الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
60 - باب ما جاء من أحق بالإمامة
ثنا هناد نا أبو معاوية عن الأعمش، قال ونا محمود بن غيلان نا أبو معاوية وعبد الله بن نمير عن الأعمش عن إسماعيل بن رجاء الزُبيدي عن أوس بن ضمعج قال: سمعت أبا مسعود الأ نصاري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنًّا ولا يؤم الرجل في سلطانه ولا يجلس على تكرمته في بيته إلا بإذنه".
قال محمود: قال ابن نمير في حديثه: أقدمهم سنًّا.
قال أبو عيسى: وفي الباب عن أبي سعيد وأنس بن مالك، ومالك بن الحويرث وعمرو بن سلمة.
قال: وحديث أبي مسعود حديث حسن.
والعمل عليه عند أهل العلم قالوا أحق الناس بالإمامة أقرؤهم لكتاب الله وأعلمهم بالسنة. وقالوا: صاحب النزاع أحق بالإمامة، وقال بعضهم: إذا أذن صاحب المنزل لغيره فلا بأس أن يصلي به، وكرهه بعضهم، وقالوا: السنة أن يصلي صاحب البيت.
قال أحمد بن حنبل: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ولا يؤم الرجل في سلطانه ولا يجلس على تكرمته في بيته" فإذا أذن فأرجو أن الإذن في الكل، ولم ير بأسًا إذا أذن له أن يصلي به.
* الكلام عليه:
حديث أبي مسعود هذا حسنه الترمذي كذا هو في بعض النسخ وكذا هو في "الأطراف" وفي بعض النسخ تصحيحه.
وقد أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
وإسماعيل بن رجاء الزُبيدي روى عنه الأعمش وشعبة وإدريس الأودي ومحمد بن جحادة وهاشم بن البريد ووثقه ابن معين وأبو حاتم.
وذكر ابن فضيل عن الأعمش أن إسماعيل هذا كان يجمع صبيان المكاتب ويحدثهم لكيلا ينسى حديثه، روى له الجماعة إلا البخاري.
وأوس بن ضمعج الحضرمي الكوفي عن سلمان الفارسي وأبي مسعود البدري وعائشة.
وعنه السبيعي وابن رجاء وابنه عمران بن أوس والسدي.
وقال فيه إسماعيل بن أبي خالد: كان من القراء الأُول وذكر منه فضلًا.
وقال شعبة: ما أراه كان إلا شيطانًا يعني لجودة حديثه.
قال شباب: مات سنة أربع وسبعين في ولاية بشر بن مروان.
روى له الجماعة إلا البخاري.
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم". رواه مسلم.
وفي لفظ له: (سلمًا) مكان (سنًّا)، وفي لفظ لمسلم:"فلا يؤمن الرجل في بيته".
وعند أبي داود: "لا يؤمن الرجل في بيته".
وعند البخاري عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة".
وقد أخرجه الحاكم من حديث جرير عن الأعمش فقال: "يؤم القوم أكثرهم قرآنًا فإن كانوا في القرآن واحدًا فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة واحدًا فأفقههم فقهًا فإن كانوا في الفقه واحدًا فأكبرهم سنًّا". وصححه بهذا اللفظ وذكر له شاهدًا من حديث الحجاج بن أرطاة عن الأعمش.
وذكر أبو أحمد بن عدي من حديث زيد العمي عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يكره للمؤذن أن يكون إمامًا" وزيد هذا مضعف، ويرويه عنه سلام الطويل وهو أضعف منه.
وحديث مالك بن الحويرث قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيمًا رفيقًا فظن أنا قد اشتقنا أهلنا فسألنا عمن تركنا من أهلنا فأخبرناه فقال: ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ثم ليؤمكم أكبركم، قال الحذاء: وكانوا متقاربين في القراءة.
رواه البخاري ومسلم واللفظ له زاد البخاري بعد (مروهم): "وصلوا كما رأيتموني أصلي".
وليس عند البخاري قول خالد الحذاء.
وحديث عمرو بن سلمة -بكسر اللام- قال: كنا بماء ممر الناس وكان يمر بنا الركبان نسألهم: ما للناس ما للناس ما هذا الرجل؟ فيقولون: يزعم أن الله أرسله، أوحي إليه كذا، أوحي إليه كذا، وكنت أحفظ ذلك الكلام فكأنما يُغرى في صدري
وكانت العرب تلوّم بإسلامهم الفتح فيقولون: اتركوه وقومه فإن ظهر عليهم فهو نبي صادق فلما كانت وقعة الفتح بادر كل قوم بإسلامهم وبدر أبي قومي بإسلامهم فلما قدم قال: جئتكم والله من عند النبي صلى الله عليه وسلم حقًّا فقال: "صلوا في حين كذا صلاة كذا وصلوا في حين كذا صلاة كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنًا" فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنًا مني لما كنت أتلقى من الركبان فقدموني بين أيديهم وأنا ابن ست أو سبع سنين وكانت عليّ بردة كنت إذا سجدت تقلصت عني فقالت امرأة من الحي: ألا تغطوا عنا است قارئكم فاشتروا فقطعوا لي قميصًا فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص. أخرجه البخاري (1) وغيره.
وفي الباب مما لم يذكره: عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليؤذن لكم خياركم وليؤمكم قراؤكم". رواه أبو داود وابن ماجه من حديث الحسين بن عيسى الحنفي عن الحكم بن أبان، والحسين هذا ضعفه الرازيان وذكر الدارقطني أنه تفرد به عن الحكم.
وفيه أيضًا: عن ابن عمر أنه لما قدم المهاجرون الأولون نزلوا العصبة قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة وكان أكثرهم قرآنًا. رواه البخاري (2) وأبو داود وزاد: وفيهم عمر بن الخطاب، وأبو سلمة بن عبد الأسد.
وعنه أيضًا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجعلوا أئمتكم خياركم فإنهم وفدكم إلى الله عز وجل" رواه الدارقطني (3) من طريق سلام بن سليمان عن عمر عن محمد
(1) رواه في "صحيحه"(4302)، وعند يقر، بالقاف وفي "السنن الكبير" للبيهقي (3/ 49): يغري، زاد الطبراني (6349): يغرى
…
بغراء.
(2)
في "صحيحه"(692)، وهو عند أبي داود (588) بالزيادة، وصححه الألباني.
(3)
في "السنن"(2/ 87)، وذكره في (2/ 88) من حديث مرثد الغنوي، وقال: إسناد غير ثابت، وعبد الله بن موسى ضعيف.
وانظر "الضعيفة"(1822، 1823).
ابن واسع عن سعيد بن جبير عن ابن عمر، ثم قال: عمر عندي عمر بن يزيد قاضي المدائن لم يزد على هذا، وعمر بن يزيد المدايني قال فيه ابن عدي: منكر الحديث.
وسلام بن سليمان مديني ليس بقوي، وهو عنده عن الحسين بن نصر المؤذن عن سلام والحسين لا يعرف.
وذكر العقيلي (1) من حديث الهيثم بن عُقاب عن محارب بن دثار عن ابن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من أمّ قومًا وفيهم من هو أقرأ منه لكتاب الله لم يزل في سفال إلى يوم القيامة".
وقال: الهيثم بن عُقاب كوفي مجهول وحديثه غير محفوظ وفي إسناده أيضًا عنده علي بن يزيد الصدائي، قال أبو حاتم الرازي فيه: منكر الحديث عن الثقات، وقال ابن عدي (2): لا تشبه أحاديثه أحاديث الثقات، إما أن يأتي بإسناد لا يتابع عليه أو بمتن عن الثقات منكر أو يروي عن مجهول وعامة ما يرويه مما لا يتابع عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: "إن سرّكم أن تزكوا صلاتكم فقدّموا أخياركم".
قال: في إسناده أبو الوليد خالد بن إسماعيل المخزومي وهو ضعيف. انتهى.
وذكر أبو أحمد أن أبا الوليد هذا كان يضع الأحاديث على ثقات المسلمين، والحديث عند الدراقطني من رواية العلاء بن سالم عنه، والعلاء مجهول.
وذكر الدراقطني من حديث العلاء بن سالم وأبو أحمد من حديث محمد بن المغيرة الشهرزوري كلاهما عن خالد بن إسماعيل عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلوا على من قال لا إله إلا الله وصلوا وراء من
(1)"الضعفاء"(4/ 355)، وانظر "الضعيفة"(1415).
(2)
"الكامل"(5/ 212).
قال لا إله إلا الله".
في إسناده خالد بن إسماعيل عندهما والعلاء بن سالم وقد تقدما، ومحمد بن المغيرة عند أبي أحمد وذكر عنه أنه ممن يسرق الحديث وممن يضعه.
وذكر أبو محمد بن حزم في كتاب الإغراب (1) غير موصل من حديث محمد بن الفضل بن عطية عن صالح بن حيان عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤمكم أقرؤكم وإن كان ولد زنا".
محمد بن الفضل بن عطية كذاب متروك.
وذكر أبو بكر البزار عن مهاصر بن حبيب عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سافرتم فليؤمكم أقرؤكم وإن كان أصغركم، وإذا أمّكم فهو أميركم".
قال أبو بكر البزار: نا محمد بن حميد القطّان الجنديسابوري نا عبد الله بن رشيد نا محمد بن الزبرقان نا ثور بن يزيد عن مهاصر فذكره، قال: لا نعلمه يروي عن النبي عليه السلام إلا من رواية أبي هريرة بهذا الإسناد.
قال أبو محمد عبد الحق: مهاصر بن حبيب لا بأس به، وعبد الله بن رشيد لم أسمع فيه شيئًا وكتبته حتى أسأل عنه أو أجد ذكره وكذلك محمد بن حميد (2).
وذكر الدارقطني من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سيليكم بعدي ولاة فيليكم البر ببره والفاجر بفجوره فاسمعوا له وأطيعوا ما وافق الحق وصلوا
(1) كذا، ولعل صوابه: الإعراب
…
(2)
رواه البزار (466، 1471 - الكشف) وقد حسنه الهيثمي (2/ 64) ولكنه عاد وجهل بعض رواته (5/ 255) وضعفه الشيخ الألباني في "الضعيفة"(2623) جدًّا، وصوب الدارقطني إرساله، انظر "العلل"(9/ 326).
وراءهم، فإن أحسنوا فلكم ولهم وإن أساء فلكم وعليهم" في إسناده عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة وهو ضعيف جدًّا.
وفيه تقديم أقرأ الرجلين على أفقههما في الإمامة وبه قال الأحنف بن قيس وابن سيرين والثوري وأبو حنيفة وأحمد وبعض أصحابهما.
وقال الشافعي ومالك وأصحابهما: الأفقه مقدم على الأقرأ، لأن الذي يحتاج إليه من القراءة مضبوط، والذي يحتاج إليه من الفقه غير مضبوط، وقد يعرض في الصلاة أمر لا يقدر على مراعاة الصواب فيه إلا كامل الفقه.
قالوا: ولهذا قدم النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر في الصلاة على الباقين مع أنه صلى الله عليه وسلم نص على أن غيره أقرأ منه وذكروا حديث أبي في القراءة وفيه نظر، لأنه لا ذكر لأبي بكر في ذلك الحديث وقد ذكر فيه الأقضى والأعلم بالحلال والحرام.
وإلى تقديم الأفقه ذهب عطاء والأوزاعي وأبو ثور، وأجابوا عن الحديث بأن الأقرأ من الصحابة كان هو الأفقه، لكن قوله:"فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة" دليل على تقديم الأقرأ مطلقًا.
ولنا وجه اختاره جماعة من الأصحاب أن الأورع مقدم على الأفقه والأقرأ، لأن مقصود الإمامة تحصل من الأورع أكثر من غيره.
وقوله: (فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة) فيه مراعاة الترتيب بتقديم الأقرأ ثم الأفقه ثم الأقدم هجرة وتضمن ذلك أن أمر الهجرة محكم غير منسوخ، وإليه ذهب الجمهور.
ومن قال بالنسخ تمسك بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية" الحديث، وهو محمول عند الأكثرين على أن المراد لا هجرة من مكة إلى المدينة، لأن مكة صارت دار إسلام فنسخ حكم الهجرة منها إلى المدينة كما كان قبل فتحها، أو
لا هجرة لها الآن فضل كفضل الهجرة قبل الفتح.
قال الأصحاب: ويدخل تحت قوله: "أقدمهم هجرة" طائفتان:
أحدهما: الذين يهاجرون اليوم من دار الحرب إلى دار الإسلام، فإن حكم الهجرة باق كما تقدم.
الثانية: أولاد المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا استوى اثنان في الفقه والقراءة وأحدهما من أولاد من تقدمت هجرته والآخر من ذرية من تأخرت هجرته قدم الأول.
وقوله: "فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنًّا" وفي لفظ لمسلم: "فأقدمهم سلمًا" فيه الترجيح بتقدم الإسلام أو كبر السن بعد الاستواء في القراءة والفقه والهجرة والمعتبر في السن عندهم قدم مدته في الإسلام، فلا يقدم شيخ أسلم الأن على شاب نشأ في الإسلام ولا على شاب أسلم أمس، وهذا الحديث أصل في الترجيح بالفضائل في هذا الباب، وقد ذكر العلماء فيه الترجيح بالنسب ولا خلاف عندنا أن نسب قريش معتبر، وهل يعتبر غيره؟ قال صاحب "النهاية": رأيت في كلام الأئمة ترددًا فيه والظاهرأنه لا يخص قريشًا بل يعتبر ما يعتبر في الكفاءة في باب النكاح، ثم مع التساوي في ذلك كله يقدم بنظافة الثوب والبدن ثم بحسن الصوت ثم بحسن الصورة وما أشبه ذلك. وقد روي عن الزهري في هذا الحديث: "فإن كانوا في السن سواء فأصبحهم وجهًا
…
" الحديث.
ويستثنى من ذلك السلطان وصاحب البيت بالنص فلا يؤم ذا السلطان ولا صاحب البيت الأقرأ منهما ولا الأفقه ولا من كان مشتملًا على المرجحات المذكورات أكثر من اشتمال السلطان وصاحب البيت عليها، وألحق بذلك إمام المسجد وما في معناه، ولا بد في ذلك كله من المعرفة بما يقيم الصلاة.
قال الخطابي في إمامة صاحب البيت: معناه إذا كان من القراءة والعلم بحيث يمكنه أن يقيم الصلاة.
فإن شاء أحد هؤلاء تقدم أو قدم من يريده ..... وإن كان ذلك المقدّم مفضولًا بالنسبة إلى باقي الحاضرين، وإن حضر السلطان أو نائبه قدم على صاحب المنزل وإمام المسجد وغيرهما، ثم يراعى في الولاة تفاوت الدرجة، فالإمام الأعظم أولى من غيره ثم الأعلى فالأعلى من الولاة والحكام.
قال الترمذي: وقال بعضهم: إذا أذن صاحب المنزل لغيره فلا بأس أن يصلي به وكرهه بعضهم.
والمعروف عندنا في ذلك الاستحباب من (1) أصحاب الشافعي ومالك قالوا: ويستحب لصاحب البيت أن يأذن لمن هو أفضل منه.
وذكر ابن شاس قال: وقد قال مالك: صاحب الدار أحق بالإمامة وإن كان عبدًا ولو كانت الدار لامرأة لم يبطل حقها بل لها أن تستخلف من يؤم.
ويستحب لها أن تستخلف أحق القوم بالإمامة.
وذكر أبو عيسى عن الإمام أحمد: فإذا أذن فأرجو أن الإذن في الكل يعني في الجلوس على التكرمة وفي الإمامة.
وقد اختلف العلماء في الضمير والوصف والاستثناء يتعقب الجمل هل يختص الجملة الأخيرة أو يعود عليها وعلى ما قبلها، وإلى الثاني نحا الإمام أحمد هنا وحكى الترمذي عن إسحاق أنه شدد في أن يصلي أحد بصاحب المنزل وإن أذن له صاحب المنزل وسيأتي في باب ما جاء فيمن زار قومًا لا يصلي بهم إن شاء الله تعالى.
(1) في الأصل: عن.
وذهب الخطابي إلى (1) تقديم السلطان في الإمامة على من هو أفضل منه لأن (1) الإمامة هناك يراد بها الإمامة في الجُمع والأعياد لتعلقها بالسلاطين فأما في الصلوات المكتوبات فأعلمهم أولاهم وهو مذهب مرجوح.
وقد تقدم الأمراء من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما بعد ذلك على من تحت أيديهم وإن كان فيهم الأفضل وقد كان ابن عمر يصلي خلف الحجاج.
وأما القوم فيطلق على الرجال، قال الله تعالى:{لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ} الآية فعطف النساء على القوم والعطف يقتضي المغايرة وقال الشاعر:
وما أدري وسوف أخال أدري
…
أقوم آل حصن أم نساء
وقال الزبيدي في "مختصر العين": القوم الرجال دون النساء وذلك لأنهم القائمون بالأمور.
ففيه إمامة الرجال الرجال والرد على من ذهب إلى أن المرأة تؤم الرجال ويحكي عن محمد بن جرير الطبري. والشافعي يوجب الإعادة على من صلى من الرجال خلف المرأة، وقال أبو ثور: لا إعادة عليهم، وهو قياس قول المزني.
وقال أصحاب مالك رحمهم الله: فإن اجتمع من تساوت أحوالهم في جميع ما ذكرنا أو بعضه وتشاحّوا أقرع بينهم إذا كان مقصدهم حيازة فضل الإمامة لا طلب الرياسة الدنيوية، وجميع ما تقدم من مسائل هذا الباب فليس الترتيب فيه على سبيل الإجزاء والكمال وإنما هو على سبيل الأولوية إلا من ذكرنا من إمامة المرأة، فإنها لا تؤم عندنا إلا النساء مثلها.
* * *
(1) في نسخة السندي: في
…
أن.