الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ مَنْ لَمْ يَجِدْ فُرْجَةً وَلَا سِعَةً فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَجُرَّ إِلَيْهِ شَخْصًا مِنَ الصَّفِّ لِيَصْطَفَّ مَعَهُ، لَكِنْ مَعَ مُرَاعَاةِ أَنَّ الْمَجْرُورَ سَيُوَافِقُهُ، وَإِلَاّ فَلَا يَجُرُّ أَحَدًا مَنْعًا لِلْفِتْنَةِ، وَإِذَا جَرَّ أَحَدًا فَيُنْدَبُ لِلْمَجْرُورِ أَنْ يُسَاعِدَهُ لِيَنَال فَضْل الْمُعَاوَنَةِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى.
وَمُقَابِل الصَّحِيحِ - وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ - أَنَّهُ يَقِفُ مُنْفَرِدًا، وَلَا يَجْذِبُ أَحَدًا؛ لِئَلَاّ يُحْرِمَ غَيْرَهُ فَضِيلَةَ الصَّفِّ السَّابِقِ (1) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: مَنْ لَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا فِي الصَّفِّ يَقِفُ فِيهِ وَقَفَ عَنْ يَمِينِ الإِْمَامِ إِنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ مَوْقِفُ الْوَاحِدِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْوُقُوفُ عَنْ يَمِينِ الإِْمَامِ فَلَهُ أَنْ يُنَبِّهَ رَجُلاً مِنَ الصَّفِّ لِيَقِفَ مَعَهُ، وَيُنَبِّهَهُ بِكَلَامٍ أَوْ بِنَحْنَحَةٍ أَوْ إِشَارَةٍ وَيَتْبَعُهُ مَنْ يُنَبِّهُهُ. وَظَاهِرُهُ وُجُوبًا لأَِنَّهُ مِنْ بَابِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَاّ بِهِ. وَيُكْرَهُ تَنْبِيهُهُ بِجَذْبِهِ نَصًّا، وَاسْتَقْبَحَهُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ.
وَقَال ابْنُ عَقِيلٍ: جَوَّزَ أَصْحَابُنَا جَذْبَ رَجُلٍ يَقُومُ مَعَهُ صَفًّا، وَصَحَّحَ ذَلِكَ ابْنُ قُدَامَةَ؛ لأَِنَّ الْحَالَةَ دَاعِيَةٌ إِلَيْهِ، فَجَازَ
(1) مغني المحتاج 1 / 248 - 249، والمجموع 4 / 297 - 298.
كَالسُّجُودِ عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ قَدَمِهِ حَال الزِّحَامِ،
وَلَيْسَ هَذَا تَصَرُّفًا فِيهِ، إِنَّمَا هُوَ تَنْبِيهُهُ لِيَخْرُجَ مَعَهُ، فَجَرَى مَجْرَى مَسْأَلَتِهِ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُ، وَقَدْ وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: لِينُوا بِأَيْدِي إِخْوَانِكُمْ (1) فَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ الْخُرُوجِ مَعَهُ لَمْ يُكْرِهْهُ وَصَلَّى وَحْدَهُ (2) .
الأَْعْذَارُ الَّتِي تُبِيحُ التَّخَلُّفَ عَنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ:
الأَْعْذَارُ الَّتِي تُبِيحُ التَّخَلُّفَ عَنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ: مِنْهَا مَا هُوَ عَامٌّ، وَمِنْهَا مَا هُوَ خَاصٌّ. وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي: -
أَوَّلاً: الأَْعْذَارُ الْعَامَّةُ:
28 -
أ - الْمَطَرُ الشَّدِيدُ الَّذِي يَشُقُّ مَعَهُ الْخُرُوجُ لِلْجَمَاعَةِ، وَاَلَّذِي يَحْمِل النَّاسَ عَلَى تَغْطِيَةِ رُءُوسِهِمْ.
ب - الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ لَيْلاً لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَشَقَّةِ.
ج - الْبَرْدُ الشَّدِيدُ لَيْلاً أَوْ نَهَارًا، وَكَذَلِكَ الْحَرُّ الشَّدِيدُ. وَالْمُرَادُ الْبَرْدُ أَوِ الْحَرُّ الَّذِي يَخْرُجُ عَمَّا أَلِفَهُ النَّاسُ أَوْ أَلِفَهُ أَصْحَابُ الْمَنَاطِقِ الْحَارَّةِ أَوِ الْبَارِدَةِ.
د - الْوَحْل الشَّدِيدُ الَّذِي يَتَأَذَّى بِهِ
(1) حديث: " لينوا بأيدي إخوانكم " تقدم ف 24.
(2)
كشاف القناع 1 / 490، والمغني 2 / 216 - 217.