الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأَِنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْرُجُ مُسَافِرًا إِلَى الْغَزَوَاتِ، ثُمَّ يَعُودُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَا يُجَدِّدُ نِيَّةَ الإِْقَامَةِ؛ لأَِنَّ وَطَنَهُ مُتَعَيِّنٌ لِلإِْقَامَةِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّعْيِينِ بِالنِّيَّةِ.
وَدُخُول الْوَطَنِ الَّذِي يَنْتَهِي بِهِ حُكْمُ السَّفَرِ هُوَ أَنْ يَعُودَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ الْقَصْرَ، فَإِذَا قَرُبَ مِنْ بَلَدِهِ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَهُوَ مُسَافِرٌ مَا لَمْ يَدْخُل، وَقَدْ رُوِيَ: أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه حِينَ قَدِمَ الْكُوفَةَ مِنَ الْبَصْرَةِ صَلَّى صَلَاةَ السَّفَرِ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَى أَبْيَاتِ الْكُوفَةِ.
وَرُوِيَ - أَيْضًا - أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَال لِمُسَافِرٍ: صَل رَكْعَتَيْنِ مَا لَمْ تَدْخُل مَنْزِلَكَ. وَإِذَا دَخَل وَطَنَهُ فِي الْوَقْتِ وَجَبَ الإِْتْمَامُ.
الْعَزْمُ عَلَى الْعَوْدَةِ إِلَى الْوَطَنِ:
32 -
إِذَا عَزَمَ الْمُسَافِرُ عَلَى الْعَوْدَةِ إِلَى وَطَنِهِ قَبْل أَنْ يَسِيرَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ مُقِيمًا مِنْ حِينِ عَزَمَ عَلَى الْعَوْدَةِ وَيُصَلِّي تَمَامًا؛ لأَِنَّ الْعَزْمَ عَلَى الْعَوْدَةِ إِلَى الْوَطَنِ قَصْدُ تَرْكِ السَّفَرِ بِمَنْزِلَةِ نِيَّةِ الإِْقَامَةِ، وَاشْتَرَطَ الشَّافِعِيَّةُ مَعَ ذَلِكَ: أَنْ يَنْوِيَ وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ مَاكِثٌ، أَمَّا لَوْ نَوَى وَهُوَ سَائِرٌ فَلَا يَقْصُرُ حَتَّى يَدْخُل وَطَنَهُ (1) .
(1) البدائع 1 / 103، حاشية الدسوقي 1 / 361، والمهذب 1 / 53.، وهداية الراغب: 106، ومغني المحتاج 1 / 262.
وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْمَكَانِ الَّذِي عَزَمَ فِيهِ عَلَى الْعَوْدَةِ وَبَيْنَ الْوَطَنِ مُدَّةُ سَفَرِ قَصْرٍ، فَلَا يَصِيرُ مُقِيمًا؛ لأَِنَّهُ بِالْعَزْمِ عَلَى الْعَوْدِ قَصَدَ تَرْكَ السَّفَرِ إِلَى جِهَةٍ، وَقَصْدُ السَّفَرِ إِلَى جِهَةٍ أُخْرَى، فَلَمْ يُكْمِل الْعَزْمَ عَلَى الْعَوْدِ إِلَى السَّفَرِ لِوُقُوعِ التَّعَارُضِ، فَبَقِيَ مُسَافِرًا كَمَا كَانَ إِلَى أَنْ يَدْخُل وَطَنَهُ (1) .
جَمْعُ الصَّلَاةِ:
33 -
الْمُرَادُ بِالْجَمْعِ: هُوَ أَنْ يَجْمَعَ الْمُصَلِّي بَيْنَ فَرِيضَتَيْنِ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا، جَمْعُ تَقْدِيمٍ أَوْ جَمْعُ تَأْخِيرٍ. وَالصَّلَاةُ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا الْجَمْعُ هِيَ: الظُّهْرُ مَعَ الْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبُ مَعَ الْعِشَاءِ.
وَالْجَمْعُ بَيْنَ فَرِيضَتَيْنِ جَائِزٌ بِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ. إِلَاّ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي مُسَوِّغَاتِ الْجَمْعِ: فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يُجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ بِعَرَفَةَ، وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ، فَمُسَوِّغُ الْجَمْعِ عِنْدَهُمْ هُوَ الْحَجُّ فَقَطْ، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمُ الْجَمْعُ لأَِيِّ عُذْرٍ آخَرَ، كَالسَّفَرِ وَالْمَطَرِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لِلْجَمْعِ سِتَّةُ أَسْبَابٍ:
(1) بدائع الصنائع 1 / 126، 127، والشرح الكبير 1 / 268، ومغني المحتاج 1 / 269، وكشاف القناع 1 / 116.