الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
30 - باب ما جاء في إدخال الإصبع في الأذن عند الأذان
نا محمود بن غيلان نا عبد الرزاق أنا سفيان عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: رأيت بلالًا يؤذن ويدور ويتبع فاه هاهنا وها هنا وأصبعاه في أذنيه ورسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة حمراء -أراه قال: من أدم- فخرج بلال بين يديه بالعنزة فركزها بالبطحاء فصلى إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصر بين يديه الكلب والحمار وعليه حلة حمراء كأني أنظر إلى بريق ساقيه، قال سفيان: نُراه حبَرَة.
قال أبو عيسى: حديث أبي جحيفة حديث حسن صحيح.
وعليه العمل عند أهل العلم، يستحبون أن يدخل المؤذن أصبعيه في أذنيه في الأذان.
وقال بعض أهل العلم: وفي الإقامة أيضًا يدخل أصبعيه في أذنيه وهو قول الأوزاعي.
وأبو جحيفة وهب بن عبد الله السوائي.
* الكلام عليه:
أخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه هذا الحديث غير أن المذكور في هذا اللفظ من الاستدارة وإدخال الإصبعين في الأذنين ليس في الصحيح عن البخاري ولا مسلم.
وإن كان تصحيحه ممكنًا كما سنذكره.
وأما لفظ حديث الباب المصحح للترمذي فإنه منقطع بين سفيان وعون.
وإنما رواه الثوري عن حجاج بن أرطاة عن عون والحجاج غير سالم من تضعيف.
ذكر البيهقي بإسناده إلى عبد الله بن محمد بن الوليد عن سفيان حدثني عون بن أبي جحيفة عن أبيه فذكر متنًا ليس فيه الاستدارة.
ثم قال عقيبه: وبالإسناد نا سفيان حدثني من سمعه من عون أنه كان يدور ويضع أصبعيه في أذنيه، وتوهم البيهقي الواسطة بين سفيان وعون هنا حجاجًا وساق الحديث كذلك من رواية حجاج عن عون من غير طريق سفيان.
قال: وعبد الرزاق وهم في إدراجه في الحديث يعني جملة لفظ سفيان عن حجاج عن عون على لفظ سفيان عن عون.
فأما توجه أن هذا اللفظ عند سفيان عن حجاج فقد روى الطبراني نا محمد بن عبد الله الحضرمي نا عبد الأعلى بن واصل نا يحيى بن آدم عن سفيان عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: رأيت بلالًا أذن فاتبع فاه هاهنا وها هنا. والتفت سفيان يمينًا وشمالًا، قال يحيى: قال سفيان: كان حجاج يذكره عن عون أنه قال: فاستدار في أذانه، فلما لقينا عونًا لم يذكر فيه الاستدارة، وأما قوله:(إن عبد الرزاق وهم في إدراجه) فقد تابع عبد الرزاق عن سفيان على لفظ الاستدارة، وكذا هو عند ابن حيان عنهما.
وتابع مؤمل عبد الرزاق على لفظه في الاستدارة وإدخال الأصبعين في الأذنين، رواه أبو عوانة الإسفرايني في "صحيحه" عن يوسف القاضي عن محمد بن أبي بكر عن مؤمل عن سفيان عن عون، وفيه: فجعل يتبع فاه هاهنا، وها هنا، ووضع أصبعيه في أذنيه.
وقد رواه عن عون كرواية حجاج بلفظ الاستدارة وإدخال الأصبعين في الأذنين إدريس الأودي عند الطبراني عن الحسن بن العباس عن محمد بن نوح عن زياد البكائي عنه.
وكذلك رواه حماد بن سلمة وهشيم عن عون ذكره ابن حيان عن الصوفي عن علي بن الجعد عن حماد وعن أبي يعلى عن إبراهيم بن الحجاج عن كامل عن حماد.
وعن ابن ناجية نا الربيع بن تعلب نا هشيم جميعًا عن عون فذكره وقال: هذا لفظ حديث ابن ناجية.
وأما جعل الأصبعين في الأذنين فقد جاء عن بلال وأبي محذورة أنهما كانا يجعلان أصابعهما في أذانهما قاله ابن المنذر، وقد أخرج ابن خزيمة حديث هشيم عن حجاج عن عون بذلك وقال: إن صح الخبر فإني لا أحفظ لفظه إلا عن حجاج، والإشارة بذلك والله أعلم إلى تدليس حجاج فهو مضعف به، وقد تقدم عن البيهقي قول سفيان: حدثني من سمعه من عون، وتبين طريق الطبراني أنه عند سفيان عن حجاج عن عون فهي شهادة من سفيان لحجاج بسماعه من عون ترفع شبهة تدليسه.
وقوله: لا أحفظه إلا عن حجاج، قد ذكرناه من طريق حماد وهشيم والأودي وقد ذكر عن قيس بن الربيع كلهم عن عون كرواية حجاج فالشبهة التي شككت ابن خزيمة في تصحيحه مرتفعة وهو صحيح إن شاء الله.
وفي الباب مما لم يذكره عن سعد القرظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالًا أن يجعل إصبعيه في أذنيه وقال: "أنه أرفع لصوتك" عند ابن ماجه.
فيه الاستدارة في الحيعلة في الأذان يعني جهة القبلة.
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن من السنة أن يستقبل القبلة في الأذان.
وروينا من طريق ابن حيان بالسند المتقدم قال ثنا محمد بن عبد الله بن رسته نا يعقوب بن حميد بن كاسب نا عبد الرحمن بن سعد المؤذن عن عبد الله بن
محمد بن عمار وعمار وعمير ابني حفص بن عمر بن سعد عن آبائهم عن أجدادهم عن بلال فذكر حديثًا ثم قال: وبإسناده عن بلال: أنه كان يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم قال: وتفسير أذانه الذي كان يؤذن مستقبل القبلة الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدًا رسول الله أشهد أن محمدًا رسول الله ثم ينحرف عن يمين القبلة فيقول: أشهد أن لا إله لا الله أشهد أن محمدًا رسول الله ثم يقول خلف القبلة حي على الصلاة حي على الصلاة ثم ينحرف عن يسار القبلة فيقول حي على الفلاح حي على الفلاح ثم يستقبل القبلة فيقول: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله.
ثم ذكر الإقامة منفردة، وكان بلال يؤذن بهذا الأذان لأ بي بكر وكان سعد يؤذن بهذا الأذان لعمر وعثمان.
وقد ذكره أبو أحمد بن عدي من طريق عبد الرحمن بن سعد هذا بسنده كما ذكرناه أن بلالًا كان إذا كبر بالأذان استقبل القبلة
…
الحديث.
وذكر ابن أبي حاتم عن أبي بكر بن أبي خيثمة: سئل يحيى بن معين عن عبد الرحمن المؤذن فقال: مديني ضعيف.
وذكر ابن حيان أيضًا من طيق المسعودي عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل في حديث عبد الله بن زيد في رؤيا الأذان: رأيت شخصًا عليه ثوبان أخضران قام فاستقبل الصلاة فقال: الله أكبر الله أكبر حتى فرغ من الأذان
…
الحديث.
قالوا: ولأنه إذا لم يكن بد من جهة فجهة القبلة أولى.
قال الأصحاب: والسنة أن يلتفت في الحيعلتين يمينًا وشمالًا ولا يستدير لما تقدم.
وفي كيفية الالتفات المستحب ثلاثة أوجه.
وقد اختلف العلفاء في الالتفات في الحيعلتين والاستدارة واختلف قول من استحبهما في كيفيتها. فقال طائفة: يستحب الالتفات في الحيعلتين يمينًا وشمالًا ولا يدور ولا يستدبر القبلة سواء كان على الأرض أو على منارة وإليه ذهب النخعي والثوري والأوزاعي والشافعي وأبو ثور وهو رواية عن أحمد.
وقال ابن سيرين يكره الالتفات.
وقال مالك: لا يدور ولا يلتفت إلا أن يريد إسماع الناس.
وقال أبو حنيفة وإسحاق وأحمد في رواية عنه: يلتفت ولا يدور إلا أن يكون على منارة فيدور.
وأما الكيفية فقال الرافعي: وذلك أن يلوي رأسه وعنقه من غير أن يحول صدره عن القبلة أو يزيل قدميه عن مكانهما، قال: وكيفيته أن يلتفت يمينًا فيقول حي على الصلاة مرتين ثم يلتفت شمالًا فيقول حي على الفلاح مرتين هذا هو الأصح وعليه العمل وبه قال أبو حنيفة.
وعن القفّال: أنه يقسم كل حيعلة على الجهتين فيقول حي على الصلاة مرة عن يمينه ومرة عن يساره وكذلك قوله حي على الفلاح.
وحكى صاحب "البيان" على الوجه الأول وجهين فيما يفعل إلى تمام كل كل واحد من الحيعلتين.
أحدهما: أنه يلتفت يمينًا ويقول حي على الصلاة مرة ثم يرد وجهه إلى القبلة ثم يلتفت شمالًا ويقول حي على الصلاة مرة أخرى. وكذلك يفعل بالجهة الثانية.
وإنما اختصت الحيعلتان بالالتفات دون سائر الأذان لأن سائر الأذان ذكر الله
تعالى وهما خطاب الآدمي وهذا كالسلام في الصلاة يلتفت فيه ولا يلتفت في سائر الأذكار. وإنما لم يستحب في الخطبة أن يلتفت يمينًا وشمالًا لأن ألفاظها تختلف والغرض منها الوعظ والإفهام، فلا يخص بعض الناس بشيء منها كيلا يختل الفهم بذهاب بعض الكلام عن السماع، وها هنا الغرض الإعلام بالصوت وذلك يحصل بكل حال، وفي الالتفات إسماع أهل النواحي.
هل يستحب الالتفات في الإقامة؟ فيه وجهان أشهرهما نعم كما في الأذان والثاني لا، لأن المقصود منها الإعلام للحاضرين فلا حاجة إلى الالتفات إلا أن يكبر المسجد ويحتاج إليه.
وفيه جعل الأصبعين في الأذنين وهو من السنة وهذا متفق عليه ونقله المحاملي في "المجموع" عن عامة أهل العلم.
قال أصحابنا: وفيه فائدة وهي أنه ربما لم يسمع إنسان صوت المؤذن لصمم أو بعد أو غيرهما فيستدل بأصبعيه على أذانه فإن كان في إحدى يديه علة تمنعه من ذلك جعل الأخرى في صماخه. ولا يستحب وضع الأصبع في الأذن في الإقامة صرح به الروياني في "الحلية" وغيره، وقد حكاه الترمذي عن بعض أهل العلم في الإقامة وقال: وهو قول الأوزاعي.
وما في الحديث من ركز العنزة وغيره يأتي الكلام عليه في بابه.
* * *