المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌114 - باب ما جاء في القراءة في صلاة العشاء - النفح الشذي شرح جامع الترمذي ط الصميعي - جـ ٤

[ابن سيد الناس]

فهرس الكتاب

- ‌24 - باب ما جاء في الجمع بين الصلاتين في الحضر

- ‌25 - باب ما جاء في بدء الأذان

- ‌26 - باب ما جاء في الترجيع في الأذان

- ‌27 - باب ما جاء في إفراد الإقامة

- ‌28 - باب ما جاء أن الإقامة مثنى مثنى

- ‌29 - باب ما جاء في الترسل في الأذان

- ‌30 - باب ما جاء في إدخال الإصبع في الأذن عند الأذان

- ‌31 - باب ما جاء في التثويب في الفجر

- ‌32 - باب ما جاء أن من أذن فهو يقيم

- ‌33 - باب ما جاء في كراهية الأذان بغير وضوء

- ‌34 - باب ما جاء أن الإمام أحق بالإقامة

- ‌35 - باب ما جاء في الأذان بالليل

- ‌36 - باب ما جاء في كراهية الخروج من المسجد بعد الأذان

- ‌37 - باب ما جاء في الأذان في السفر

- ‌38 - باب ما جاء في فضل الأذان

- ‌39 - باب ما جاء أن الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن

- ‌40 - باب ما جاء ما يقول الرجل إذا أذن المؤذن

- ‌41 - باب ما جاء في كراهية أن يأخذ المؤذن على الأذان أجرًا

- ‌42 - باب ما يقول الرجل إذا أذن المؤذن من الدعاء

- ‌43 - باب منه آخر

- ‌44 - باب ما جاء في أن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة

- ‌45 - باب كم فرض الله على عباده من الصلوات

- ‌46 - باب ما جاء في فضل الصلوات الخمس

- ‌47 - باب ما جاء في فضل الجماعة

- ‌48 - باب ما جاء فيمن يسمع النداء فلا يجيب

- ‌49 - باب ما جاء في الرجل يصلي وحده ثم يدرك الجماعة

- ‌50 - باب ما جاء في الجماعة في مسجد قد صلي فيه مرة

- ‌51 - باب ما جاء في فضل العشاء والفجر في الجماعة

- ‌52 - باب ما جاء في فضل الصف الأول

- ‌53 - باب ما جاء في إقامة الصفوف

- ‌54 - باب ما جاء ليليني منكم أولو الأحلام والنهى

- ‌55 - باب ما جاء في كراهية الصف بين السواري

- ‌56 - باب ما جاء في الصلاة خلف الصف وحده

- ‌57 - باب ما جاء في الرجل يصلي ومعه رجل

- ‌58 - باب ما جاء في الرجل يصلي مع الرجلين

- ‌59 - باب ما جاء في الرجل يصلي ومعه الرجال والنساء

- ‌60 - باب ما جاء من أحق بالإمامة

- ‌61 - باب ما جاء إذا أمّ أحدكم الناس فليخفف

- ‌62 - باب ما جاء في تحريم الصلاة وتحليلها

- ‌63 - باب ما جاء في نشر الأصابع عند التكبير

- ‌64 - باب ما جاء في فضل التكبيرة الأولى

- ‌65 - باب ما يقول عند افتتاح الصلاة

- ‌66 - باب ما جاء في ترك الجهر بـ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

- ‌67 - باب من رآى الجهر بـ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

- ‌68 - باب ما جاء في افتتاح القراءة بـ: الحمد لله رب العالمين

- ‌69 - باب ما جاء أنه لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب

- ‌70 - باب ما جاء في التأمين

- ‌71 - باب ما جاء في فضل التأمين

- ‌72 - باب ما جاء في السكتتين في الصلاة

- ‌73 - باب ما جاء في وضع اليمين على الشمال في الصلاة

- ‌74 - باب ما جاء في التكبير عند الركوع والسجود

- ‌75 - باب منه آخر

- ‌76 - باب ما جاء في رفع اليدين عند الركوع

- ‌77 - باب ما جاء في وضع اليدين على الركبتين في الركوع

- ‌78 - باب ما جاء أنه يجافي يديه عن جنبيه في الركوع

- ‌79 - باب ما جاء في التسبيح في الركوع والسجود

- ‌[80 - باب ما جاء في النهي عن القراءة في الركوع والسجود]

- ‌[81 - باب ما جاء فيمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود]

- ‌[82 - باب ما يقول الرجل إذا رفع رأسه من الركوع]

- ‌84 - باب ما جاء في وضع الركبتين قبل اليدين في السجود وما بعده إلى () باب ما جاء في التشهد

- ‌[86 - باب ما جاء في السجود على الجبهة والأنف]

- ‌[87 - باب ما جاء في السجود على سبعة أعضاء]

- ‌[88 - باب ما جاء في التجافي في السجود]

- ‌[89 - باب ما جاء في الاعتدال في السجود]

- ‌[90 - باب ما جاء في وضع اليدين ونصب القدمين في السجود]

- ‌[91 - باب ما جاء في إقامة الصلب إذا رفع رأسه من الركوع والسجود]

- ‌[92 - باب ما جاء في كراهية أن يبادر الإمام بالركوع والسجود]

- ‌[93 - باب ما جاء في كراهية الإقعاء بين السجدتين]

- ‌[94 - باب ما جاء في الرخصة في الإقعاء]

- ‌[95 - باب ما يقول بين السجدتين]

- ‌[96 - باب ما جاء في الاعتماد في السجود]

- ‌[97 - باب ما جاء كيف النهوض من السجود]

- ‌99 - باب ما جاء في التشهد

- ‌100 - باب منه أيضًا

- ‌101 - باب ما جاء أنه يخفي التشهد

- ‌102 - باب ما جاء كيف الجلوس في التشهد

- ‌103 - باب منه أيضًا

- ‌104 - باب ما جاء في الإشارة في التشهد

- ‌105 - باب ما جاء في التسليم في الصلاة

- ‌106 - باب منه أيضًا

- ‌107 - باب ما جاء أن حذف السلام سنة

- ‌108 - باب ما يقول إذا سلم من الصلاة

- ‌109 - باب ما جاء في الانصراف عن يمينه وعن شماله

- ‌110 - باب ما جاء في وصف الصلاة

- ‌111 - باب ما جاء في القراءة في صلاة الصبح

- ‌112 - باب ما جاء في القراءة في الظهر والعصر

- ‌113 - باب ما جاء في القراءة في المغرب

- ‌114 - باب ما جاء في القراءة في صلاة العشاء

الفصل: ‌114 - باب ما جاء في القراءة في صلاة العشاء

‌114 - باب ما جاء في القراءة في صلاة العشاء

ثنا عبدة بن عبد الله الخزاعي ثنا زيد بن حباب ثنا حسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العشاء الآخرة بالشمس وضحاها ونحوها من السور.

وفي الباب عن البراء بن عازب.

قال أبو عيسى: حديث بريدة حديث حسن، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في العشاء الآخرة بالتين والزيتون.

وقد روي عن عثمان بن عفان أنه كان يقرأ في العشاء بسور من أوساط المفصل، نحو سورة المنافقين وأشباهها.

وروي عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين أنهم قرأوا بأكثر من هذا واقل، وكان الأمر واسعًا عندهم في هذا، وأحسن شيء في ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ بالشمس وضحاها والتين والزيتون.

حدثنا هناد نا أبو معاوية عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في العشاء الآخرة بالتين والزيتون.

قال: هذا حديث حسن صحيح.

* الكلام عليه:

حديث بريدة رواه الإمام أحمد والنسائي.

وحديث البراء أخرجه مسلم والبخاري بمعناه، وبه خالف أبا معاوية الليث بن سعد؛ فرواه عن يحيى عن عدي عن البراء: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب فقرأ

ص: 607

بالتين والزيتون.

ورويناه من طريق أبي العباس السراج من "مسنده" قال: نا قتيبة. بن سعيد نا الليث فذكره.

وفيه: عن أبي هريرة: ما رويناه من طريق البخاري قال: نا أبو النعمان قال: نا معتمر عن أبيه عن بكر عن أبي رافع: صليت مع أبي هريرة العتمة فقرأ: {إذا السماء انشقت} فسجد، فقلت له؟ فقال: سجدت خلف أبي القاسم صلى الله عليه وسلم فلا أزال أسجد بها حتى ألقاه.

وفيه: عن جابر: روينا من طريق مسلم: حدثني محمد بن عباد قال: نا سفيان عن عمرو عن جابر قال: كان معاذ يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يأتي فيؤم قومه، فصلى ليلة مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم أتى قومه فأمهم فافتتح بسورة البقرة فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده، وانصرف، فقالوا له: نافقت يا فلان! قال: لا والله ولآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأخبرنه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إنا أصحاب نواضح نعمل بالنهار، وإن معاذًا صلى معك العشاء ثم أتى فافتتح بسورة البقرة! فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على معاذ، فقال:"يا معاذ! أقتان أنت اقرأ بكذا واقرأ بكذا".

قال سفيان: فقلت لعمرو: إن أبا الزبير حدثنا عن جابر أنه قال: "اقرأ {والشمس وضحاها} و {والضحى والليل إذا سجى}، {والليل إذا يغشى} و {سبح اسم ربك الاعلى} "!

فقال عمرو: نحو هذا.

ورواه البخاري.

وذكر عبد الرزاق عن ابن جريج، قال: سمعت ابن أبي مليكة يقول: أخبرني

ص: 608

علقمة بن وقاص قال: كان عمر بن الخطاب يقرأ في العشاء الآخرة بسورة يوسف، قال: وأنا في مؤخر الصف، حتى إذا جاء ذكر يوسف سمعت نشيجه، وأنا في مؤخر صفوف الناس.

وقال ابن أبي شيبة: نا ابن علية عن علي بن زيد بن جدعان عن زرارة بن أوفى عن مسروق بن الأجدع: أن عثمان قرأ في العشاء يعني العتمة بالنجم ثم سجد ثم قام فقرأ بالتين والزيتون.

قال: نا معاذ بن معاذ عن علي بن سويد بن منجوف ثنا أبو رافع، قال: صليت مع عمر العشاء فقرأ: {إذا السماء انشقت} .

وذكر عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال: صلى بنا ابن مسعود صلاة العشاء الآخرة فاستفتح بسورة الأنفال حتى إذا بلغ {نعم المولى ونعم النصير} ثم قرأ في الركعة الثانية بسورة من المفصل.

قال ابن أبي شيبة: ثنا شريك عن علي بن زيد عن زرارة بن أوفى قال: أقرأني أبو موسى كتاب عمر إليه: أن اقرأ بالناس في العشاء بوسط المفصل. قال: نا معتمر عن عباد بن عباد، قال: حدثني هلال أنه سمع أبا هريرة يقرأ: {والعاديات ضبحًا} في العشاء. وقال: حدثني ابن نمير عن عبيد الله بن عمر عن نافع أن ابن عمر كان يقرأ في العشاء بالذين كفروا والفتح.

قال: نا معتمر عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه: أنه كان يقرأ في العشاء بتنزيل السجدة فيركع بها.

وذكر عبد الرزاق عن محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة عن سلمة بن وهرام، قال: رأيت طاوسًا ما لا أحصي يقرأ في العشاء الآخرة بالبقرة وآل عمران.

قال ابن أبي شيبة ثنا زيد بن حباب قال: أخبرني الضحاك بن عثمان قال:

ص: 609

رأيت عمر بن عبد العزيز ليقرأ في العشاء بوسط المفصل.

ذكر فوائد تتعلق بما سبق في هذه الأبواب:

الأولى: في حديث أبي سعيد الخدري في باب القراءة في الظهر والعصر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية، وفي الأخريين قدر خمس عشرة آية

الحديث.

ويستفاد منه القراءة مع الفاتحة في الركعتين الثالثة والرابعة من الصلاة الرباعية، والثالثة من صلاة المغرب.

وفي استحبابه عندنا قولان مشهوران، في الأصح منهما اختلاف، فقال بتصحيح الاستحباب الشيخ أبو حامد وصاحب "الحاوي" والمحاملي وغيرهم وإليه جنح أكثر العراقيين، وصححت طائفة عدم الاستحباب، قال النووي: وهو الأصح.

وممن صححه أبو إسحاق المروزي وإمام الحرمين والغزالي، قال الرافعي: وبه أفتى الأكثرون، وجعلوا المسألة من المسائل التي يفتى فيها بالقديم.

قال النووي: وليس قديمًا فقط معه نصان في الجديد.

الثانية: إذا قلنا بالسورة في الثالثة والرابعة تكون أخف من الأولى والثانية.

الثالثة: هل يطول الأولى على الثانية من كل الصلوات؟

فيه وجهان: أحدهما: لا يستحب.

والثاني: يستحب.

قال القاضي: أبو الطيب في "تعليقه": الصحيح أن تطويل الأولى من كل الصلوات مستحبة، ولكنه في الصبح أشد استحبابًا، قال: وهو قول الماسرجسي وعامة أصحابنا بخراسان، وبه قال النووي ومحمد بن الحسين.

ص: 610

وقال أبو حنيفة: يستحب ذلك في الفجر خاصة، وممن قال باستحباب تطويل الأولى على الثانية من أصحابنا الحافظ أبو بكر البيهقي.

الرابعة: إذا قلنا بتطويل الأولى على الثانية؛ فهل يستحب تطويل الثالثة على الرابعة، فيه طريقان: نقل القاضي أبو الطيب الاتفاق على أنها لا تطول لعدم النص فيها، ولعدم المعنى، ويعني بالمعنى إدراك قاصد الجماعة.

قلت: هذا مرادهم بالمعنى، ويرد عليه أن مدرك الرابعة مدرك للجماعة؛ لقوله عليه السلام:"من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها"، ومن وجوه الإدراك هنا إدراك الجماعة.

ونقل الرافعي فيها الوجهين.

الخامسة: إذا قلنا تسن السورة في الأخريين؛ فهي مسنونة للإمام والمنفرد والمأموم، وفي المأموم وجه ضعيف بناء على أنه لا يقرأ السورة في السرية، حكاه المتولي.

السادسة: قال صاحب "التتمة": المتنفل بركعتين تسن له السورة، والمتنفل بأكثر إن كان يقتصر على تشهد واحد قرأ السورة في كل ركعة، وإن تشهد تشهدين؛ فهل تسن له السورة في الركعات المفعولة بين التشهدين؟ فيه وجهان بناء على القولين في الأخريين من الفرائض.

السابعة: المسبوق بركعتين من الرباعية، نص الشافعي أنه يأتي بهما بالفاتحة وسورتين.

وللأصحاب طريقان: أحدهما قاله أبو علي الطبري: إن في استحباب السورة له القولين لأنهما آخر صلاته. قال: وإنما فرعه الشافعي على قوله: تستحب السورة في كل الركعات.

ص: 611

والطريق الثاني قاله أبو إسحاق: تستحب له السورة قولًا واحدًا، وإن قلنا: لا تستحب في الأخريين لأنه لم يقرأ السورة في الأوليين، ولا أدرك قراءة الإمام السورة فاستحب له لئلا تخلو صلاته من سورتين.

وهنا الطريق الثاني هو الصحيح عند الأصحاب.

الثامنة: لو قرأ السورة ثم قرأ الفاتحة أجزأته الفاتحة، ولا تحسب له السورة على المذهب وهو المنصوص في "الأم"، وبه قطع الأكثرون؛ لأنه أتى بها في غير موضعها.

وقد ذكر إمام الحرمين وغيره في الاعتدال بالسورة وجهان لأن محلها القيام وقد أتى بها فيه.

التاسعة: لو قرأ الفاتحة مرتين، وقلنا بالمذهب: أن الصلاة لا تبطل بذلك لم تحسب المرة الثانية عن السورة بلا خلاف، صرح به المتولي وغيره، قال: لأن الفاتحة مشروعة في الصلاة فرضًا، والشيء الواحد لا يؤدى به فرض ونفل في محل واحد.

العاشرة: قال الشيخ أبو محمد الجويني: لو ترك الإمام السورة في الأوليين؛ فإن تمكن المأموم يقرأها قبل ركوع الإمام حصلت له فضيلة السورة، وإن لم يتمكن لإسراع الإمام وكان يود أن يتمكن فللمأموم ثواب السورة، وعلى الإمام وبال تقصيره لقوله عليه السلام في الأئمة:"فإن أصابوا فلكم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم" رواه البخاري من حديث أبي هريرة.

قال: وربما تأخر المأموم بعد ركوع الإكل، لقراءة السورة، وهذا خطأ لأن المأموم يتعين عليه فرض المتابعة إذا أهوى الإمام للركوع، فلا يجوز أن يشتغل عن الفرض بنفل.

الحادية عشرة: من قال: لا تستحب القراءة بعد الفاتحة في الثالثة والرابعة احتج بحديث أبي قتادة: كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بفاتحة

ص: 612

الكتاب وسورة، ويقرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب.

وممن ذهب إلى ذلك مالك، وأجاب أصحابه عن حديث أبي سعيد بأنه تقدير وتخمين من أبي سعيد.

ولعله صلى الله عليه وسلم كان يمد في قراءة الفاتحة حتى يقدر بذلك، قالوا: وهذا الاحتمال غير مدفوع فقد جاء عنه: أنه كان يرتل السورة حتى تكون أطول من أطول منها.

وهذا يشهد بصحة هذا التأويل، وحديث أبي قتادة نص فهو أولى.

الثانية عشرة: قال أبو العباس القرطبي: وما ورد في كتاب مسلم وغيره من الإطالة فيما استقر فيه التقصير، أو من التقصير فيما استقرت فيه الإطالة كقراءته في الفجر بالمعوذتين كما رواه النسائي، وكقراءة الأعراف والمرسلات في المغرب؛ فمتروك.

وأما التطويل؛ فبإنكاره على معاذ، وأمر الأئمة بالتخفيف الفضل.

قال أبو الفتح: قد سبق فيما أسلفناه القول عمن قال من العلماء أن الأمر في ذلك محمول على التوسعة، وأن ما كان من ذلك من إطالة أو تقصير فبحسب الأوقات والأحوال، وإن كان ذلك معمول به ما لم يعلم الإمام من حال المأمومين إيثار التخفيف، وهو أولى من القول بأن ذلك مكروه، لأن إعمال الكل أولى من إلغاء البعض، ولأن القول بترك ذلك يحتاج إلى توقيف.

وأما ما تقدم من السنن والآثار في الأبواب السابقة يقتضي أن ذلك لم يزل معمولًا به، ويكفي من ذلك حديث ابن عباس عن أمه في قراءته عليه السلام في المغرب بالمرسلات حين خرج عاصبًا رأسه في مرضه، وأنه ما صلاها بعد حتى لقي الله.

وقرأ ابن عمر بعده في المغرب (ق)، ومرة ياسين ومرة {إنا فتحنا لك} وقرأ

ص: 613

ابن عباس فيها الدخان.

وقرأ عمر في العشاء الآخرة سورة يوسف.

وقال سلمة بن وهرام: رأيت طاوسًا ما لا أحصي يقرأ في العشاء الآخرة بالبقرة وآل عمران.

ففي أي حين ترك ذلك؟ وإنما يحمل في مثل هذا على السعة، والتحصيل السابق أولى.

الثالثة عشرة: في حديث ابن أبي أوفى: أنه عليه السلام كان يقوم في الركعة الأولى من صلاة الظهر حتى لا يسمع وقع قدم. معناه: حتى يتكامل الناس ويجتمعوا.

وفي معناه ما في حديث أبي سعيد: أنه كان يطول في الركعة الأولى من الظهر بحيث يذهب المذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته ثم يأتي النبي صلى الله عليه وسلم وهو فيها، وهذا -والله أعلم لتوالي دخول الناس-.

وقد روي مثل ذلك عن عمر من إطالته الأولى من الصبح لانتظار الناس.

وقد اختلف أصحابنا في استحباب الانتظار على قولين، ولهم فيه تفاريع وتفاصيل مذكورة في كتب الفقه.

الرابعة عشرة: إذا ثبت ذلك من إطالة الركعة الأولى ليدرك المأمومين ويتلاحق المصلون؛ فهل يقاس عليه انتظار الإمام وهو راكع المريد للدخول في الصلاة ليلحقه قبل الرفع من الركوع أم لا؟

فنقول: قد أجرى الأصحاب الخلاف في الانتظار هنا على مطلقًا.

وأما القاضي ابن كج فإنه ذكر طريقة عن بعض الأصحاب الخلاف أن موضع

ص: 614

القولين هو الانتظار في القيام، أما في الركوع فلا ينتظر قولًا واحدًا، وعلل بأن القيام موضع تطويل، والركوع ليس موضع تطويل.

قال أبو الفتح: أما الروايات في إطالة الركعة الأولى من صلاة الصبح وغيرها عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة بعده، أو من روى ذلك منهم فمعروفة مشهورة.

وأما انتظار الراكع الداخل في ركوعه؛ فلا نعلم في ذلك إلا أن البخاري قد ذكر في كتاب "القراءة خلف الإمام" كلامًا معناه أنه لم يرو عن أحد من السلف في ذلك شيء.

الخامسة عشرة: اختلفوا في المأموم هل يدرك فضيلة الجماعة وإن لم يدرك شيئًا من الركعات أو لا يدرك فضل الجماعة حتى يدرك ولو ركعة كما سبق، وينبني على هذا الخلاف الخلاف في انتظار الإمام في التشهد الأخير من أحسن بدخوله فيجري فيه على قول من قال بإدراك الفضل إن لم يدرك الركعة الخلاف السابق، ولا يجري على المذهب الآخر.

السادسة عشرة: انتظار الإمام الداخل في سائر الأركان من القيام والسجود وغيرهما، قطع الأكثرون بأنه لا ينتظره لأنه لا فائدة للداخل في انتظاره؛ لأنه بانتظاره إياه في الركوع يكون مدركًا للركعة، وفي التشهد يكون مدركًا للجماعة عند من يقول به.

وأما هنا فلا فائدة، وحكى إمام الحرمين عن بعضهم طرد الخلاف في سائر الأركان لإفادة الداخل بركة الجماعة.

السابعة عشرة: حيث قلنا: لا ينتظر، فلو انتظر ففي الكراهة أو البطلان خلاف أشار إليه الرافعي. والله أعلم.

ص: 615

آخر المجلد الأول من التعليق على جامع الإمام أبي عيسى الترمذي رحمه الله تعالى، ورضي عنه، مما عنى جمعه وتعليقه الإمام العلامة أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن سيد الناس أبو الفتح اليعمري سامحه الله تعالى.

وافق الفراغ منه يوم الثلاثاء (1) المبارك (24) من جمادى الاخرى سنة 1231.

الحمد لله رب العالمين على كل حال وصلى الله على سيدنا محمد وآله الكرام. [كاتبه المؤلف رحمه الله].

بلغت (2) مقابلة هذا الجزء بحمد الله تعالى وإفضاله في شعبان سنة 1231.

كتبه محمد عابد وقد تم له المرور على جميع ما فيه، والحمد لله بنعمته وجلاله تتم الصالحات.

قال الحافظ أحمد بن عبد الرحيم العراقي في "ذيله" لهذا الشرح الجليل بخط الحافظ أبي الفتح اليعمري شرحه لبعض ما جاء أن الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام، ولم يكمل شرحه لاخترام فجأه بقادح الحمام فشرع في البناء عليه من أول هذا الباب انتهى.

فظهر من هذا أن الباقي ما بين بابين باب ما جاء في القراءة خلف الإمام، باب ما جاء في ترك القراءة خلف الإمام إذا جهر الإمام بالقراءة، باب ما جاء فيما يقول عند دخول المسجد، باب ما جاء إذا دخل أحدكم المسجد أن يركع ركعتين.

الجملة أربعة أبواب يسر الله ذلك بحوله وقوته

* * *

(1) كتب: الثلوث.

(2)

في نسخة السندي.

ص: 616