ؟ قَالُوا: وَقَدْ تُسَمَّى الرَّكَعَاتُ الثَّلَاثُ وِتْرًا إِلَاّ أَنَّ ذَلِكَ مَجَازٌ، وَالْوِتْرُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الرَّكْعَةُ الْوَاحِدَةُ. وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَاحِدَةً فَقَطْ، بَل بَعْدَ نَافِلَةٍ، وَأَقَل تِلْكَ النَّافِلَةِ رَكْعَتَانِ، وَلَا حَدَّ لأَِكْثَرِهَا. قَالُوا: وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ حَدِيثُ: صَلَاةُ اللَّيْل
(1) شرح المحلى على المنهاج، وحاشية القليوبي 1 / 212 2132، وكشاف القناع 1 / 416، والإنصاف 1 / 168، والمغني 2 / 150، 165.
(2)
حديث عائشة: (كان يوتر بثلاث لا يسلم إلا في آخرهن) . أخرجه الحاكم (1 / 304 - ط دائرة المعارف العثمانية) وأخرجه النسائي (3 / 235 - ط المطبعة التجارية) بلفظ: " كان لا يسلم في ركعتي الوتر "، وصحح الحديث الذهبي في (التلخيص) .
(3)
الهداية وفتح القدير والعناية 1 / 303، 304.