الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
33 - باب ما جاء في كراهية الأذان بغير وضوء
ثنا علي بن حجر نا الوليد بن مسلم عن معاوية بن يحيى عن الزهري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يؤذن إلا متوضئ".
حدثنا يحيى بن موسى نا عبد الله بن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال: قال أبو هريرة: لا ينادي بالصلاة إلا متوضئ.
وهذا أصح من الأول.
قال أبو عيسى: وحديث أبي هريرة لم يرفعه ابن وهب وهو أصح من حديث الوليد بن مسلم. والزهري لم يسمع من أبي هريرة.
واختلف أهل العلم في الأذان على غير وضوء، فكرهه بعض أهل العلم وبه يقول الشافعي وإسحاق.
ورخص في ذلك بعض أهل العلم وبه يقول سفيان وابن المبارك وأحمد.
* الكلام عليه:
هذا منقطع بين الزهري وأبي هريرة، فإنه لم يسمعه منه كما ذكر الترمذي وغيره.
ومختلف (1) في رفعه ووقفه.
فالوليد بن مسلم عن معاوية بن يحيى يرفعه.
وابن وهب عن يونس يقفه.
(1) زاد في نسخة السندي: فيه، أي مختلف فيه في ....
ورجح الترمذي الوقف لجلالة من وقفه [وهو يونس والأوزاعي.
وذكر ابن أبي شيبة نا عمر بن هارون عن الأوزاعي عن الزهري قال: قال أبو هريرة: لا يؤذن المؤذن إلا متوضئًا].
وانحطاط درجة من رفعه وهو معاوية بن يحيى أبو روح الصدفي الدمشقي.
روى عن مكحول الزهري ويونس بن ميسرة بن حلبس والقاسم بن عبد الرحمن.
روي عنه الهقل بن زياد وعيسى بن يونس وإسحاق بن سليمان الرازي وغيرهم.
قال البخاري: أحاديثه عن الزهري مستقيمة كأنها من كتاب، وروى عن عيسى بن يونس وإسحاق بن سليمان أحاديث مناكير كأنها من حفظه.
وقال النسائي: ليس بثقة.
وقال الحاكم أبو أحمد: يروي عنه الهقل بن زياد عن الزهري أحاديث منكرة شبيهة بالموضوعة.
وقال السعدي: ذاهب الحديث.
وقال أبو زُرْعة: ليس بقوي أحاديثه كلها مقلوبة ما حدث بالري، والذي حدث بالشام أحسن حالًا.
وقال أبو حاتم: هو ضعيف في الحديث، في حديثه إنكار.
وقال النسائي أيضًا: ضعيف.
وقال ابن خراش: ما نقل عنه الهقل صحيح ورواية إسحاق الرازي عنه مقلوبة.
وقال الدارقطني: يكتب ما روى الهقل عنه ويتجنب ما سواه خاصة ما روى إسحاق بن سليمان الرازي. ومثل هذا لا يعدل بيونس الأيلي وهو من أحفظ أصحاب الزهري وألزمهم له لا سيما وقد تابعه الأوزاعي، فهو مع الانقطاع إما موقوف أو مرفوع عن ضعيف، وقد روينا حديث معاوية بن يحيى عنه عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يؤذن إلا متوضئ. من طريق ابن حيان أنا ابن أبي عاصم نا هشام بن عمار نا الوليد بن مسلم عن معاوية فذكره.
فهو إذن مختلف فيه على الوليد بن مسلم.
فهشام بن عمار يسنده عن سعيد وعلي بن حجر يرسله عن الزهري وليس فيه على هذا إلا ما ذكر من حال معاوية بن يحيى وهو قريب الحال من حديثه إذ هو من حديثه بالشام على رأي أبي زرعة.
وله شاهد من طريق ابن عباس ووائل بن حجر كما سيأتي.
وفي الباب مما لم يذكره عن وائل بن حجر وابن عباس روينا عن ابن حيان قال نا علي بن سعيد العسكري نا أبو بدر نا عمير بن عمران الحنفي نا الحارث بن عتبة عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه قال: حق وسنة مسنونة أن لا يؤذن إلا وهو طاهر (1).
قال: ثنا الطبركي نا عبد الله بن هارون الفروي حدثني أبي عن جدي أبي علقمة عن محمد بن مالك قال: أذنت يومًا في مسجد علي بن عبد الله بن عباس
(1) رواه البيهقي (1/ 397) من طريق أبي الشيخ عن عبدان عن هلال بن بشر عن عمير -ونسبه العلاف- به.
قال البيهقي: عبد الجبار بن وائل عن أبيه مرسل.
وتابعه عند البيهقي صدقة بن عبد الله المازني عن الحارث.
الصبح قال: لا تؤذن إلا وأنت طاهر.
قال أبي وحدثني يعني عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا ابن عباس إن الأذان متصل بالصلاة فلا يؤذن أحدكم إلا وهو طاهر".
حديث عبد الجبار موقوف مرسل.
قال يحيى بن معين: هو ثبت ولم يسمع من أبيه شيئًا، وفي رواية: ثقة.
وقيل أنه ولد بعد موت أبيه بستة أشهر.
روى له مسلم وذكره ابن حبان في الثقات وقال: توفي سنة اثنتي عشرة ومائة، القول بأنه ولد بعد موت أبيه بستة أشهر، مذكور.
وقد روينا من طريق الطبراني نا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: ثنا محمد بن عبيد بن حساب نا عبد الوارث نا محمد بن جحادة عن عبد الجبار بن وائل قال: كنت غلامًا لا أعقل صلاة أبي فحدثني علقمة بن وائل فذكر حديثًا.
وتكلم ابن عدي في عبد الله بن هارون الفروي وهو ابن موسى ابن أبي علقمة وقال له: مناكير.
وأبو هارون بن موسى بن أبي علقمة، قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه؟ فقال: شيخ.
وقد اختلف السلف في الأذان بغير طهارة والإقامة.
فقال قوم: لا بأس أن يؤذن على غير وضوء. رواه منصور عن إبراهيم وجابر عن عبد الرحمن بن الأسود وحجاج عن عطاء.
وروى أيضًا عن حماد بن أبي سليمان.
وكرهه آخرون، وقد ذكرنا عن أبي هريرة ما عنه في ذلك.
وروي مثله عن عطاء ومجاهد ويذكر عن الأوزاعي وإسحاق، وفرق آخرون بين الأذان والإقامة.
فعن قتادة: لا بأس أن يؤذن الرجل على غير وضوء فإذا أراد أن يقيم توضأ.
وعن الحسن: لا بأس أن يؤذن غير طاهر ويقيم وهو طاهر وإليه ذهب مالك.
والذي ذهب إليه الشافعي أنه يستحب أن يؤذن على طهارة فإن أذن وهو محدث أو جنب أو أقام الصلاة وهو محدث أو جنب صح أذانه وإقامته.
لكنه مكروه نص على كراهته الشافعي والأصحاب واتفقوا عليها قالوا والكراهة في الجنب أشد منها في المحدث وفي الإقامة أغلظ.
قال في "الأم": ولو ابتدأ بالأذان طاهرًا ثم انتقضت طهارته بنى على أذانه ولم يقطعه سواء كان حدثه جنابة أو غيرها قال: ولو قطعه وتطهر ثم رجع بنى على أذانه ولو استأنف كان أحبّ إلي. هذا نصه.
وتابعه الأصحاب قالوا: وإنما استحب إتمامه ولا يقطعه لئلا يظن أنه متلاعب، وإنما يصح البناء إذا لم يطل الفصل طولًا فاحشًا وإن طال طولًا غير فاحش ففي صحة البناء طريقان حكاهما صاحب "البيان" وآخرون:
أحدهما: يصح البناء قولًا واحدًا وبه قطع الشيخ أبو حامد وآخرون.
والثاني: فيه قولان.
وإذا أذن وأقام وهو جنب في المسجد أثم بلبثه في المسجد وصح أذانه وإقامته، لأن المراد حصول الإعلام وقد حصل والتحريم لمعنى آخر وهو حرمة المسجد.
وقال صاحب "البيان" وغيره التحريم على الجنب.
قال الماوردي وغيره: ولو أذن مكشوف العورة أثم وأجزأ.
قال النووي: وكمذهبنا أن أذان الجنب والمحدث وإقامتهما صحيحان مع الكراهة.
وقال به الحسن البصري وقتادة وحماد بن أبي سليمان وأبو حنيفة والثوري وأحمد وأبو ثور وابن المنذر وداود.
* * *