الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
32 - باب ما جاء أن من أذن فهو يقيم
ثنا هناد نا عبدة ويعلى عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي عن زياد بن نعيم الحضرمي عن زياد بن الحارث الصُّدائي قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أؤذن في صلاة الفجر فأذنت فأراد بلال أن يقيم، فقال رسول الله:"إن أخا صُداء قد أذن فمن أذن فهو يقيم".
قال: وفي الباب عن ابن عمر.
قال أبو عيسى: وحديث زياد إنما يعرف من حديث الإفريقي وهو ضعيف عند أهل الحديث.
ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره.
قال أحمد: لا أكتب حديث الإفريقي.
رأيت محمد بن إسماعيل يقوي أمره ويقول: هو مقارب الحديث والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم أن من أذن فهو يقيم.
* الكلام عليه:
رواه أبو داود وابن ماجه من طريق الإفريقي وتكلم فيه قوم وكان سفيان الثوري يعظمه.
وقال ابن أبي داود: إنما تكلم الناس فيه لأنه روى عن مسلم بن يسار، فقيل له: أين رأيته؟ فقال: بإفريقية فقالوا: ما دخل مسلم بن يسار إفريقية قط يعنون البصري ولم يعلموا أن مسلم بن يسار آخر يقال له أبو عثمان الطنبذي وعنه روى.
وكان الإفريقي رجلًا صالحًا وله أخبار حسان وقد ذكرته قبل هذا بأوفى من هذا.
وقال ابن يونس: هو أول مولود ولد في الإسلام بإفريقية وتوفي سنة ست وخمسين ومائة.
وأما حديث ابن عمر فروينا عن أبي الشيخ ثنا إبراهيم بن علي العمري نا معلي بن مهدي نا سعيد بن راشد عن عطاء عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما يقيم من أذن".
ذكر ابن أبي حاتم أنه سأل أباه عن سعيد بن راشد هذا فقال: ضعيف الحديث منكر الحديث. وذكر في كتاب "العلل" أنه سأل أباه عن هذا الحديث فقال: منكر وسعيد ضعيف الحديث منكر.
وقال مرة: متروك الحديث.
قال الحازمي في كتابه في "الناسخ والمنسوخ": واتفق أهل العلم في الرجل يؤذن ويقيم غيره أن ذلك جائز واختلفوا في الأولوية، فقال أكثرهم: لا فرق والأمر متسع وممن رأى ذلك مالك وأكثر أهل الحجاز وأبو حنيفة وأكثر أهل الكوفة وأبو ثور.
وقال بعض العلماء: الأولى أن من أذن فهو يقيم.
قال الشافعي: وإذا أذن الرجل أحببت أن يتولى الإقامة. انتهى.
أما حجة الشافعي ومن قال بقوله فما ذكر في الباب.
وأما حجة الآخرين فروى أبو داود من حديث عبد الله بن زيد أنه حين رأى الأذان وقال له عليه السلام: "ألقه على بلال" فقال عبد الله: أنا رأيته وأنا كنت أريده قال: "فأقم أنت".
وذكر أبو الشيخ من حديث مقسم عن ابن عباس قال: كان أول من أذن في الإسلام بلال وأول من أقام عبد الله بن زيد فلما أذن بلال أراد أن يقيم فقال
عبد الله بن زيد: أنا الذي رأيتُ الرؤيا فأذن بلال ويقيم أيضًا؟ قال: "فأقم أنت" في حديث أبي داود: محمد بن عمرو وهو الواقفي الأنصاري البصري ضعفه القطان جدًّا وابن نمير ويحيى بن معين والأخذ بحديث الصُّدائي أولى لأن حديث ابن زيد كان أول ما شرع الأذان في السنة الأولى وحديث الصدائي بعده بلا شك.
وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أذن واحد فقط فهو الذي يقيم وإذا أذن جماعة دفعة واتفقوا على من يقيم منهم فهو الذي يقيم.
وإن تشاحُّوا أقرع بينهم.
وإن أذنوا واحدًا بعد واحد فإن كان الأول هو المؤذن الراتب أو لم يكن هناك مؤذن راتب فالذي يقيم هو الأول وإن كان الذي أذن أولًا أجنبيًّا وأذن بعده الراتب فمن أولى بالإقامة؟ فيه وجهان حكاهما الخراسانيون أصحهما الراتب لأنه صاحب ولاية الأذان والإقامة وقد أذن.
والثاني: الأجنبي لأن بأذانه الأول حصلت سنة الأذان أو فرضه ولو أقام في هذه الصورة غير من له ولاية الإقامة ممن أذن أو أجنبي اعتدّ بإقامته على المذهب وبه قطع الجمهور.
وحكى الخراسانيون وجهًا أنه لا يعتد به تخريجًا من قول الشافعي أنه لا يجوز أن يخطب واحد ويصلي آخر وهذا ليس بشيء ويستحب أن لا يقيم في المسجد الواحد إلا واحد إلا إذا لم تحصل به الكفاية وفيه وجه أنه لا بأس بأن يقيموا جميعًا إذا لم يؤد إلى تهويش وبهذا قطع البغوي.
وإن أقام غير من أذن فهو خلاف الأولى ولا يقال مكروه وقيل إنه مكروه وبه جزم العبدري نقل مثله عن أحمد وقال مالك وأبو حنيفة: لا يكره.