الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
55 - باب ما جاء في كراهية الصف بين السواري
ثنا هناد ثنا وكيع عن سفيان عن يحيى بن هانئ بن عروة المرادي عن عبد الحميد بن محمود قال: صلينا خلف أمير من الأمراء فاضطرنا الناس فصلينا بين ساريتين فلما صلينا قال أنس بن مالك: كنا نتقي هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي الباب عن قرة بن إياس المزني.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن.
وقد كره قوم من أهل العلم أن يصف بين السواري، وبه يقول أحمد وإسحاق ورخص قوم من أهل العلم في ذلك.
* الكلام عليه:
حديث الباب رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي.
ويحيى بن هانئ بن عروة المرادي كوفي كان من أشراف العرب.
روى عن عبد الحميد بن محمود ورجاء الزبيدي وابنه ونعيم بن دجاجة وأبي حميد.
روى عنه الثوري وشعبة وشريك بن عبد الله سمعت أبي يقول ذلك قاله ابن أبي حاتم ووثقه يحيى بن معين.
وقال أبو زرعة: ثقة صالح روى عنه الثوري وشعبة، سيد من سادات أهل الكوفة.
وقال شعبة: أخبرني يحيى بن هانئ وكان سيدًا من سادات أهل الكوفة.
وعبد الحميد بن محمود هذا بصري روى عبد الله بن عباس وأنس بن مالك.
روى عنه يحيى بن هانئ المرادي وعمرو بن هرم وابنه حمزة بن عبد الحميد بن محمود.
قال أبو حاتم: هو شيخ.
وقال الدارقطني: كوفي ثقة يحتج به.
روى له أبو داود والنسائي والترمذي.
وقد ضعف أبو محمد عبد الحق هذا الحديث بعبد الحميد بن محمود هذا وقال: ليس هو ممن يحتج بحديثه.
فقال أبو الحسن بن القطان ردًّا عليه: ولا أدري من أنبأه بهذا ولم أر أحدًا ممن صنف الضعفاء ذكره فيهم ونهاية ما يؤخذ فيه مما يوهم ضعفًا قول أبي حاتم الرازي وقد سئل عنه: هو شيخ، وهذا ليس بتضعيف وإنما هو إخبار بأنه ليس من أعلام أهل العلم وإنما هو شيخ وقعت له روايات أخذت عنه.
وقد ذكره أبو عبد الرحمن النسائي فقال فيه: ثقة، على شحه بهذه اللفظة.
وحديث قرة بن إياس المزني مروي من طريق معاوية بن قرة عن أبيه قال: كنا ننهى أن نصف بين السواري على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونطرد عنها طردًا. رواه ابن ماجه.
وروى حرب الكرماني بإسناد له عن أنس قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يصف بين السواري.
وذكر الحافظ ضياء الدين محمَّد بن عبد الواحد المقدسي في الصلاة بين السواري حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة الحجبي فأغلقها عليه ومكث فيها فسألت بلالًا حين خرج: ما صنع النبي
- صلى الله عليه وسلم؟ قال: جعل عمودًا عن يمينه وعمودًا عن يساره وثلاثة أعمدة وراءه وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة ثم صلى، وفي رواية عمودين عن يمينه. رواه البخاري ومسلم.
فيه كراهة الصف بين السواري.
قال القاضي أبو بكر بن العربي: وذلك إما لانقطاع الصف وهو المراد من التبويب وإما لأنه موضع جمع النعال والأول أشبه لأن الثاني محدث.
ولا خلاف في جوازه عند الضيق وأما عند السعة فهو مكروه للجماعة فأما الواحد فلا بأس به وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة بين سواري انتهى.
أما التفريق بين حالة الضيق والسعة فكذلك هو الحكم وحديث الباب إنما ورد في حالة الضيق لقوله: فاضطرنا الناس فيمكن أن يقال إن الضرورة أشار إليها في الحديث لم تبلغ قدر الضرورة التي يرتفع الحرج معها. وحديث قرة لا ذكر فيه للضرورة، أما التفريق بين حكم الجماعة والمنفرد فالحديث إنما ورد في حكم [صلاة] الجماعة كذا رواه أبو داود من طريق عبد الحميد قال: صليت مع أنس بن مالك يوم الجمعة فدفعنا إلى السواري فتقدمنا وتأخرنا
…
الحديث (1)، ولذلك اختلف الناس في الكراهة والإباحة كما سنذكره.
ذكر عبد الرزاق في "مصنفه" عن معمر عن أبي إسحاق عن معدي كرب قال قال ابن مسعود: لا تصفوا بين السواري ولا تأتموا بالقوم وهم يتحدثون.
(1) كذا الأصل، وفي نسخة السندي:
…
السواري، ولم يقل أن تصلي.
قلت: وهو غير مفهوم، لكن في هامش الأصل: حديث قرة: كنا ننهى أن نصف بين السواري، ولم يقل أن نصلي وقد. (وعليه علامة الصحة).
قلت: وهذا كلام يناسب آخر فقرة في الباب.
وذكر عن الثوري وابن عيينة عن أبي إسحاق عن معدي كرب الهمداني قال: سمعت ابن مسعود يقول: لا تصطفوا بين الأساطين ولا تصل وبين يديك قوم يمترون أو قال: يلعبون.
وذكر عن هشام بن حسّان عن الحسن أنه كره الصف بين السواري قال هشام بن حسان وسألت عنه ابن سيرين فلم ير به بأسًا.
وبالكراهة قال النخعي وإسحاق ورخص فيه أبو حنيفة ومالك والشافعي وابن المنذر قياسًا على الإمام والمنفرد قالوا وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة بين ساريتين (1).
واستدل من قال بالكراهة بما ذكرنا من أحاديث الباب وبما روى سعيد بن منصور في "سننه" عن ابن مسعود وابن عباس وحذيفة من النهي عن ذلك ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة وإذا كانت العلة في الكراهة قطع الصفوف فلا معنى للقياس على الإمام والمنفرد لانتفاء العلة هناك.
* * *
(1) في الأصل وقد علم عليه بالشطب، وليس في نسخة السندي:
وأما المنفرد؛ فإن عنى به المصلي في جماعته، فصحيح على مقتضى تعليله الأول بقطع الصفوف، وليس هناك صفوف تقطع فليس صحيحًا على مقنضى تعليله الثاني، فإن ذلك الموضع معد لحفظ النعال وكأنه ليس موضع صلاة،
…
استمرار حكم الكراهة، لثبوت العلة، أو إنما ينتفي المعلول عند انتفاء العلة. وإن أراد المنفرد عن الصف فذلك مكروه سواء أكان بين السواري أو لم يكن، كما سيأتي في الباب
…