الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
50 - باب ما جاء في الجماعة في مسجد قد صلي فيه مرة
حدثنا هناد نا عبدة عن سعيد بن أبي عروبة عن سليمان الناجي عن أبي المتوكل عن أبي سعيد قال: جاء رجل وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أيّكم يتجر على هذا"! فقام رجل فصلى معه.
قال: وفي الباب عن أبي أمامة وأبي موسى والحكم بن عمير.
قال أبو عيسى: حديث أبي سعيد حديث حسن وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم من التابعين، قالوا: لا بأس أن يصلي القوم جماعة في مسجد قد صلي فيه جماعة وبه يقول أحمد وإسحاق وقال آخرون: من أهل العلم يصلون فرادى وبه يقول سفيان ومالك وابن المبارك والشافعي يختارون الصلاة فرادى.
* الكلام عليه:
رواه أبو داود، وسليمان الناجي هو الأسود البصري روى عن أبي المتوكل علي الناجي روى عنه وهيب وعبد العزيز بن المختار ومرجى بن رجا والأنصاري وسعيد بن أبي عروبة.
قال يحيى بن معين: هو ثقة.
وقال محمد بن سعد: كان نازلًا في بني ناجية لا يدرى كان من أنفسهم أو مولى لهم، وكانت عنده أحاديث، روى له أبو داود والترمذي.
وذكر البيهقي حديث أبي سعيد هذا في كتاب "المعرفة" له من حديث سليمان بن حرب عن وهيب عن سليمان الأسود عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلي وحده فقال: "ألا رجل يتصدق على
هذا فيصلي معه".
ثم قال: أنا أبو الحسن بن الفضل أنا أبو سهل بن زياد نا إسحاق بن الحسن الحربي نا عفان نا وهيب نا خالد فذكره بإسناده إلا أنه قال: دخل رجل المسجد وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: والرجل الذي صلى ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ذكر ابن أبي شيبة بسند له عن الحسن: أن رجلًا دخل المسجد وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ألا رجل يقوم إلى هذا فيصلي معه"؟ فقام أبو بكر فصلى معه، وقد كان صلى تلك الصلاة.
وقال وروينا عن يونس عن أبي عثمان قال: جاءنا أنس بن مالك وقد صلينا فأذن وأقام وصلى بأصحابه. قال: وفي حديث أبي سعيد دلالة على أنه إذا ائتم واحد برجل فهي صلاة جماعة كما قال الشافعي وكلما كثرت الجماعة مع الإمام كان أحب إليّ وأقرب إن شاء الله.
وأما حديث أبي موسى والحكم بن عمير فذاك معناهما أن الاثنين فما فوقهما جماعة وهو أحد معنيي حديث أبي سعيد، روى ابن ماجه من حديث أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اثنان فما فوقهما جماعة" وكذلك حديث الحكم بن عمير ذكره البغوي في "معجم الصحابة" ثنا داود بن رشيد نا بقية عن عيسى بن إبراهيم القرشي عن موسى بن أبي حبيب عن الحكم بن عمير الثمالي وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اثنان فما فوق ذلك جماعة".
الحكم بن عمرو الثمالي ذكره أبو عمر (1) وقال: ابن عمرو وقال: وثمالة في
(1) ذكره في "الاستيعاب"(1/ 360) تحت اسم: الحكم بن عمرو، وذكره قبل (1/ 358) الحكم بن عمير.
لذا اعترضه الحافظ في "الإصابة" في ترجمة: ابن عمير.
الأزد، شهد بدرًا رويت عنه أحاديث مناكير من حديث أهل الشام لا تصح.
وقد اختلف السلف في إقامة الجماعة في مسجد أقيمت فيه الجماعة قبل ذلك كره جماعة من السلف قال الشافعي: فيما حكى عنه البيهقي وإنما كرهت ذلك لهم لأنه ليس مما فعله السلف ثم قال: قلنا بل قد عابه بعضهم ثم لم يكرهها في مسجد لا يكون له مؤذن راتب [وإمام] معلوم قال: لأنه ليس فيه المعنى الذي وصفت من تفرق الكلمة وأن يرغب رجال عن إمامة رجل فيتخذوا إمامًا غيره.
قال الماوردي: فأما إذا كان المسجد بظاهر الطريق تصلي فيه المارة والمجتازون فلا بأس أن تعاد فيه صلاة الجماعة مرارًا لأن العادة جارية به.
قال البيهقي: وقد حكى ابن المنذر كراهيته عن سالم بن عبد الله وأبي قلابة وابن عون وأيوب والبتي ومالك والليث وسفيان الثوري والأوزاعي وأصحاب الرأي.
وقال: في كتاب البويطي وقد قيل: لا بأس بذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من يتصدق على هذا فيصلي معه" وروى يونس عن الحسن أنه كره، وقال بعض المالكية: ينبغي إذا أذن الإمام في ذلك أن يجوز وهذا مبني على أن ذلك حق الإسلام أو حق الإمام، فإن كان المسجد ليليًّا فقال مالك: فصلى فيه الآتون إليه جماعة نهارًا للأمن من ذلك.
وروى سلمة بن كهيل أن ابن مسعود دخل المسجد وقد صلوا فجمع بعلقمة ومسروق والأسود.
وقال عبد الله بن يزيد دخلت مع إبراهيم مسجد محارب وقد صلوا فأمني، وعن الحسن مثله، عن ..... وعن قتادة: يصلون جميعًا في صف واحدٍ إمامهم وسطهم، وكذلك فعل أنس بن مالك.
وفيه أن أقل الجماعة إمام ومأموم كما ذهب إليه الشافعي ومن قال بقوله.
وقوله: (يتصدق على هذا أو يتجر على هذا) كله واحد، لأن التجارة مع الله صدقة من المتجر على نفسه وربح.
مسألة: استدل أبو الحسن الماوردي بهذا الحديث عل أن صلاة الجماعة ليست فرضًا على الأعيان، وقال: روي أنه عليه السلام رأى رجلًا قد دخل بعد فراغ الناس من الصلاة، فقال:"من يتصدق على هذا فيصلي معه"، ولو كانت الجماعة واجبة لأنكر عليه تأخره عنها، ولنهاه عن مثله، ولما أخبر أن الصلاة معه صدقة عليه. انتهى.
أما الإنكار والنهي الذي أشار إليه فلم يبلغنا، وعدم البلوغ لا يدل على عدم الوقوع.
وأما الصدقة عليه بالصلاة معه، فلا يدل على الوجوب، ولا على عدمه، والقائلون بوجوب الجماعة لا يمنعون من تعذرت عليه الجماعة أن يأتي بها منفردًا.
* * *