المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌63 - باب ما جاء في نشر الأصابع عند التكبير - النفح الشذي شرح جامع الترمذي ط الصميعي - جـ ٤

[ابن سيد الناس]

فهرس الكتاب

- ‌24 - باب ما جاء في الجمع بين الصلاتين في الحضر

- ‌25 - باب ما جاء في بدء الأذان

- ‌26 - باب ما جاء في الترجيع في الأذان

- ‌27 - باب ما جاء في إفراد الإقامة

- ‌28 - باب ما جاء أن الإقامة مثنى مثنى

- ‌29 - باب ما جاء في الترسل في الأذان

- ‌30 - باب ما جاء في إدخال الإصبع في الأذن عند الأذان

- ‌31 - باب ما جاء في التثويب في الفجر

- ‌32 - باب ما جاء أن من أذن فهو يقيم

- ‌33 - باب ما جاء في كراهية الأذان بغير وضوء

- ‌34 - باب ما جاء أن الإمام أحق بالإقامة

- ‌35 - باب ما جاء في الأذان بالليل

- ‌36 - باب ما جاء في كراهية الخروج من المسجد بعد الأذان

- ‌37 - باب ما جاء في الأذان في السفر

- ‌38 - باب ما جاء في فضل الأذان

- ‌39 - باب ما جاء أن الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن

- ‌40 - باب ما جاء ما يقول الرجل إذا أذن المؤذن

- ‌41 - باب ما جاء في كراهية أن يأخذ المؤذن على الأذان أجرًا

- ‌42 - باب ما يقول الرجل إذا أذن المؤذن من الدعاء

- ‌43 - باب منه آخر

- ‌44 - باب ما جاء في أن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة

- ‌45 - باب كم فرض الله على عباده من الصلوات

- ‌46 - باب ما جاء في فضل الصلوات الخمس

- ‌47 - باب ما جاء في فضل الجماعة

- ‌48 - باب ما جاء فيمن يسمع النداء فلا يجيب

- ‌49 - باب ما جاء في الرجل يصلي وحده ثم يدرك الجماعة

- ‌50 - باب ما جاء في الجماعة في مسجد قد صلي فيه مرة

- ‌51 - باب ما جاء في فضل العشاء والفجر في الجماعة

- ‌52 - باب ما جاء في فضل الصف الأول

- ‌53 - باب ما جاء في إقامة الصفوف

- ‌54 - باب ما جاء ليليني منكم أولو الأحلام والنهى

- ‌55 - باب ما جاء في كراهية الصف بين السواري

- ‌56 - باب ما جاء في الصلاة خلف الصف وحده

- ‌57 - باب ما جاء في الرجل يصلي ومعه رجل

- ‌58 - باب ما جاء في الرجل يصلي مع الرجلين

- ‌59 - باب ما جاء في الرجل يصلي ومعه الرجال والنساء

- ‌60 - باب ما جاء من أحق بالإمامة

- ‌61 - باب ما جاء إذا أمّ أحدكم الناس فليخفف

- ‌62 - باب ما جاء في تحريم الصلاة وتحليلها

- ‌63 - باب ما جاء في نشر الأصابع عند التكبير

- ‌64 - باب ما جاء في فضل التكبيرة الأولى

- ‌65 - باب ما يقول عند افتتاح الصلاة

- ‌66 - باب ما جاء في ترك الجهر بـ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

- ‌67 - باب من رآى الجهر بـ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

- ‌68 - باب ما جاء في افتتاح القراءة بـ: الحمد لله رب العالمين

- ‌69 - باب ما جاء أنه لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب

- ‌70 - باب ما جاء في التأمين

- ‌71 - باب ما جاء في فضل التأمين

- ‌72 - باب ما جاء في السكتتين في الصلاة

- ‌73 - باب ما جاء في وضع اليمين على الشمال في الصلاة

- ‌74 - باب ما جاء في التكبير عند الركوع والسجود

- ‌75 - باب منه آخر

- ‌76 - باب ما جاء في رفع اليدين عند الركوع

- ‌77 - باب ما جاء في وضع اليدين على الركبتين في الركوع

- ‌78 - باب ما جاء أنه يجافي يديه عن جنبيه في الركوع

- ‌79 - باب ما جاء في التسبيح في الركوع والسجود

- ‌[80 - باب ما جاء في النهي عن القراءة في الركوع والسجود]

- ‌[81 - باب ما جاء فيمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود]

- ‌[82 - باب ما يقول الرجل إذا رفع رأسه من الركوع]

- ‌84 - باب ما جاء في وضع الركبتين قبل اليدين في السجود وما بعده إلى () باب ما جاء في التشهد

- ‌[86 - باب ما جاء في السجود على الجبهة والأنف]

- ‌[87 - باب ما جاء في السجود على سبعة أعضاء]

- ‌[88 - باب ما جاء في التجافي في السجود]

- ‌[89 - باب ما جاء في الاعتدال في السجود]

- ‌[90 - باب ما جاء في وضع اليدين ونصب القدمين في السجود]

- ‌[91 - باب ما جاء في إقامة الصلب إذا رفع رأسه من الركوع والسجود]

- ‌[92 - باب ما جاء في كراهية أن يبادر الإمام بالركوع والسجود]

- ‌[93 - باب ما جاء في كراهية الإقعاء بين السجدتين]

- ‌[94 - باب ما جاء في الرخصة في الإقعاء]

- ‌[95 - باب ما يقول بين السجدتين]

- ‌[96 - باب ما جاء في الاعتماد في السجود]

- ‌[97 - باب ما جاء كيف النهوض من السجود]

- ‌99 - باب ما جاء في التشهد

- ‌100 - باب منه أيضًا

- ‌101 - باب ما جاء أنه يخفي التشهد

- ‌102 - باب ما جاء كيف الجلوس في التشهد

- ‌103 - باب منه أيضًا

- ‌104 - باب ما جاء في الإشارة في التشهد

- ‌105 - باب ما جاء في التسليم في الصلاة

- ‌106 - باب منه أيضًا

- ‌107 - باب ما جاء أن حذف السلام سنة

- ‌108 - باب ما يقول إذا سلم من الصلاة

- ‌109 - باب ما جاء في الانصراف عن يمينه وعن شماله

- ‌110 - باب ما جاء في وصف الصلاة

- ‌111 - باب ما جاء في القراءة في صلاة الصبح

- ‌112 - باب ما جاء في القراءة في الظهر والعصر

- ‌113 - باب ما جاء في القراءة في المغرب

- ‌114 - باب ما جاء في القراءة في صلاة العشاء

الفصل: ‌63 - باب ما جاء في نشر الأصابع عند التكبير

‌63 - باب ما جاء في نشر الأصابع عند التكبير

ثنا قتيبة وأبو سعيد الأشج قالا نا يحيى بن اليمان عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة نشر أصابعه.

قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة قد روى هذا الحديث غير واحد عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان عن أبي هريرة قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل في الصلاة رفع يديه مدًّا، وهذا أصح من رواية يحيى بن اليمان، وأخطأ يحيى بن اليمان في هذا الحديث.

قال: وثنا عبد الله بن عبد الرحمن أنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي ثنا ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان قال: سمعت أبا هريرة يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه مدًّا.

قال عبد الله: وهذ أصح من حديث يحيى بن اليمان وحديث يحيى بن اليمان خطأ.

* الكلام عليه من وجوه:

الأول: من حيث إسناده:

حديث يحيى بن يمان هذا انفرد الترمذي بإخراجه من بين أصحاب الكتب الستة، وإنما أخرجه كذلك لينبه على خطئه عنده. ثم ذكر الصواب بعده من حديث عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، وقد أخرجه أبو داود والنسائي كذلك على الصواب من حديث يحيى القطان عن ابن أبي ذئب، وأبو داود عن مسدد والنسائي عن عمرو بن علي كلاهما عن يحيى عن ابن أبي ذئب به.

ص: 277

وقرأت على الحافظ أبي العباس أحمد بن محمد بن الطاهري رحمه الله أخبركم أبو المنجا عبد الله بن عمر عن العتابي سماعًا عليه أنا أبو الوقت أنا أبو الحسن الداودي أنا أبو محمد بن حمّويه أنا عمران عيسى بن العباس السمرقندي أنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن أنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي ثنا ابن أبي ذئب عن محمد بن عمرو بن عطاء عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يقوم إلى الصلاة إلا رفع يديه مدًّا.

وهذا إسناد آخر، فإنه في الكتب التي تقدم ذكرها من حديث ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان عن أبي هريرة، وهو هنا عند الدارمي الذي أخرجه عنه الترمذي بهذا الإسناد، فمن الجائز أن يكون عند عبيد الله الحنفي فيه إسنادان قد رواه عنه بهما الدارمي أو يكون حديث سعيد بن سمعان صوابًا والثاني وهمًا لأن يحيى أثبت من عبيد الله بن عبد المجيد، أو يكون عيسى بن العباس السمرقندي وهم على أبي محمد الدارمي إذ الخلف فيه بينه وبين الترمذي على الدارمي والله أعلم.

وأما حديث يحيى بن يمان فقد قال ابن أبي حاتم فيما روى في "العلل" عن أبيه: سمعت أبي وذكر حديث يحيى بن يمان عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة نشر أصابعه نشرًا.

قال أبي: وهم يحيى، إنما أراد كان إذا قام إلى الصلاة رفع يديه مدًّا، كذا رواه الثقات من أصحاب ابن أبي ذئب.

وقد روى البيهقي من حديث أبي عامر العقدي عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان قال: دخل علينا أبي هريرة مسجد بني زريق فقال: ثلاث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل بهن تركهن الناس: كان إذا قام إلى الصلاة قال هكذا، وأشار أبو عامر

ص: 278

بيده، ولم يفرج بين أصابعه، ولم يضمهما.

وفيه أيضًا مع ما نقل عن يحيى بن يمان سعيد بن سمعان وقد ضعفه الأزدي وذكر الخلال عن أبي داود: سمعت أحمد سئل عنه: أهو خطأ؟ قال: لا أدري.

وسئل: أروى عن سعيد بن سمعان غير ابن أبي ذئب؟ قال: لا أدري.

وقد أخرج ابن خزيمة في "صحيحه" حديث يحيى من هذا الوجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينشر أصابعه في الصلاة نشرًا.

الوجه الثاني: في شيء من مفردات ألفاظه:

الأولى: لفظة (كان)، قال الراغب هو عبارة عما مضى من الزمان وفي كثير من وصف الله تنبيء عن معنى الأزلية، قال الله تعالى:{وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} ، {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} ، وما استعمل منه في جنس الشيء متعلقًا بوصف له هو موجود فيه فتنبيه أن ذلك الوصف لازم له قليل الانفكاك منه، نحو قوله تعالى في الإنسان:{وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا} ، و {وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا} ، و {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} ، وإذا استعمل في الزمن الماضي فيه تجوز أن المستعمل فيه على حالته ويجوز أن يكون قد تغير نحو: كان فلان كذا فصار كذا.

وقال ما معناه: ولا فرق بين تقدم ذلك الزمن وقرب العهدية نحو قولك كان آدم كذا وكان زيد هاهنا. انتهى.

وقال أبو العباس القرطبي: زعم بعض من لقيناه من الفقهاء أن (كان) مهما أطلقت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لزمها الدوام والكثرة بحكم عرفهم، قال أبو العباس: والشأن في نقل هذا العرف وإلا فأصلها أن يصدق على من فعل الشيء مرة واحدة، ونحن على الأصل حتى ينقل عنه انتهى.

ص: 279

والمشهور أن لفظة (كان) إذا وليها الماضي دلت على الوقوع وإذا وليها المضارع دلت على التكرار وليس التكرار عندي مستفادًا من لفظة (كان) وإنما هو مستفاد من المضارع المتصل بها.

الثانية: نشر: قال أبو القاسم الراكب: النشر نشر الثوب والصحيفة والسحاب والنعمة والحديث وهو بسطها، قال تعالى:{وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ} ، وقال:{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ نُشْرًا (1) بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} ، وقال:{وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ} .

ومنه سمعت نشرًا حسنًا، أي: حديثًا ينشر، ونشر الميت نشورًا وأنشر الله الميت ينشر، قال تعالى:{ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ} وقيل نشر الله الميت وأنشره بمعنى، والحقيقة أن نشر الله الميت مستعار من نشر الثوب، قال الشاعر:

طوتك خطوب دهرك بعد

نشر كذاك خطوبة طيًّا ونشرًا

قال: وقال الله تعالى: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} ، {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا} وقرئ:{وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا} أي تفرقوا.

وبسط القول في استعمال هذه اللفظة بأن لها معان متعددة والمراد هاهنا منها

(1) لقد جاءت هذه الآية في مواضع ثلاثة من القرآن (بشرًا) من (البِشر): في الأعراف (57) والفرقان (48) والنمل (63).

قال مكي بن أبي طالب في "التبصرة"(510. السلفية، الهند):

قرأ عاصم (بشرًا) بالباء، وهي مضمومة وإسكان الشين، وقرأ حمزة والكسائي بنون مفتوحة وإسكان الشين.

ومثلهما ابن عامر غير أنه ضم النون.

وقرأ الباقون بضم النون والشين.

وكلهم نونوا، وذلك حيث وقع. اهـ.

قلت: أي في مواضعها كلها من القرآن.

قلت: وأحال المحقق الدكتور المقرئ محمد غوث الندوي إلى "النشر"(2/ 269، 270).

ص: 280

التفرقة ومن هنا استحب التفرقة من قال بها من الفقهاء كما سنذكره ويحتمل أن يكون المراد هنا البسط ضد الطي، أي: يمد أصابعه ولا يطويها فيكون من معنى اللفظ الأخير ورفع يديه مدًّا ويشهد له ما ذكرناه من طريق البيهقي: وأشار أبو عامر بيده ولم يفرج بين أصابعه ولم يضمهما فيحتاج من استحب التفرقة إلى دليله إن لم تحمل على المعنى الأول.

الثالثة: الأصابع، الإصبع: اسم يقع على السُلامى والظفر والأنملة والأُطرة والبُرجُمة معًا ويستعار للأثر الحسن فيقال لك على فلان إصبع كقولك لك عليه يد وفيه لغات عشر مشهورة.

الرابعة: رفع، الرفع يقال تارة في الأجسام الموضوعة إذا أعليتها عن مقرها نحو:{وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ} ، وتارة في البناء إذا طولته نحو:{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ} وتارة في الذكر إذا نوهته نحو: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} وتارة في المنزلة إذا شرفتها نحو: {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} والرفع هنا من الأول.

الخامسة: المد، قال الراغب: أصله الجر ومنه المدة للوقت الممتد، ومدة الجرح ومد النهر ومده (1) نهر آخر ومددت عيني إلى كذا وذكر الجوهري ومَدَّ النهار ارتفاعه.

الوجه الثالث: في شيء من إعرابه:

قوله: (رفع يديه مدًّا) يجوز أن يكون المدّ مصدرًا مختصًا والمصدر المختص ما كان مفسرًا لنوع نحو مشى القهقرى وقعد القرفصاء واشتمل الصماء، فإن القهقرى نوع من المشي، وكذلك القرفصاء نوع من القعود، والصماء نوع من أنواع الاشتمال، أو حالًا من رفع.

وإن كان مأخوذًا من مد النهار وهو ارتفاعه فيكون مصدرًا من المعنى نحو

(1) كذا وفي نسخة السندي بدله: ومسده نهر آخر.

ص: 281

قعدت جلوسًا وقمت وقوفًا.

الوجه الرابع: في الفوائد والمباحث المتعلقة به، وفيه مسائل:

الأولى: التكبير في الصلاة وهو ركن من أركانها وقد ثبت عند الجمهور أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل علمه الصلاة: "إذا قمت إلى الصلاة فكبر"، وقد تقدم في أول كتاب الطهارة في الكلام على قوله عليه السلام:"تحريمها التكبير وتحليلها التسليم".

واختلاف العلماء في حكم التحريم وأن عامتهم ذهبوا إلى الوجوب إلا ما روي عن الزهري وابن المسيب والحكم والأوزاعي وقتادة: إنه سنة، وأنه يجري الدخول في الصلاة بالنية وهناك تقدم الكلام على شيء من مسائل هذا الباب، ويجب أن تقارن النية التكبير عندنا، وقال أبو حنيفة وأحمد: لو تقدمت على التكبير بزمن يسير ولم يعرض شاغل جاز الدخول في الصلاة بتلك النية.

ويتعين على القادر تلفظ التكبير الله أكبر أو الله الأكبر ولو قال: الله الجليل أكبر فوجهان ولا يجوز العدول إلى ذكر وإن قرب منها كقوله الرحمن أجل والرب أعظم، بل لا يجزئه قوله الرحمن أو الرحيم أكبر أيضًا ولا يجزئه ترجمة التكبير بلسان آخر عندنا خلافًا لأبي حنيفة في الفعلين حيث جوز الترجمة وإجزاء التسبيح والتهليل وسائر الأذكار والأثنية إلا أن يذكر اسمًا على سبيل النداء كقوله يا الله أو يقول اللهم اغفر لي وأجاز أبو يوسف الله الكبير، وأمّا مالك فلا يجيز إلا لفظة الله أكبر لا غير إذ الحواله في قوله عليه السلام:"تحريمها التكبير" على معهود دلت عليه الألف واللام وهو تكبيره ومعهوده الصيغة المذكورة.

وأما العاجز عن كلمة التكبير أو بعضها فله حالتان:

إحداهما: أن لا يمكنه كسب القدرة عليها فإن كان لخرس أو نحوه حرك لسانه

ص: 282

وشفتيه ولهاته بالتكبير بحسب ما يمكنه.

وإن كان ناطقًا لكن لم يطاوعه لسانه على هذه الكلمة، فيأتي بترجمتها لأنه ركن عجز عنه فلا بد له من بدل وترجمته أول ما يجعل بدلًا عنه لأدائها معناه ولا يعدل إلى سائر الأذكار وهذا بخلاف ما لو عجز عن الفاتحة، فإنه لا يعدل إلى الترجمة عنها لأن القرآن معجز، وأمَّا من جوز الترجمة ممن حكينا خلافه حيث لا عذر فلأن يجوزها مع قيام العذر أولى.

الحالة الثانية: أن يمكنه كسب القدرة عليها إما بالتعلم أو مراجعة موضع كتبت هذه الصيغة عليه، فيلزمه ذلك وإن احتاج في تعلم ذلك إلى المسير إلى بلد آخر عن بلده ففيه وجهان.

الثانية (1): التكبير في الصلاة بعد تكبيرة الإحرام وسيأتي الكلام عليه في باب بعد هذا إن شاء الله تعالى.

الثالثة: واختلف أصحابنا في استحباب تفريق الأصاج وفيه حديث الباب، فاستحبه الجمهور، وقال الغزالي: لا يكلف الضم ولا التفريق بل يتركها منشورة على هيئتها.

وقال الرافعي: يفرق تفريقًا وسطًا، والمشهور الأول.

وقال صاحب "التهذيب": يستحب التفريق في كل موضع أمرنا فيه برفع اليدين وللأصابع في الصلاة أحوال:

أحدهما: حالة الرفع في تكبيرة الإحرام والركوع والرفع منه والقيام من التشهد الأول فيستحب التفريق فيها.

(1) أي المسألة.

ص: 283

الثاني: حالة القيام والاعتدال من الركوع فلا يفرق فيه.

الثالث: حالة الركوع فيستحب تفريقها على الركبتين.

الرابع: حالة السجود فيستحب ضمها وتوجيهها إلى القبلة.

الخامس: حالة الجلوس بين السجدتين وفيه وجهان الصحيح أنه كحالة السجود والثاني يتركها على هيئتها ولا يتكلف ضمها.

السادس: حالة التشهد فاليمنى مقبوضة إلا المسبحة وفي الإبهام خلاف مشهور، واليسرى مبسوطة وفيها الوجهان اللذان في حالة الجلوس بين السجدتين الصحيح يضمها ويوجهها إلى القبلة.

* * *

ص: 284