الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
36 - باب ما جاء في كراهية الخروج من المسجد بعد الأذان
ثنا هناد نا وكيع عن سفيان عن إبراهيم بن المهاجر عن أبي الشعثاء قال: خرج رجل من المسجد بعدما أذن فيه بالعصر، فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.
قال: وفي الباب عن عثمان.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وعلى هذا العمل عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم أن لا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان إلا من عذر أن يكون على غير وضوء أو أمر لا بد منه.
ويروى عن إبراهيم النخعي أنه قال: يخرج ما لم يأخذ المؤذن في الإقامة، وهذا عندنا لمن له عذر في الخروج منه.
وأبو الشعثاء اسمه سليم بن أسود وهو والد أشعث بن أبي الشعثاء قال: وقد روى أشعث بن أبي الشعثاء هذا الحديث عن أبيه.
* الكلام عليه:
أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
وذكر بعضهم أن هذا موقوف. وقال أبو عمر: هو مسند عندهم.
وقال: لا يختلفون في هذا وذاك أنهما مسندان مرفوعان يعني هذا وقول أبي هريرة: ومن لم يجب يعني الدعوة فقد عصى الله ورسوله، وفي إسناده إبراهيم بن المهاجر وقد ضعف ووثق وأخرج له الجماعة إلا البخاري.
وفي الرواة ممن يسمى إبراهيم بن مهاجر ثلاثة:
أحدهم: هذا أبو إسحاق البجلي الكوفي يروي عن قيس بن أبي حازم وزيد بن وهب ومجاهد وإبراهيم وطارق بن شهاب وعطاء.
ضعفه يحيى بن معين.
وقال علي والنسائي: ليس بالقوي.
وقال أبو حاتم الرازي: منكر الحديث.
وقال ابن حبان: هو كثير الخطأ.
وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة يحمل بعضها بعضًا ويشبه بعضها بعضًا وهو عندي أصلح من إبراهيم الهجري وحديثه يكتب في الضعفاء.
والثاني: إبراهيم بن مهاجر بن مسمار المدني مولى سعد بن أبي وقاص يروي عن أبيه وعن صفوان بن سليم وعمر بن حفص بن ذكوان.
قال البخاري والنسائي: هو ضعيف.
وقال يحيى بن معين: لا بأس به.
وقال أحمد: ليس به بأس حكاه ابن عدي في ترجمة ابنه إسماعيل بن إبراهيم.
والثالث: يقال له الأزدي الكوفي سمع الأعمش وجعفر بن محمد لم يتكلموا فيه فيما علمتُ.
وأما حديث عثمان فعند ابن سنجر (1) من حديث عثمان قال: قال رسول الله
(1) قوله: ابن سنجر، واضحة في الأصل، كذلك.
والحديث رواه ابن ماجه (734) والزيادة منه، ولا بد منها وفيه عبد الجبار بن عمر، ضعيف جدًّا، =
- صلى الله عليه وسلم: "من أدركه الأذان وهو في المسجد ثم خرج لم يخرج لحاجة وهو يريد [لا] الرجعة فهو منافق".
ذكره عنه الزيدوني في "أحكامه".
وأما حديث أشعث بن أبي الشعثاء عن أبيه، فروينا عن ابن حيان نا بالسند المتقدم ثنا ابن أبي حاتم نا أحمد بن محمد الأطرابلسي نا موسى بن داود نا شريك عن أشعث بن أبي الشعثاء عن أبيه عن أبي هريرة قال: إذا أقيمت الصلاة وأحدكم في المسجد فلا يخرج حتى يصلي؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بذلك (1).
ورواه عن أبي هريرة أبو صالح ومحمد بن زاذان وسعيد بن المسيب وقول أبي هريرة رضي الله عنه في الخارج من المسجد: أما هذا فقد عصى أبا القاسم؛ محمول على أنه حديث مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده كما تقدم ولولا أنه سمع ما يقتضي تحريم الخروج من المسجد بعد الأذان لما أطلق لفظ المعصية على الخارج، وقد تبين ذلك بما ذكرناه من حديث أشعث عن أبيه وكذا لفظ سعيد بن المسيب [عن أبي هريرة] (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم:"لا يخرج بعد الأذان من المسجد إلا منافق إلا أحد أخرجته حاجة وهو يريد الرجعة إلى الصلاة".
كذا رويناه عن سعيد من طرق متعددة يشهد بعضها لبعض، قال القرطبي:
= عند الألباني، وقواه هو والبوصيري بشواهد له.
فانظر "مصباح الزجاجة"(275) للبوصيري.
و"هداية الرواة"(1034) و"الصحيحة"(2518)، و"صحيح الترغيب"(263) و"الثمر المستطاب"(2/ 644 - 645).
(1)
هذه الزيادة ضعفها الشيخ في "الثمر المستطاب"(1/ 642). والحديث في مسلم (655) بدونها.
(2)
زيادة من الأصل، وسعيد له رواية مرسلة ستأتي عند المصنف؛ رواها الدارمي (1/ 118) والبيهقي (3/ 56) وهو من الشواهد التي قوى بها الشيخ الألباني حديث عثمان، وحديث أبي هريرة.
فإذا ثبت هذا استُثمِر منه أن من دخل المسجد لصلاة فرض فأذن مؤذن ذلك الوقت حرم عليه أن يخرج منه لغير ضرورة حتى يصلي فيه تلك الصلاة، لأن ذلك المسجد تعين لتلك الصلاة أو لأنه (1) إذا خرج قد يمنعه مانع من الرجوع إليه، أو إلى غيره فتفوته الصلاة. ذكر أبو محمد بن حزم تحريم الخروج من المسجد على هذه الحالة.
* * *
(1) زاد السندي بعد (لأنه): (تحريم) ولا يظهر أن لها مكانًا في السياق.