المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌29 - باب ما جاء في الترسل في الأذان - النفح الشذي شرح جامع الترمذي ط الصميعي - جـ ٤

[ابن سيد الناس]

فهرس الكتاب

- ‌24 - باب ما جاء في الجمع بين الصلاتين في الحضر

- ‌25 - باب ما جاء في بدء الأذان

- ‌26 - باب ما جاء في الترجيع في الأذان

- ‌27 - باب ما جاء في إفراد الإقامة

- ‌28 - باب ما جاء أن الإقامة مثنى مثنى

- ‌29 - باب ما جاء في الترسل في الأذان

- ‌30 - باب ما جاء في إدخال الإصبع في الأذن عند الأذان

- ‌31 - باب ما جاء في التثويب في الفجر

- ‌32 - باب ما جاء أن من أذن فهو يقيم

- ‌33 - باب ما جاء في كراهية الأذان بغير وضوء

- ‌34 - باب ما جاء أن الإمام أحق بالإقامة

- ‌35 - باب ما جاء في الأذان بالليل

- ‌36 - باب ما جاء في كراهية الخروج من المسجد بعد الأذان

- ‌37 - باب ما جاء في الأذان في السفر

- ‌38 - باب ما جاء في فضل الأذان

- ‌39 - باب ما جاء أن الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن

- ‌40 - باب ما جاء ما يقول الرجل إذا أذن المؤذن

- ‌41 - باب ما جاء في كراهية أن يأخذ المؤذن على الأذان أجرًا

- ‌42 - باب ما يقول الرجل إذا أذن المؤذن من الدعاء

- ‌43 - باب منه آخر

- ‌44 - باب ما جاء في أن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة

- ‌45 - باب كم فرض الله على عباده من الصلوات

- ‌46 - باب ما جاء في فضل الصلوات الخمس

- ‌47 - باب ما جاء في فضل الجماعة

- ‌48 - باب ما جاء فيمن يسمع النداء فلا يجيب

- ‌49 - باب ما جاء في الرجل يصلي وحده ثم يدرك الجماعة

- ‌50 - باب ما جاء في الجماعة في مسجد قد صلي فيه مرة

- ‌51 - باب ما جاء في فضل العشاء والفجر في الجماعة

- ‌52 - باب ما جاء في فضل الصف الأول

- ‌53 - باب ما جاء في إقامة الصفوف

- ‌54 - باب ما جاء ليليني منكم أولو الأحلام والنهى

- ‌55 - باب ما جاء في كراهية الصف بين السواري

- ‌56 - باب ما جاء في الصلاة خلف الصف وحده

- ‌57 - باب ما جاء في الرجل يصلي ومعه رجل

- ‌58 - باب ما جاء في الرجل يصلي مع الرجلين

- ‌59 - باب ما جاء في الرجل يصلي ومعه الرجال والنساء

- ‌60 - باب ما جاء من أحق بالإمامة

- ‌61 - باب ما جاء إذا أمّ أحدكم الناس فليخفف

- ‌62 - باب ما جاء في تحريم الصلاة وتحليلها

- ‌63 - باب ما جاء في نشر الأصابع عند التكبير

- ‌64 - باب ما جاء في فضل التكبيرة الأولى

- ‌65 - باب ما يقول عند افتتاح الصلاة

- ‌66 - باب ما جاء في ترك الجهر بـ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

- ‌67 - باب من رآى الجهر بـ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

- ‌68 - باب ما جاء في افتتاح القراءة بـ: الحمد لله رب العالمين

- ‌69 - باب ما جاء أنه لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب

- ‌70 - باب ما جاء في التأمين

- ‌71 - باب ما جاء في فضل التأمين

- ‌72 - باب ما جاء في السكتتين في الصلاة

- ‌73 - باب ما جاء في وضع اليمين على الشمال في الصلاة

- ‌74 - باب ما جاء في التكبير عند الركوع والسجود

- ‌75 - باب منه آخر

- ‌76 - باب ما جاء في رفع اليدين عند الركوع

- ‌77 - باب ما جاء في وضع اليدين على الركبتين في الركوع

- ‌78 - باب ما جاء أنه يجافي يديه عن جنبيه في الركوع

- ‌79 - باب ما جاء في التسبيح في الركوع والسجود

- ‌[80 - باب ما جاء في النهي عن القراءة في الركوع والسجود]

- ‌[81 - باب ما جاء فيمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود]

- ‌[82 - باب ما يقول الرجل إذا رفع رأسه من الركوع]

- ‌84 - باب ما جاء في وضع الركبتين قبل اليدين في السجود وما بعده إلى () باب ما جاء في التشهد

- ‌[86 - باب ما جاء في السجود على الجبهة والأنف]

- ‌[87 - باب ما جاء في السجود على سبعة أعضاء]

- ‌[88 - باب ما جاء في التجافي في السجود]

- ‌[89 - باب ما جاء في الاعتدال في السجود]

- ‌[90 - باب ما جاء في وضع اليدين ونصب القدمين في السجود]

- ‌[91 - باب ما جاء في إقامة الصلب إذا رفع رأسه من الركوع والسجود]

- ‌[92 - باب ما جاء في كراهية أن يبادر الإمام بالركوع والسجود]

- ‌[93 - باب ما جاء في كراهية الإقعاء بين السجدتين]

- ‌[94 - باب ما جاء في الرخصة في الإقعاء]

- ‌[95 - باب ما يقول بين السجدتين]

- ‌[96 - باب ما جاء في الاعتماد في السجود]

- ‌[97 - باب ما جاء كيف النهوض من السجود]

- ‌99 - باب ما جاء في التشهد

- ‌100 - باب منه أيضًا

- ‌101 - باب ما جاء أنه يخفي التشهد

- ‌102 - باب ما جاء كيف الجلوس في التشهد

- ‌103 - باب منه أيضًا

- ‌104 - باب ما جاء في الإشارة في التشهد

- ‌105 - باب ما جاء في التسليم في الصلاة

- ‌106 - باب منه أيضًا

- ‌107 - باب ما جاء أن حذف السلام سنة

- ‌108 - باب ما يقول إذا سلم من الصلاة

- ‌109 - باب ما جاء في الانصراف عن يمينه وعن شماله

- ‌110 - باب ما جاء في وصف الصلاة

- ‌111 - باب ما جاء في القراءة في صلاة الصبح

- ‌112 - باب ما جاء في القراءة في الظهر والعصر

- ‌113 - باب ما جاء في القراءة في المغرب

- ‌114 - باب ما جاء في القراءة في صلاة العشاء

الفصل: ‌29 - باب ما جاء في الترسل في الأذان

‌29 - باب ما جاء في الترسل في الأذان

ثنا أحمد بن الحسن نا المعلي بن أسد نا عبد المنعم وهو صاحب السقاء نا يحيى بن مسلم عن الحسن وعطاء عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال: "يا بلال إذا أذنت فترسل في أذانك، وإذا أقمت فاحدر، واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله، والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته، ولا تقوموا حتى تروني"(1)

حدثنا عبد بن حميد نا يونس بن محمد عن عبد المنعم نحوه.

قال أبو عيسى: حديث جابر هذا لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عبد المنعم وهو إسناد مجهول (2).

* الكلام عليه:

في إسناده ضعيفان يروي أحدهما عن الآخر، فأولهما عبد المنعم بن نعيم هو أبو سعيد بصري ذكره ابن أبي حاتم بروايته عن يحيى هذا والصلت بن دينار والجريري وقال غيره والأعمش.

روى عنه المعلى بن أسد والمقدمي، وذكر أنه سأل أباه عنه فقال: منكر الحديث.

وكذلك البخاري.

وقال النسائي: ليس هو ثقة.

(1) قال الشيخ: ضعيف جدًّا، لكن قوله: (ولا تقوموا

) صحيح.

(2)

وزاد في المطبوع: وعبد المنعم شيخ بصري.

ص: 46

وقال ابن حبان: منكر الحديث جدًّا، لا يجوز الاحتجاج به.

وقال الدارقطني: ضعيف.

وثانيهما يحيى بن مسلم وهو البكاء بصري يكنى أبا مسلم ويقال فيه يحيى بن أبي خليد وقيل اسم أبي خليد سليمان سمع ابن عمر وسعيد بن المسيب والحسن البصري وأبا العالية روى عنه عبد العزيز بن الصمد القرشي وحماد بن زيد وعبد الوارث بن سعيد وغيرهم.

لم يرتضه يحيى بن سعيد. وقال أبو زرعة: ليس بقوي.

وقال أبو حاتم: شيخ، قيل: أيما أحب إليك هو أو أبو جناب؟ قال: لا هذا ولا هذا. قيل: إذا لم يكن في الباب غيرهما. قال: لا يكتب منه شيء.

وقال يحيى بن معين: ليس بذاك.

وقال أحمد: ليس بثقة.

وقال النسائي: متروك.

وقال ابن سعد: كان ثقة إن شاء الله.

مات سنة ثلاثين ومائة.

وقال ابن أبي حاتم بعد الترجمة: يحيى بن مسلم روى عن الحسن وعطاء عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال: "إذا أذنت فترسل"، روى عنه عبد المنعم.

سئل أبو زرعة عن يحيى بن مسلم هذا؟ فقال: لا أدري من هو، ولا أدري أهو الأول أم لا.

غير أن ابن أبي حاتم ذكر ترجمة البكاء، ثم ذكر بعدها بترجمتين أو ثلاثة

ص: 47

ترجمة يحيى بن مسلم راوي هذا الحديث، فاقتضى ذلك من عمله أنه غير الأول.

وقد ذكر ابن عدي من جهة عباس عن يحيى بن معين في هذا الحديث قال وكيع: يروي عن شيخ ضعيف يقال له يحيى بن مسلم البكاء بصري متروك الحديث.

وهذا يقتضي أنه الأول، فتكون الترجمتان على هذا واحدة. والله أعلم.

ورويناه من طريق أبي محمد بن حيان في كتاب "الأذان" فقال نا إبراهيم بن علي العمري ثنا معلي بن مهدي نا عبد المنعم البصري فذكره ونسب معلى إلى مهدي.

ومعلى بن مهدي هذا في طبقة معلى بن أسد غير أن ابن أسد موثق وهذا مضعف.

قال أبو حاتم الرازي: شيخ موصلي أدركته فلم أسمع منه يحدث أحيانًا بالحديث المنكر.

وفي الباب مما لم يذكره حديث علي بن أبي طالب [عليه السلام] كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نرسل (1) الأذان ونحدف الإقامة.

رواه الدارقطني من حديث سويد بن غفلة سمعت عليًّا.

[في إسناده عمرو بن شمر، قال يحيى: ليس بثقة].

وروى الدارقطني أيضًا من حديث مرحوم بن عبد العزيز عن أبيه عن أبي الزبير مؤذن بيت المقدس قال: جاءنا عمر بن الخطاب وقال: إذا أذنت فترسل وإذا

(1) في مخطوط السندي: نرتل، وكذا يمكن قراءة الأصل، لكن التفسير التالي، يعارض كل ذلك.

ص: 48

أقمت فاحذم.

عبد العزيز مولى آل معاوية بن أبي سفيان بصري ذكر ابن أبي حاتم أنه روى عنه ابنه مرحوم بن عبد العزيز ولم يذكر غيره ولا عرف بحاله.

الترسل ترك العجلة مع الإبانة. ويقال ترسل الرجل في مشيته وكلامه إذا لم يعجل فيه.

وقوله: وإذا أقمت فاحدر، قال ابن سيده: حدر الشيء يحدره ويحدُر حدْرًا وخدُورًا فانحدر حظه من علو إلى سفل وقد رويناه فاحذم بالميم والذال المعجمة وكله بمعنى الإسراع. قال صاحب "المحكم": والحذم الإسراع في المشي قال: ومنه قول عمر رضي الله عنه لبعض المؤذنين: إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحذم.

والاعتصار ارتجاع العطية واعتصر من الشيء أخذ والاعتصار أن يأخذ من الإنسان مالًا يغرم أو بشيء غيره، وكأن الكناية عن الداخل لقضاء الحاجة بالمعتصر من ذلك.

والمستحب أن يترسل في الأذان ويدرج الإقامة وكذا نص عليه الشافعي في "الأم" قال: وكيف ما أتى بالأذان والإقامة أجزأ غير أن الاختيار ما وصفت.

وإلى هذا ذهب الأصحاب، قال الشاشي في "المعتمد": الصواب أن يكون صوته بتحزين وترقيق ليس فيه جفاء كلام الأعراب ولا بين كلام المتماوتين. قالوا ويكره تلحين الأذان وتمطيطه لأنه يخرجه عن الإفهام. ولأن السلف تجافوه وإنما أحدث بعدهم. وقد روى الدارقطني من حديث ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذن يطرب فقال رسول الله عليه صلى الله عليه وسلم: "إن الأذان سهل سمح فإن كان أذانك سهلًا سمحًا وإلا فلا تؤذن".

رواه عن علي بن محمد المصري عن مقدام بن داود عن علي بن معبد عن إسحاق بن أبي يحيى الكعبي عنه.

ص: 49

وإسحاق هذا ضعفه الدارقطني وابن عدي وقال: لم أر له من الأحاديث إلا عشرة أو أقل. ومقدار ما رأيته مناكير، وتكلم فيه ابن حبان وقد ضعف بروايته عن ابن جريج هذا الحديث.

وذكر ابن أبي شيبة عن وكيع عن سفيان عن عمر بن سعد بن أبي حسين المكي: أن مؤذنًا أذن فطرب في أذانه فقال له عمر بن عبد العزيز: أذن أذانًا سمحًا وإلا فاعتزلنا.

وعن وكيع عن الأعمش عن إبراهيم قال: الأذان جزم.

وقوله عليه السلام: "واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله ....... (1).

وقد روينا فيه عن سلمان وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

أنا شيخنا الحافظ أبو محمد عبد المؤمن بن خلف سماعًا قال أنا أبو محمد بن رواحة وأبو الفضل بن المحبلي بقراءتي على الأول وإجازة في من الثاني قالا أنا أحمد بن محمد الحافظ سماعًا قال أنا القاضي أبو رجاء بُندار بن محمد بن أبي أحمد بن جعفر الخلقاني بأصبهان من أصل سماعه في ذي الحجة سنة إحدى وتسعين وأربع مائة أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن أبي علي الهمداني أنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن محمد بن حيان الحافظ قال ثنا محمد بن يعقوب الأهوازي ثنا أحمد بن المقدام العجلي ثنا يوسف بن الحجاج البلدي نا المعارك بن عباد عن يحيى بن أبي الفضل عن أبي الجوزاء أحسبه عن سلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال: "اجعل بين أذانك وإقامتك نفسًا حتى يقضي المتوضيء حاجته في مهل ويفرغ الآكل من طعامه في مهل".

وبه إلى ابن حيان قال ثنا أحمد بن محمد بن شريح ثنا الحسن بن عيسى

(1) بياض في الأصول.

ص: 50

البسطامي نا عبد الصمد بن عبد الوارث نا المعارك بن عبّاد العبدي عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال: "اجعل بين أذانك وإقامتك نفسًا يفرغ المتوضيء من وضوئه في مهل والمتعشي من عشائه".

في "علل الخلال" عن أبي طالب أنه سأل أبا عبد الله ......... (1) ابن حبيب عن معارك بن عباد العبدي عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد فذكر هذا الحديث فأنكره إنكارًا شديدًا وقال: معارك لا أجيزه وعبد الله بن سعيد أبو عباد منكر الحديث متروك الحديث اهـ.

[معارك قال أبو زرعة: منكر واهي الحديث وقال أبو حاتم: أحاديثه منكرة.

وفيه أيضًا عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لبلال: "اجعل بين أذانك وإقامتك نفسًا يفرغ الآكل من أكله"، ......... (2) رواه عبد الله بن أحمد فيما زاد في "المسند" عن غير أبيه].

فيه التنبيه على مقدار الزمن الفاصل بين الأذان والإقامة بالتقريب، لأن الآكل والشارب والمعتصر مختلفة أحوالهم في ذلك بالإطالة والإسراع فيحمل على التوسط فيه، وهو يتناول المغرب وغيرها لأن الأذان اسم جنس مضاف هنا إلى المعرفة فيعم، والإقامة كذلك، وقد خرج عن ذلك صلاة المغرب في سعة الفصل، باتفاق، لاتفاقهم إما على عدم الفصل بين الأذان لها والإقامة، كما ذهب إليه مالك وأبو حنيفة في أشهر قوليه، أو بقيد الفصل اليسير، كما ذهب إليه الشافعي وأحمد والأكثرون.

ولا يعرف الفصل بين أذان المغرب وإقامتها كغيرها من الصلوات عن أحد من

(1) بياض في الأصل.

(2)

بياض في الأصل.

ص: 51

السلف لا قولًا ولا عملًا، فهو من باب تخصيص عموم السنة بالإجماع.

وقد وقع هذا الفصل مقيدًا بانتظار الجماعة فيما خرجه البيهقي من حديث عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن ابن جريج أخبرني موسى بن عقبة عن سالم أبي النضر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج بعد النداء إلى المسجد، فإن رأى بأهل المسجد قلة (1) جلس حتى يرى منهم جماعة ثم يصلي، وكان إذا خرج فرأى جماعة أقام الصلاة.

قال: وحدثني موسى بن عقبة أيضًا عن نافع بن جبير ومسعود بن الحكم الزرقي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه مثل هذا الحديث.

قال البيهقي: ورواه أبو عاصم عن ابن جريج.

قلت: أبو النضر حديثه مرسل، إلا أن إسناده جيد، وهو عند أبي داود.

وكذلك أيضًا في هذا الحديث المراد بالنداء النداء لما عدا المغرب لما علم من حالهم في الحضور إلى المغرب أول ما يؤذن لها.

مسألة: قال العلماء: والإقامة منوطة بنظر الإمام كما أن الأذان منوط بالمؤذن وعلمه بأحوال الوقت لا يحتاج إلى مراجعة الإمام، والمعنى فيه أن الإقامة من شأنها أن يتعقبها الصلاة على الاتصال والصلاة للإمام فينبغي أن يكون عازمًا على الشروع فيها عند تمام الإقامة، فلا بد من إذنه.

[وروينا عن أبي محمد بن حيان بالسند المتقدم ثنا قاسم المطرز وعبد الله بن محمد بن الحسن قالا نا علي بن إشكاب ثنا يحيى بن إسحاق نا شريك عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤذن أملك

(1) الأصل: قليلًا.

ص: 52

بالأذان والإمام أملك بالإقامة".

قال ثنا محمد بن يعقوب الأهوازي نا أحمد بن المقدام نا يوسف بن الحجاج نا المعارك بن عباد عن يحيى بن أبي الفضل عن أبي الجوزاء عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المؤذن أحق بالأذان والإمام أحق بالإقامة".

وقوله: (لا تقوموا حتى تروني) هذا صحيح من حديث ابن أبي قتادة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي وغيرهم.

وهو هنا طرف من هذا الحديث.

قال القاضي عياض: ظاهر أن الصلاة كانت تقام قبل أن يخرج النبي صلى الله عليه وسلم من بيته، ويعارضه حديث بلال أنه كان لا يقيم حتى يخرج النبي صلى الله عليه وسلم، ووجه الجمع أن بلالًا كان يراقب النبي صلى الله عليه وسلم فيرى أول خروجه قبل أن يراه من هناك فيشرع في الإقامة إذ ذاك. ثم لا يقوم الناس حتى يروا النبي صلى الله عليه وسلم، ثم لا يقوم النبي صلى الله عليه وسلم مقامه حتى يعدلوا صفوفهم وبهذا الترتيب يصح الجمع بين الأحاديث المتعارضة في هذا المعنى. انتهى.

وإذا اقتضى الجمع بين الأحاديث كما ذكر أن بلالًا كان يراقب النبي صلى الله عليه وسلم فيرى أول خروجه فيشرع في الإقامة، فكيف حسنت الحوالة في الإقامة هنا على الزمان المقدر بأكل الآكل وشرب الشارب. وإنما هي محالة على أول رؤية النبي صلى الله عليه وسلم، فيحتمل أن يكون المراد بالإقامة تأهبه وتشوفه لخروجه عليه السلام للصلاة ليكون بمراقبته مدركًا لأول خروجه فيقيم عند ذلك، وسيأتي لهذا مزيد بيان في الكلام على حاديث جابر بن سمرة: كان مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم يمهل فلا يقيم حتى إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج أقام الصلاة.

ص: 53

وهناك نذكر مذاهب السلف في وقت القيام للصلاة حين الإقامة إن شاء الله تعالى] (1).

مسألة الاستئذان: روينا من طريق ابن حيان من حديث كامل ..... أبي المعلى عن أبي صالح عن أبي هريرة: كان بلال إذا أذن أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يا رسول الله! الصلاة! يا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح! الصلاة يا رسول الله!

ومن طريقه من حديت شريك عن سماك عن جابر بن سمرة: كان بلال يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم فإذا فرغ من أذانه استأذن عليه.

ومن طريقه من حديث يزيد بن عبد الله بن قسيط عن عروة عن عائشة، وفيه: حتى إذا أذن بلال بالصبح، ثم جاء فقال: السلام عليك! يا رسول الله ورحمة الله وبركاته الصلاة! يا رسول الله

الحديث.

قال ابن قسيط: وكان بلال يسلم على أبي بكر وعمر كما كان يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم.

قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في "مهذبه": ويجوز استدعاء الأمراء إلى الصلاة.

وقال القاضي أبو الطيب في "تعليقه": سلام المؤذن بعد الأذان على الأمراء، وقوله:(حي على الصلاة حي على الفلاح) مكروه.

وقال نصر المقدسي وصاحب "العدة": يكره أن يخرج بعد الأذان إلى باب الأمير وغيره يقول: حي على الفلاح أيها الأمير! فإن أتى بابه وقال: الصلاة أيها الأمير، فلا بأس. انتهى.

(1) انظر ص (82).

ص: 54

أما من قال بكراهة الاستئذان أو بعض الألفاظ الواردة فيه فيحتاج إلى الجواب عن هذه الأحاديث.

وقد وقع في حديث عائشة (مولى ابن قسيط): كان بلال يسلم على أبي بكر وعمر كما كان يسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن أراد السلام الذي تقدمت الإشارة فليس بشيء؛ لأنّ بلالًا لم يؤذن لعمر قط، إلا بعض أذان بالشام ولم يتم حين استغرقت الصحابة العَبرْة بتذكرهم أذانه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم.

وفي أذانه لأبي بكر خلاف بين أهل النقل.

وسئل مالك عن تسليم المؤذن على الإمام ودعائه إياه إلى الصلاة؟ فقال: لم يبلغني أن التسليم كان في الزمان الأول.

قال ابن عبد البر: هو كما قال، لم يكن في زمن الخلفاء الأربعة، وأول من فعل ذلك معاوية، وقيل: المغيرة بن شعبة، والأول أصح.

وكان مالك يقول: في (حي على الصلاة حي على الفلاح) ما يكفي من الدعاء إليها.

قال أبو عمر: من خشي على نفسه الشغل عن الصلاة بأمور المسلمين (جوز فعله) فلا بأس أن يقيم لذلك من يؤذنه بالصلاة ويشعره بإقامتها.

مسألة: قال الرافعي: وبم تحصل فضيلة الأولية في الوقت؟ حكى الإمام فيه ثلاثة أوجه، أقربها عنده، وهو الذي ذكره صاحب "التقريب": أنها تحصل بأن يشتغل بأسباب الصلاة كالطهارة والأذان ودخول الوقت فإنه لا يعد حينئذ متوانيًا ولا مؤخرًا.

الثاني: يبقي وقت الفضيلة إلى نصف الوقت لأن معظمه باق ما لم يمض

ص: 55

النصف، فيكون موقعًا للصلاة في حد الأول، وإلى هذا مال الشيخ أبو محمد واعتبر نصف وقت الاختيار.

والثالث: لا تحصل الفضيلة إلا إذا قدم ما يمكن تقديمه من الأسباب لينطبق التكبير على أول دخول الوقت.

وترجيح الوجه الأول من الحديث ظاهر.

مسألة: اختلف الفقهاء فيما إذا تعارض عند المريد للصلاة المبادرة إلى أول الوقت أو التأخير لانتظار الجماعة، والمختار المبادرة.

وفي الحديث حجة على من قال بذلك، لأنه عليه الصلاة والسلام كان يخرج لإرادة الصلاة فإذا رأى الجماعة قليلًا انتظرهم، وأخّر حتى يكثر جمعهم.

وقد وقع في حديث آخر: إذا رآهم اجتمعوا تعجّل، وإذا رآهم أبطأوا أخر.

قوله عليه الصلاة والسلام: "ولا تقوموا حتى تروني"، هذا ثابت في الصحيحين من حديث يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم:"وإذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني"، زاد مسلم:"قد خرجت"، وما قبله من هذا الحديث ففيه من الاعتلال ما ذكرناه.

وقد أخرجه الترمذي وصححه، ويأتي الكلام عليه هناك إن شاء الله تعالى.

وإذا كان كذلك فقد تضمن الحديث جعل الزمن المقدر بأكل الآكل، وما معه غاية لإقامة الصلاة، وليست الغاية إلا خروج الإمام أو أذانه، فيحتاج إلى تأويل قوله:(وإقامتك) فيمكن أن يكون المراد بالإقامة التأهب لها بمراقبته عليه السلام أول خروجه عند من لا يرى الاستئذان على الإمام، فيمكن أن يكون المراد الاستئذان على الإمام للإقامة، وكلاهما من مجاز الحذف.

ص: 56