الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[88 - باب ما جاء في التجافي في السجود]
ومن باب التجافي في السجود ذكر حديث عبيد الله بن عبد الله بن أقوم الخزاعي عن أبيه قال: كنت مع أبي بالقاع من نمرة فمرت ركبة، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي (1)، قال: فكنت أنظر إلى عفرتي إبطيه إذا سجد أرى (2) بياضه.
قال: وفي الباب عن ابن عباس وابن بحينة وجابر وأحمر بن جزء وميمونة وأبي حميد وأبي مسعود وأبي أسيد بن سعد ومحمد بن مسلمة والبراء بن عازب وعدي بن عميرة وعائشة.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن أقرم حديث حسن، لا نعرفه إلا من حديث داود بن قيس، ولا يعرف لعبد الله بن أقرم عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث.
قال: وعبد الله بن أرقم الزهري صاحب النبي صلى الله عليه وسلم هو كاتب أبي بكر الصديق رضي الله عنهم.
قال أبو الفتح: داود بن قيس يعرف بالفراء، مدني قال فيه الشافعي: ثقة حافظ، ووثقه أيضًا أحمد ويحيى وغيرهما، وروى له مسلم، مات في خلافة أبي جعفر.
وعبيد الله بن عبد الله بن أقرم روى عن أبيه. روى عنه داود بن قيس، أخرج له أبو داود والنسائي، ووثقه الترمذي وابن ماجه، وحديثه هذا عنده وعند النسائي أيضًا، ورواته ثقات.
(1) في الأصل: قال قام فصلى.
(2)
في المطبوع من "الجامع": أي.
وأما كان حسنًا؛ لمحل التفرد.
وحديث ابن بحينة: أنه عليه السلام كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يرى بياض إبطيه. عند البخاري ومسلم.
وحديث جابر مثله سواء. رواه الإمام أحمد وصححه أبو زرعة.
وحديث ابن جزء قال: إن كنا لنأوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما يجافي مرفقيه عن إذا سجد. رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه. وإسناده صحيح.
وقوله: (لنأوي له) قال الخطابي: لنرق له.
وحديث ميمونة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد لو شاءت بهمة أن تمر بين يديه لمرت.
وفي رواية: خوى بيديه -يعني جنح- حتى يرى وضح إبطيه. رواه مسلم (1).
والوضح: البياض.
وحديث أبي حميد تقدم بعضه، وسيأتي عنده، وقد صححه، وهو يرويه في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، منهم جماعة من أشار إليه الترمذي هنا، وفيه: ثم أهوى إلى الأرض ساجدًا، ثم قال: الله أكبر، ثم جافى عضديه عن إبطيه
…
الحديث.
وقد رواه النسائي (2) عن أبي حميد مختصرًا: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا هوى إلى الأرض ساجدًا جافى عضديه عن إبطيه وفتح أصاج رجليه. مختصر.
وحديث ابن عباس قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم من خلفه فرأيت بياض إبطيه وهو
(1) الروايتان عند مسلم (496، 497) على الترتيب.
(2)
"السنن"(1101).
مجخ قد فرّج بيديه. رواه أبو داود (1).
وعن البراء في السجود أحاديث، منها:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك". رواه مسلم.
ومنها: أنه وضع يديه واعتمد على ركبتيه، ورفع عجيزته، وقال: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد. رواه الإمام أحمد وأبو داود واللفظ له، والنسائي.
وروى الإمام أحمد عن البراء أنه وصف السجود، فقال: فبسط كفيه ورفع عجيزته، وخوى، وقال: هكذا سجد النبي صلى الله عليه وسلم.
ومنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد على أليتي الكف. رواه الإمام أحمد.
ومنها: قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد جخى. رواه النسائي.
ومنها: قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع بسط ظهره وإذا سجد وجه أصابعه قبل القبلة، فتفاج (2). رواه البيهقي.
قال الأزهري: معنى اللفظين واحد، التجخية والتجفية.
وقال غيره: معناه جافى في ركوعه، وفي سجوده وتفاج.
وقال الجوهري: وفججت ما بين رجلي أفجهما فجًا إذا فتحت، يقال: يمشي مفاجًّا، وتفاجّ، يعني فعل ذلك من فتح رجليه.
(1)"السنن"(899).
(2)
كذا الأصل، و"التلخيص الحبير"(1/ 255، 256) قال: يعني: وسع بين رجليه.
وكذا هو في "تحفة المحتاج" لابن الملقن (286) وزاد: وذكره ابن السكن في "صحاحه"، وقال الجوهري: فججت ما بين رجلي إذا فتحت.
وفي "السنن الكبير"(2/ 113): فتفلج!
وحديث عدي بن عميرة؛ فرويناه من طريق الطبراني في "المعجم الكبير"(1) قال: نا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني يحيى بن معين، قال الطبراني: وثنا معاذ بن المثنى نا علي بن المديني قالا: نا معتمر بن سليمان، قال: قرأت على الفضيل بن ميسرة عن أبي حريز أن قيس بن أبي حازم حدثه: أن عدي بن عميرة الكندي حدثه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد جافى حتى يرى بياض إبطيه.
فضيل بن ميسرة العقيلي أبو معاذ البصري، روى عن طاوس والشعبي وأبي حريز عبد الله قاضي سجستان.
روى عنه سعيد بن أبي عروبة وشعبة ومعتمر ويزيد بن زريع ويحيى القطان.
قال أحمد: ليس به بأس، وقال ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم الرازي: شيخ صالح.
روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
وأبو حريز قاضي سجستان هو عبد الله بن الحسين، روى عن قيس بن أبي حازم والحسن البصري وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي والشعبي وعكرمة وغيرهم.
روى عنه الفضيل بن ميسرة وقتادة وعثمان بن مطر وسعيد بن أبي عروبة.
قال ابن معين: ضعيف، وقال أحمد: حديثه منكر، وقال النسائي: ضعيف، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه.
وحديث عائشة، أخرجه مسلم، وفيه: كان ينهى يعني النبي صلى الله عليه وسلم أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع، وسيأتي فيما جاء في الاعتدال في السجود
(1)"المعجم الكبير"(17/ 263).
وقد رواه ابن خزيمة (650) وأحمد 4/ 993، وابن عدي (4/ 160)، وضعفه ابن عدي والألباني.
إن شاء الله تعالى.
وذكر ترجمة ابن أرقم عبد الله للفرق بينه وبين عبد الله بن أقرم راوي هذا الحديث.
وعبد الله بن أرقم بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشي، أسلم عام الفتح وكتب للنبي صلى الله عليه وسلم وكانت له فضائل جمة، منها: ما رويناه من طريق الطبراني في "المعجم الكبير"(1) وذكر نسبه كما ذكرنا، ثم قال: وأمه عمرة بنت الأرقم بن هاشم بن عبد مناف، كان قد عمي قبل وفاته، وكان كاتبًا للنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، قال: أنا مطلب بن شعيب الأزدي: ثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني عبد العزيز بن أبي سلمة عن عبد الواحد بن أبي عون قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم كتاب رجل، فقال لعبد الله بن الأرقم:"أجب عني"، فكتب جوابه، ثم قرأه عليه، فقال:"أجبت وأحسنت، اللهم وفقه"، فلما ولي عمر كان يشاوره (2).
وذكر أبو عمر أن أبا بكر استكتبه وعمر، واستعمله على بيت المال، وعثمان بعده.
وقال خليفة بن خياط: لم يزل عبد الله بن الأرقم على بيت المال خلافة عمر كلها، وسنين (3) من خلافة عثمان، حتى استعفاه من ذلك فأعفاه. وذكر ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبد الله بن الزبير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استكتب عبد الله بن الأرقم، فكان يجيب عنه الملوك، وبلغ من أمانته عنده أنه كان
(1)(13/ 192) قال الألباني: هو معضل.
وحسنه الهيثمي (9/ 370).
(2)
رواه الحا كم (3/ 335) موصولًا، وصححه والذهبي، والألباني في "الصحيحة"(2838).
(3)
في "الاستيعاب"(3/ 865): سنتين.
يأمره أن يكتب إلى بعض الملوك، فيكتب ويأمره أن يطينه ويختمه، وما يقرؤه لأمانته عنده.
وروى ابن القاسم عن مالك قال: بلغني أنه ورد على رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب فقال: "من يجيب عني"؟ فقال عبد الله بن الأرقم: أنا، فأجاب عنه، وأتى به إليه فأعجبه وأنفذه.
وكان عمر حاضرًا فأعجبه ذلك من عبد الله بن الأرقم فلم يزل له ذلك في نفسه يقول: أصاب ما أراده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما ولي عمر استعمله على بيت المال.
وروى ابن وهب عن مالك قال: بلغني أن عثمان أجاز عبد الله بن الأرقم وكان له على بيت المال بثلاثين ألفًا فأبى أن يقبلها.
وروى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار: أن عثمان استعمل عبد الله بن الأرقم على بيت المال فأعطاه عثمان ثلاثمائة درهم فأبى عبد الله بن الأرقم أن يأخذها، وقال: إنما عملت لله وإنما أجري على الله.
وروى أشهب عن مالك: أن عمر بن الخطاب كان يقول: ما رأيت أحدًا أخشى لله من عبد الله بن الأرقم بمال.
وقال عمر لعبد الله بن الأرقم: لو كان لك مثل سابقة القوم ما قدمت عليك أحدًا.
وأما راوي الحديث عند الترمذي فعبد الله بن أقرم بن زيد الخزاعي، معدود في أهل المدينة، روى عنه ابنه عبيد الله.
* * *