الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ حَقًّا وَتَصَالَحَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى شَيْءٍ، ثُمَّ ظَهَرَ بِأَنَّ ذَلِكَ الْحَقَّ أَوِ الْمَال لَا يَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا يَتِمُّ وَلَا حُكْمَ لَهُ، وَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ اسْتِرْدَادُ بَدَل الصُّلْحِ،
وَكَذَلِكَ لَوْ تَصَالَحَ الْبَائِعُ مَعَ الْمُشْتَرِي عَنِ خِيَارِ الْعَيْبِ، ثُمَّ ظَهَرَ عَدَمُ وُجُودِ الْعَيْبِ، أَوْ زَال الْعَيْبُ مِنْ نَفْسِهِ وَبِدُونِ مُعَالَجَةٍ أَوْ كُلْفَةٍ بَطَل الصُّلْحُ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ بَدَل الصُّلْحِ الَّذِي أَخَذَهُ لِلْبَائِعِ. وَكَذَا إِذَا كَانَ الْمُدَّعِي مُبْطِلاً وَغَيْرَ مُحِقٍّ فِي دَعْوَاهُ، فَلَا يَحِل لَهُ دِيَانَةً بَدَل الصُّلْحِ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الصُّلْحِ، وَلَا يَطِيبُ لَهُ، مَا لَمْ يُسَلِّمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي بَدَل الصُّلْحِ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ، وَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يُصْبِحُ التَّمْلِيكُ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ.
(1)
وَعَلَى أَسَاسِ مَا تَقَدَّمَ نَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى: أَنَّهُ إِذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُتَصَالِحَيْنِ بَعْدَ تَمَامِ الصُّلْحِ، فَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ فَسْخُهُ. (2)
(1) درر الحكام شرح مجلة الأحكام لعلي حيدر 4 / 47، وانظر شرح المجلة للأتاسي 4 / 570 وما بعدها، مجمع الأنهر 2 / 312 شرح منتهى الإرادات 2 / 263.
(2)
درر الحكام 4 / 49، وانظر م (1046) من مرشد الحيران. وقد استثنى الحنفية من ذلك ما لو كان الصلح في معنى الإجارة، ومات أحدهما قبل مضي المدة، وقالوا ببطلانه فيما بقي. (انظر الفتاوى الهندية 4 / 280) قرة عيون الأخيار 2 / 159. وخالفهم في ذلك الإمام الشافعي فقال: " وإن ادعى رجل حقا في دار أو أرض، فأقر له المدعى عليه، وصالحه من دعواه على خدمة عبد أو ركوب دابة أو زراعة أرض أو سكنى دار أو شيء مما تكون فيه الإجارات، ثم مات المدعي والمدعى عليه أو أحدهما، فالصلح جائز ولورثة المد
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: مَنِ ادَّعَى عَلَى آخَرَ حَقًّا، فَأَنْكَرَهُ، فَصَالَحَهُ، ثُمَّ ثَبَتَ الْحَقُّ بَعْدَ الصُّلْحِ بِاعْتِرَافٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي الصُّلْحِ، إِلَاّ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِالْبَيِّنَةِ وَهِيَ حَاضِرَةٌ وَلَمْ يَقُمْ بِهَا، فَالصُّلْحُ لَهُ لَازِمٌ. أَمَّا إِذَا كَانَ أَحَدُ الْمُتَصَالِحَيْنِ قَدْ أَشْهَدَ قَبْل الصُّلْحِ إِشْهَادَ تَقِيَّةٍ: أَنَّ صُلْحَهُ إِنَّمَا هُوَ لِمَا يَتَوَقَّعُهُ مِنْ إِنْكَارِ صَاحِبِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّ الصُّلْحَ لَا يَلْزَمُهُ إِذَا ثَبَتَ أَصْل حَقِّهِ. (1)
مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى انْحِلَال الصُّلْحِ:
35 -
إِذَا بَطَل الصُّلْحُ بَعْدَ صِحَّتِهِ، أَوْ لَمْ يَصِحَّ أَصْلاً فَيَرْجِعُ الْمُدَّعِي إِلَى أَصْل دَعْوَاهُ إِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إِنْكَارٍ. وَإِنْ كَانَ عَنْ إِقْرَارٍ فَيَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمُدَّعَى لَا غَيْرِهِ، إِلَاّ فِي الصُّلْحِ عَنِ الْقِصَاصِ إِذَا لَمْ يَصِحَّ فَإِنَّ لِوَلِيِّ الدَّمِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْقَاتِل بِالدِّيَةِ دُونَ الْقِصَاصِ، إِلَاّ أَنْ يَصِيرَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِضَمَانِ الْغُرُورِ أَيْضًا. (2)
(1) القوانين الفقهية (ط. الدار العربية للكتاب) ص 343.
(2)
بدائع الصنائع 6 / 55، 56.